تسارع الاتصالات لحسم مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية

غداة اجتماع استضافته العاصمة الأردنية عمّان لوزراء خارجية دول عربية مع نظيرهم السوري فيصل المقداد، سُجّلت سلسلة تحركات واتصالات بدا أن هدفها البت في مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة العربية المقبلة المقرر عقدها في السعودية في وقت لاحق من الشهر الحالي. ويجري الحديث عن سيناريو يتم الإعداد له لضمان العودة السورية القريبة إلى الحضن العربي.
وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عقد الاثنين بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، استكمالاً لاجتماع جدة الأخير الذي حضره وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي مع نظرائهم من العراق والأردن ومصر، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها.
وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، إلا أن المصادر لا تستبعد اتفاقاً على تحييد دول رافضة أو متحفظة عن القرار تحت خيار «الامتناع عن التصويت»، وهو ما يسمح بعبور آمن لقرار بحجم عودة دمشق للجامعة وكسر الحصار عليها، تمهيداً للتأثير بالمزاج الدولي في حال تقدمت سوريا بخطوات عملية في سبيل تجاوز سنوات الحرب التي أنهكت شعبها ومؤسساتها.
وليس واضحاً تماماً ما الخطوة التي ستتخذها دمشق الرسمية، في مقابل عودتها العربية، علما بأن محور المبادرة الأردنية للحل السياسي للأزمة السورية التي يتحدث عنها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قائمة على منهجية «خطوة مقابل خطوة». ويبدو أن البيان الختامي لاجتماع عمّان التشاوري الذي «امتدح الانخراط الإيجابي الذي أبداه وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في بحث المبادرات والخطوات المطروحة»، تضمن خطوات سورية على شكل خطط وجداول زمنية لنقاط أمنية حساسة قد تتولى دمشق حسمها، خصوصاً فيما يتعلق بالحرب على المخدرات التي تأتي من الأراضي السورية إلى دول الجوار. وثمة اتفاق على أن مصانع المواد المخدرة والميليشيات المتورطة في تهريبها في الداخل السوري باتت تهدد أمن واستقرار دول الجوار.
وما إن غادر ضيوف الأردن من وزراء خارجية السعودية ومصر والعراق وسوريا، مساء الاثنين، حتى دشن نظيرهم الأردني جبهة اتصالات مع وزراء خارجية قطر والإمارات والبحرين وعُمان والكويت والمغرب ولبنان والجزائر وتونس. وأوضح بيان لوزارة الخارجية الأردنية أن الصفدي سيواصل اتصالاته «في سياق عملية التنسيق والتشاور مع الدول الشقيقة والصديقة، ليطلع (وزراء الخارجية العرب) على تفاصيل الاجتماع الأول بين دول عربية وسوريا منذ بدء الأزمة السورية»، والذي شكل «انطلاقاً لمسار سياسي جديد في جهود حل الأزمة بدور عربي قيادي، وتضمن توافقات على خطوات للتدرج نحو حل الأزمة ومعالجة تبعاتها الإنسانية والأمنية والسياسية».
ونص الاتفاق على تشكيل فريقي عمل سياسي - أمني، بين سوريا والأردن والعراق، خلال شهر، لتحديد مصادر إنتاج المخدرات في سوريا وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات التهريب عبر الحدود مع الأردن والعراق، واتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء عمليات التهريب، وإنهاء هذا الخطر المتصاعد على المنطقة برمتها، وفق ما أشار البيان الختامي لاجتماع عمّان التشاوري.
كما اتفق وزراء السعودية ومصر والعراق والأردن على تشكيل فريق فني على مستوى الخبراء لمتابعة مخرجات الاجتماع، وتحديد الخطوات القادمة في سياق مسار يستهدف معالجة حل الأزمة السورية ومعالجة تداعياتها، في وقت شكل فيه الاجتماع إطلاق مسار سياسي جديد «محدد الأجندة» يسهم في حل الأزمة، ومن خلال تنسيق الجهود مع المجتمع الدولي وكل الشركاء.
وتلقى الأمين العام لجامعة الدولة العربية أحمد أبو الغيط أمس اتصالاً هاتفياً من الصفدي تناول اجتماع عمّان بشأن سوريا. وقالت الجامعة العربية في بيان إن أمينها العام عبّر عن تطلعه لبحث الأزمة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة العربية.
وفي دمشق، أفيد بأن وزير الخارجية السوري فيصل المقداد سيقوم بزيارة إلى بغداد يوم السبت تلبية لدعوة نظيره العراقي فؤاد حسين. ونقلت صحيفة «الوطن» السورية المحلية عن مصادر مطلعة في دمشق، أن جدول الزيارة التي تستمر يومين يتضمن لقاء مع الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، كما سيجري المقداد مباحثات ثنائية مع نظيره العراقي تتناول تعزيز العلاقات الثنائية، وآخر مستجدات الاتصالات والاجتماعات في المنطقة.
وعلى الرغم من تواصل الحراك الدبلوماسي العربي لإعادة دمشق إلى محيطها العربي، فإن آمال السوريين اصطدمت عقب عيد الفطر بتدهور قيمة الليرة وبموجة أسعار عالية شلت حركة السوق، لتعود وتتلاشى الآمال بأن يثمر الحراك الدبلوماسي العربي انفراجة اقتصادية، لأن ما حصل هو العكس بتجاوز سعر صرف الدولار الأميركي حاجز الثمانية آلاف ليرة لسوريا ليصل أمس الثلاثاء إلى 8150 ليرة.