الرئيس المصري يختار النائب العام الجديد من بين 3 مرشحين «خلال ساعات»

«داعش» تدعي وجود مُخطط «عملية بركات» في ليبيا.. والقاهرة تدعو لجدية التعامل مع الإرهاب

الرئيس المصري يختار النائب العام الجديد من بين 3 مرشحين «خلال ساعات»
TT

الرئيس المصري يختار النائب العام الجديد من بين 3 مرشحين «خلال ساعات»

الرئيس المصري يختار النائب العام الجديد من بين 3 مرشحين «خلال ساعات»

أكدت مصادر مصرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بصدد إصدار قرار خلال ساعات بتعيين نائب عام جديد خلفا للراحل المستشار هشام بركات، الذي تعرض لعملية اغتيال أواخر يونيو (حزيران) الماضي. وبينما أعلن تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا أن المتهم الرئيسي في عملية اغتيال المستشار بركات موجود في مدينة درنة الليبية، دعت القاهرة إلى تدخل دولي سريع للتعامل الجدي مع التهديد الخطير الذي يمثله الإرهاب في ليبيا، مشددة على أن «قدرة تنظيم داعش الإرهابي على السيطرة على مساحات في ليبيا تمثل إنذارا بالنسبة لكل دول الجوار».
وأكدت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» أمس أن مجلس القضاء الأعلى، برئاسة المستشار أحمد جمال الدين عبد اللطيف، رئيس محكمة النقض، أرسل إلى الرئيس المصري قائمة تحمل ثلاثة أسماء مرشحة لتولي منصب النائب العام خلفا للمستشار بركات، وتوقعت أن يصدر الرئيس قرار جمهوريا، «خلال ساعات» (في وقت كتابة هذا التقرير)، باسم النائب العام الجديد الذي سيتولى المنصب لمدة أربع سنوات.
ورغم سرية الترشيحات، أشارت مصادر مطلعة إلى أن الأسماء الثلاثة المرشحة لا تخرج عن خمسة شخصيات قضائية مرموقة، أولهم المستشار عادل السعيد، الذي صدر قرار بتعيينه قبل نحو 10 أيام مساعدا لوزير العدل لشؤون جهاز الكسب غير المشروع بعد أن عمل في منصب مساعد النائب العام على مدار نحو 13 عاما من قبل.
ثاني الأسماء المرشحة للمنصب هو المستشار عادل الشوربجي، وهو مساعد وزير العدل الأسبق لشؤون الديوان العام ونائب رئيس محكمة النقض. أما الشخصية الثالثة فهو المستشار علي عمران، وهو النائب العام المساعد ومدير التفتيش القضائي بالنيابة العامة، الذي تولى مهام النائب العام بالإنابة منذ اغتيال بركات، كونه أقدم أعضاء النيابة العامة العاملين وفقا للدستور. كما شملت دائرة المرشحين اسم المستشار زكريا عبد العزيز عثمان، النائب العام المساعد رئيس نيابة استئناف القاهرة، إضافة إلى المستشار نبيل عمران رئيس نيابة النقض.
في غضون ذلك، وفي خطوة توضح حجم الصراع العنيف بين التنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، كشف تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا عن مكان وجود الإرهابي هشام عشماوي، المتهم الرئيسي الذي تحوم حوله الشبهات في عملية مقتل المستشار بركات من خلال عملية تفجير سيارة مفخخة، أسفرت عن مقتل النائب العام متأثرا بإصابته قبل نحو 50 يوما.
ونشرت صفحات تابعة لتنظيم داعش الإرهابي على مواقع التواصل الاجتماعي بيانا أكدت فيه أن عشماوي موجود في مدينة درنة الليبية، ويقاتل في صفوف ما سماه بـ«شورى المجاهدين»، واصفا الأخير بـ«المرتدين».
وقال البيان إن عشماوي مطلوب لدى التنظيم، وأضاف أنه (عشماوي) انضم لفترة إلى جماعة «أنصار بيت المقدس» في سيناء بعد عودته من ليبيا في عام 2013، ثم انشق عن التنظيم وعاد إلى ليبيا مرة أخرى. وبحسب خبراء أمنيين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» فإن عشماوي، وهو ضابط سابق فصل من الخدمة بالجيش المصري قبل بضع سنوات قد قام بتنفيذ عدد من العمليات في مصر تحت راية «بيت المقدس»، قبل أن يعلن «بيت المقدس» مبايعته تنظيم داعش ويحمل اسم «ولاية سيناء»، فانشق عشماوي عنه وأسس ما يعرف باسم «كتيبة المرابطين»، وتولى إمارتها وحمل كنية «أبو عمر المهاجر المصري»، معلنا ولاءه لتنظيم القاعدة.
ووسط هذا التصاعد في حدة الصراع الآيديولوجي بين جماعات الإرهاب، التي تشهد أوجها وأعلى صورها في ليبيا نتيجة التدهور الأمني الكبير وضعف قبضة الحكومة الشرعية، تستمر القاهرة في مطالبتها ونداءاتها بتدخل دولي سريع للتعامل الجدي مع التهديدات الخطيرة التي تمثلها هذه الجماعات على كل دول الجوار.
وأشار المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، في تصريح إعلامي، إلى أنه لا يوجد فارق لدى مصر بين جماعة داعش الإرهابية في ليبيا أو العراق أو سوريا، إذ إنه يمثل تهديدا واحدا ويجب التعامل معه بنفس الجدية، مؤكدا أن «هناك تدهورا أمنيا كبيرا في ليبيا، وأن قدرة تنظيم داعش الإرهابي على السيطرة على مساحات في ليبيا تمثل إنذارا بالنسبة إلى كل دول الجوار».
كما قال المستشار أبو زيد إن «رؤية مصر حيال ما تشهده ليبيا تتلخص في عدة نقاط، تتضمن أنه يتعين على المجتمع الدولي أن يوفر الدعم الكافي للحكومة الشرعية في ليبيا، ويجب على المجتمع الدولي، وبصفة خاصة مجلس الأمن الدولي، أن يتعامل بجدية مع المطالب التي تعبر عنها الحكومة الليبية الشرعية والمتعلقة برفع الحظر عن تقديم السلاح».
وعلى النطاق الداخلي في مصر، تواصل قوات الجيش المصري عملياتها لمكافحة الإرهاب في عدد من البؤر في منطقة العمليات الواقعة في شمال شرقي شبه جزيرة سيناء، إذ تمكنت القوات من القبض على عدد من القيادات الرئيسية لتنظيم أنصار بيت المقدس وقتل عدد آخر من عناصر التنظيم خلال اليومين الماضيين.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.