بن لادن أصدر تحذيرات جدية قبل أسابيع من هجمات 11 سبتمبر

1500 شريط كانت بحيازة «القاعدة» على مقربة من مقر خارجية طالبان

مجموعة من شرائط بن لادن الصوتية عثر عليها في مجمع قريب من مقر خارجية طالبان («الشرق الأوسط»)
مجموعة من شرائط بن لادن الصوتية عثر عليها في مجمع قريب من مقر خارجية طالبان («الشرق الأوسط»)
TT

بن لادن أصدر تحذيرات جدية قبل أسابيع من هجمات 11 سبتمبر

مجموعة من شرائط بن لادن الصوتية عثر عليها في مجمع قريب من مقر خارجية طالبان («الشرق الأوسط»)
مجموعة من شرائط بن لادن الصوتية عثر عليها في مجمع قريب من مقر خارجية طالبان («الشرق الأوسط»)

فر زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن مجبرا من قندهار بعد الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001. وأخلى وأنصاره مجمعاتهم السكنية هناك وسط جلبة، تاركين وراءهم مقتنيات خاصة أصبحت اليوم أدوات تحقيق تكشف أسرار الرجل الذي احتل المرتبة الأولى على قائمة المطلوبين لدى أجهزة الاستخبارات العالمية حتى مقتله عام 2011. وفي أحد المجمعات التي كانت على مقربة من وزارة خارجية طالبان، جرى العثور على 1500 شريط كانت بحيازة «القاعدة» منذ عام 1987. واحتوى أحد الأشرطة على تسجيل بصوت بن لادن ينذر فيه من هجمات 11 سبتمبر التي هزت الولايات المتحدة قبل أسابيع على وقوعها.
من جانبها، كشفت صحيفة «الإندبندنت» عن شريط لكلمة ألقاها زعيم «القاعدة» السابق في حفل زفاف حارسه الشخصي (عمر). قال إنه «ستكون هناك خطة ستغير المنهج الذي تسلكه أميركا في حربها على الإرهاب». وأضاف: «نسأل الله ليمنح إخواننا النجاح ليسمع المجاهدون أخبارا سارة عن قريب». كما ذكرت الصحيفة أن التسجيلات تحتوي على أصوات 200 شخص آخر غير بن لادن واستغرق تحليلها عقدا من الزمان.
وتم اكتشاف الـ1500 شريط بعدما عثرت عليه عائلة أفغانية في المجمع المهجور وباعته أشرطة في قندهار. وعندما سمع مصور شبكة «سي إن إن» الأميركية عن القصة، أقنع صاحب المحل بتسليم الأشرطة لما قد تحتويه من معلومات هامة. وفي عام 2003، سلمت تلك الأشرطة للخبير في شؤون الثقافة والأدب العربي لدى جامعة كاليفورنيا، فلاغ ملير ليدرس محتواها. وفي مقابلة أجراها مع هيئة الإذاعة البريطانية
(بي بي سي) يؤكد ميلر، وهو لا يزال الإنسان الوحيد الذي استمع لجميع الأشرطة، أن بن لادن «سعى لخلق صورة المجند الأسطوري»، مضيفا: «تمثل مجموعة الأشرطة هذه جزءا من استراتيجيته المتقنة في حياكة تلك الأسطورة».
ووفقا لميلر، كان الأمر المثير الذي أزاحت التسجيلات النقاب عنه هو أنه «وفقا لبن لادن، فإن عدو (القاعدة) الرئيسي في أغلب الأحيان هم القادة المسلمون». ويوضح الخبير لـ«بي بي سي» أن زعيم «القاعدة» السابق لم يحول اهتمامه لـ«العدو البعيد» في خطاباته الأولى، بل كان معنيا بانتقاد «ضلال» المسلمين. ثم يفسر ولادة كراهية بن لادن للولايات المتحدة وتوجهه لمحاربة الغرب عندما جرد من جنسيته السعودية تحت ضغط أميركي، بحسب ميلر.
وبعيدا عن هجمات 11 سبتمبر، سافرت بعض التسجيلات بميلر إلى حقبة الثمانينات من القرن الماضي. إذ يروي الخبير مضمون شريط سجل على مائدة للفطور في معسكر تدريب للمقاتلين خلال غزو الاتحاد السوفياتي لأفغانستان ويكشف محتواه «ثرثرات» المجندين وأحاديث عن فنون الطبخ ولذة الحلويات. كما كشف شريط آخر عن إعجاب بن لادن بزعيم حركة استقلال الهند السياسي المهاتما غاندي معتبرا إياه مصدر إلهام في خطاب يعود تاريخ تسجيله إلى سبتمبر 1993. إذ يقول ميلر، «يسرد بن لادن كيف تمكن غاندي من طرد بريطانيا من الهند من خلال حملة مقاطعة البضائع، ويناشد أنصاره بمواجهة الولايات المتحدة من خلال حملة مماثلة».
وجرى العثور على المئات من الأناشيد التي استخدمها بن لادن للتجنيد، إذ يقول ميلر: «تلك الأناشيد كان من شأنها أن تلهب الحماسة في نفوس المجندين، إذ إنها غالبا ما تترك أثرا عميقا في نفوسهم». وفي كتاب الباحث عن هذا الموضوع بعنوان «خطب ومواعظ، وأناشيد إسلامية وأحاديث، الزاهد الجريء»، يوضح ميلر أن الأشرطة تجمع الخطب التي ألقاها بن لادن نفسه، مع مواعظ وتسجيلات محادثات المناصرين له الذين كانوا يحاربون الاتحاد السوفياتي في أفغانستان أواخر الثمانينات، وأنه في المجموع تم تسجيل أكثر من 200 خطبة، بالإضافة إلى أناشيد إسلامية.
توفر الأشرطة نافذة إلى داخل شخصية بن لادن الغامضة كاشفة ميوله الموسيقية، إذ احتوى البعض منها على مجموعة من الأغاني الفرنسية. وتعقيبا على ذلك، يقول ميلر لـ«بي بي سي» إن «مجموعة الأغاني الفرنسية تؤكد تنوع خلفيات المقاتلين في قندهار»، ويستطرد بقوله: «الكثير منهم عاش في الغرب لفترات طويلة ومروا بتجارب عدة قبل الانضمام للقتال». الجدير بالذكر أن بعض الأغاني الفرنسية تعود للمغني الجزائري الفرنسي «إنريكو ماسياس» اليهودي المعروف دوليا بدعمه المادي والمعنوي لإسرائيل.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.