لبنان: القوى الأمنية تلاحق مشتبهًا بهم في قضية «الأسير».. والتحقيقات تركز على كيفية هروبه

أهالي العسكريين الأسرى لدى «داعش» و«النصرة» يتخوفون من انعكاس الأمر سلبًا على أبنائهم

نساء لبنانيات في صيدا يغلقن المرور قرب مسؤول أمني لبناني أمس خلال وقفة احتجاجية على توقيف الشيخ أحمد الأسير قبل مغادرته من مطار بيروت أول من أمس (رويترز)
نساء لبنانيات في صيدا يغلقن المرور قرب مسؤول أمني لبناني أمس خلال وقفة احتجاجية على توقيف الشيخ أحمد الأسير قبل مغادرته من مطار بيروت أول من أمس (رويترز)
TT

لبنان: القوى الأمنية تلاحق مشتبهًا بهم في قضية «الأسير».. والتحقيقات تركز على كيفية هروبه

نساء لبنانيات في صيدا يغلقن المرور قرب مسؤول أمني لبناني أمس خلال وقفة احتجاجية على توقيف الشيخ أحمد الأسير قبل مغادرته من مطار بيروت أول من أمس (رويترز)
نساء لبنانيات في صيدا يغلقن المرور قرب مسؤول أمني لبناني أمس خلال وقفة احتجاجية على توقيف الشيخ أحمد الأسير قبل مغادرته من مطار بيروت أول من أمس (رويترز)

كثفت القوى الأمنية يوم أمس مداهماتها في بعض المناطق اللبنانية حيث يشتبه بوجود أشخاص مرتبطين بقضية الشيخ المتشدد أحمد الأسير بناء على اعترافاته بعد ساعات على توقيفه إثر محاولته السفر إلى الخارج عبر مطار رفيق الحريري الدولي وخضوعه لعمليات تجميل غيّرت ملامحه. وفي حين أشارت معلومات أمنية لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه كانت هناك خطة مدروسة لتوقيف الأسير ومراقبة مسبقة له بناء على معلومات تشير إلى احتمال وجوده في منطقة جدرا أو مخيم عين الحلوة في صيدا، جنوب لبنان، حتى لحظة وصوله إلى المطار، ولا سيما لجهة تركه المرور عبر نقطة الأمن العام وصعوده إلى الطائرة، ومن ثم إنزاله منعا لحدوث أي بلبلة على أرض المطار وفي صفوف المسافرين، قال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إن «الأسير وصل إلى المطار بسيارة أجرة استقلها في طريقه من مخيم عين الحلوة إلى المطار، وكان بمفرده ولم يتم القبض عليه في الطائرة بل عند نقطة الأمن العام، وإن الوثائق المزورة التي استخدمها هي وثائق فلسطينية».
وأوضح إبراهيم في حديث لمحطة «إم تي في» بعض المعلومات المتعلقة بتوقيف الأسير الذي وصف بـ«الصيد الثمين»، نافيا كل ما قيل عن علاقة لأجهزة أمنية خارجية في العملية، ومؤكدا أن «لا علاقة لأي جهة فلسطينية أو سياسية بإلقاء القبض عليه، وأن ذلك نفذ بعد مراقبة حثيثة ومتابعة من قبل الأمن العام»، مشيرا إلى أن «الأسير ذكر عددا من الأسماء المتورطة في عمليات إرهابية».
وفي حين أشارت مصادر قضائية إلى أن ملف الأسير الذي كان يحاكم غيابيا متكامل بانتظار إلقاء القبض عليه، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنّه في انتظار نتائج فحوص الحمض النووي، تتركز التحقيقات الآن على نقطتين أساسيتين هما، تثبيت دوره في ما يعرف بـ«أحداث عبرا» في مدينة صيدا، جنوب لبنان، وكيفية هروبه من المنطقة إثر المواجهات مع الجيش في يونيو (حزيران) 2013، ومكان اختبائه بعد ذلك وتنقله وهوية الأشخاص الذين كانوا يتواصلون معه ويساعدونه في ذلك، وعما إذا كان ينوي تشكيل نواة مجموعة مسلحة.
ويوم أمس، وسعت القوى الأمنية تحركاتها بحثا عن مشتبه بهم في قضية الأسير، وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن قوة من شعبة المعلومات في الأمن العام نفذت مداهمات في منطقة سيروب شرق مدينة صيدا في جنوب لبنان، على خلفية اعترافات الشيخ المتشدد، لافتة إلى أن الأمن العام والأجهزة الأمنية تحركت سريعا لتوقيف عدد من الأشخاص المرتبطين بالأسير قبل هروبهم بعد اعتقاله أول من أمس.
وأفادت الوكالة بأن قوة من شعبة المعلومات في الأمن العام نفذت ظهر أمس مداهمة لمحل لتصليح «الاشبمانات» في المدينة الصناعية في منطقة سينيق عند مدخل صيدا الجنوبي يعود للبناني عبد. ش وهو من مناصري أحمد الأسير. وبحسب شهود عيان، قامت القوة بخلع المحل المذكور الذي كان مقفلا وتفتيشه. وأفاد أحد أصحاب المحال المجاورة بأن صاحبه أقفل محله وتوارى عن الأنظار منذ لحظة شيوع خبر توقيف الأسير. وفيما توالت المواقف السياسية الداعمة لتوقيف الأسير ولجهود القوى الأمنية، سأل البعض عن السبب الذي يحول دون القدرة على توقيف مطلوبين للعدالة معروفي الهوية والإقامة، في الإشارة إلى من هم محسوبون على حزب الله، وهو ما لفت إليه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، قائلا في تغريدة له على موقع «تويتر»: «نُهنئ أنفسنا بالأجهزة الأمنية على اعتقالها أحمد الأسير، فهذا إنجاز أمني كبير».
وأضاف في تغريدة أخرى: «لكن في الوقت عينه نسأل أنفسنا: كيف تمكنت هذه الأجهزة من اعتقال الأسير على الرغم من تنكره الكامل واعتماده جواز سفر آخر وكل الاحتياطات التي اتخذها بينما لم تتمكن هذه الأجهزة بالذات من اعتقال قتلة هاشم السلمان وقتلة صبحي ونديم الفخري بالرغم من أنهم معروفون تمامًا ولم يتنكروا يومًا؟». مع العلم أنّ السلمان، رئيس الهيئة الطلابية في «حزب الانتماء اللبناني» المعارض لحزب الله، كان قد قتل على يد مناصرين للحزب خلال اعتصام أمام السفارة الإيرانية في بيروت احتجاجا على تدخل حزب الله في سوريا في منتصف عام 2013، بينما قتل صبحي ونديم الفخري نتيجة إطلاق النار عليهما من قبل مسلحين من آل جعفر في البقاع قبل أشهر قليلة.
في غضون ذلك، ساد الخوف في صفوف أهالي العسكريين المخطوفين لدى «داعش» و«النصرة» من أن ينعكس توقيف الأسير سلبا على مصير أبنائهم، وهو ما أشار إليه كل من حسين والد العسكري المخطوف لدى «داعش» محمد يوسف، ونظام مغيط، شقيق أحد العسكريين الأسرى، بالقول إن «هناك خوفا على مصير العسكريين بعد إلقاء القبض على الشيخ أحمد الأسير، خاصة بعدما بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تداول كلام وأخبار متعلقة بهذا الأمر».. وانتقد يوسف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» وسائل الإعلام التي نشرت خبر توقيف الأسير، مضيفا: «لا نستبعد أن ينعكس خبر كهذا سلبا على أبنائنا لكن يمكننا تأكيد أنه لغاية الآن لم يصلنا أي تهديد مباشر في هذا الإطار». وأكد أن أهالي العسكريين الأسرى لدى «داعش» سيبقون في عرسال في البقاع، على الحدود الشرقية، حيث وصلوا قبل يومين في محاولة منهم للحصول على أي معلومات عن أبنائهم المخطوفين.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.