حلب وريفها في مرمى الصواريخ والقذائف المتبادلة بين النظام السوري والمعارضة

«الائتلاف» يتحدث عن «عمليات قمع وحشية» في سجن حماه المركزي

مواطنون سوريون يحملون جرحى قصف النظام على حي سيف الدولة في مدينة حلب (وكالة أنباء الأناضول)
مواطنون سوريون يحملون جرحى قصف النظام على حي سيف الدولة في مدينة حلب (وكالة أنباء الأناضول)
TT

حلب وريفها في مرمى الصواريخ والقذائف المتبادلة بين النظام السوري والمعارضة

مواطنون سوريون يحملون جرحى قصف النظام على حي سيف الدولة في مدينة حلب (وكالة أنباء الأناضول)
مواطنون سوريون يحملون جرحى قصف النظام على حي سيف الدولة في مدينة حلب (وكالة أنباء الأناضول)

احتدمت يوم أمس (السبت) المواجهات بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة في مدينة حلب وريف محافظتها، مما أدى لمقتل وإصابة العشرات، في وقت أفيد عن «عمليات قمع وحشية» يقوم بها النظام في سجن حماه المركزي الذي يشهد عصيانا منذ يوم الجمعة الماضي.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن خمسة على الأقل من مقاتلي فصائل المعارضة قتلوا في الاشتباكات العنيفة مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في حيي الزبدية وسيف الدولة بمدينة حلب، لافتا إلى مقتل مواطنين اثنين وإصابة أكثر من 20 آخرين بجراح، جراء سقوط عشرات القذائف التي أطلقتها الكتائب المقاتلة على مناطق سيطرة قوات النظام في أحياء الإذاعة والأعظمية وسيف الدولة والزبدية وصلاح الدين حيث برز تقدم ميداني للمعارضة. كما تعرّضت أحياء المشهد وصلاح الدين الخاضعة لسيطرة المعارضة للقصف بالمدفعية الثقيلة وقذائف الدبابات.
وفي ريف حلب، سقطت عدة قذائف أطلقتها فصائل المعارضة على مناطق في بلدتي نبل والزهراء اللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية بريف حلب الشمالي، بحسب المرصد. كما فتحت الكتائب المقاتلة نيران رشاشاتها الثقيلة على تمركزات لتنظيم داعش بقرية تلالين قرب مدينة مارع بريف حلب الشمالي التي يحاصرها التنظيم منذ يوم الجمعة، في حين أفاد ناشطون بقصف طائرات حربية تابعة للتحالف الدولي منزلاً في تجمع سكني قرب قرية مراوح بجنوب شرقي بلدة صرين الواقعة في ريف حلب الشمالي الشرقي، حيث قضى ستة مدنيين.
وقال «مكتب أخبار سوريا» إن مدنيين لقوا حتفهم، مساء الجمعة، جراء قصف طيران التحالف الدولي قرية المروح الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش جنوب بلدة صرين بنحو 15 كلم في ريف حلب الشرقي. وأفاد عبد الملك الشيخ العضو السابق في مجلس محافظة حلب الحرة، بأن ستة مدنيين موثقين بالاسم، بينهم أطفال، لقوا حتفهم إثر القصف، كما سقط عشرات الجرحى، لافتا إلى أن القصف استهدف منازل المدنيين في القرية، بشكل مباشر، مما أدى لدمار عدد منها.
في هذا الوقت بالنسبة لمحافظة حماه، تحدث «الائتلاف الوطني السوري» المعارض عن «عمليات قمع وحشية» في سجن حماه المركزي، وأشار أمين عام «الائتلاف» محمد مكتبي إلى أنه «لا يمكن لأحد أن يتصور سوء الأوضاع هناك والضغط المستمر التي تمارسه بحقهم المفرزة التي شكلها مدير السجن أخيرًا»، وقال: «من الواضح أن استمرار التعذيب والتجويع والإفراط في القمع المدروس والممنهج بحق المعتقلين هو ما أدى إلى انفجار الأوضاع». ودعا «الائتلاف» المجتمع الدولي لـ«تحمل مسؤولياته تجاه المعتقلين السوريين في أقبية الاحتجاز الرهيبة التي يحتجزهم فيها النظام، والضغط بكل الوسائل من أجل إطلاق سراحهم، وتوفير الحماية الكاملة لهم».
وحث كل المنظمات ذات الاختصاص على «تحمل مسؤولياتها، بدءًا من الصليب الأحمر الذي يتوجب على ممثليه زيارة سجن حماه المركزي، وتفقد أوضاع المعتقلين فيه، وصولاً إلى مجلس الأمن».
وأشار «المرصد» إلى أن السجناء في السجن «سيطروا الجمعة على كثير من العنابر الرئيسية ونهبوا مهاجع السجن»، لافتا إلى أن «معظم السجناء محتجزون بسبب اتهامات تتعلق بالإرهاب ولمشاركتهم في احتجاجات ضد النظام السوري». وذكر «المرصد» أنه تم استخدام الغاز المسيل للدموع لإخماد أعمال الشغب التي يعتقد أنها «أسوأ قلاقل» منذ التوترات التي شهدها السجن هذا العام. وأظهرت أشرطة مصورة من داخل السجن عشرات من السجناء الذين عبروا عن خشيتهم من تعرضهم لـ«مجزرة».
في هذه الأثناء، في ريف محافظة حمص الشمالي، ارتفع إلى ست عدد الغارات التي نفذها الطيران الحربي يوم أمس على مناطق في قرية غرناطة، بينما استمرت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة وفصائل المعارضة من جهة أخرى في محيط مدينة تلبيسة وقرية أم شرشوح بالريف الشمالي لحمص، مما أدى لإعطاب آلية لقوات النظام.
ومن محافظة اللاذقية، أفيد باستهداف فصائل المعارضة مراكز تابعة للقوات النظامية في بلدة صلنفة بريف اللاذقية الشرقي، بالصواريخ. ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن أبو محمد اللاذقاني، القائد العسكري في الفرقة الأولى الساحلية التابعة للجيش الحر أن «الفرقة استهدفت مركز التنصت الإيراني المتمركز في محطة البث في صلنفة بأكثر من عشرة صواريخ من طراز (كاتيوشا) عيار 107»، مؤكّدًا سقوط قتلى وجرحى في صفوف القوات النظامية نتيجة الاستهداف. ويأتي قصف مواقع القوات النظامية، بحسب اللاذقاني، «انتقامًا» لمدينة الزبداني المحاصرة، مشيرًا إلى أن هذه الحملة الصاروخية أطلقتها الفرقة منذ نحو شهر، واستهدفت خلالها عشرات المواقع التابعة للقوات النظامية في مناطق مختلفة من مدينة اللاذقية وريفها بالصواريخ والقذائف، مما تسبب بخسائر في صفوفها.
وفي المقابل، قامت القوات النظامية باستهداف مناطق ريف اللاذقية الخاضعة لسيطرة المعارضة، بالصواريخ وبعدد من الغارات الجوية بالصواريخ الفراغية، مما أدى إلى سقوط جريح ووقوع بعض الأضرار المادية في مناطق الاستهداف.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.