شجار وعراك داخل لجنة سقوط الموصل حول توصيف إدانة المالكي بـ {التقصير}

مصدر سياسي مطلع: رئيس الوزراء السابق في طهران لطلب رد الجميل

متظاهرون يحملون لافتة عليها صورتا الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي في ساحة التحرير ببغداد مساء أول من أمس (أ.ب)
متظاهرون يحملون لافتة عليها صورتا الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي في ساحة التحرير ببغداد مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

شجار وعراك داخل لجنة سقوط الموصل حول توصيف إدانة المالكي بـ {التقصير}

متظاهرون يحملون لافتة عليها صورتا الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي في ساحة التحرير ببغداد مساء أول من أمس (أ.ب)
متظاهرون يحملون لافتة عليها صورتا الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي في ساحة التحرير ببغداد مساء أول من أمس (أ.ب)

كشف مسؤول أمني رفيع المستوى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك فئتين من المتهمين في قضية سقوط الموصل في العاشر من يونيو (حزيران) عام 2014، فئة سياسية وفئة أخرى عسكرية تضم 12 عنوانًا كبيرًا و10 عناوين متوسطة وصغيرة».
وأضاف المسؤول الأمني الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن «المتهمين سياسيًا بالتقصير من خلال سير عمل اللجنة الذي استمر عدة أشهر هم كل من رئيس الوزراء السابق، والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي، ووزير الدفاع السابق سعدون الدليمي، ووزير الزراعة الحالي فلاح حسن زيدان، ومحافظ نينوى أثيل النجيفي، والأمين العام لمجلس الوزراء علي العلاق، ومدير مكتب رئيس الوزراء حامد خلف الموسوي». ومن بين أهم القادة العسكريين المتهمين بالتقصير هم معاون رئيس أركان الجيش، عبود كنبر، وقائد القوات البرية، علي غيدان، وقائد عمليات نينوى، مهدي الغراوي، بالإضافة إلى عدد من مدراء الصنوف والمديريات العسكرية مثل الاستخبارات العسكرية واستخبارات المنطقة الشمالية واستخبارات الشرطة في نينوى وعدد من قادة الفرق بينهم قادة الفرق الأولى والثانية والرابعة والعاشرة.
وردًا على سؤال حول الخلاف بشأن هؤلاء المتهمين الذي بلغ حد الشجار والعراك بين أعضاء اللجنة، قال المسؤول الأمني إن «أعضاء اللجنة ممن ينتمون إلى التيار الصدري والمجلس الأعلى وتحالف القوى العراقية يريدون استصدار مذكرات قبض بحقهم وليس مجرد مذكرات استقدام، علمًا بأن أيًا منهم لا يملك الحصانة التي تحول دون اعتقاله».
من جهته، أعلن رئيس لجنة سقوط الموصل، حاكم الزاملي، عن رفع التقرير النهائي الخاص بسقوط الموصل إلى رئاسة البرلمان والادعاء العام اليوم. وقال الزاملي خلال مؤتمر عقده في مبنى البرلمان أمس، إن «اللجنة سيتم إنهاء عملها ابتداء من اليوم وسيتم رفع التقرير النهائي الخاص بسقوط الموصل إلى رئاسة البرلمان والادعاء العام».
وفي هذا السياق، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، كاظم الشمري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخلاف الحاد الذي نشب بين أعضاء اللجنة هو بشأن توصيف تقصير رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، وذلك طبقًا لإفادة وزير الدفاع السابق سعدون الدليمي الذي كان أخبر اللجنة بأنه طالما أبلغ المالكي أكثر من مرة أن قائد العمليات في نينوى الفريق مهدي الغراوي، رجل غير مؤهل للقيام بواجباته وهناك ملاحظات كثيرة حوله شخصيًا خلال فترة عمله في نينوى، لكن المالكي لم يتخذ أي إجراء بحقه، وهو ما يعني أن المالكي لم يعر تحذيرات وزير الدفاع أية أهمية».
وأضاف الشمري أن «الخلاف داخل اللجنة تمحور حول رأي مفاده أنه لا يوجد تقصير مباشر من قبل المالكي؛ مما يستدعي إدانته، بينما يرى آخرون في اللجنة أن هذا يكفي لتوجيه أصابع الاتهام له». وفيما يتعلق بإدانة محافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي، قال الشمري إن «تقصير النجيفي يتمثل في أنه كان قد عمل على تهيئة الأجواء السلبية ضد الجيش والشرطة العراقية من قبل أهالي المدينة، الأمر الذي تسبب في حالة من النفور والارتياب التي كانت سببًا مباشرًا في عدم التعاون بين الجيش وأبناء الموصل، وإن النجيفي كان قد صور لأهالي الموصل أن هذا الجيش هو جيش من الغرباء ويجب معاداته».
ويأتي الجدل حول دور المالكي في أحداث سقوط الموصل في العاشر من يونيو عام 2014 في وقت تتزايد فيه الضغوط على رئيس الوزراء حيدر العبادي بإحالة المالكي إلى القضاء بتهم فساد وإهدار المال العام، وذلك من خلال فقدان نحو تريليون دولار خلال السنوات العشر الماضية من بينها 8 أعوام كان المالكي خلالها رئيسًا للوزراء. وبينما يتظاهر أسبوعيًا آلاف العراقيين في بغداد وعدد من المحافظات الوسطى والجنوبية ضد الطبقة السياسية، فإن العبادي وفي محاولة منه لامتصاص غضب الجماهير أصدر أمرًا بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة من بينهم المالكي. وبينما حظي هذا القرار بمصادقة البرلمان فإن المالكي غادر إلى إيران، أول من أمس، في زيارة رسمية بوصفه نائبًا لرئيس الجمهورية رغم تزايد الدعوات للعبادي لمنعه من السفر.
في سياق ذلك، أكد سياسي مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة المالكي إلى طهران مقررة منذ مدة لحضور مؤتمر إسلامي، وقد ألقى فيه كلمة بالفعل، كما كانت هناك دعوة موجهة لوزير الخارجية إبراهيم الجعفري الذي اعتذر عن عدم المشاركة»، مشيرا إلى أن «ذهاب المالكي واعتذار الجعفري يأتيان في وقت حاسم دخلت فيه طهران على خط الإصلاحات التي أعلنها العبادي على خلفية المظاهرات التي من الواضح أن المالكي ضدها، وحاول تحريض المرجعية الشيعية ورجال الدين على الوقوف ضدها من منطلق أنها تضمنت شتائم لبعض رجال الدين، وأنها في النهاية مظاهرات تهدف إلى إنهاء حكم الأحزاب الدينية».
ويضيف المصدر السياسي أن «المعلومات المتوفرة لدي أن هناك عددا من قيادات الأحزاب السياسية الكبيرة وقيادات الفصائل الدينية الموالية لإيران موجودون الآن في طهران لغرض بلورة موقف موحد حيال المظاهرات والإصلاح»، مبينا أن «المالكي يريد أن يلعب ورقته الأخيرة، وهي الحفاظ على حكم الأحزاب الدينية الذي حافظ عليه طوال مدة حكمه، مثلما كان داعما بقوة للتوجهات الإيرانية على صعيد الأزمة السورية وبالتالي يريد من القادة الإيرانيين أن يردوا له جميله بالوقوف إلى جانبه بقوة».



​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
TT

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) باليوم العالمي للمعلم، فيما لا يزال المعلمون في اليمن يعانون من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون، إذ اعتقلت الجماعة ألف معلم على الأقل، وأجبرت عشرات الآلاف على العمل من دون رواتب منذ ثمانية أعوام، في حين اضطر الآلاف إلى العمل في مجالات أخرى لتوفير لقمة العيش.

وإلى جانب تدني المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتأخر صرفها والنزوح القسري، طال من يعمل في قطاع التعليم الانتهاكات طوال العشر السنوات الأخيرة، سواء من خلال التسريح القسري والاختطافات، أو نتيجة تحويل الحوثيين المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات لتجنيد الطلاب، أو نشر الأفكار الطائفية بهدف تغيير التركيبة المذهبية في البلاد.

انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

في هذا السياق ذكرت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحوّل هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء.

وقالت الشبكة إنه منذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

ووفق ما ذهبت إليه الشبكة، فقد أدت هذه الأوضاع «المأساوية» إلى تدهور حاد في مستوى التعليم، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب. ومع تأكيدها أنها تدرك حجم المعاناة التي يتعرض لها المعلمون في اليمن، أدانت بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

وطالبت الشبكة التي تضم روابط ضحايا الانتهاكات في اليمن بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي، وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، وتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظاً على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين في سجون الحوثيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

معدلات الأمية ارتفعت إلى 70 % في الأرياف اليمنية (إعلام محلي)

كما طالبت الشبكة بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

ودعت جميع الأطراف وعلى وجهة الخصوص جماعة الحوثي المسلحة التي يتعرض المعلمون في مناطق سيطرتها إلى أشكال متعددة من الانتهاكات الممنهجة، إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل الجاد على إنهاء معاناة المعلمين، وصرف رواتبهم، وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء دورهم الحيوي في بناء مجتمع يمني مزدهر.

مأساة التعليم

أكد «مركز ألف لحماية التعليم» أن المعلمين في اليمن واجهوا تحديات بالغة التعقيد خلال العقد الأخير، متجاوزين كل الصعوبات التي فرضتها ظروف النزاع وانعدام الأمن، حيث أثرت الحرب والهجمات المسلحة على قطاع التعليم بشكل كبير مما أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء.

وبحسب ما أورده المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فإن هناك ما يقارب من ألف معلم مختطف ومحتجز قسراً معظمهم لدى جماعة الحوثي، وذكر أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية، ودفع كثيراً من المعلمين للبحث عن وظائف بديلة.

وناشد المركز المعني بحماية التعليم الحوثيين سرعة صرف رواتب المعلمين والتربويين في مناطق سيطرتهم، التي توقفت منذ عام 2016، والإيفاء بالتزاماتهم تجاه عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات، وضمان حمايتهم من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.

كما ناشد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتحسين رواتب المعلمات والمعلمين في مناطق سيطرتها، والتي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة المعيشية الضرورية في ظل تدهور أسعار الصرف وتفشي البطالة.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ 8 أعوام (إعلام محلي)

ودعا المركز الجهات المهتمة بالتعليم إلى تبني مشاريع تضمن استمرارية التعليم وتحسين جودته، وتعمل على دعم المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم خاصة في ظل وجود شريحة واسعة من المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون في الميدان لتغطية نسب العجز الكبيرة في الطاقم المدرسي، ودون أدنى معايير التأهيل والتدريب.

وتحدّث المركز عما وصفها بـ«مأساة التعليم في اليمن» وقال إن نسبة الأمية تقدر بنحو 70 في المائة في الأرياف، و38 في المائة في المدن، وذكر أن 45 في المائة من المعلمين لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن 13.8 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية، كما أن الخصخصة والافتقار إلى التنظيم أثرا سلباً على جودة التعليم في الوقت الذي يدخل فيه التعليم خارج اليمن مرحلة التحول الرقمي.

وكانت إحصائية حكومية حديثة ذكرت أن 4.5 مليون طفل باتوا خارج التعليم في اليمن، وهو رقم يزيد بمقدار الضعف على الرقم المسجل مع بداية النزاع، حيث لم يتجاوز العدد مليوني طفل.

مدارس طائفية

أفادت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قطاع التعليم يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية نتيجة وقف التوظيف منذ عام 2011، ومن بعد ذلك الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

وقالت المصادر إن كثيراً من المدارس استعانت بمتطوعين للعمل وتغطية العجز، إذ يحصلون على مكافآت شهرية متدنية لا تتجاوز عشرين دولاراً في الشهر يتم توفيرها من التبرعات التي يقدمها التجار أو من عائدات السلطات المحلية.

وأثّر تراجع سعر العملة المحلية، وفق المصادر، بشكل كبير على رواتب الموظفين العموميين وفي طليعتهم المعلمون، حيث أصبح راتب المعلم الواحد خمسين دولاراً بعد أن كان يعادل مائتي دولار.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الوضع دفع بمجاميع كبيرة إلى ترك العمل في سلك التعليم والالتحاق بالتشكيلات العسكرية؛ لأنهم يحصلون على رواتب أعلى.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وفي مناطق سيطرة الحوثيين تحدثت المصادر العاملة في قطاع التعليم عن تدهور مخيف في مستويات الالتحاق بالمدارس مع زيادة الفقر، وعجز الأسر عن توفير متطلبات التحاق أبنائها، والعروض التي يقدمها الحوثيون للمراهقين في سبيل الالتحاق بجبهات القتال والحصول على راتب شهري يساوي 100 دولار، إلى جانب التغذية ووضع أسرهم في صدارة قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي توزعها المنظمات الإغاثية.

ووفق هذه الرواية، فإن اهتمام الحوثيين بتحويل المدارس إلى مواقع لاستقطاب المراهقين، ونشر الأفكار الطائفية وقطع مرتبات المعلمين وفرار الآلاف منهم خشية الاعتقال دفع بالجماعة إلى إحلال عناصرها بدلا عنهم، واختصار الجدول المدرسي إلى أربع حصص في اليوم بدلاً من سبع.

كما وجهت الجماعة عائدات صندوق دعم المعلم لصالح المدارس الطائفية الموازية التي استحدثوها خلال السنوات الأخيرة، ويتم فيها منح المعلمين رواتب تصل إلى 700 دولار، كما توفر هذه المدارس السكن الداخلي، والتغذية، والكتب المدرسية بشكل مجاني للملتحقين بها.