بعد إلغاء منصبه والتحرك لإدانته قضائيًا.. المالكي في مواجهة المجهول

إذا لم يعد من طهران سينتهي سياسيًا.. وإذا عاد تنتظره مواجهات مع جماعة العبادي داخل حزبه «الدعوة»

بعد إلغاء منصبه والتحرك لإدانته قضائيًا.. المالكي في مواجهة المجهول
TT

بعد إلغاء منصبه والتحرك لإدانته قضائيًا.. المالكي في مواجهة المجهول

بعد إلغاء منصبه والتحرك لإدانته قضائيًا.. المالكي في مواجهة المجهول

من إيران التي يزورها حاليًا، أعلن نائب الرئيس العراقي المقال، نوري المالكي، أمس، رفضه للنتائج التي توصل إليها تقرير لجنة التحقيق في سقوط الموصل، واصفًا إياه بأنه «لا قيمة له»، وأن «اللجنة ليست موضوعية ولا حيادية».
المالكي الذي لا يزال يصر على استخدام لقب «نائب رئيس الجمهورية» رغم مصادقة البرلمان على إلغاء مناصب نواب الرئيس الثلاثة وإعلان رئيس الجمهورية فؤاد معصوم دعمه للقرار ونفيه مطالبته بإبقاء نائب واحد له، كرر، من إيران أيضًا، ما سبق أن قاله إن قضية سقوط الموصل مؤامرة دبرت بين أنقرة وأربيل.
واستنادًا إلى ما أكده سياسي عراقي مطلع في حديث لـ«الشرق الأوسط»، طالبًا عدم الإشارة إلى هويته أو الجهة السياسية التي ينتمي إليها، فإن «المالكي بدأ يفقد الكثير من فرص المناورة التي كان يملكها، والتي كانت قبل إلغاء منصبه تتمثل في المنصب ذاته وما يوفره له من حركة واسعة في ميدان عمله رغم عدم وجود صلاحيات، لكن قضية الصلاحيات في العراق لم تعد هي المهمة، بل النفوذ هو المهم، وهو ما كان يحتاج إليه المالكي هذا الموقع لمواصلة نفوذه، بالإضافة إلى كونه يتزعم ائتلاف دولة القانون».
ويضيف السياسي، أن «إلغاء المنصب بالنسبة لوضع المالكي يختلف كثيرًا عن وضع نائبي الرئيس المقالين الآخرين، أسامة النجيفي أو إياد علاوي اللذين ما عادا يستخدمان اللقب، بل إن النجيفي ربما نكاية بالمالكي ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك حين تحول إلى أكبر مؤيد لإصلاحات رئيس الوزراء حيدر العبادي من خارج الدائرة المحيطة برئيس الوزراء».
ويستطرد السياسي العراقي قائلا، إن «خروج المالكي من منصب نائب الرئيس سيجعله في مواجهة مباشرة مع العبادي وجماعته من داخل دولة القانون وحزب الدعوة لأنه لم يعد يملك منصبًا بما فيه من امتيازات ونفوذ، بل وحتى لو عاد إلى البرلمان، رغم أن ذلك مستبعد قانونيًا، فإنه سيكون مجرد نائب لا يملك سوى الحصانة وهي لا تكفي بالنسبة لرجل كان يخطط للبقاء في دائرة الضوء من خلال الولاية الثالثة».
وردًا على سؤال بشأن الحديث الذي يجري تداوله في الشارع الآن حول ما إذا كان المالكي سيعود إلى بغداد أم يبقى في طهران بعد إحالة ملفه إلى القضاء، قال السياسي العراقي: «المالكي سيعود وعلى الأرجح غدًا (الخميس) لأنه في حال عدم عودته أو تأخره سينهي مستقبله السياسي بسرعة، وهو لا يمكن أن يفعل ذلك بهذه السهولة، وبالتالي فإنه سيعود، لكنه سيحاول إثارة مشكلات واعتراضات بالنسبة لتقرير الموصل». وفيما إذا كان لا يزال يملك مصدر قوة من خلال فصائل في ميليشيات «الحشد الشعبي» وفي سياق علاقته مع إيران، حيث كان مقررًا أن يلتقي في وقت لاحق أمس مرشدها الأعلى علي خامنئي، قال السياسي العراقي: «فرصه حتى على هذا الصعيد بدأت بالتراجع لأنه حاول استخدام الحشد من أجل العودة إلى السلطة، بينما قيادات (الحشد) التي تملك الميدان الآن، وفي المقدمة منها هادي العامري، تخطت أحلام المالكي وبدأت تبحث عن استحقاقات لنفسها، ناهيك بأن المظاهرات، وما يمكن أن تترتب عليها من نتائج لعل من أبرزها الآن هو صعود صاروخي لنجم العبادي، أربكت الجميع».
العبادي من جانبه، وفي إشارة ضمنية إلى الجدل الذي نشب أمس بين المالكي ورئيس لجنة التحقيق بسقوط الموصل القيادي بالتيار الصدري حاكم الزاملي، قال خلال جلسة مجلس الوزراء، وهي الجلسة الأولى بعد الترشيق الوزاري، إنه «لن يتردد بإحالة من يثبت تورطه بالفساد على القضاء لينال جزاءه العادل مهما كانت منزلته، ولن تأخذنا بالحق لومة لائم».
وردا على الاتهامات التي وجهها المالكي للزاملي بعدم المهنية، قال الزاملي: «كنت مهنيًا في اللجنة، وإن كان له (المالكي) دليل غير ذلك فليثبته ويقدمه». وأضاف أن «كل جهة متهمة بالأحداث وضعت أعضاء منها في لجنة التحقيق بسقوط الموصل كمحامين عنها وارتفع عدد الأعضاء من تسعة أعضاء إلى 11 ومن ثم 17 وإلى 26 عضوًا ولم نختلف كأعضاء إلا بالتصويت بعد أن اتضحت الحقائق ووصلنا إلى النتائج وثبت لدينا بالدليل القاطع من خلال الوثائق والإفادات بأن المتهمين هم من رقم واحد (نوري المالكي) إلى رقم 35 وبعدها حصل الاعتراض في هذا الموضوع». وأوضح الزاملي أن «أعضاء اللجنة من المكون السني أغلبهم صوتوا على هذا التقرير باستثناء أعضاء ائتلاف متحدون فهم دافعوا ورفضوا اتهام محافظ نينوى المُقال (أثيل النجيفي) أما ائتلاف دولة القانون (بزعامة المالكي)، وتحديدًا حزب الدعوة، فقد اعترضوا لاتهام أسماء من الائتلاف». وقال: «بالنسبة لدولة القانون فقد صوت ثلاثة أعضاء منهم في اللجنة على توصيات التقرير، بالإضافة إلى اثنين من كتلة المواطن والأحرار»، مشيرًا إلى أن «المصوتين من دولة القانون هم قاسم الأعرجي وحنين القدو وصباح الساعدي، ومن كتلة المواطن عبد الكريم النقيب وأنا، رئيس اللجنة (حاكم الزاملي) عن كتلة الأحرار». وتابع: «أما من اعترض على التقرير ورفض التصويت من دولة القانون فهم كامل الزيدي وعامر الخزاعي ورعد المانع. أما عضوا اللجنة، وهما من دولة القانون أيضًا (عباس الخزاعي، وعمار طعمة)، فقد صوتا بالموافقة على التقرير وتوصياته، لكنهما لم يوقعا عليه». وتساءل الزاملي: «إذن أين عدم الحيادية في كتابة التقرير والتحقيق؟ ولماذا عند خروج التوصيات أصبحنا غير مهنيين؟ ولماذا لم يطالبوا باستبدالي حتى في آخر جلسة للجنة وأنا أكدت لهم استعدادي للتخلي عن رئاسة اللجنة وفسح المجال لباقي الأعضاء للتصدي للملف، ولكن لم يقبل أي منهم بإدارة الجلسة كونها غير سهلة وهي أشبه بالحرب».
من جهته، فقد أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي السابق عن كتلة التحالف الكردستاني شوان محمد طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «إقليم كردستان تعود على اتهامات المالكي وائتلاف دولة القانون، ولكن وتحت أي ظروف فإن القائد العام للقوات المسلحة يتحمل كامل المسؤولية عما حصل»، مشيرًا إلى أن «هناك حقائق وحيثيات تؤكد أن ما جرى قبيل سقوط الموصل كان مخططًا له من قبل المالكي بهدف العودة إلى السلطة وقطف الولاية الثالثة حتى من باب إسقاط القادة السنة في المناطق الغربية وإعلان قانون الطوارئ الذي يتيح له التحكم ووضع إقليم كردستان أمام الأمر الواقع، وبالتالي فإن قضية الموصل ليست مجرد إهمال، وإنما هي تخطيط من قبل المالكي وعن طريق قادة عسكريين نفذوا له ما أراد غير أن الأمور انقلبت عكسيا فتحولت الموصل من حبل إنقاذ له على صعيد احتدام الخلافات مع خصومه على صعيد الولاية الثالثة إلى حبل بدا يقترب من رقبته في حال أدين بما حصل».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.