تيار المستقبل ردًا على نصر الله: الحديث عن معركة لكسر عون كذبة

مصادر «14 آذار» اعتبرت أن خطابه الأخير لم يخدم الزعيم المسيحي في معركته الرئاسية

تيار المستقبل ردًا على نصر الله: الحديث عن معركة لكسر عون كذبة
TT

تيار المستقبل ردًا على نصر الله: الحديث عن معركة لكسر عون كذبة

تيار المستقبل ردًا على نصر الله: الحديث عن معركة لكسر عون كذبة

شن تيار المستقبل في لبنان هجوما عنيفا على أمين عام حزب الله حسن نصر الله الذي اتهم التيار بالسعي لعزل وكسر رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، مؤكدا أنّه ليس في هذا الوارد «إيمانا منا بالشراكة الإسلامية المسيحية التي وحدها تحمي لبنان». وأعرب رئيس الحكومة السابق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري عن أمله لو أنهى نصر الله خطابه في الاحتفال بذكرى حرب عند الكلام الذي يقول إن «كل اللبنانيين شركاء في الخوف والغبن وإن الدولة هي الضمانة والحل»، مشددا على أن «الشراكة الحقيقية لا تستوي مع الخروج على الإجماع الوطني والإصرار على زجّ لبنان في الحروب الأهلية المحيطة، ولا مع صب الزيت على نار التحريض ضد فريق أساسي في المعادلة الوطنية».
ونبّه الحريري في بيان إلى أن «هناك إصرارا على رمي الأمور في الاتجاه الخاطئ وتحميل تيار المستقبل مسؤولية أزمة يشارك حزب الله في إنتاجها»، وتابع «يخترعون مقولة إن هناك جهة تريد عزل رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، العماد ميشال عون وكسره، فبركوا الكذبة وصدقوها وجعلوا منها بابًا مشرّعًا للتحريض على المستقبل.
أما وزير العدل اللواء أشرف ريفي فاعتبر أن نصر الله حاول مرة جديدة ومن خلال المواقف الأخيرة التي أطلقها الاستخفاف بعقول اللبنانيين وبالمنطق معتقدا بجدوى سياسة الهوبرة وفرض المعادلات على اللبنانيين، ضاربا بعرض الحائط كل معايير الشراكة الحقيقية. وتوجه ريفي في بيان إلى نصر الله بالقول: «زمن الغطرسة قد ولى، وإن ما عجزت عن تحقيقه في العام 2008 لن تحققه اليوم وأنت تغرق في الرمال السورية محاولا إنعاش حليفك النظام السوري المتداعي»، ناصحا إياه بـ«إعادة النظر بهذه السياسة والاحتكام إلى المصلحة الوطنية الحقيقية التي تقتضي بناء الجسور بين اللبنانيين لا فرض معادلات أوهام القوة والاستعلاء، فأنت لست ولن تكون مرشدا للجمهورية كما يحلو لك أن تعتقد وتتصرف».
وتحدث ريفي عن محاولة إشاعة «وقائع موهومة عن عزل أو كسر هذا أو ذاك من السياسيين فيما هم يتمادون في استدراج مواجهة طائفية»، مؤكدا «عدم الانجرار إليها لإيماننا النهائي بالشراكة الإسلامية المسيحية التي وحدها تحمي لبنان».
من ناحية ثانية، اعتبرت مصادر في قوى «14 آذار» أن خطاب نصر الله الأخير لم يخدم العماد عون كما يعتقد البعض بل وجه إليه رسائل واضحة ومبطنة، وبالأخص بالملف الرئاسي، مفادها أنّه لم يعد مرشح حزب الله الذي لا رجوع عنه، باعتبار أنّه قال إن عون هو ممر الزامي لحل الأزمة وليس الحل الوحيد لها. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو واضحا أن هناك محاولات إقليمية وداخلية جدية لإحداث خرق في جدار أزمة الرئاسة ولعل ما أدلى به نصر الله أول المؤشرات في هذا الاتجاه».
كذلك قال النائب في تيار المستقبل أحمد فتفت بعد لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي أنّه «ليس وارد لدينا لا أن ينكسر ميشال عون ولا أي قيادي مسيحي أم مسلم.. والكلام الذي صدر بالأمس من قبل السيد حسن نصر الله، عن أن تيار المستقبل يسعى إلى إلغاء أو كسر العماد عون، كلام لا أساس له من الصحة، وكلام الرئيس الحريري واضح ومن هذه الناحية ونكن له كل احترام كرجل سياسي». وأضاف فتفت «بلغنا الجنرال عون عبر نوابه عندما زاروا كتلة المستقبل، أنه ليس لدينا مشكلة معه، ولكن لدينا مشكلة مع خياراته السياسية وتحالفاته السياسية، فلا يمكن له أن يقول، أنا حليف حزب الله، أنا حليف إيران وبنفس الوقت يقول إنكم يجب أن تنتخبوني». وبدوره، شدّد النائب في حزب القوات أنطوان زهرا على أن «أحدا لا يخوض معركة كسر أو عزل أي فريق لبناني وخصوصا التيار الوطني الحر».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.