الحوثيون يهملون قطاعات الصحة والمياه والعبء على الوكالات الأممية

عائدات الضرائب في مناطق الجماعة وصلت إلى أكثر من مليار دولار

طفلة يمنية في أحد المراكز الطبية تتلقى اللقاح المقدم من «يونيسيف» (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في أحد المراكز الطبية تتلقى اللقاح المقدم من «يونيسيف» (الأمم المتحدة)
TT

الحوثيون يهملون قطاعات الصحة والمياه والعبء على الوكالات الأممية

طفلة يمنية في أحد المراكز الطبية تتلقى اللقاح المقدم من «يونيسيف» (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في أحد المراكز الطبية تتلقى اللقاح المقدم من «يونيسيف» (الأمم المتحدة)

«إذا لم يكن هناك تمويل أممي فإن المستشفيات لن تعمل، وخدمات المياه والصرف الصحي ستتوقف، وبالمثل أعمال النظافة، فإذا توقفت الحوافز المقدمة من المنظمات الإغاثية، فإن القمامة ستتكدس في شوارع صنعاء». بهذا يلخص عاملون في قطاعي الصحة والمياه الوضع في صنعاء؛ إذ يواصل الحوثيون التخلي عن هذه القطاعات منذ ثمانية أعوام، مع قطع رواتب مئات الآلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين.
مكتفياً بذكر اسمه الأول خشية الانتقام، يؤكد الطبيب اليمني عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط» أن منظمة الصحة العالمية تتولى مهمة تزويد المستشفيات في صنعاء وغيرها بالوقود، كما تدفع الحوافز للعاملين فيها، ولولا ذلك لتوقفت هذه المنشآت عن العمل؛ لأنه لا توجد كهرباء عمومية في مناطق سيطرة الحوثيين، كما أن الكادر الطبي لن يستمر في العمل من دون تلك الحوافز، خصوصاً أن الرواتب مقطوعة منذ ما قبل نهاية عام 2016.
ووفق ما يذكره عبد الوهاب، فإن المسؤولين الحوثيين في وزارة الصحة وإدارة المستشفيات يقومون بمصادرة جزء من الحوافز المالية المخصصة للعاملين في المستشفيات والمراكز الطبية لصالحهم، وهو ما يؤكده عبد الله يحيى، العامل في قطاع المياه، حيث يبين أن هذا القطاع يعمل أيضاً بتمويل من المنظمات الإغاثية، خصوصاً منذ فترة ما بعد تفشي وباء «الكوليرا» عام 2018، نتيجة تلوث مياه الشرب، ويقول إن المشرفين الحوثيين على هذا القطاع يقومون بالاستيلاء على جزء من الدعم الذي يقدَّم على هيئة وقود وحوافز مالية.
ورغم أن السكان في صنعاء والمدن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، يدفعون تعرفة استهلاك المياه ورسوم الصرف الصحي بمبالغ تفوق بخمسة أضعاف تلك التي يجري دفعها في مناطق سيطرة الحكومة، فإنه لا أحد يعرف أين تذهب تلك العائدات، طبقاً لما يقوله يحيى الذي يعمل في هذا القطاع منذ عقدين من الزمن.
كانت منظمة الصحة العالمية قد طلبت خلال هذا العام مبلغ 392 مليون دولار أميركي، حتى تتمكن من إيصال المساعدات الصحية الأساسية إلى 12.9 مليون يمني، مؤكدة أن هذا الدعم ضروري لمنع انتشار الأمراض المستوطنة التي تنقلها المياه والأمراض المنقولة، مثل الملاريا وحمى الضنك، وكذلك أمراض الإسهال الحاد، وسوء التغذية.
ومن جهتها، طالبت المنظمة الدولية للهجرة بمبلغ 22 مليون دولار لتغطية القطاع الصحي الذي تشرف عليه، وقالت: «المراكز الصحية المدعومة منها في مناطق سيطرة الحوثيين معرّضة للتهديد جراء نقص التمويل، حيث تقدم هذه المرافق الرعاية الصحية الوحيدة المتوافرة للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل، والذين يعانون من الانتهاكات الجسيمة والعنف في رحلاتهم».
وفي ظل إخفاء الحوثيين كافة البيانات المتعلقة بإجمالي العائدات المالية المحصلة على هيئة ضرائب ورسوم جمركية بخلاف عائدات الزكاة، ذكرت مصادر تجارية أن التقديرات تشير إلى أنهم جمعوا نحو 676 مليار ريال (الدولار نحو 550 ريالاً) خلال العام الماضي.
أما فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن فقدَّر في تقريره عن العام الماضي حصول الحوثيين على مبلغ 33 مليار ريال في كل شهر أي 397 مليار ريال خلال العام الأول من التهدئة، على هيئة رسوم جمركية وضريبية من واردات الوقود إلى موانئ الحديدة فقط، مؤكداً أن الحوثيين لم يستخدموا هذه العائدات في دفع مرتبات الموظفين الحكوميين، وذلك في خرق واضح لبنود اتفاقية ستوكهولم.
وبالعودة إلى موازنة 2014، فقد بلغ إجمالي الرواتب والأجور للموظفين العموميين 977 مليار ريال موزعة بين 435 مليار رواتب الجيش والأمن، و542 مليار ريال رواتب القطاع المدني، وإذا استبُعد الموظفون المدنيون الذين يتسلمون رواتبهم من قبل الحكومة، فإن رواتب الموظفين المدنيين بمناطق سيطرة الحوثي تتراوح بين 25 - 30 ملياراً كحد أقصى كل شهر، وهو رقم أقل من الرقم الذي يجري تحصيله من مورد واحد، وهو ضرائب سفن المشتقات النفطية بميناء الحديدة.
ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في القطاع التجاري لـ«الشرق الأوسط»، فإن الحوثيين يحصلون على مليارات الريالات من ضرائب أرباح شركات اتصالات الهاتف المحمول الثلاث العاملة في مناطق سيطرتها وبنسبة 50‎ في المائة، إلى جانب عائدات استهلاك خدمة الإنترنت التي لا تزال محتكرة، والضرائب على العقارات والسيارات، وفوقها مئات المليارات المحصلة تحت مسمى الزكاة، إلى جانب الجبايات المتعددة وفرض رسوم جمركية إضافية على البضائع القادمة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.