حين يحب الفلاسفة

حين يحب الفلاسفة
TT

حين يحب الفلاسفة

حين يحب الفلاسفة

يمكن تصنيف علاقاتنا نحن القراء مع الكتاب والمفكرين والفلاسفة إلى ثلاثة أنواع تتوزع بين الحب والاحترام والخوف أو بكلمة أخرى الخشية. فبعض الكتاب نحبهم من القراءة الأولى. نشعر أنهم قريبون منا كأنهم إخوة كبار أو صغار. والبعض الآخر نحترمهم من دون أن نحبهم، والفرق كبير بين الحب والاحترام. أما النوع الثالث، فنهابه، نخاف منه، كما نخاف من الصقور في السماء، التي يمكن أن تنقض علينا في أي لحظة.. فتدمينا.
نقرأ مثلا لكيتس أو دوستوفيسكي أو لوركا أو تشيخوف أو كامي فنشعر كم هم أليفون وقريبون، وكأنهم يتقاسمون معنا غرفة من غرف البيت، أو أنهم جيران طيبون يمكن أن تزورهم في أي لحظة، ومن دون استئذان. وهناك كتاب عظماء غير أنه من الصعب أن تقول إنك تحبهم. إنك تحترمهم من بعيد. يبقى لك عالمك، ولهم عالمهم الغني، البهي، المليء بحكمة العصور، ومن هنا فهو خالد، لكنك لا تحس أنه عالمك الخاص. من يستطيع أن يقول إنه يحب شكسبير أو بن جونسون، أو تولستوي أو إميل زولا أو حتى سارتر؟
أما حين تقرأ غوته أو نيتشه أو هيدغر أو دريدا فعليك أن تستعد تماما بكل عقلك وقلبك وجوارحك، كأنك مقبل على معركة كبرى. إنهم يطلون عليك من عل، وكأنهم يريدون أن ينقضوا عليك قبل أن تفتح أي صفحة. تشعر أحيانا أنهم حتى ليسوا بشرا. شخصيات فوق الزمان والمكان. جبابرة متربعون فوق جبال الألب، لا يمسهم ما يمسنا، ولا يحركهم ما يحركنا من عواطف وأحاسيس تنتمي إلى الأرض.
لكن انطباعاتنا هذه لحسن الحظ وهمية. فنحن نعرف الكتب ولا نعرف الكتاب. وحين نعرفهم، أو بعضهم في الأقل، كبشر يتحول الخوف إلى ألفة، والخشية إلى اطمئنان. وربما من هنا تنبع أهمية كتب السيرة، والسيرة الذاتية، والرسائل الشخصية، فهي تنزل هؤلاء من السماء إلى الأرض، فنكتشف كم هم قد يكونون بائسين، هشين مثلنا. من يتصور أن هيدغر صقر الفلاسفة يمكن أن «يفشل في الكلام» في حضرة الحب فيبكي؟
كتاب «رسائل حنة أرندت، مارتين هيدغر»، (1925 - 1975) - منشورات «جداول» بترجمة وتقديم حميد لشهب، يعرفنا على هيدغر الآخر، المحتجب خلف حجاب فلسفة الوجود والزمان، الغارق في التجريد، الهابط من سماء الميتافيزيقا إلى وحل القوة المتمثلة بهتلر.
ماذا يفعل الحب بالفلاسفة؟ أو كيف يحب الفلاسفة؟ وهل يمكن أن يكون هناك حب فلسفي، كما يذهب السيد ولد أباه في تقديمه؟
وقبل ذلك، كيف أحبت أرندت اليهودية، التي هربت من ألمانيا إلى أميركا بسبب هتلر، هذا الرجل الذي وقف إلى جانب مضطهدها، وجلاد أبناء جلدتها، ممجدا له، مشيدا بسياسته التعليمية النازية التي رأى فيها إنقاذا لشباب ألمانيا؟
لم تحب أرندت هيدغر فقط، بل أحيته من الموات. فبعد سقوط هتلر، فصل هيدغر من الجامعة، واعتزل في كوخه الشهير في «الغابة السوداء». لكن أرندت تتصل به من جديد بعد خمس وعشرين سنة، وكانت قد ترجمت أعماله إلى الإنجليزية، مطلقة شهرته العالمية باعتباره الفيلسوف الذي «ساهم في تحديد الشكل الروحي للقرن»!
إذا اعتبرنا أن هناك حبا فلسفيا، تجوزا، فهو يكمن في حقيقة أن هيدغر علم تلميذته أرندت، بتعبيرها هي، كيف ترى العالم وتفهمه.. لقد قادها إلى ذاتها نفسها، بينما قادته هي إلى حقيقته كإنسان، ليكتشف أن الحب ليس مسيسا فقط، بل قد يكون «أقوى من كل القوى الضد سياسية».
كتاب «رسائل حنة أرندت، مارتين هيدغر» كتاب ضروري لنا لفهم كيف تعمل الفلسفة على المستوى العادي عند صاحب «الوجود والزمان»، ومفكرة مثل آنا أرندت. وكانت مقدمة المترجم غنية حقا وشاملة، بعكس ترجمته للرسائل التي تعاني من خلل واضح في كل صفحة تقريبا في صياغاتها العربية التي لا تكاد تكون مفهومة.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.