ارتفاع عدد ضحايا الألغام يؤثر على عودة الحياة في المدن المحررة

معارك دامية في مكيراس.. والحُديدة تستعد للتحرير

ارتفاع عدد ضحايا الألغام يؤثر على عودة الحياة في المدن المحررة
TT

ارتفاع عدد ضحايا الألغام يؤثر على عودة الحياة في المدن المحررة

ارتفاع عدد ضحايا الألغام يؤثر على عودة الحياة في المدن المحررة

حذرت مصادر عسكرية موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، من ارتفاع عدد «شهداء» الألغام التي زرعتها ميليشيا الحوثيين في جميع المدن الجنوبية المحررة إلى المئات، مقارنة بعدد شهداء المقاومة في الأشهر الخمسة الماضية، وذلك بعد أن سجلت الأيام الماضية «استشهاد» نحو 50 شخصًا في عملية نزع للألغام في العند وشيخ الدويل.
وأكد المصدر العسكري، أن الألغام التي زرعها الحوثيون وحليفهم الرئيس المخلوع علي صالح، هي أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الشرعية في مرحلة إعادة البناء والإعمار للبنية التحتية التي أصيبت بتدمير شامل، موضحًا أنه لا توجد خرائط يستدل عليها المختصون في عمليات البحث والاستخراج، الأمر الذي قد يستغرق من فريق المهندسين شهورًا لتحديد ونزع هذه الألغام.
وارتفعت وتيرة المعارك الدائرة ميدانيًا بين المقاومة الشعبية، وميليشيا الحوثيين وحليفهم علي صالح في مديرية مكيراس التي تتبع البيضاء إداريًا، وذلك بعد انسحاب تكتيكي لعدد من القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي من محافظة شبوة إلى مواقع أخرى، بهدف تقديم الدعم العسكري.
واستغلت ميليشيا الحوثي المتمركزة في بعض المواقع الحيوية داخل المناطق المؤهلة، هذا الانسحاب التكتيكي للمقاومة الشعبية في شنّ هجمات عشوائية ومتقطعة، الأمر الذي دفع المقاومة الشعبية إلى حصار الميليشيا، ونتج عنه تبادل لإطلاق النار استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في حين توقعت مصادر عسكرية تطهير المديرية من آخر الجيوب مع نهاية اليوم (أمس الثلاثاء).
وفي الحُديدة، تتقدم المقاومة الشعبية مدعومة بقوات التحالف التي تقوده السعودية في محاور عدة، أبرزها محور تحرير الميناء، الذي شهد قصفًا جويًا من طيران التحالف، إضافة إلى ضرب مخازن الأسلحة لميليشيا الحوثيين وحليفهم علي صالح، التي اعتبرته المقاومة الشعبية ضربة موجعة، وستسهم بشكل كبير في تغيير موازين القوة في الأيام المقبلة، خصوصًا أن تجمعات للميليشيا في مديريتي نهم، والحزم تعرضت لقصف جوي أربك تحركاتهم العسكرية.
وتوقعت مصادر مطلعة، أن تصدر القيادة العليا العسكرية أوامرها في الساعات المقبلة، بضرورة سرعة التحرك من قبل القيادات الميدانية في المناطق المحررة والتوجه نحو الحُديدة لدعم المقاومة الشعبية في تلك المواقع، والاستفادة من الأوضاع الحالية والارتباك الواضح في ميليشيا الحوثيين وحليفهم علي صالح، موضحًا أنه في حال صدور هذه الأوامر ستسقط الحُديدة خلال ساعات في قبضة المقاومة الشعبية.
وقال العميد عبد الله الصبيحي قائد اللواء «15» قائد عملية تحرير عدن لـ«الشرق الأوسط»: «إن مديرية مكيراس تشهد معارك طاحنة هذه اللحظات، واستماتة من قبل ميليشيا الحوثيين في مواقعهم التي يسيطرون عليها، وجرى تبادل لإطلاق النار بشكل مكثف من الجانبين واستخدمت في المواجهات الأسلحة المتوسطة»، لافتًا إلى أن هذه المعارك لن تستغرق ساعات وسيتم تحرير المديرية بالكامل من آخر جيوب الحوثيين المتحصنين في المدينة.
وأرجع العميد الصبيحي، شدة المواجهات العسكرية، إلى وجود تكتيك عسكري ما بين القوات الموالية للرئيس عبد ربه، المتمثلة في خروج وحدات عسكرية من شبوة لمواقع أخرى لملاحقة الحوثيين، وهو ما سبب ضغطًا على الأفراد من المقاومة الشعبية الموجودة في مكيراس، وهذا الضغط سينتهي خاصة مع مشاركة القوات البرية السعودية والإماراتية التي تبلي بلاء حسنًا في عملية التحرير التي تعيشها البلاد.
وقال العميد الصبيحي: «إن قواته تلقت أوامر عليا، أول من أمس، للتحرك مباشرة نحو تعز، وكانت القوة العسكرية في طريقها إلى أن صدرت أوامر أخرى بالبقاء بعد ما تحقق من انتصارات ميدانية للمقاومة الشعبية في تعز، وارتضت البقاء للحفاظ على المكتسبات المدنية في المدن المحررة»، موضحًا أن القيادة العليا يرفع لها كل التطورات الميدانية وهي تقرر بحسب المعطيات ما يمكن عمله وآلية التحرك للوحدات ميدانيًا.
وفي خطوة تصحيحية لعدد من المدن، شرعت القوات العسكرية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي في تثبيت قواعد الأمن للحفاظ على سلامة المدن ونشر الوحدات العسكرية بشكل كامل في الكثير من الأحياء، وهو ما أكده اللواء أحمد سيف قائد المنطقة العسكرية الرابعة في عدن، موضحًا أن نشر العسكريين لبث الأمن لدى المواطنين في كل من «الضالع، ولحج، وعدن، وأبين، وشبوة».
وقال اللواء سيف لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأمور تسير بصورة طيبة وبدأنا في إعادة الأوضاع الأمنية، وفي إطار الإجراءات لإعادة الأمن في هذه المحافظات، وإزالة أنواع الدمار كافة في الطرقات وإعادة الكهرباء والخدمات الأساسية، في المقابل تسير المقاومة الشعبية في محورها لتحرير باقي المدن اليمنية من قبضة الانقلابيين على الشرعية».
وعن الصعوبات التي تواجهها إعادة البناء، قال اللواء سيف: «من أبرز الصعوبات التي نواجهها (الألغام) التي زرعتها ميليشيا الحوثيين وحليفهم صالح بشكل عشوائي، خاصة مع ارتفاع عدد ضحايا الألغام بشكل كبير مقارنة بعدد ضحايا المقاومة الشعبية الذين سقطوا في المعارك»، مستدلاً بعدد «الذين (استشهدوا) أثناء نزع الألغام في شيخ الدويل الذين تجاوز عددهم 17 (شهيدًا)، ونحو 25 جريحًا، فيما لقي 5 أشخاص مصرعهم في العند، و6 جرحى في لوزر، بسبب الألغام»، موضحًا أن الفترة المقدرة لنزع الألغام بشكل كامل في المدن الجنوبية قد تستغرق 4 أشهر لانتشارها بشكل كبير وعشوائي.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.