تحذيرات يمنية من انتهاكات ضد الأطفال في مراكز الحوثيين الصيفية

الجماعة تعرض آلاف الطلبة سنوياً لغسيل أدمغة وتعبئة طائفية

تلميذات يمنيات يتجهن إلى صفهن بإحدى المدارس في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)
تلميذات يمنيات يتجهن إلى صفهن بإحدى المدارس في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تحذيرات يمنية من انتهاكات ضد الأطفال في مراكز الحوثيين الصيفية

تلميذات يمنيات يتجهن إلى صفهن بإحدى المدارس في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)
تلميذات يمنيات يتجهن إلى صفهن بإحدى المدارس في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)

في الوقت الذي دشن فيه الانقلابيون الحوثيون المراكز والدورات الصيفية للعام الحالي تحت شعار «علم وجهاد»؛ حذرت منظمة حقوقية يمنية من خطورة هذه المراكز على سلامة الأطفال، ودعت أولياء الأمور إلى الحفاظ على أبنائهم، وعدم إلحاقهم بتلك المراكز.
وقالت منظمة «ميون لحقوق الإنسان» في بيان لها عقب تدشين الانقلابيين الحوثيين المراكز والدورات الصيفية، إنها وثقت خلال العام الماضي وقوع عمليات تجنيد ممنهجة للأطفال وأنشطة شبه عسكرية وأخرى طائفية؛ إلى جانب توثيق تعرض عدد منهم لاعتداءات جسدية وجنسية، مطالبة الآباء بعدم تسليم أطفالهم فريسة للانتهاكات، لا سيما في المراكز المغلقة.
وفي غضون ذلك، أصدر الانقلابيون الحوثيون توجيهات لمديري المدارس بمفاوضة الطلاب الراسبين وأهاليهم على تعديل نتائجهم، ونقلهم إلى المراحل الدراسية التالية؛ مقابل الالتحاق بالمراكز الصيفية.
وتحدثت مصادر تربوية في محافظات صنعاء وذمار وإب الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين عن توجيهات أصدرتها مكاتب التربية والتعليم إلى مديري المدارس الحكومية بتسهيل التحاق الطلاب بالمراكز الصيفية بمختلف الوسائل، ومن ذلك مخاطبة أولياء أمور الطلاب الراسبين، وإقناعهم بإلحاق أبنائهم بالمراكز مقابل تعديل نتائجهم، واشتراط الحصول على هذه النتائج مباشرة بعد انضمام الطلاب إلى المراكز.
وفي فعالية تدشين المراكز الصيفية في العاصمة صنعاء، أعلن القيادي الحوثي عبد الله الرازحي رئيس لجنة الأنشطة والدورات الصيفية؛ توقع ارتفاع عدد الطلاب الملتحقين بالدورات الصيفية لهذا العام إلى مليون و500 ألف طالب وطالبة، تستوعبهم ما يقارب تسعة آلاف و100 مدرسة مفتوحة ونموذجية ومغلقة، ويعمل فيها 20 ألف عامل ومدير ومدرس.
وكانت الميليشيات الحوثية قد أعلنت العام الماضي عن وصول عدد الطلاب الملتحقين بالمراكز الصيفية إلى ما يقارب ثلاثة أرباع مليون طالب وطالبة، في 9016 مدرسة، وبلغ عدد العاملين فيها أكثر من 42 ألف عامل وعاملة، وجرى فيها تنفيذ مليون وربع المليون نشاط، ضمن أكثر من 8800 نشاط، بينها 185 دورة مغلقة.
وتحظى المراكز الصيفية باهتمام من أعلى هرم الميليشيات الحوثية، ومع كل موسم لهذه المراكز تنشر وسائل الإعلام الحوثية أخباراً عن اهتمام عبد الملك الحوثي زعيم الميليشيا بالمراكز الصيفية، ومتابعة سير الأنشطة فيها، وإصدار التوجيهات بتكثيفها، وإلقاء خطابات موجهة للمشاركين فيها لتحفيزهم على التفاعل مع ما يقدم لهم فيها من دروس وتعاليم.
وفي خطاباته، يرى الحوثي أن تنظيم هذه المراكز تحصين للطلاب ضد ما يصفها بـ«الحملات الدعائية والتضليلية بالوعي والنور والبصيرة والفهم والمعرفة الصحيحة»، ليكونوا بذلك عرضة للتضليل الحوثي، وفريسة سهلة ولقمة سائغة للجماعة بوسائلها المخادعة التي تستهدف الناشئة سواء في العناوين السياسية أو العقائدية أو أي عناوين أخرى.
يوضح ناشط حقوقي في العاصمة صنعاء أن الميليشيات الحوثية التي تدير قطاع التعليم شكلت خلال العام الماضي لجنة متخصصة إشرافية وتنفيذية في وزارة التربية والتعليم، تتفرع منها لجان في المحافظات لحشد الأطفال للمشاركة في المراكز الصيفية، وأن من مهام هذه اللجنة التواصل مع مسؤولي الأحياء وخطباء وأئمة المساجد وأعيان القرى لحشد الطلبة، وتقييم أدائهم في عمليات الحشد.
ونبه الناشط الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته؛ نظراً لإقامته في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، أن الميليشيات تعترف ضمناً وصراحة بأن ما يجري تقديمه في المراكز الصيفية ليس دروساً ومعارف تعليمية كما هو مفترض، بل إن المناهج التي يجري تقديمها تحتوي على تعبئة جهادية، بينما يجري تنظيم أنشطة طائفية خطرة.
ففي الأنشطة تجري زيارة مقابر القتلى الحوثيين في المعارك، وترديد شعار الميليشيات المتمثل بالصرخة الخمينية، والمشاركة في المناسبات التي تتزامن مع تنظيم المراكز الصيفية، كما يجري استعراض أفلام حول البطولات المزعومة للقتلى الحوثيين، وأخرى لمقاتلي «الحرس الثوري» الإيراني، و«حزب الله» اللبناني.
ويتابع: «أما ما هو أخطر من كل هذا فيحدث في المراكز المغلقة، وأعدادها قليلة مقارنة بعدد المراكز الصيفية الذي يزداد كل عام؛ إلا أن ما يجري في هذه المراكز يجعلها أكثر خطورة من بقية المراكز المفتوحة؛ خصوصاً أنه يجري انتقاء المشاركين فيها بعناية بعد اكتشاف ميولهم أو تأهيلهم ليكونوا ضمن من يحظون بالمشاركة فيها».
ووفق حديث الناشط اليمني، فإن هذه المراكز المغلقة ما هي إلا معسكرات تجنيد يجري فيها تدريب الأطفال على القتال، واستخدام السلاح، وزراعة الألغام والمفخخات وتفكيكها، ويوضح أكثر: «إذا كانت المراكز المفتوحة تستهدف غسل أدمغة الأطفال، وتجنيد من يصلح منهم فإن المراكز المغلقة تعمل على إعداد من لديه استعداد ليكون ضمن نخبة الميليشيات في المستقبل».
وتنظم الميليشيات الحوثية خلال هذه الفترة فعاليات تعريفية وترويجية للمراكز الصيفية، كما تستغل احتفالها بذكرى مقتل مؤسسها حسين الحوثي، وفق التقويم الهجري، والتي تنظمها هذه الأيام؛ للترويج للمراكز الصيفية، وحث العائلات على الدفع بأبنائها إلى هذه المراكز خلال الأسابيع المقبلة.
ويركز قادة الميليشيات الحوثية في خطاباتهم خلال هذه الفعاليات على المراكز الصيفية على أساس أن حسين الحوثي مؤسس الميليشيات كان أول من أنشأها، واستخدمها لاستقطاب عناصر ومقاتلي الميليشيات، ويدعون في تلك الخطابات إلى دعم المراكز الصيفية، والمشاركة فيها.
وتشارك ما تُعرف باللجنة المركزية للتعبئة والتحشيد في هذه الفعاليات التي يجري تنظيمها برعاية قادة الميليشيات الذين ينتحلون صفات محافظي المحافظات وقيادات قطاع التربية والتعليم، وتوزع خلال الفعاليات وثائق وخطابات تتحدث عن أهمية المراكز الصيفية، وتحث على المشاركة فيها.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).