انهمكت عائلة الشاب السوداني رامي بدوي لأيام، استعداداً للفرار من الحرب الدائرة في السودان، ولكن الاستعداد لم يكن وحده كافياً، فجواز سفر بدوي ما زال لدى إحدى السفارات التي تغلق أبوابها حالياً بسبب الحرب.
قال بدوي البالغ من العمر 29 عاماً: «عائلتي ترفض السفر من دوني... لكن جواز سفري عالق في السفارة الفرنسية بالخرطوم». سلم بدوي جواز سفره في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي إلى السفارة الفرنسية، على أن يستعيده خلال أسبوعين، ولكن الاشتباكات اندلعت وأغلقت السفارة أبوابها.
ومنذ ذلك الحين، يحتمي مع أفراد أسرته الستة من جحيم القتال في العاصمة داخل منزلهم، في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء والماء وخدمات الاتصالات والإنترنت، إلى جانب تضاؤل الموارد الغذائية.
وقال بدوي لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «كنت السوداني الوحيد، وأحد اثنين في أفريقيا، نجحنا في اختبار يسمح بالحصول على تدريب في فرنسا لتعلم كيفية استخدام التكنولوجيا المعقدة في الزراعة». وتابع محبطاً: «لا أعتقد أن شيئاً سيحدث الآن... السفارة الفرنسية لم تتصل بي على الإطلاق، ولم ترد على ما أرسلت من رسائل عبر البريد الإلكتروني».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1653693953076600840
وقالت إقبال بالله، وهي سودانية تبلغ من العمر 65 عاماً، كانت على وشك الحصول على تأشيرة: «لم شمل الأسرة» للسفر إلى ألمانيا - حيث يقيم زوجها وابنها المريض - إنها تكاد تفقد الأمل في الاجتماع بأسرتها «مع وجود جواز سفري في السفارة المغلقة الآن». في الوقت الحالي، تحاول إقبال، التي تعيش مع ابنتها وحفيدتها، الفرار من حيّها في العاصمة، الذي كان من بين الأكثر تضرراً من القتال.
وأوضحت نادية ابنة إقبال البالغة من العمر 35 عاماً: «نحن على بعد أمتار من القتال... ابنتي البالغة من العمر سبع سنوات ترتجف كلما سمعت دوي القصف». وتابعت: «نحاول احتضانها بشدة أنا ووالدها ولكنها تظل ترتجف».
إقبال وأسرتها من بين 5 ملايين نسمة، من مواطنين أو أجانب يسكنون الخرطوم، ويسعون إلى الفرار منها إلى أماكن أكثر أماناً، في ظل المعارك المستمرة، رغم اتفاقات هدنة مؤقتة.
أما طبيب الجهاز الهضمي رماح عصام، البالغ من العمر 30 عاماً، فكان يستعد للسفر إلى جنوب أفريقيا، بعد قبوله لنيل الزمالة، لكنه قال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: إن «الوضع كارثي»... لا يستطيع الوصول إلى جواز سفره داخل السفارة المغلقة منذ بدء القتال، وما زال في منزله، يحاول الاحتماء من الرصاص الطائش الذي كثيراً ما يخترق الجدران والنوافذ.
وقال: «عندما عادت الكهرباء والماء والإنترنت بعد ثلاثة أيام (من القتال)، حاولت التواصل مع سفارة جنوب أفريقيا ولكن لا أحد يرد»، وتابع: «هناك موظفون محليون في كل سفارة... كان بإمكانهم ترك جوازات السفر معهم لتسليمها لنا».
وعلى موقع «تويتر»، ردت السفارة الهولندية في الخرطوم على تساؤل بشأن جوازات السفر العالقة لديها، وكتبت: «نحن نأسف بشدة للوضع الحالي، الذي تعيشون فيه، لقد أجبرنا على إغلاق السفارة وإجلاء موظفينا».
وتابعت: «لسوء الحظ، هذا يعني أنه لا يمكننا الوصول إلى جواز سفركم. ننصحكم بتقديم طلب للحصول على جواز سفر جديد عبر السلطات المحلية». لكن حتى إذا حاول البعض الحصول على جواز سفر جديد، فإن الخروج من المنزل في حد ذاته، يعد مخاطرة كبيرة في ظل تطاير الرصاص والقذائف.
وترى المحامية المتخصصة في القانون الدولي وحقوق الإنسان إيما دي نابولي أن ما يحدث، «قد يُرفع إلى محكمة الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان، وقد تتحمل الحكومات المسؤولية». وأضافت: أن «القانون الدولي يضمن حرية التنقل للأشخاص».
وفي واقعة نادرة، قامت سفارة الصين بالخرطوم بتعليق لافتة تحمل أرقاماً للاتصال لمن يرغب في استرداد جواز سفره. إلا أن ذلك يتطلب التنقل والمخاطرة بالتعرض لنيران الطرفين المتنازعين في الشوارع.