مارك والاس لـ {الشرق الأوسط}: نستعد لتجاوز «فيتو» أوباما في الكونغرس

الرئيس التنفيذي لمجموعة «متحدون ضد إيران النووية»: إيران أكبر دولة راعية للإرهاب.. والاتفاق النووي سيزيد التوتر في المنطقة والعالم

مارك والاس
مارك والاس
TT

مارك والاس لـ {الشرق الأوسط}: نستعد لتجاوز «فيتو» أوباما في الكونغرس

مارك والاس
مارك والاس

تمكنت مجموعة «متحدون ضد إيران النووية»، وهي مجموعة ضغط أميركية رئيسية ضد الاتفاق النووي يقودها سفير واشنطن السابق لدى الأمم المتحدة مارك والاس، من إجبار كبريات الشركات العالمية على وقف التعامل مع الحكومة الإيرانية، حيث تقف المجموعة وراء «قانون المساءلة عن الخيارات المالية في إيران» المصدق من الكونغرس الأميركي، وبموجبه منعت الشركات التي تمارس أنشطة تجارية في إيران من الحصول على عقود مع الحكومة الأميركية.
وفي أعقاب الصفقة النووية التي تم توقيعها بين مجموعة «5+1» وإيران في 14 يوليو (تموز) الماضي في فيينا، وبعد الحديث عن قرب رفع العقوبات الدولية ضد طهران، تسعى المجموعة لاستمالة الرأي العام وحشده من أجل الضغط على النواب الأميركيين في الكونغرس وحثهم على الامتناع عن التصديق الشهر المقبل على الصفقة النووية التي تنظر إليها قيادات المجموعة على أنها خطر مهدد للأمن القومي الأميركي.
قامت المنظمة بإطلاق مجموعة حملات دعائية منظمة اجتاحت كبريات الصحف الأميركية والشبكات التلفزيونية الخاصة، كما لوحات الإعلانات، من أجل توعية الشعب الأميركي والمشرعين وتسليط الضوء على ما اعتبرته أخطاء فادحة تعتري الاتفاق وتشكل خطرا على الولايات الأميركية وحلفائها التقليديين في المنطقة. من البديهي أن هذا الموقف جعل المنظمة في مواجهة البيت الأبيض الذي لم يتوان عن اتهام «متحدون ضد إيران النووية» وكل المجموعات أو الأشخاص الذين لا يؤيدون الاتفاق بأنهم دعاة حرب.
العد التنازلي لتصويت الكونغرس الأميركي على الاتفاق بدأ، ومع اقتراب هذا الموعد تتكثف الاتصالات والحملات من قبل مجموعات الضغط الأميركي على النواب، كل من وجهة نظره، لأجل استمالتهم وإقناعهم بالتصويت ضد إرادة أوباما وللاتفاق النووي.
في حوار حصري، لـ«الشرق الأوسط»، يشرح مارك والاس، الذي يقود المجموعة، كواليس الحملة والصراع الدائر بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الأميركي، وأهداف الحملة المناهضة للاتفاق النووي مع إيران التي أطلقتها المجموعة، وكذلك الأهداف التي تأمل في تحقيقها عامة. وفي ما يلي نص الحوار:
* ما هو الهدف الرئيسي من وراء حملة مجموعة «متحدون ضد إيران النووية».. ولماذا تقفون ضد الاتفاقية الأخيرة بقوة؟
- يعد قرار تصويت الكونغرس على الصفقة النووية الإيرانية من أهم القرارات المتعلقة بالأمن القومي الأميركي، منذ نهاية الحرب الباردة. لذا يجب على كل أميركي أن يعرف تفاصيل هذه الاتفاقية وخفاياها وكيفية تأثيرها على مستقبله حتى يستطيع اتخاذ الموقف المناسب تجاه اتفاق فيينا.
ونعتقد في المجموعة أن هناك العديد من العيوب في الاتفاقية، أولها غياب نظام التفتيش الجدي وإعطاء إيران إمكانية تأخير عمليات التفتيش للمنشآت النووية المشكوك فيها لمدة 24 يوما.. ثانيا الإفراج عن أموال (محجوزة من جراء العقوبات) تصل إلى 150 مليار دولار تقريبا إلى أكبر دولة راعية للإرهاب.. ثالثا عدم الإفراج عن الرهائن الأميركيين الأربعة الذين ما زالوا مسجونين في إيران من دون مبرر ويتعرضون لمعاملة غير إنسانية.. وأخيرا عدم وجود أي آلية لإعادة فرض العقوبات على إيران «المخادعة» إذا ما اكتشف العالم أنها تخدعه مجددا.
* الآن وقد وقعت مجموعة «5+1» على الاتفاقية، وصدقت عليها الأمم المتحدة بالإجماع، وبدأت الوفود التجارية من كل أنحاء العالم تزور طهران.. ما الذي تستهدفه إذن الحملة التي تتكلف عدة ملايين من الدولارات؟
- إذا ما صوت الكونغرس ضد الاتفاق، وهو ما نثق به، فإن ذلك سوف يرسل رسالة قوية للقيادة الإيرانية تفيد بأن الشعب الأميركي لا يوافق على خلاصة اجتماعات فيينا، وأنه يرغب في أن يعود الطرفان إلى طاولة المفاوضات للحصول على صفقة أفضل يمكنها أن تمنع بفعالية وإلى الأبد حصول إيران على السلاح النووي، وتستطيع أن تحمي مصالح الأمن القومي الأميركي.
* أنتم كمنظمة تعارضون إدارة الرئيس أوباما والأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى روسيا.. من هم حلفاؤكم؟
- هناك العديد من دول في الشرق الأوسط وفي العالم تشاركنا الرأي بأن هذا الاتفاق لا يحقق الأهداف المرجوة منه - وعلى رأسها منع إيران من الحصول على سلاح نووي. وهناك العديد من الزعماء والمنظمات هنا في الولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم، حتى في البلدان التي ذكرتها في سؤالك، يدعمون موقفنا ويؤمنون بأنه بالإمكان عقد صفقة أفضل. كما أن لتصويت الكونغرس الأميركي أهمية بالغة، وهذا هو السبب في أننا نركز في اتصالاتنا على الأعضاء الرئيسيين في الكونغرس، ونتابع بث الحملة ونشرها في الإعلام الأميركي من الآن وحتى تاريخ التصويت في سبتمبر (أيلول) المقبل.
* برأيك، كيف ستؤثر تلك الصفقة على المنطقة؟
- نعتقد أن هذه الصفقة سيكون لها أثر سلبي للغاية على السلام والأمن في المنطقة. وبالفعل ومنذ أن أعلن الرئيس أوباما عن الصفقة بدأت دول الخليج تتهافت لشراء الأسلحة التقليدية، خوفا من تزايد قوة إيران التي أصبح لديها حضور أقوى في لبنان وسوريا والعراق واليمن. وإذا ما تمت الموافقة على هذه الصفقة والعمل بها، فأعتقد، للأسف، أن الدول المجاورة لإيران سوف تبدأ في السعي للحصول على أسلحة نووية، وإن كان ذلك من منطق الردع وليس التعدي.
* تقول إن الصفقة تمثل تهديدا للأمن القومي.. كيف؟
- إن هذه الصفقة تضمن أن تصبح إيران دولة نووية في وقت قريب للغاية، حتى وإن التزمت بشروط الاتفاق. أصلا تاريخ إيران في إخفاء حقيقة برنامجها النووي وطموحاتها النووية يجعل الشكوك في حيازتها لهذا السلاح كبيرة. إيران لطالما أعلنت أنها تسعى للحصول على القوة النووية للأغراض المدنية فقط، بينما كانت أفعالها تشي عكس ذلك. من هنا لا يستطيع جيران إيران أن يغامروا بمستقبل شعوبهم استنادا إلى ما تقوله إيران، فيما هي تفعل عكسه تماما. وإذا ما تم رفع العقوبات وأصبحت لدى إيران القدرة على الوصول إلى تكنولوجيا الصواريخ التقليدية والباليستية، فسوف تتزايد قدرتها على أن تفرض سيطرتها على المنطقة إلى حد كبير. وهذا شيء يجب أن يقلق حتى الدول البعيدة عن الشرق الأوسط.
* ألا تعتقد أن الصفقة يمكنها أن تحقق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط؟
- على العكس، لن تحقق هذه الصفقة إلا قدرا أقل من الاستقرار وقدرا أكبر من التوتر، كما أنها ستوفر فرصة أكبر لنشوء نزاعات في منطقة ثملت من النزاعات والتراجيديا.
* هل تعتقد أن حملتكم نجحت في إقناع الشعب الأميركي ونوابه بمخاطر الصفقة؟
- تظهر استطلاعات الرأي أنه كلما علم المصوتون الأميركيون بشأن تفاصيل الاتفاق، تزايد رفضهم له. وما نحاول أن نفعله هو أن نصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس حتى تاريخ اقتراع الكونغرس ليصبح هناك جدال واسع وعادل لكي تصبح أمام أعضاء الكونغرس الفرصة ليسمعوا صوت من يمثلوهم.
* كيف يمكن في تصورك تراجع أطراف فيينا عن الصفقة التي عقدت بعد أكثر من عشر سنوات من المفاوضات المتقطعة؟
- أعتقد أنه يمكن ويجب تحسين شروط الصفقة، وأنه يمكن تحسينها إذا ما صوت الكونغرس ضد الصفقة. وهناك العديد من الحالات التي حدثت في الماضي والتي رفض فيها الكونغرس الاتفاقات والمعاهدات التي فاوض عليها الرئيس. ولم تسفر تلك الأفعال عن كارثة، بل أسفرت عن اتفاقية أقوى أمكن تمريرها في النهاية. ولطالما طالب الكونغرس في الماضي بإجراء تعديلات وتحسينات على اتفاقات كشرط للموافقة.
* هل بالإمكان الوقوف بوجه رئيس الولايات المتحدة الأميركية؟
- إضافة إلى معارضة الشعب الأميركي للصفقة إذا صوت الكونغرس ضد الاتفاق يمكن للرئيس أوباما استخدام حق الفيتو. ونعتقد أننا يمكننا تجاوز هذا الفيتو، وإن كان ذلك صعبا، إذا أخذنا في الاعتبار أن الأمر يحتاج إلى ثلثي أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب لكي يتم التصويت على هذا النحو.
* بعد رفع العقوبات عن إيران، ما هو مستقبل منظمتكم؟
- نحن وبعد رفع العقوبات نركز على مساعدة الشعب الأميركي في فهم طبيعة الاتفاق وتوضيح أخطاره للرأي العام، وبالتالي حث ممثلي الشعب الأميركي في الكونغرس على التصويت ضده لتأثيره السلبي على مستقبلهم ومستقبل الأجيال المقبلة في الولايات المتحدة وشعوب منطقة الشرق الأوسط تحديدا.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.