خالد يوسف لـ«الشرق الأوسط»: انهيار الدولة السودانية وارد إذا استمرت الحرب

المتحدث باسم «العملية السياسية» أكد أن المبادرة الأميركية ـ السعودية فرصة حقيقية لإنهائها

خالد يوسف (أ.ف.ب)
خالد يوسف (أ.ف.ب)
TT

خالد يوسف لـ«الشرق الأوسط»: انهيار الدولة السودانية وارد إذا استمرت الحرب

خالد يوسف (أ.ف.ب)
خالد يوسف (أ.ف.ب)

وصف معارض بارز ووزير سابق وقيادي في «تحالف التغيير» السوداني، الحرب الجارية في البلاد بأنها «حرب لا منتصر فيها»، وأن الخاسر فيها هو الوطن، وحذر من «انهيار الدولة حال استمرارها»، وشدد على أهمية إيقافها «على الفور».
وقال المتحدث باسم العملية السياسية، خالد عمر يوسف، في مقابلة عبر الإنترنت لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، إن اتهام تحالفه والقوى المدنية الموقعة على «الاتفاق الإطاري» بإذكاء نار الحرب «أكذوبة تروج لها عناصر نظام المؤتمر الوطني لتغطية دورهم في إشعال الحرب والعمل على استمرارها».
وأوضح يوسف، الذي كان يشغل منصب وزير شؤون الرئاسة في حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك السابقة، أن تحالف «الحرية والتغيير انتبه مبكراً لمحاولات عناصر النظام البائد للإيقاع بين القوات المسلحة والدعم السريع، وتقدم بالحل السياسي التفاوضي لتجنب أي صراع مسلح»، مضيفاً أن «التحالف توصل لاتفاق سياسي مع قيادة القوات المسلحة والدعم السريع والقوى المدنية، يقضي بإصلاح القطاع الأمني والعسكري، وظل يسعى إلى ذلك حتى قبل يوم من اندلاع القتال».
وكشف يوسف عن «استمرار التواصل بين القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري وقيادة كل من القوات المسلحة والدعم السريع، لحضهما على وقف الحرب وحل القضايا المتفق عليها سلمياً»، وتعهد بمواصلة الاتصالات والنقاشات معهم «من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب ومعالجة آثارها، بما يحول دون العودة إليها مجدداً».
وقال يوسف: «إن المبادرة الأميركية - السعودية قطعت خطوات مهمة في التوصل لتمديد الهدنة الإنسانية السارية الآن، والترتيب للقاء مباشر للوصول لوقف دائم لإطلاق النار، تمهيداً لحل سياسي شامل»، وإن تحالف «الحرية والتغيير» يدعم هذه المبادرة بقوة باعتبارها فرصة حقيقية لإنهاء الحرب.
وتابع: «الحقيقة هي أن قوى الحرية والتغيير تنبهت مبكراً لمحاولات عناصر النظام البائد للإيقاع بين القوات المسلحة والدعم السريع، وطرحت طريق الحل السياسي التفاوضي لتجنب أي صراع مسلح، وتوصلت مع قيادة القوات المسلحة والدعم السريع والقوى المدنية لاتفاق سياسي في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وجرى توقيع ورقة حول مبادئ وأسس إصلاح القطاع الأمني والعسكري في 15 مارس (آذار) الماضي».

آثار الدمار تبدو على أحد بيوت الخرطوم صباح الأربعاء (أ.ب)

وأوضح يوسف أن تحالفه ظل يسعى حتى اليوم الأخير، وقبيل اندلاع القتال بين الجيش و«الدعم السريع»، للحيلولة دون الحرب. وقال: «وقفنا ضد الحرب منذ يومها الأول وحتى الآن، وظللنا، ولا نزال، نتواصل بشكل متوازن ومتصل، مع قيادتي القوات المسلحة والدعم السريع، لوقف القتال واختيار الحلول السياسية السلمية طريقاً أوحد لمعالجة الخلافات».
وانتقد «خلافات المدنيين وانقساماتهم»، وحملهم «مسؤولية توفير مناخ الحرب»، بقوله إن خلافاتهم «وفرت مناخاً ملائماً لعناصر النظام البائد للعودة إلى المشهد مرة أخرى، وأضعفت الانتقال، وقدرة المدنيين على العمل الجماعي المحكم الذي يجنب البلاد السيناريوهات الأسوأ التي كانت تلوح في الأفق».
وكان الائتلاف في «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير»، الذي قاد الثورة الشعبية التي أسقطت نظام الرئيس المعزول عمر البشير، انقسم بعيد توقيع «الاتفاق الإطاري»، وخرجت منه أحزاب يسارية، على رأسها «الحزب الشيوعي»، ولاحقاً خرجت الحركات الموقعة على اتفاق سلام السودان في جوبا، ودعمت انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ثم كونت تحالفاً جديداً باسم «الحرية والتغيير - الكتلة الديمقراطية»، كما خرج منه «حزب البعث العربي الاشتراكي» عشية توقيع الاتفاق الإطاري.
وبشأن دور القوى الموقعة على «الاتفاق الإطاري» ودور «ائتلاف التغيير» أثناء الحرب، أوضح يوسف أنهم يعملون على 3 مسارات؛ أولها «بناء أوسع جبهة مدنية مناهضة للحرب». وقال: «بالفعل، نجحنا في المشاركة في تأسيس الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية، وهي الجسم التنسيقي الأكبر في السودان حالياً، ويضم القوى السياسية الرئيسية ولجان المقاومة، والمجتمع المدني الديمقراطي، والمجموعات المهنية والنقابية، وشخصيات وطنية ذات ثقل وتأثير».
وأضاف يوسف أن «المسار الثاني الذي يعمل عليه الائتلاف، يتمثل في التواصل مع قيادتي القوات المسلحة والدعم السريع؛ لحضهما على وقف القتال وتطوير خارطة طريق لوقف دائم لإطلاق النار، ومعالجة القضايا العالقة سلماً لا حرباً»، فيما يتمثل المسار الثالث في «التواصل الإقليمي والدولي من أجل حشد موقف عالمي مناهض للحرب، وتنسيق الجهود الدولية بشكل أفضل، من أجل المساعدة على إيقاف الحرب وانتظام العون الإنساني للمتأثرين بالنزاع، والتنسيق المحكم لإيجاد حل سياسي للكارثة التي يمر بها السودان».
وبمواجهة ما تشيعه الجماعات المؤيدة لاستمرار الحرب من الإسلاميين وأنصار «حزب المؤتمر الوطني» (حزب البشير)، والمجموعات التي تدعو لتحميل الائتلاف المسؤولية عن اندلاع الحرب، ولقطع الصلة مع قوى التغيير، كشف يوسف عن تواصل مستمر مع قيادات الطرفين المتقاتلين، وقال: «نعم، نتواصل مع قيادة القوات المسلحة والدعم السريع بشكل مستمر، ونحض الطرفين على وقف الحرب وحل القضايا المتفق عليها سلماً»، متعهداً بمواصلة الاتصالات والنقاشات من أجل «التنسيق لمعالجة الأوضاع الإنسانية الملحة الناتجة عن الحرب، ومن أجل التوصل لوقف دائم لإطلاق النار، وصولاً لحل سياسي سلمي شامل ينهي الحرب ويعالج آثارها ويمنع العودة إليها مجدداً».
وقال يوسف: «إن المبادرة السعودية - الأميركية قطعت خطوات مهمة في التوصل لتمديد الهدنة الإنسانية السارية الآن، والترتيب للقاء مباشر للوصول لوقف دائم لإطلاق النار، تمهيداً للوصول لحل سياسي شامل»، معلناً دعم ائتلافه لها بقوله: «هذه المبادرة تجد منا كامل التعاون والسند، وهي تمثل فرصة حقيقية لإنهاء الحرب، ونحن نتواصل بصورة مستمرة مع المبادرة والأسرة الدولية التي تنسق معها، ونعمل على تكامل الجهود من أجل أن تحقق وقفاً عاجلاً ودائماً لإطلاق النار، ومعالجة للوضع الإنساني وحل سياسي مستدام».
وأبدى يوسف استعداد ائتلافه «لتشجيع دور دولي إيجابي يعمل على تيسير الحوار بين الأطراف السودانية، ومساعدتها على حل القضايا بالحوار لا بالبنادق»، داعياً إلى ما أسماه «عملاً دولياً واسعاً لتوفير الاحتياجات الإنسانية الملحة للمتأثرين بالحرب». وتابع: «نتطلع لتنسيق محكم بين كل المبادرات الدولية والإقليمية لوقف الحرب، حتى لا تتعدد المنابر ولا تبدد الجهود والوقت الذي يجب أن يستثمر لصالح إنهاء الحرب دون أي تأخير».
وطالب الأطراف الدولية «بالامتناع عن أي أقوال أو أفعال قد تؤجج الحرب، أو تطيل أمدها»، وأضاف: «للمجتمعين الدولي والإقليمي مصلحة حقيقية في إنهاء هذه الحرب، التي إن استمرت ستكون لها تأثيرات كارثية على نطاق إقليمي وعالمي واسع».
وأعرب يوسف عن أمله «في نهاية قريبة للحرب اللعينة»، محذراً من «انهيار البلاد». وقال: «نحن نأمل ونعمل لكي ينتهي القتال اليوم قبل الغد. هذه حرب لعينة ستقود لانهيار البلاد وتدميرها، ومصدر أملنا هذا هو الموقف الشعبي العريض الرافض للحرب، والقناعة التي بدأت تتبلور بأن هذه حرب سيخسر منها الوطن، ولا خير يرجى من ورائها إطلاقاً».
وإزاء تهديدات وجّهها قادة إسلاميون اتهموا التحالف المدني بالمسؤولية عن الحرب، ودعوا على لسان الداعية المتشدد عبد الحي يوسف لقتلهم، وتهديدات أخرى مضمرة جاءت على لسان القيادي في المؤتمر الوطني أنس عمر، بأنهم سيواجهون المعارضة بأكثر من الاعتقال، قال يوسف: «هذه فئة مجرمة، أجرمت في حق الشعب السوداني لثلاثين عاماً، قتلت وشردت فيها الملايين، ولم تشبع من الدماء بعد... تهديداتهم تفضح مشروعهم الإرهابي المتطرف»، مؤكداً أن «التهديدات التي يوجهها أنصار النظام السابق من الإسلاميين ومؤيديهم، لن تخيف دعاة المدنية والحريات»، وقال: «إنها لا تخيفنا إطلاقاً، فهذه بلادنا، ولن نتراجع عن أداء واجبنا الوطني تجاهها مهما أطلق هؤلاء من تهديدات»، وتابع: «نحن نعمل لوقف هذه الحرب، ولن نخضع لمن يدقون طبولها. هم يهدفون للعودة إلى السلطة، حتى لو أريقت دماء غالب السودانيين والسودانيات، وهو ما فعلوه من قبل، وحاولوا حتى أن يطوعوا الدين زوراً كغطاء لأفعالهم الإجرامية. نحن نعمل على الحفاظ على الوطن من التمزق والتشرذم وحفظ حياة الناس وذلك عبر إنهاء الحرب، والعودة لمسار مدني ديمقراطي لا استبداد أو هيمنة فيه».
واعتبر وقف الحرب «أولوية قصوى قبل الحديث عن أي خيارات سياسية أخرى»، وقال: «الأولوية الآن لوقف الحرب، ونحن على يقين بأن هذه الحرب لم تكسر آمال وتطلعات الشعب السوداني في حكم مدني ديمقراطي، وأنها أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك بأن المسار المدني، هو الأمثل لتوفير الاستقرار والأمن والسلام والتنمية والحرية، وكل ما يكفل العيش الكريم لشعبنا».
وبشأن تأثيرات القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع» على مجريات الأوضاع السياسية في البلاد، وما إذا كانت ستشكل نهاية للعملية السياسية و«الاتفاق الإطاري» الموقع بين الطرفين، قال يوسف: «من المبكر الآن الحديث عن مستقبل العملية السياسية التي انقطعت باندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان). نحن نركز كلياً في الوقت الحالي على الأولوية الوطنية الأكثر الحاحاً، وهي وقف الحرب الآن ودون إبطاء. الاتفاق الإطاري حمل مجموعة من الأسس والمبادئ التي تعبر عن تطلعات قطاع غالب من أبناء وبنات الشعب السوداني، وأهمها وجود سلطة مدنية كاملة وإصلاح أمني وعسكري يقود لجيش مهني وقومي واحد ينأى عن السياسة كلياً، وانتقال يقود لانتخابات حرة ونزيهة».
وختم: «جاءت الحرب لتؤكد بأن هذه المبادئ والأسس هي الحل الأمثل والبديل الموضوعي للغة السلاح والموت والدمار».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

توافق مصري - روسي على ضرورة وقف فوري للنار في غزة

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (الخارجية المصرية)
TT

توافق مصري - روسي على ضرورة وقف فوري للنار في غزة

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (الخارجية المصرية)

في زيارة استهدفت تعزيز العلاقات الثنائية، وتنسيق المواقف بين القاهرة وموسكو بشأن قضايا المنطقة، التقى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وتوافق البلدان على «ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة».

وأكد وزير الخارجية المصري، في مؤتمر صحافي بالعاصمة الروسية، الاثنين، «ضرورة إيجاد حل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن «زيارته إلى موسكو تأتي في ظل ظروف إقليمية ودولية صعبة، على خلفية مخاوف من اندلاع حرب في المنطقة».

وأشار وزير الخارجية المصري إلى أنه «بحث مع نظيره الروسي تطورات الأوضاع في المنطقة، لا سيما الوضع في غزة والضفة الغربية»، لافتاً إلى «استمرار جهود الوساطة التي تجريها بلاده بالتعاون مع قطر من أجل وقف إطلاق النار في غزة».

وشدد عبد العاطي على «ضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة ومعبر رفح ومحور فيلادلفيا؛ حتى تتمكن مصر من تشغيل معبرها الحيوي مع القطاع».

بدوره، أكد وزير الخارجية الروسي «استمرار التعاون بين القاهرة وموسكو في مجلس الأمن للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة»، مشيراً إلى أن «القرارات ذات الشأن تصطدم بعرقلة واشنطن لها»، ولفت إلى «دعم بلاده الجهود المصرية الرامية لوقف إطلاق النار والقتال في غزة».

وأضاف: «بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، من الضروري تنظيم عملية تسليم الإمدادات الإنسانية بصفة فورية؛ لأن الدورة الإنسانية في قطاع غزة كارثية، والوضع في الضفة الغربية ليس أفضل بكثير».

الوزيران تناولا مختلف أوجه العلاقات الثنائية بجانب استعراض مختلف القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك (الخارجية المصرية)

وجدّد الوزيران تأكيدهما «ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني، وعاصمتها القدس الشرقية».

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية إن «المباحثات تناولت قضية (سد النهضة) الإثيوبي»؛ إذ أكد عبد العاطي «أهمية قضية الأمن المائي المصري، وضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء السد وتشغيله، ورفض أي إجراءات أحادية، وأي ضرر يلحق بدولتي المصب».

وبين مصر وإثيوبيا نزاع ممتد لأكثر من عشر سنوات بشأن «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن يؤثر في حصتها بالمياه.

وتطرّقت المباحثات أيضاً إلى التوترات في منطقة البحر الأحمر؛ إذ أكد عبد العاطي «أهمية أمن منطقة البحر الأحمر»، مشيراً إلى «تداعيات التوترات في المنطقة على العالم أجمع».

وقال عبد العاطي: «مصر هي المتضرر الأكبر من الأزمة في البحر الأحمر التي تؤثر في عائدات قناة السويس»، مطالباً بـ«وقف التصعيد، ووقف الحرب على غزة والحفاظ على حرية الملاحة».

تراجع عائدات قناة السويس

تراجعت عائدات قناة السويس المصرية، إثر تصاعد التوترات في البحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وبشأن الوضع في ليبيا، أكد وزير الخارجية المصري «ضرورة حل الأزمة الليبية، دون أي تدخلات خارجية، وإجراء انتخابات رئاسية تُنهي الأزمة القائمة». كما دعا إلى «وضع حد للحرب الدائرة في السودان»، مشيراً إلى أنه «أطلع نظيره الروسي على جهود مصر في حل الأزمة السودانية». وقال: «أكدنا ضرورة استبعاد أي حلول عسكرية».

وجدّد وزير الخارجية المصري تأكيد «رفض بلاده الكامل أي إجراءات أحادية تنال من وحدة الصومال وأمنه».

وشهدت الفترة الأخيرة تصاعد التوترات بين مصر والصومال من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر، إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي في بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية؛ الأمر الذي رفضه الصومال، وسط دعم عربي ومصري. وفي نهاية أغسطس (آب) الماضي، أعلن الصومال «وصول معدات ووفود عسكرية مصرية للعاصمة مقديشو، في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام»، وهو ما عارضته أديس أبابا، متوعدة بأنها «لن تقف مكتوفة الأيدي».

بدورها، أكدت أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتورة نورهان الشيخ، أن «الزيارة تستهدف التنسيق بين مصر وروسيا في مختلف القضايا الإقليمية»، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن «موسكو دولة مهمة، ولها ثقل ودور وعلاقات قوية مع أطراف مختلفة في المنطقة من أبرزهم إيران، ولذلك من المهم التنسيق معها، لا سيما مع مخاوف اتساع رقعة الصراع في المنطقة».

لكن على الرغم من ذلك فإن «روسيا قد لا يكون لها تأثير في الحل النهائي لأزمة غزة، وتداعياتها على منطقة البحر الأحمر»، حسب الشيخ التي تقول إن «دور موسكو مهم في خفض التصعيد، لكن الحل النهائي رهن الموقف الإسرائيلي ومدى تعاون تل أبيب مع الأطراف الدولية الأخرى».

على صعيد العلاقات الثنائية، أكد وزير الخارجية المصري «أهمية استمرار وتيرة التنسيق والتشاور المشترك بين القاهرة وموسكو، والعمل على تعزيز أوجه التعاون الثنائي في مختلف المجالات»، لا سيما قطاعات الطاقة والأمن الغذائي والسياحة والنقل واللوجيستيات، الأمر الذي يُسهم في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلى آفاق أرحب، خصوصاً مع انضمام مصر إلى عضوية تجمع «بريكس».

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير تميم خلاف، إن «المباحثات بين الوزيرين تناولت تطورات عدد من المشروعات المهمة التي يجري تنفيذها، وعلى رأسها محطة إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية في الضبعة، والمنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس».

وهنا أشارت الشيخ إلى أن «الزيارات المتبادلة بين روسيا ومصر هي جزء من اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين». وقالت: «هناك لقاءات وزيارات مستمرة بين مسؤولي البلدين في إطار تفعيل الشراكة، وتأتي السياسية منها رافعة لباقي المجالات».

ويعود تاريخ العلاقات بين البلدين إلى عام 1943؛ إذ بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والاتحاد السوفياتي. وكانت مصر في طليعة الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، عام 1991. واكتسبت العلاقات المصرية - الروسية «قوة دفع قوية» في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حسب «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا نحو 5.1 مليار دولار خلال عام 2023، حسب بيان «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء» في مصر خلال يناير (كانون الثاني) الماضي.

وخلال زيارته لموسكو عقد وزير الخارجية المصري لقاء مع وزير الصناعة الروسي أنطون أليخانوف، «تناول آخر المستجدات المتعلقة بمشروعات التنمية المشتركة بين مصر وروسيا، وسبل تعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية بين البلدين في مختلف المجالات، والعمل على تسهيل زيادة الصادرات المصرية إلى روسيا»، حسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الخارجية المصرية.