ماريا زاخاروفا أول امرأة متحدثة رسمية للخارجية الروسية

غير قابلة للمقارنة مع بساكي التي لا تخوض في التفاصيل

ماريا زاخاروفا أول امرأة متحدثة رسمية للخارجية الروسية
TT

ماريا زاخاروفا أول امرأة متحدثة رسمية للخارجية الروسية

ماريا زاخاروفا أول امرأة متحدثة رسمية للخارجية الروسية

أثار إعلان وزارة الخارجية الروسية عن تعيين ماريا زاخاروفا ناطقا رسميا ومديرا لإدارة الصحافة والإعلام التابعة للوزارة خلفا لالكسندر لوكاشيفيتش المدير السابق الذي تقرر نقله ممثلا لروسيا في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي الكثير من التعليقات بوصفها أول امرأة تتقلد هذا المنصب في تاريخ الدبلوماسية السوفياتية والروسية، فضلا عما تردد بشأن مقارنتها مع نظيرتها السابقة جين بساكي في وزارة الخارجية الأميركية.
وكانت ماريا زاخاروفا التحقت بالعمل في وزارة الخارجية الروسية في عام 1998 بعد تخرجها في قسم الصحافة الدولية بمعهد العلاقات الدولية، وبعد دراسة متعمقة للغتين الإنجليزية والصينية، عززتها لاحقا بالحصول على درجة الدكتوراه في التاريخ، وهي المولودة لأبوين دبلوماسيين عاشت معهما طويلا خلال خدمتهما هناك في البعثة الدبلوماسية السوفياتية ثم الروسية في الصين. وتدرجت زاخاروفا في سلك الدبلوماسية الروسية من خلال عملها في وزارة الخارجية الروسية، وحتى تاريخ انتقالها إلى نيويورك كناطقة رسمية باسم ممثلية بلادها بالأمم المتحدة خلال الفترة ما بين 2005 و2008 تحت رئاسة أحد ألمع وأبرز ممثلي الدبلوماسية الروسية فيتالي تشوركين الممثل الدائم لروسيا في الأمم المتحدة، الذي سبق وشغل منصب الناطق الرسمي باسم الخارجية السوفياتية ثم الروسية في مطلع تسعينات القرن الماضي، بينما شغلت أيضا منصب رئيسة تحرير «النشرة الدبلوماسية الشهرية»، وقامت بأعمال رئيس قسم «رصد وسائل الإعلام»، حتى تاريخ تعيينها في منصب نائب مدير إدارة الصحافة والإعلام في عام 2011. وتعتبر زاخاروفا الثانية في سلسلة الاستعانة بالعنصر النسائي في مثل هذه المجالات بعد ناتاليا تيماكوفا المتحدثة الرسمية باسم الحكومة الروسية والتي سبق وشغلت منصب الناطق الرسمي باسم الكرملين إبان سنوات رئاسة ديمتري ميدفيديف 2008 - 2012 لتعود معه ناطقا رسميا باسم الحكومة في عام 2012.
ومن اللافت أن زاخاروفا سجلت حضورا ملموسا في مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف البرامج الحوارية التلفزيونية من خلال تعليقاتها اللاذعة والحادة والمثيرة، في مواجهة محاوريها ولا سيما إبان اشتعال الأزمة الأوكرانية، استنادا إلى معارف موسوعية ولغة متدفقة. وإذا كان هناك من يحاول اليوم مقارنتها مع جين بساكي نظيرتها السابقة في وزارة الخارجية الأميركية، فإن ما تملكه زاخاروفا من قدرات ومواهب يجعلها غير قابلة للمقارنة أو المنافسة مع بساكي التي طالما تلعثمت لدى الرد على أسئلة الصحافيين، ولا سيما فيما يتعلق بموضوع الأزمة الأوكرانية، والتي يذكر لها الكثيرون إجابتها التقليدية لتفسير عدم إلمامها بالموضوع «أنا لا اذكر التفاصيل» حتى راجت كنيتها في الأوساط الصحافية الروسية بأنها «المرأة التي لا تذكر التفاصيل».
وإذا كنا أشرنا إلى أن ماريا البالغة من العمر 39 عاما ابنة لأبوين دبلوماسيين عملا في سفارة روسيا لدى الصين، فإن ذلك لا يمكن أن يعني أنها التحقت بوزارة الخارجية عبر «الواسطة» أو «بالوراثة» كما يقال. وكان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية تطرق إلى موضوع قبول العاملين في وزارة الخارجية الروسية في فبراير (شباط) الماضي خلال لقاء له مع العاملين في الأكاديمية الدبلوماسية الروسية، حين أشار إلى أنه لا يسمح بمثل هذه العلاقات في مثل هذه المؤسسات. وقال لافروف إن الأساس يقتضي معرفة الدبلوماسي المرشح للالتحاق بالخارجية الروسية بلغتين أجنبيتين على أقل تقدير، فضلا عن إلمام شامل بالأوضاع الدولية والواقع الراهن إلى جانب تاريخ العلاقات الدولية، إلى جانب ما يتحلى به من سمات شخصية ومنها سرعة البديهة وفصاحة اللسان. ولعل ذلك ما يؤهل اليوم ماريا زاخاروفا لتقلد مثل هذا المنصب الرفيع.
لكن ماذا تقول ماريا عن تقلدها لهذا المنصب الرفيع؟
قالت ماريا زاخاروفا في أول خروج لها على الهواء مباشرة على شاشة قناة «دوجد» المعارضة بعد الإعلان عن تعيينها رسميا كناطق رسمي باسم الخارجية الروسية: «إنني لم أكن لأستطيع أن أنطق تعبيرا لست على يقين من مفرداته وأبعاده». ولعل ماريا زاخاروفا تستعيد اليوم كل ما خبرته خلال سنوات عملها في الأمم المتحدة إلى جانب فيتالي تشوركين الدبلوماسي المتمرس، الذي طالما كان سندا وعونا لـ«الشرق الأوسط» منذ تعرفنا عليه في نهاية ثمانينات القرن الماضي كأحد مساعدي ومترجمي وزير الخارجية السوفياتية الأسبق إدوارد شيفارنادزه وحتى شغل منصب الناطق الرسمي باسم الخارجية السوفياتية ثم الروسية بعد انهيار الاتحاد السابق في مطلع تسعينات القرن الماضي. وبهذه المناسبة اعترفت ماريا زاخاروفا أيضا بأنها اكتسبت الكثير من عملها في إدارة الصحافة والإعلام تحت رئاسة ألكسندر لوكاشيفيتش الناطق الرسمي السابق لوزارة الخارجية الروسية، والذي انتقل للعمل بموجب مرسوم أصدره الرئيس فلاديمير بوتين ممثلا لبلاده في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي التي سبق وعمل بها في مطلع القرن الحالي.
وكانت ماريا مسؤولة في إطار عملها نائبة للوكاشيفيتش عن تنظيم المؤتمرات والإيجازات (البريفنج) الصحافية لوزير الخارجية سيرغي لافروف، وكذلك اللقاءات الأسبوعية للمتحدث الرسمي باسم الوزارة، مما أسهم في إضافة الكثير من الخبرات والمعارف الشخصية وهو ما يمكن اعتباره اليوم من أهم الركائز التي يمكن أن يستند إليها كل من يتصدى للتعامل مع الصحافة وممثلي وسائل الإعلام سواء المحلية أو الأجنبية. ولعل ما اتخذته ماريا من خطوات في الأيام الأولى لتوليها هذا المنصب الرفيع، ومنها الظهور على الهواء مباشرة على شاشة قناة «دوجد» (المطر) المعروفة بمواقفها المناوئة للسلطات الرسمية وسياساتها، تقول بجرأة تُحسد عليها، وإن كانت تعكس في الوقت نفسه ثقة هائلة بالنفس، وقدرة على مواجهة المفاجآت. وكانت اعترفت صراحة في حديثها إلى مشاهدي هذه القناة بالكثير من جوانب عملها كناطقة رسمية باسم الخارجية الروسية.
قالت ماريا إن نشاط إدارة الصحافة والإعلام أوسع كثيرا من كل النشاطات المماثلة في المؤسسات المختلفة. فإلى جانب الاتصال مع الصحافة ووسائل الإعلام وممثلي الأوساط الاجتماعية، تقوم الإدارة بتنفيذ بعض المهام المهنية المتخصصة، مثل التعليق على القضايا الدولية والإعلامية، ومنها ما يتعلق بنشاط وعمل مختلف المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن والتعاون الأوروبي، ومناقشة وصياغة الوثائق الدولية القانونية التي تنظم عمل الصحافيين وتحافظ على حقوقهم ووضعيتهم خلال عملهم في المناطق الساخنة، إلى جانب الدفاع عن حرية الصحافة في مختلف البلدان.. إلخ.. وأشارت أيضا إلى ما تقوم به إدارة الصحافة والإعلام في إطار اعتماد وخدمة ما يزيد على 1000 من ممثلي الصحافة الأجنبية وعمل المكاتب الصحافية والإعلامية من حيث توفير السبل اللازمة للاضطلاع بمهامهم المهنية في إطار أراضي روسيا الاتحادية.
وأضافت كذلك ما تقوم به إدارة الصحافة والإعلام من نشاط ومساهمات في ذات الإطار خلال إقامة الدورات الأوليمبية والبطولات الرياضية العالمية داخل روسيا الاتحادية. على أن نشاط إدارة الصحافة والإعلام لا يمكن أن يقتصر على المهام الخدمية واللوجيستية فقط، إذ إن المهمة الرئيسية تظل شأنها في السابق وفي كل الأزمنة في إطار إيجاز وجهة النظر الرسمية للدولة ومؤسساتها تجاه كل القضايا الداخلية والخارجية. وفي ذلك تحديدا تبرز قدرات ومواهب المتحدث الرسمي باسم الدولة أو وزاراتها ومؤسساتها وفي صدارتها «الخارجية الروسية». ويكفي أن نشير إلى أن هذا المنصب ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991 تعاقب عليه تسعة من أبرز الدبلوماسيين ممن ترقى بعضهم إلى منصب نائب وزير الخارجية، شرفنا بالعمل معهم جميعا، ولم يكن بينهم امرأة واحدة، وهو ما يفسر الكثير من الجدل والتعليقات التي انطلقت تعليقا على هذا القرار الفريد النمط، رغم أن أحدا لم يتطرق إلى هذا المسألة يوم اختار الرئيس ديمتري ميدفيديف لدى توليه رئاسة الدولة في عام 2008 ناتاليا تيماكوفا ناطقة رسمية باسم الكرملين. وبهذه المناسبة نشير إلى أن تيماكوفا ولدت في كازاخستان في أبريل (نيسان) 1975.
ورغم صغر سنها نسبيا فقد حققت خلال سنوات معدودات ما لم يحققه غيرها على مدى عقود طويلة حيث استطاعت أن تقفز إلى قطار الصحافة الرسمية الكبرى، ولم تكن قد أنهت بعد دراستها في كلية الفلسفة جامعة موسكو.
بدأت مسيرتها في صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» التي انتقلت منها إلى «كوميرسانت» ومنها إلى وكالة أنباء «إنترفاكس» قبل اختيارها للعمل بالجهاز الصحافي للحكومة الروسية في عام 1999 بعد أن عهد الرئيس الأسبق يلتسين رئاسة الحكومة إلى فلاديمير بوتين. وهناك سرعان ما تدرجت من نائبة رئيس إدارة لم الصحافة إلى رئيسة الجهاز الصحافي، حتى وقع اختيار الرئيس ميدفيديف عليها في عام 2008 لتعيينها متحدثة رسمية باسم الكرملين ولم تكن قد تجاوزت 33 عاما بأكثر من شهرين، فيما عاد واصطحبها معه، ناطقا رسميا باسم الحكومة الروسية بعد تعيينه رئيسا لها في عام 2012.



ألمانيا: اعتماد الإعلام «اللغة البسيطة» يكشف عن مدى عُمق الحساسيات السياسية... والعنصرية

نجم الكرة الألماني التركي الأصل إيلكاي غوندوان (غيتي)
نجم الكرة الألماني التركي الأصل إيلكاي غوندوان (غيتي)
TT

ألمانيا: اعتماد الإعلام «اللغة البسيطة» يكشف عن مدى عُمق الحساسيات السياسية... والعنصرية

نجم الكرة الألماني التركي الأصل إيلكاي غوندوان (غيتي)
نجم الكرة الألماني التركي الأصل إيلكاي غوندوان (غيتي)

«في بريطانيا يمكن لملايين السكان انتخاب برلمان. رئيس الحكومة هو ريتشي سوناك. حزب سوناك هو حزب المحافظين، بالإنجليزية (توريز). الكثير من السكان يقولون إنهم يجدون حكومة المحافظين غير جيدة. يريدون حزباً آخر، هو حزب العمال، بالإنجليزية (لايبور)...».

هكذا بدأت نشرة الأخبار الرئيسية بـ«اللغة البسيطة» على «القناة الألمانية الأولى» قبل بضعة أيام.

جُمل قصيرة باللغة الألمانية وتعابير غاية في السهولة وتفسير وخلفية مفصّلة وبسيطة لكل خبر. وحتى مذيعة النشرة تقرأ الأخبار بشكل أبطأ من العادة.

النشرة التي بدأتها «القناة» منتصف شهر يونيو (حزيران) الماضي، تستغرق 7 دقائق وتعرض لأهم 3 أو 4 أخبار تتناولها النشرة الرئيسية باللغة الألمانية العادية. وتُبث النشرة بـ«اللغة البسيطة» على موقع «القناة» قبيل النشرة الأساسية... وهدفها الوصول إلى «قرابة 17 مليون شخص بالغ في ألمانيا يجدون صعوبة في فهم النصوص المعقّدة»، وفق ما أوضحته «القناة» في تفسيرها إطلاق النشرة التي تثير اليوم الكثير من الجدل.

أصحاب الحاجات

شعار "القناة الالمانية الأولى"

والظروف الخاصة

«القناة الألمانية الأولى» تستند إلى دراسة أُجريت عام 2018، وأظهرت أن في ألمانيا نحو 17 مليون شخص بين سن الـ18 وسن الـ64 يقرأون ويكتبون بمستوى أطفال في الصف الرابع وأسوأ... أي طفل في سن الـ10 سنوات. وتذكر الدراسة أيضاً أن هؤلاء الأشخاص إما ما زالوا يتعلمون اللغة الألمانية، لم يحصلوا على تعليم كافٍ، أو يعانون مشاكل في السمع والقراءة، أو صعوبات في التعلم، أو يعانون أمراضاً ناجمة مثلاً عن جلطات. ومن ثم، تقول القناة إن نشرتها الجديدة موجّهة «إلى كل هؤلاء الأشخاص، ولكن أيضاً إلى مَن يريد أن يحصل على معلومات سريعة وسهلة بعد يوم عمل شاق».

ماركوس بورنهايم، رئيس تحرير «القناة»، أفاد بأنها تريد بهذه النشرة «أن تستهدف شريحة جديدة من المشاهدين الذين نريد أن نقدّم لهم معلومات سياسية أو رياضية أو ثقافية ودولاً أخرى». ومع ذلك، تحرص «القناة» على أن تقدم مضموناً شبيهاً بمضمون النشرة الرئيسية، ولكن بقالب مختلف. وأوضح برونهايم أن «التقارير والأخبار تعاد صياغتها بشكل كامل، والنصوص تفترض معرفة قليلة ويصار إلى قراءتها بوتيرة أبطأ». أما مديرة المشروع، سونيا فيلو، فشرحت أن الكتابة بـ«اللغة الألمانية البسيطة» غالباً تأخذ في الاعتبار «التحدّيات الثقافية والتعليمية التي يكابدها الأشخاص المستهدفون، وكثيرون من هؤلاء ما عادوا يعيرون انتباهاً للأخبار لأنهم عاجزون عن فهمها؛ ولذا فإننا بتنا نفسّر خلفية الخبر قبل أن نبدأ به».

النائب المتطرف ماكسيميليان كراه (رويترز)

الشقّ العنصري المتطرف

من جهة ثانية، على الرغم من أن النشرة الجديدة لاقت ترحيباً من الداعين إلى المزيد من الاندماج، فإن التعليقات الهازئة باللغة التي تعتمدها النشرة أغرقت وسائل التواصل الاجتماعي. وكتب أحدهم على منصة «إكس» إن النشرة «أشبه بتلفزيون الأطفال»، بينما كتب آخر: «عندما تسمع النشرة تصبح أكثر غباءً». إلا أن رد الفعل الأسوأ جاء من حزب «البديل لألمانيا» (يمين متطرف) ونائبه (المعلّق العضوية) في البرلمان الأوروبي ماكسيميليان كراه الذي أثار أخيراً جدلاً كبيراً دفع بحزبه إلى التخلي عنه والطلب منه ألا يتسلّم المقعد الذي كسبه في الانتخابات الأوروبية الشهر الماضي.

كراه، الناشط جداً على منصة «تيك توك» نشر فيديو يهزأ فيه من النشرة، ويصفها بأنها «نشرة للأغبياء»، ويصف القناة بأنها «تريد تلقين المشاهدين رسائل» معينة. أما الجدل الذي أثاره هذا السياسي اليميني المتطرّف – قبيل الانتخابات الأوروبية – فكان رفضه وصف رجال قوات الأمن النازية الخاصة المعروفة بالـ«إس إس» بأنهم مجرمون. وما يُذكر أن قوات الـ«إس إس» كانت مسؤولة عن تأسيس وإدارة معسكرات الموت النازية التي قُتل فيها الملايين، وقد حوكم عدد كبير من قادتها في محاكمات نورنبرغ الشهيرة بعد نهاية الحرب وهزيمة النازيين.

وحقاً، صدرت انتقادات مشابهة من إعلام يميني شعبوي مقرّب من «البديل لألمانيا»، فكتبت إليزا ديفيد في موقع «أبولو» مقالاً وصفت فيه النشرة بأنها تهدف «إلى توسيع شريحة الأشخاص الذين يسهل التلاعب بهم بسبب عوائق اللغة التي لديهم»، وعنونت مقالها «الأخبار اليومية بلغة بسيطة - عندما يعتبر الأغبياء (الأشخاص الأغبياء) أغبياء».

في المقابل، علّق عدد من المنظمات المعنية بالتنوّع والاندماج على التعليقات السلبية، خاصةً تعليقات كراه. وأصدرت بياناً مشتركاً قالت فيه إن «اللغة البسيطة تجعل من المشاركة أسهل بالنسبة للكثير من الأشخاص في بلدنا... والاستهزاء بجميع مَن يعتمد على اللغة البسيطة يُظهر مرة أخرى أن غاية حزب البديل لألمانيا منع قيام مجتمع مندمج ومتنوّع؛ ولذا يعمل على الإقصاء».

أزمة سياسية أصلاً

الواقع، أنه غالباً ما يُعرِب ساسة من حزب «البديل لألمانيا» عن امتعاضهم من «التنوع» في المجتمع الألماني. والنائب المتطرف كراه، نفسه، كان قد علّق بصورة سلبية على المنتخب الألماني لكرة القدم بسبب ضمه لاعبين أفارقة وأتراكاً، واعتبر أن المنتخب «لا يمثل ألمانيا»، وقال إنه غير عابئ بدعمه في مباريات كأس الأمم الأوروبية «يورو 2024».

وحول هذه النقطة تزايد النقاش في ألمانيا أخيراً حول التنوع والاندماج، ولقد تزايد أخيراً مع كون المنتخب الألماني مادة لاستطلاع أجرته «القناة الألمانية الأولى» وسألت فيه قبل بدء البطولة عمّا إذا كان الألمان «يفضّلون أن يروا عدداً أكبر من اللاعبين البيض داخل المنتخب الوطني». وكان الجواب بالإيجاب من 20 في المائة من المستطلعين، وهو أمر أثار غضب مدّرب المنتخب، فقال: «لا يُصدق أن القناة الألمانية الأولى ممكن أن تطرح سؤالاً كهذا».

وفي هذه الظروف حاول الساسة الألمان توجيه رسالة ضمنية بضرورة تقبّل واندماج التنوّع عبر التعبير عن تأييد المنتخب. وحرص المستشار أولاف شولتس على حضور جميع مباريات المنتخب، إلى جانب وزراء آخرين في حكومته، بينهم وزيرة الخارجية أنالينا بيروبوك ووزير الصحة كارل لاوترباخ. إلا أن الجدل حول الهجرة والمهاجرين تصاعد بوتيرة ثابتة خلال السنوات الماضية، وهو جدل يستفيد منه «البديل لألمانيا» الذي حقق مكاسب كبيرة في الانتخابات الأوروبية وحلّ ثانياً بعد الحزب المسيحي الديمقراطي (يمين معتدل)، وهو يتجه لتحقيق مكاسب أكبر في الانتخابات المحلية في الولايات الشرقية للبلاد في نهاية سبتمبر (أيلول) ومطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبلين.