العالم يترقب محطة أخيرة لـ«قطار الفائدة» الأميركي

رغم الأدلة المتزايدة على تباطؤ الاقتصاد

مقر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن (أ.ف.ب)
مقر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن (أ.ف.ب)
TT
20

العالم يترقب محطة أخيرة لـ«قطار الفائدة» الأميركي

مقر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن (أ.ف.ب)
مقر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن (أ.ف.ب)

من المتوقع أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة العاشرة - وربما الأخيرة - الأربعاء، في الوقت الذي يواصل فيه معركته ضدّ التضخّم المرتفع.
ومن المرجّح أن يتخذ البنك المركزي الأميركي هذا القرار، على الرغم من الإشارات المزدادة على تباطؤ الاقتصاد الأميركي، حيث يتوقّع كثير من الاقتصاديين أن تدخل الولايات المتحدة في ركود معتدل في وقت لاحق من هذا السنة.
ويتوقّع المحلّلون أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ثمّ يبقيها عالية في محاولة لإعادة التضخّم نحو الهدف طويل الأجل المتمثّل في 2 بالمائة، من دون التسبب بركود أعمق من المتوقّع.
وكتب الاقتصاديون في «بنك أوف أميركا» في مذكّرة للعملاء الجمعة: «نتوقّع أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي (سعر الفائدة) بمقدار 25 نقطة أساس الأسبوع المقبل، على أن يتبع ذلك توقّف مؤقت في يونيو (حزيران) المقبل، مع وجود ميل ضعيف لرفع لاحق في أسعار الفائدة».
ومن شأن رفع أسعار الفائدة الأربعاء المقبل، أن يمثّل الزيادة العاشرة على التوالي، ليصل المؤشر إلى ما بين 5 و5.25 في المائة؛ وهو أعلى مستوى منذ عام 2007.
وسيُعقد اجتماع اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة التي تحدّد معدّل الفائدة في الثاني والثالث من مايو (أيار) الحالي، في ظل ظروف مختلفة تماماً عن سابقاتها في مارس (آذار) الماضي، حينما عُقد الاجتماع وسط أزمة مصرفية قصيرة وحادّة تبلورت في الانهيار السريع لبنك «سيليكون فالي» قبل ذلك بأيام قليلة.
وأدّى الانهيار السريع لبنك «سيليكون فالي»، متأثّراً بسعر الفائدة المفرط، إلى إثارة مخاوف من العدوى المصرفية التي تفاقمت مع انهيار «سيغنتشر بنك» في نيويورك بعد بضعة أيام.
وفي مواجهة هذه الاضطرابات المستمرّة في القطاع المصرفي، تخلى بنك الاحتياطي الفيدرالي عن الزيادة الكبيرة بأسعار الفائدة في 22 مارس، واختار بدلاً من ذلك رفعها بمقدار ربع نقطة.
وساعدت الجهود المتضافرة من قبل المنظّمين الأميركيين والأوروبيين بعد انهيار بنك «سيليكون فالي» في تهدئة الأسواق المالية، ويبدو أنها حالت دون وقوع مزيد من الأضرار في القطاع المصرفي.
وكتب مايكل بيرس كبير الاقتصاديين الأميركيين في «أكسفور إيكونوميكس»، في مذكّرة حديثة إلى العملاء، أنّه «مع تراجع الضغط في أسواق الائتمان، يبدو أنّ مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي مستعدّون للمضي قدماً في رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس باجتماع في أوائل مايو».
ولكن رغم أنّ الأسواق المالية باتت أكثر هدوءاً، فإنّ انهيار بنك «سيليكون فالي» كان له تأثير دائم على القطاع المصرفي، حيث قامت المصارف بتشديد شروط الإقراض في الأسابيع التي تلت.
وفي هذا السياق، أشار المسؤولون في بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أنّ شروط الإقراض الأكثر تشدّداً يمكن أن تكون بمثابة زيادة إضافية في سعر الفائدة، ممّا قد يقلّل من عدد الزيادات اللازمة لخفض التضخّم إلى 2 في المائة.
وقال حاكم بنك الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر، في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، إنّ «التشديد الكبير في شروط الائتمان يمكن أن يؤدّي إلى تفادي الحاجة إلى مزيد من التشديد في السياسة النقدية». ولكنه حذّر من «إصدار مثل هذا الحكم» قبل نشر بيانات جيّدة عن تأثير الاضطراب المالي والإقراض المصرفي.
من جهتهم، اعترف المنظّمون الأميركيون الجمعة، بأنّه كان بإمكانهم فعل المزيد لمنع انهيار كلّ من «سيليكون فالي» و«سيغنتشر بنك»، فيما دعا بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى قواعد مصرفية أكثر صرامة في المستقبل. وتشير البيانات الاقتصادية الأميركية الأخيرة إلى اقتصاد متباطئ، مع ازدياد التوقّعات بأنّ الولايات المتحدة ستدخل في ركود في وقت لاحق من هذه السنة. وأظهرت البيانات الصادرة في أواخر أبريل، أن الناتج الاقتصادي تباطأ إلى معدّل سنوي بمقدار 1.1 في المائة بالربع الأول من هذا العام، في حين انخفض مقياس التضخّم إلى معدّل سنوي بمقدار 4.2 في المائة في مارس، من 5.1 في المائة بالشهر السابق.
ودفع التأثير المتنامي لحملة رفع أسعار الفائدة التي قام بها بنك الاحتياطي الفيدرالي على الاقتصاد، المحلّلين، إلى توقّع توقّف الاحتياطي الفيدرالي عن رفع أسعار الفائدة بعد القرار المرتقب الأربعاء.
ومع توقّع رفع أسعار الفائدة بنسبة ربع نقطة، سينصبّ التركيز بدلاً من ذلك على «أي تغييرات في اللغة التوجيهية التي سيحملها البيان» الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي، حسبما كتب الاقتصاديون في «دويتشه بنك» في مذكّرة حديثة إلى العملاء.
وقالوا في المذكّرة: «بينما تبقى قضيتنا الأساسية أنّ الزيادة في مايو ستكون الأخيرة في هذه الدورة، ذلك أنّ الاقتصاد يستجيب للقيود (على الإقراض)، إلّا أنّنا نرى مخاطر في الميل إلى زيادة أخرى في يونيو».
من جهته، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم بأول، بعد قرار رفع معدّل الفائدة في مارس، إنّ بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يرفع معدّلات الفائدة مرّة أخرى قبل إنهاء دورة رفع الأسعار الحالية. ودعمت تعليقاته التوقعات المتوسّطة للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لأسعار الفائدة لعام 2023.
وأفاد محضر اجتماع اللجنة في مارس، بأنّ بنك الاحتياطي الفيدرالي كان يتوقّع أن تدخل الولايات المتحدة في ركود معتدل في وقت لاحق من هذه السنة، عندما قرّر رفع أسعار الفائدة.
وقد يعتمد نطاق الركود على القرار الذي يتخذه بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن مدى رفع أسعار الفائدة، حسبما كتب كينيث كيم كبير الاقتصاديين في «كي بي إم جي»، في مذكرة حديثة للعملاء. وقال إن «أيّ زيادات أخرى في أسعار الفائدة تتجاوز تلك التي في مايو، تخاطر بحدوث ركود أعمق من الانكماش المعتدل الذي نتوقّعه حالياً».


مقالات ذات صلة

انخفاض عائدات سندات الخزانة الأميركية مع ازدياد المخاوف من الركود

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

انخفاض عائدات سندات الخزانة الأميركية مع ازدياد المخاوف من الركود

انخفضت عائدات سندات الخزانة الأميركية الاثنين بعد تعليقات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأحد التي أثارت مخاوف بشأن الركود الوشيك في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت يتحدث بجانب الرئيس ترمب في المكتب البيضاوي 7 مارس 2025 (رويترز)

مستشار ترمب الاقتصادي يتوقع زوال عدم اليقين التجاري قريباً

صرّح المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت الاثنين بأنه يتوقع انقشاع حالة عدم اليقين المرتبطة بسياسات الرئيس دونالد ترمب التجارية بحلول أوائل أبريل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد وزير الطاقة الأميركي يحيي العمال في منشأة تصدير الغاز الطبيعي المسال التابعة لشركة «فانتشر غلوبال» في بلاكيمينز (أ.ب)

وزير الطاقة الأميركي: النفط الصخري قادر على الحفر حتى عند انخفاض الأسعار

قال وزير الطاقة الأميركي كريس رايت إن قطاع النفط الصخري قادر على الوفاء بتعهد ترمب بـ«الحفر، يا عزيزي الحفر» وزيادة إنتاج النفط حتى لو انخفضت الأسعار.

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
الاقتصاد ترمب يستمع إلى المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت في البيت الأبيض (رويترز)

ترمب يقلل من المخاوف حول الرسوم... ولا يستبعد حدوث ركود هذا العام

رفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب المخاوف التجارية بشأن حالة عدم اليقين الناجمة عن الرسوم الجمركية المخطط لها.

الاقتصاد ترمب ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو في البيت الأبيض 7 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ترمب يتوقع مونديال 2026 «أكثر إثارة»

عدَّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن التوترات التجارية مع الجارتين المكسيك وكندا ستعزز استضافة كأس العالم 2026 في كرة القدم، في حين أعلن من البيت الأبيض إنشاء

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«بتكوين» تهبط إلى ما دون 80 ألف دولار للمرة الأولى منذ أسبوعين

شعار العملة المشفرة «بتكوين» على هاتف ذكي بجانب شاشة تعرض رسماً بيانياً للتداول في بروكسل (أ.ف.ب)
شعار العملة المشفرة «بتكوين» على هاتف ذكي بجانب شاشة تعرض رسماً بيانياً للتداول في بروكسل (أ.ف.ب)
TT
20

«بتكوين» تهبط إلى ما دون 80 ألف دولار للمرة الأولى منذ أسبوعين

شعار العملة المشفرة «بتكوين» على هاتف ذكي بجانب شاشة تعرض رسماً بيانياً للتداول في بروكسل (أ.ف.ب)
شعار العملة المشفرة «بتكوين» على هاتف ذكي بجانب شاشة تعرض رسماً بيانياً للتداول في بروكسل (أ.ف.ب)

هبطت عملة «بتكوين» إلى ما دون 80 ألف دولار يوم الاثنين، للمرة الأولى منذ أسبوعين، في ظل استمرار تقلّبات سعر أكبر عملة مشفرة في العالم بعد توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على أمر تنفيذي لإنشاء احتياطي استراتيجي من «بتكوين» للولايات المتحدة. وقد سجلت العملة أدنى مستوى لها عند 79 ألفاً و370 دولاراً، محققة أدنى مستوى للجلسة وسط تراجع في التداولات ذات المخاطر العالية. وفي وقت سابق من اليوم، تراجعت أسعار «بتكوين» بنسبة 6.5 في المائة لتتداول عند نحو 80 ألفاً و650 دولاراً.

وسيتم تمويل الاحتياطي من العملات التي تم الاستيلاء عليها في قضايا المصادرة الجنائية والمدنية، ولا توجد خطط للحكومة الأميركية لشراء المزيد من «بتكوين». وعقب إعلان الاحتياطي الاستراتيجي يوم الخميس الماضي، تراجعت أسعار العملات المشفرة، حيث خاب أمل المستثمرين لعدم كون البرنامج أكثر عدوانية، وفق شبكة «سي إن بي سي».

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في «يبتوايز» لإدارة الأصول، مات هوغان: «أعقد تماماً أن السوق مخطئة في هذا الأمر». وأضاف: «السوق تشعر بخيبة أمل قصيرة الأجل بسبب عدم إعلان الحكومة شراء 100 ألف أو 200 ألف بتكوين».

وأشار هوغان إلى تعليقات من ديفيد ساكس، قيصر التشفير والذكاء الاصطناعي في البيت الأبيض، الذي قال إن الولايات المتحدة ستبحث عن «استراتيجيات محايدة للميزانية للحصول على بتكوين إضافي، بشرط ألا تترتب عليها تكاليف إضافية على دافعي الضرائب الأميركيين».

وأوضح هوغان: «أعتقد أن السؤال الصحيح هو: هل جعل هذا الأمر التنفيذي من (بتكوين) عملة أو أصلاً جيوسياسياً مهماً في المستقبل؟ وهل ستسعى حكومات أخرى إلى اتباع خطوات الولايات المتحدة وبناء احتياطي استراتيجي خاص بها؟»، مؤكداً أن الإجابة عن هذا السؤال هي نعم بكل تأكيد.

وأضاف هوغان أن هذا السؤال يحدّد ما إذا كان سعر «بتكوين» سيصل إلى 80 ألف دولار أو مليون دولار لكل عملة.

وفي ختام حديثه، وصف تراجع أسعار العملات المشفرة بأنه «نكسة قصيرة الأجل»، مؤكداً أن السوق ستجد موطئ قدم لها قريباً، وستدرك أن هذه الخطوة في الواقع ستكون صعودية للغاية على المدى الطويل للعملات المشفرة ككل.