أزمة سيولة وتعطيل التجارة... الصراع يسدد ضربة جديدة لاقتصاد السودان

رجل يحمل غالوناً من البنزين في الخرطوم (أ.ف.ب)
رجل يحمل غالوناً من البنزين في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

أزمة سيولة وتعطيل التجارة... الصراع يسدد ضربة جديدة لاقتصاد السودان

رجل يحمل غالوناً من البنزين في الخرطوم (أ.ف.ب)
رجل يحمل غالوناً من البنزين في الخرطوم (أ.ف.ب)

وجه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة إلى المركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم، كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة.
وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى وبنوك ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية.
حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل (نيسان)، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير، واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019. وفرّ عشرات الآلاف حتى الآن من العنف في الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان المجاورتين، بينما يحتمي ملايين آخرون في منازلهم مع توالي القصف والضربات الجوية على الأحياء السكنية. وتباطأت حركة نقل البضائع والأشخاص، إذ تجوب قوات، وأحياناً عصابات، الشوارع. ولم يعد بالإمكان الاعتماد على شبكات الاتصالات، ويقول البعض إنهم بدأوا في تحديد حصص الطعام والمياه.
وقال إسماعيل الحسن، الموظف بإحدى الشركات في الخرطوم: «نحن خائفون ونعاني من ارتفاع الأسعار ونقص السلع ونقص الرواتب. هذه حرب على المواطنين». ويعد السودان بالفعل مُصدّراً مهماً للصمغ العربي والسمسم والفول السوداني والماشية ولديه الإمكانات لأن يكون مصدراً رئيسياً للمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية ومركزاً للخدمات اللوجيستية.
لكن الاقتصاد تعثر بسبب عقوبات وعزلة دولية فُرضت على مدى عقود فضلاً عن الفساد المستشري. ويعاني معظم السودانيين من التضخم المرتفع والانخفاض الحاد في قيمة العملة وتدهور مستويات المعيشة منذ سنوات طويلة. ويعتمد نحو ثلث سكان السودان البالغ عددهم الإجمالي 46 مليون نسمة على المساعدات الإنسانية.

لا يوجد سائقون
أعاق الصراع التدفقات التجارية من وإلى الدولة الواقعة في شرق أفريقيا بسبب مركزية الإجراءات المصرفية والجمركية في الخرطوم. وبينما يستمر الميناء الرئيسي للبلاد على البحر الأحمر في العمل، أعلنت شركة شحن كبيرة واحدة على الأقل، وهي شركة «ميرسك»، أنها أوقفت تلقي حجوزات إلى هناك حتى إشعار آخر.
وقال تاجر مقره الخرطوم إن وصول واردات القمح، الضرورية للأمن الغذائي في السودان، أصبح أكثر صعوبة. وقال علاء عز، الأمين العام للاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، إن واردات السودان من السلع المعمرة مثل الثلاجات عبر الحدود البرية مع مصر تباطأت أيضاً. وفرّ إلى مصر عشرات الآلاف من السودانيين.
وذكر ميشيل سيدهم، مدير سلسلة التوريد في شركة للتجارة تعمل في مصر والسودان، أن أعمال الشركة في السودان «توقفت تماماً» مع توقف تصدير الأسمدة والدقيق (الطحين) من مصر بكميات كانت تبلغ عادةً نحو عشرة آلاف طن شهرياً لكل منهما. وقالت مصر، ثاني أكبر مستورد للماشية السودانية، إنها تتطلع إلى تنويع مصادرها منها نتيجة الاضطرابات.
ويقول سيدهم إن التجار المتعاملين مع شركته في السودان غادروا الخرطوم، ولا يوجد سائقون على استعداد للمخاطرة بنقل بضائعهم إلى العاصمة. وأضاف: «قالوا إحنا قفلنا وسيبنا الخرطوم لحين إشعار آخر، لأن اللي قاعد في الخرطوم قاعد في ساحة قتال».

شح وارتفاع في الأسعار
روى سكان في الخرطوم عن نقص في بعض المواد الغذائية الاستهلاكية مثل الطحين والخضراوات إضافةً إلى ارتفاع الأسعار. واصطفت طوابير طويلة أمام المخابز والمتاجر في العاصمة.
ووفقاً لمراسل لـ«رويترز»، قفز سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الضأن نحو 30 في المائة إلى 4500 جنيه سوداني (7.52 دولار)، كما تضاعف سعر كيلوغرام الطماطم (البندورة) إلى ألف جنيه سوداني (1.67 دولار).
ويرى صاحب سوبر ماركت في أم درمان أن سبب التضخم هو ارتفاع أسعار الوقود في السوق السوداء. وقد يصل سعر الجالون من الوقود الذي شح إلى 40 ألف جنيه سوداني (67 دولاراً) حالياً ارتفاعاً من ألفي جنيه سوداني (3.34 دولار).
وقال جزار في أم درمان إن الطلب منخفض حتى في الأماكن التي خفّ فيها القتال لأن السكان غادروها. وانخفضت قيمة الجنيه السوداني بنحو 600 في المائة مقابل الدولار منذ 2018 مما دفع كثيرين إلى ادخار أموالهم بالدولار.
ويواجه التجار في الخرطوم أزمة سيولة نقدية، ويعتمد الناس بشكل متزايد على تطبيق «بنكك»، الذي يعتمد على فتح محفظة إلكترونية لدفع الفواتير، لكن هذه الخدمة غالباً ما تشهد انقطاعات.
وشهدت السوق السوداء تقلبات غير معتادة مع سعى أقارب مغتربين لبيع الدولار عبر تحويلات من خلال تطبيق «بنكك» لذويهم في السودان، بينما يسعى المقيمون داخل البلاد للحصول على دولارات كادّخار آمن.
ويعرض تجار العملة بيع الدولار بأسعار تصل إلى 700 جنيه سوداني (1.17 دولار) بينما يشترونه بسعر يقل عن 300 جنيه سوداني (0.5014 دولار) مع تفاوت الأسعار بشكل كبير في ظل زيادة صعوبة النقل والاتصالات.
وقال بنك السودان المركزي، يوم الأحد، إن بنوكاً خارج العاصمة تُجري معاملات سحب وإيداع. أما داخل العاصمة الخرطوم، فقد تبادل الجيش و«قوات الدعم السريع» الاتهامات بنهب البنوك. وقال رئيس أحد البنوك في العاصمة إنه يحاول نقل مقر البنك مؤقتاً إلى خارج الخرطوم.
وقال مسؤول تنفيذي آخر إن الإصلاحات الاقتصادية والانقلابات والاحتجاجات على مدى سنوات «هي التحدي الأكبر الذي يواجه النظام المصرفي ويهدد بإغلاق شبه كامل». وشوهدت حشود في مدينة عطبرة بشمال شرقي الخرطوم تقف أمام البنوك التي فرض بعضها حداً أقصى للسحب. وتحدث الحسن من الخرطوم قائلاً: «السيولة النقدية التي معي نفدت، ولم أتقاضَ راتبي، والتطبيقات المصرفية لا تعمل».



ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.