كابوس البريد الإلكتروني يواصل مطاردة كلينتون

اتخذت هيئة المحارب.. ووصفت الأزمة بـ«صيد في الماء العكر»

هيلاري كلينتون المرشحة الرئاسية في إيوا ضمن حملتها الانتخابية (واشنطن بوست)
هيلاري كلينتون المرشحة الرئاسية في إيوا ضمن حملتها الانتخابية (واشنطن بوست)
TT

كابوس البريد الإلكتروني يواصل مطاردة كلينتون

هيلاري كلينتون المرشحة الرئاسية في إيوا ضمن حملتها الانتخابية (واشنطن بوست)
هيلاري كلينتون المرشحة الرئاسية في إيوا ضمن حملتها الانتخابية (واشنطن بوست)

اتخذت هيلاري كلينتون هيئة المحارب السياسي بينما تلقي كلمتها أمام نشطاء الحزب الديمقراطي هنا بولاية أيوا مساء أول من أمس. وجاء الخطاب ناريا مفعما بالحماسة بهدف إزالة المخاوف حول ضعف وضعها كمرشحة رئاسية.
وتحدثت كلينتون عن الجدل المثار حول رسائلها الإلكترونية الخاصة بأن التجسس على رسائلها في الفترة التي شغلت فيها منصب وزيرة الخارجية وأثناء الهجمات الإرهابية في بنغازي، ليبيا، عام 2012 ليست سوى صيد في الماء العكر مارسه خصومها في الحزب الجمهوري.
وبحسب كلينتون: «الأمر لا علاقة له ببنغازي، وأنتم تدركون هذا، الأمر لا يتعلق كذلك بالرسائل الإلكترونية أو بمزود خدمة الإنترنت. الأمر سياسي بحت».
وتعهدت كلينتون بأن تخوض الحرب ببسالة، قائلة: «لن أغوص في الطين معهم. لن أعبث بالأمن القومي أو أخون ذكرى من فقدناهم بخوضي للعبة السياسة. لن أسمي الأشياء بغير أسمائها، نفس اللعبة السياسية التي رأيناها مرارا من قبل. لا أبالي بلجان الدعم الانتخابي المستقلة (سوبر باكس) أو بسعي الجمهوريين لأن يزيدوا الطين بلة، فقد قضيت عمري أناضل من أجل الفقراء والمهمشين، ولن أتوقف الآن».
جاءت كلمة كلينتون خلال انعقاد احتفالية الحزب الديمقراطي بولاية أيوا بقاعة الرقص التاريخية في كلير ليك بحضور أربعة من مرشحي الحزب الخمسة (تخلف عن الحضور السيناتور السابق عن ولاية فيرجينيا جيم بوش).
ولقي السيناتور بيرني ساندر وحاكم ولاية ميريلاند الأسبق مارتن أومالي استقبالا حافلا وحماسيا من الحاضرين البالغ عددهم 2100 شخص الذين اكتظت بهم القاعة. وكان التجاوب صامتا مع حديث حاكم ولاية رود أيلاند السابق، لنكولن تشافي، رغم أنه تطرق لبعض النقاط الهامة.

واستهلت كلينتون، المتحدثة الأولى ذاك المساء، كلمتها بحماسة واضحة، ولم تخل كلماتها الجادة من خفة الظل، وذكرت منافسيها بالاسم مرارًا: رجل الأعمال دونالد ترامب، الحاكم السابق لولاية فلوريدا جيب بوش، حاكم ولاية ويسنسون سكوت ووكر، والسيناتور ماركو روبيو.
ووصفت كلينتون كل الحزب الجمهوري بـ«البعيد عن الواقع» و«منتهي الصلاحية» وأن قائمة مقترحاته السياسية «قد تصلح لمدرسة ابتدائية، إلا أنها بالتأكيد لا تصلح في أميركا القرن الواحد والعشرين».
وتضيف كلينتون: «أعرف أن أغلب التركيز الآن منصب على أهم المرشحين الرئاسيين»، في إشارة إلى دونالد ترامب. وأضافت: «لكن لا تجعل السيرك يشتت انتباهك، فإذا نظرت إلى سياساتهم فسوف ترى أن غالبية المرشحين الآخرين ليسوا أكثر من ترامب، لكن من دون ذلك الضجيج أو الشعر فوق رؤوسهم».
وفى سياق حديثها عن صحة المرأة، قالت كلينتون إن «كلمات السيد ترامب مرعبة شأنها شأن كلمات باقي المرشحين. يتفاخر السيناتور روبيو برغبته في حرمان ضحايا الاغتصاب وزنا المحارم من حق الإجهاض. ويرى حاكم فلوريدا السيد بوش أن مبلغ 500 مليون دولار أكبر من أن يخصص لصحة المرأة، وجميعهم يسعون لإيقاف تمويل مشروع تنظيم الأسرة».
وفى سعيها للحصول على التأييد لاتفاق أوباما النووي مع إيران، قالت كلينتون: «الأمر ببساطة أنه ليس هناك ثمة خيار آخر لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي». بيد أن كلينتون ركزت على السياسات الداخلية، على العكس من الجمهوريين، وأشارت لحركة الاحتجاجات التي نظمها الأميركيون من ذوي الأصول الأفريقية والتي تعتبر محور اهتمام الحزب وعنصرا هاما في سباق الحزب الديمقراطي للرئاسة، وأكدت بقولها: «نعم حياة السود تهمنا».
استهلت أوباما حديثها بتسليط الضوء على الجدل المثار حول رسائلها الإلكترونية، مضيفة أنها أنشأت لنفسها حسابا للمحادثة على موقع «سناب شات»، وأضافت ساخرة: «أحببت ذلك البرنامج، فكل المحادثات فيه تختفي تلقائيا».. مما أثار نوبة من الضحك بين الحاضرين.
تطرق المرشحون الثلاثة الآخرون بشكل مهذب إلى بعض المقارنات مع كلينتون. على سبيل المثال، قال تشافي، وهو رئيس بلدية سابق وسيناتور وحاكم ولاية: «إن أكثر ما أفتخر به خلال السنوات التي قضيتها في الخدمة العامة هي أنني لم أتورط في أي فضائح». استهل ساندرز كلمته بالإسهاب في الحديث عن الإنفاق الكبير في السياسة بقوله إنه لم يسعَ للحصول على دعم اللجان المستقلة للدعم الانتخابي (سوبر باك) لدعم حملته الانتخابية، وإنه «لن يسعى في طلب المال من الأثرياء في البلاد»، مضيفا أن «حملته تلقت مساهمات من 350 ألف مواطن أميركي بواقع 31.20 دولار من كل مواطن». ورسم ساندرز خطة عمل تضمنت مكافحة التغييرات المناخية وتفتيت البنوك الكبيرة، إضافة إلى بعض السياسات الاقتصادية لرفع مستوى الأسر اقتصاديا.
وأثار ساندرز موجة من التصفيق الحار عندما تطرق إلى بعض نقاط الاختلاف مع كلينتون، فمثلا عندما قال ساندرز: «لا أوافق على خط أنابيب كيستون بايب لاين».. صفق الحاضرون، في حين لم تحدد كلينتون موقفها من مد ذلك الخط. وعندما أشار ساندرز إلى أنه صوت ضد الحرب في العراق عندما كان عضوا بالكونغرس، أشار إلى تصويت كلينتون لقرار الحرب. وعند تنصلها من تأييد قرار حرب العراق، هتف الحاضرون: «بيرني، بيرني».. في إشارة إلى موقف منافسها بيرني ساندرز.
بعد ذلك صعد أومالي إلى المنصة حيث تطرق إلى نفس الموضوعات، بيد أنه حاول أن يبدو مختلفا عن غيره من المرشحين بأن أشار إلى أنه الوحيد الذي يمتلك 15 عاما من الخبرة العملية عندما كان رئيسا لبلدية بالتيمور قبل أن يصبح حاكما للولاية. وتطرق أومالي إلى بعض إنجازاته في ولاية ميريلاند، منها رفع الحد الأدنى للأجور، والاستثمار في المدارس الحكومية، وتمرير قوانين تشدد من شروط حيازة السلاح، وتوسيع حق التصويت، ومنح رخص القيادة للمهاجرين غير المسجلين.
واختتم أومالى ملاحظاته بهجوم على «وول ستريت» قائلا: «إذا كان البنك أكبر من أن يفشل أو أكبر من أن يحاسب، أو أكبر من أن يدار، فمعنى ذلك أنه أكبر من المفترض».
* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ {الشرق الأوسط}



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.