إيهود باراك: خطة ضرب إيران عسكريًا كانت جدية

اقترحها باراك ونتنياهو وليبرمان.. ورفضها آخرون لعدم جاهزية الجيش

إيهود باراك: خطة ضرب إيران عسكريًا كانت جدية
TT

إيهود باراك: خطة ضرب إيران عسكريًا كانت جدية

إيهود باراك: خطة ضرب إيران عسكريًا كانت جدية

كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ووزير الدفاع في حكومة بنيامين نتنياهو السابقة، إيهود باراك، أن المخطط لتوجيه ضربة عسكرية لإيران كان جديا، وأنه مع نتنياهو ووزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، اتخذوا القرار بهذا الشأن. ولكنهم تراجعوا بسبب اعتراض الجيش الإسرائيلي وخمسة من وزراء المجلس الوزاري المصغر.
وجاء هذا التصريح في كتاب جديد صدر في إسرائيل أول من أمس، الجمعة، يروي فيه باراك (73 عاما) سيرته الذاتية، أمام الصحافيين المتخصصين في تاريخ الشخصيات، إيلا كفير وداني درور. ويتضمن الكتاب الذي يحمل عنوان «باراك - حروب حياتي»، وصفا للخطط العسكرية للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، والأسباب التي منعت تنفيذها، حسب روايته. وقد كشف برنامج «ستوديو الجمعة»، الذي تبثه القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، تسجيلات يسمع فيها باراك وهو يتحدث مع مؤلفي الكتاب الجديد عنه، ويشرح لهما أنه، عندما كان وزيرا للدفاع، ومعه كل من رئيس الوزراء، نتنياهو ووزير الخارجية ليبرمان، أيدوا الهجوم الحربي على إيران، بغية تدمير عدد كبير من المفاعل النووية.
وقد سمع باراك وهو يقول بصوته إنه اتفق مع نتنياهو، في نهاية سنة 2009 ومطلع عام 2010، على ضرورة مهاجمة المنشآت النووية في إيران، بهدف تدميرها قبل أن ينجح علماء الذرة الإيرانيون بإخفائها تحت الأرض، الأمر الذي كان سيجعل الهجوم أقل نجاعة. وقال إن هجوما كهذا كان مغامرة محسوبة، إذ يؤخر النشاطات الإيرانية النووية ويشكل رادعا للنظام في طهران بأن مشروعا نوويا سيكون مكلفا جدا وقد يكلفهم كرسيهم.
ويدعي باراك أن أبرز المعارضين للهجوم في عام 2010، كان القائد العام للجيش في ذلك الوقت، اللواء غابي آشكنازي. وشرح باراك، الذي شغل في الماضي منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي (1991 - 1995) ويعتبر القائد العسكري رقم واحد في التاريخ الإسرائيلي من ناحية عدد الأوسمة، أن دعم القائد العام للجيش وهيئة رئاسة الأركان تعتبر ذات وزن حاسم في مثل هذا القرار. وقال: «رئيس الأركان لم يقل نعم ولم يقل لا بوضوح. ولكن يفترض بالقائد العام للجيش أن يقول بأن هناك قدرات عسكرية إسرائيلية كافية لتنفيذ المهمة بأقل ثمن ممكن. وهنا جوابه لم يكن إيجابيا».
وحسب التسجيلات، فقد قال باراك إن «آشكنازي كان يتذرع بعدم جاهزية الجيش كي يبرر رفضه للهجوم». وذكر باراك أنه في عام 2011، عقد لقاء في مقر «الموساد»، جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية، قرب تل أبيب. وأنه حضر فيه هو ونتنياهو معتقدين أنهما يملكان أغلبية، تستطيع مساندتهما في المجلس الوزاري المصغر للحكومة، والذي يسمى «المجلس الثماني» كونه يتألف من ثمانية وزراء يعتبرون القيادة العليا في الحكومة. فإذا مر القرار في هذا المجلس سيكون تمريره سهلا في جلسة الحكومة بكامل هيئتها. لكن الوزيرين بيني بيغن ودان مريدور من حزب الليكود، والوزير إيلي يشاي من حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين، عارضوا الهجوم. كما عارضه رئيس الموساد (مئير دجان) والقائد العام للجيش (أشكنازي)، ورئيس الشاباك (يوفال ديسكين)، وأجهزة الاستخبارات ومسؤولون كبار في الجيش. وهذا يعني عمليا، أن غالبية الحضور عارضوا الهجوم على المنشآت النووية.
وقال باراك إنه ونتنياهو كانا يعتقدان أن وزير الشؤون الاستراتيجية آنذاك موشيه يعلون، ووزير المالية في يوفال شتاينتس يدعمان الخطة، لكنه اتضح أن الأمر ليس كذلك. وقال باراك إنه لو لم يعارض يعلون وشتاينتس الخطة، لكان هذا سيعني أن هناك غالبية تضم خمسة أو ستة وزراء في المجلس الوزاري المصغر تؤيد الهجوم، وعندها ربما كان يمكننا عقد المجلس الوزاري المصغر كي يتخذ قرارا، وكان سيتم تنفيذ الهجوم.
يشار إلى أن مصادر أجنبية نشرت بأن الموضوع طرح للنقاش مجددا في 2012، لكنه في تلك السنة تم التخطيط لإجراء مناورة مشتركة للجيش الإسرائيلي والجيش الأميركي. وقال باراك إنه طلب تأجيل المناورة، فتم تأجيلها إلى أبعد حد ممكن. لكن الأمور لم تحدث خلال النصف الأول من السنة وتم تأجيلها إلى موعد قريب من نهاية السنة. وقد وافقت الولايات المتحدة على تأجيل المناورة إلا أن الموعد الجديد لم يكن مريحا لأسباب مشابهة تتعلق بالنقاش الداخلي في إسرائيل.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.