الجيش اليمني الموالي للشرعية يسيطر على حضرموت رغم وجود «القاعدة»

عناصر التنظيم الإرهابي تفرج عن معتقلين في المكلا

الجيش اليمني الموالي للشرعية يسيطر على حضرموت رغم وجود «القاعدة»
TT

الجيش اليمني الموالي للشرعية يسيطر على حضرموت رغم وجود «القاعدة»

الجيش اليمني الموالي للشرعية يسيطر على حضرموت رغم وجود «القاعدة»

تعيش مناطق وادي حضرموت وصحراؤها جنوب اليمن حالة من الاستقرار الأمني النسبي في ظل سيطرة الجيش الموالي لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والذي استطاع حماية وتأمين حدود ما يسمى بالمنطقة العسكرية الأولى باليمن، والتي تخضع لقيادة اللواء الركن عبد الرحمن عبد الله الحليلي، وتتكون من سبع وحدات قتالية، تضم آلاف الجنود، يتوزعون على أكثر من مائة كيلومتر مربع، وتتخذ من سيئون عاصمة وادي وصحراء حضرموت مقرا لقيادتها.
ورغم الانتشار الأمني المكثف لوحدات الجيش اليمني على الطرقات الرئيسية الواصلة بين مدن وقرى وادي حضرموت؛ فإنه لا تزال هناك خلايا تابعة لتنظيم القاعدة في اليمن تتمركز ببعض المناطق، فعلى بعد أقل من كيلومترين من مدينة القطن، يقع وادي سر، الذي يضم أكبر تجمع لمقاتلي «القاعدة» في محافظة حضرموت بحسب إفادة مصادر أمنية رفيعة في الجيش اليمني.
كما قالت مصادر أمنية محلية بمدينة القطن لـ«الشرق الأوسط»: «إن عناصر (القاعدة) جعلوا من وادي سر منطقة لإدارة وتسيير عملياتهم بالمنطقة، مستخدمين الطرقات الجبلية في تنقلاتهم بين مدن وقرى وادي حضرموت، وعبرها استطاعوا نقل الأسلحة والمتفجرات، كذلك كبار قادتهم من المطلوبين أمنيًا بعيدًا عن نقاط الجيش».
مصادر أخرى قبلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» رفضت قبائل وادي حضرموت وسكانه لأي تواجد لـ«القاعدة»، مبينة أن تواجدهم بأي منطقة سيعكر صفوها، ويدخلها في جو الحرب، ويلقي بويلاتها على سكانها، كذلك رفضت أي مظاهر عسكرية مشددة من قبل وحدات الجيش اليمني على مداخل ومخارج المدن والقرى، الأمر الذي من شأنه التضييق على حياة المواطنين، خصوصا أن «القاعدة» لا يستخدم الطرق الرئيسية بكثرة بقدر ما يستخدم الطرق الوعرة، والغير مستخدمة من قبل عامة الناس.
وقال مواطنون محليون لـ«الشرق الأوسط» إنهم يشاهدون دوريات مسلحة للجيش اليمني تجوب الطرق الرئيسية التي تربط مدن وقرى وادي حضرموت بين الحين والآخر، وتتكون من عدد من الأطقم العسكرية المدرعة تتراوح أعدادها في كل دورية ما بين الخمسة إلى الثمانية أطقم، كما أن بعض هذه الدوريات مر على قرى لا يتواجد بها الجيش، وعزز الجيش كذلك من حراسات بعض المنشئات التي تقع ضمن نطاق تواجد قواته.
وكانت عمليات «القاعدة» ضد الجيش اليمني بوادي وصحراء حضرموت قد قلت بشكل ملحوظ مقارنة بالأربع سنوات الأخيرة، فقد تعرضت خلالها المقار الأمنية للمنطقة العسكرية الأولى لعدة هجمات انتحارية، وتفجيرات بواسطة عبوات ناسفة، قتل على أثرها الكثير من الجنود وعناصر التنظيم، فعند سيطرة التنظيم على مدينة المكلا بساحل حضرموت في 2 أبريل (نيسان) الماضي، والتي تقع على بعد أكثر من 300 كيلومتر، جعل التنظيم منها أكبر مركز قيادة لعملياته التي يواجه بها الجيش اليمني على 11 جبهة متفرقة بأنحاء اليمن، كما استطاع التنظيم خلال الأشهر الماضية نقل كبار قادته إلى المدينة ومن بينهم زعيم التنظيم أبو بصير ناصر الوحيشي، الذي قتل بالمدينة بضربة طائرة من دون طيار «درون» أميركية في 9 يونيو (حزيران) الماضي، ليتولى قيادة التنظيم من بعده قاسم الريمي، الذي تواجد هو الآخر بالمدينة، إضافة إلى قادة آخرين بالتنظيم.
كما يتواجد بمدينة سيئون عاصمة وادي وصحراء حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية بمدينة المكلا المعين حديثًا اللواء الركن عبد الرحيم أحمد عتيق، خلفًا للواء الركن محسن ناصر الشاعري، الذي غادر المدينة بعد سيطرة «القاعدة» عليها، ومحاصرته هو ورفاقه من كبار ضباط المنطقة العسكرية بمعسكر اللواء 27 ميكا شرق المدينة ليومين، استطاع بعدها الخروج بحرًا عبر ميناء الضبة النفطي القريب من المعسكر. ويشرف اللواء عتيق من مقر إقامته بمدينة سيئون على مراحل تجهيز قوة عسكرية تقدر بـ3000 مقاتل تابعة للجيش اليمني، كذلك بإشراف من دول التحالف العربي، ومساعدة قوى مجتمعية وقبلية مثل حلف قبائل حضرموت، تجهز لاستعادة السيطرة على مدينة المكلا، وجميع مناطق المنطقة العسكرية الثانية، وطرد أو اعتقال عناصر تنظيم القاعدة المتواجد فيها.
وتقع أجزاء من صحراء حضرموت بمحاذاة الحدود اليمنية السعودية، ويوجد بها منفذ الوديعة الحدودي، وهو المنفذ الوحيد البري الذي لا يزال يستقبل المسافرين بين البلدين، بعد إغلاق بقية المنافذ البرية منذ اليوم الأول لعمليات عاصفة الحزم، مما أدى لتزاحم المسافرين، وحتى أعضاء الجهاز الحكومي اليمني الذين استضافتهم المملكة العربية السعودية بعد تزايد ضغوط جماعة الحوثي الانقلابية عليهم، ويؤمن المنفذ على الجانب اليمني قوات من الجيش اليمني الموالي لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، تحت قيادة هيئة الأركان العامة بوزارة الدفاع اليمنية، وقيادة المنطقة العسكرية الأولى، مما جعل الحدود اليمنية السعودية المحاذية لمحافظة حضرموت من أكثر المناطق الحدودية أمنا بين البلدين وأبعدها عن التواجد الحوثي، وعملياتهم التخريبية عبر إطلاق مقذوفات من الجانب اليمني على الحدود المشتركة بين البلدين تسقط على الحدود السعودية وتخلف بعض الأضرار، كذلك هجمات بعض أفراد الميليشيات الانقلابية ومحاولة تخطيهم الحدود السعودية.
أما على الجانب الإنساني فمدن وقرى وادي وصحراء حضرموت قد لا تختلف ظروفها المعيشية كثيرًا عن باقي المحافظات اليمنية، خصوصًا في ظل الظروف العامة التي تمر بها البلاد، والأزمات الداخلية التي أنهكت اقتصادها، وقضت على سياحتها، ومنعت الاستثمار، وقضت على كل ما هو جميل، وحل الخراب بدلاً عنه.
فبرغم استمرار الكثير من الدوائر والمقار الحكومية في أعمالها تحت الغطاء الأمني الذي يوفره الجيش؛ فإن نقص السيولة المالية، وارتباط الكثير من الدوائر ومكاتب الوزارات بالمركزية في صنعاء قد أجبرها على تدني مستوى خدماتها، إن لم يكن إيقافها بشكل كامل، فالمدارس مغلقة، والجامعة كذلك، بالإضافة لسوء الخدمات المالية لدى مكاتب فروع البريد بمدن وادي حضرموت وصحرائها، علاوة على ذلك الكهرباء تنقطع لساعات طويلة قد تصل إلى 8 ساعات يوميًا، بسبب عدم توفر كميات كافية من المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل مولدات الكهرباء.
ومن جهة ثانية أفرجت عناصر أنصار الشريعة التابعة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة مساء الخميس، عن عدد من المعتقلين الذين كانوا بقبضتها في مدينة المكلا التابعة لمحافظة حضرموت شرقي اليمن. وذكرت مصادر صحافية مطلعة من المكلا – حسب وكالة الأنباء الألمانية - أن عناصر التنظيم أفرجوا عن عدد من المعتقلين الذين اعُتقلوا لديهم منذ أربعة أشهر. وقالت: إن أولئك الأشخاص اعتقلوا من قبل التنظيم بتهمة التجسس ضد عناصرها في المدينة.
وفي ذات السياق، أكدت المصادر «أن هناك انسحابا تدريجيا لبعض عناصر التنظيم من المكلا الذين كانوا منتشرين بكثرة في شوارع المدينة، وذلك لتهيئة تسليمها للمجلس الأهلي حتى يتولى هو إدارة شؤونها». ويتكون المجلس الأهلي في مدينة المكلا من شخصيات بارزة في المدينة.



إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)
TT

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

بدأت إثيوبيا عملية «الملء الخامس» لخزان «سد النهضة» على نهر النيل، بحسب ما أظهرته صور بالأقمار الاصطناعية، وسط ترقّب مصر، التي حذّرت من المساس بما تعتبره «حصتها التاريخية» من مياه النهر الدولي.

وتبني إثيوبيا السد، منذ 2011 بداعي «توليد الكهرباء»، مسببة توترات مع دولتي المصب (مصر والسودان). في حين فشلت جميع الجولات التفاوضية، التي عُقدت بشكل متقطع على السنوات الماضية، في التوصل إلى اتفاق، آخرها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وبحسب خبير الموارد المائية المصري، الدكتور عباس شراقي، فإن إثيوبيا بدأت الأربعاء عملية الملء الخامس، ويستمر التخزين حتى الأسبوع الثاني من سبتمبر (أيلول) المقبل.

وتوقع شراقي، في تدوينة له، أرفقها بصور للأقمار الاصطناعية، أن تخزّن أديس أبابا خلال الملء الحالي (23 مليار متر مكعب إضافي، ليرتفع منسوب المياه المخزنة خلف السد من 41 مليار متر مكعب (المنسوب الحالي) إلى 64 مليار متر مكعب».

وقال شراقي: «(الملء الخامس) يختلف كثيراً عن التخزينات السابقة، ففي الأعوام الماضية لم يكن يمكن لإثيوبيا أن تفتح بوابات التصريف خلال موسم التخزين بسبب عدم اكتمال بناء السد، وفي الوقت الحالي اكتمل البناء الخرساني، ويمكن لها (إثيوبيا) أن تفتح بوابات التصريف خلال (الملء) لتسمح بمرور جزء من المياه إلى السودان ومصر؛ لذلك القرار بيد أديس أبابا».

بدورها، حذّرت مصر من المساس بحصتها في مياه النيل، وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، إن مصر «ليست ضد أي مشروع تنموي تتم إقامته في أي دولة، وهذه ثوابت الدولة المصرية، لكن لا بد أن يتم ذلك بما لا يؤثر، ولا يضرّ بحصة مصر التاريخية من مياه نهر النيل، وهذا هو الشيء الأهم».

مصطفى مدبولي يحذّر من المساس بحصة مصر في مياه النيل (مجلس الوزراء)

وتعاني مصر عجزاً كبيراً في مواردها المائية، نسبة إلى احتياجاتها الفعلية من المياه، يتم تعويضها بمشروعات التحلية وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعي.

وتبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب، في حين أن «استهلاكها الحالي يتجاوز 85 مليار متر مكعب، يتم تعويض الفارق من المياه الجوفية ومشروعات تحلية مياه البحر»، ووفق رئيس الوزراء المصري، الذي أكد أن «هناك تحدياً في توفير احتياجاتنا من المياه، وهذه الاحتياجات تزيد بشكل كبير كلما زاد عدد السكان».

ويرى نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر، الدكتور أيمن عبد الوهاب، أن الشروع في «الملء الخامس» قد لا ينهي فرص استئناف التفاوض، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر متمسكة بالنهج الدبلوماسي منذ بدء الأزمة (السد) سعياً لاتفاق قانوني ملزم، رغم التعنت الإثيوبي»، غير أنه توقع أيضاً أن «يدفع (الملء الخامس) القاهرة إلى إثارة الأزمة دولياً بشكل مكثف».

وبحسب عبد الوهاب، فإنه يمكن لمصر أن «تستعين بالتقارير الفنية المتعلقة باكتمال بناء السد والملء الحالي وتأثيره على حصتها، وتقديمها إلى المجتمع الدولي والدول الفاعلة، خاصة المؤسسات المعنية بقضايا المياه ونزاعاتها».