«بيربري» تحتفي بتتويج تشارلز بتجسيد حديقة قصر هايغروف

استلهمت الدار كل التفاصيل من حديقة قصر «هايغروف» (خاص)
استلهمت الدار كل التفاصيل من حديقة قصر «هايغروف» (خاص)
TT

«بيربري» تحتفي بتتويج تشارلز بتجسيد حديقة قصر هايغروف

استلهمت الدار كل التفاصيل من حديقة قصر «هايغروف» (خاص)
استلهمت الدار كل التفاصيل من حديقة قصر «هايغروف» (خاص)

بدأ العدد التنازلي لحفل تتويج تشارلز الثالث ملكا لبريطانيا ومعه الاستعدادات لكتابة فصل تاريخي جديد. حفلات ستقام في الشوارع، حلويات بنكهات مستلهمة من المناسبة وتذكارات لا تُحصى. منها ما هو رخيص على شكل حلي أو أدوات منزلية أو عُلب بسكويت إنجليزي، ومنها ما هو غالٍ وأنيق.
بعد أن طرحت دار «ديفيد موريس» منذ فترة قصيرة مجوهرات باهظة الثمن، على شكل تاج مرصع بالماس وخاتم مستوحى من ألوان العلم البريطاني مرصع بالإسبينيل الأزرق والأحمر والماس، ها هي دار «بيربري» تطرح وشاحا يحاكي لوحة من الفن الانطباعي يُقدر سعره بـ350 جنيه إسترليني ليكون شاهدا على هذه المناسبة التاريخية.
أهمية الوشاح تكمن في أنه ثمرة تعاون بين «بيربري» وقصر هايغروف، المقر الرئيسي للملك تشارلز، أي بمباركته. فالدار البريطانية العريقة تحمل ختم موافقة العائلة المالكة منذ الخمسينات من القرن الماضي. حصلت عليه من الملكة الراحلة إليزابيث الثانية وأيضا من الأمير تشارلز خلال حُكمها. غني عن القول بأن هذا الختم يمنحها صلاحيات قد لا تتوفر لغيرها مثل حصولها على حق رسم حديقة «هايغروف» في جلوسيسترشاير، والتي أشرف الأمير على تصميمها بنفسه لتكون صديقة للبيئة، على وشاح من الحرير. شرحت الدار هذا التعاون قائلة بأنه يُلخص العلاقة المتينة والاهتمامات التي تربطهما ببعض، مثل حماية البيئة وحب الطبيعة والحرفية العالية. كلها مفاهيم لم يُخف تشارلز الثالث دعمه لها في تصريحاته وخطاباته وأيضا من خلال مؤسسته الخيرية «ذي برينسس تراست».
من هذا المنظور، حرصت الدار على استعمال الحرير العضوي لرسم هذه اللوحة. أما فيما يتعلق بالتصميم، فقد استوحت كل تفاصيله من حديقة قصر «هايغروف». من تصميمها الهندسي وورودها وأشجارها الوارفة. أشجار البتولا تبدو وارفة بلحائها الفضي المائل للأبيض فتؤطر الصورة وتُذكرنا في الوقت ذاته بأن اختيارها لم يأت من باب الصدفة أو من أجل الزينة. فهي ترمز للنقاء والبدايات الجديدة، كما أنها جزء لا يتجزأ من مشهد الريف البريطاني. إلى جانب هذا النوع من الأشجار، رسمت الدار طيورا مغردة وزهورا برية مثل الدلفينيوم والخشخاش والأقحوان. تفاصيل كثيرة مرسومة بدقة عالية، بحيث لو تمعَّنا فيها لظهر لنا يعسوب صغير بين هذه الأزهار.


مقالات ذات صلة

«بالنسياغا»... بين عبثية ديمنا وشاعرية بيتشولي

لمسات الموضة تأثير كريستوبال على المصممين أمر واقع فهو "المعلم" ما وصفه كريستيان ديور

«بالنسياغا»... بين عبثية ديمنا وشاعرية بيتشولي

لم يكن تعيين بيرباولو بيتشولي مديراً إبداعياً جديداً لدار الأزياء «بالنسياغا» خبراً عادياً. اعتبره عشاق الموضة من أبرز التحركات التي عرفتها صناعة الموضة…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة سيكتب بيتشولي فصلاً جديداً لدار «بالنسياغا» (أ.ف.ب)

عهد جديد في دار «بالنسياغا»

ردود الفعل الإيجابية التي أثارها خبر تعيين الإيطالي بيرباولو بيتشولي الإدارة الفنية لدار أزياء «بالنسياغا» أكدت أنه خير خلف ليس لديمنا، مديرها الإبداعي السابق،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة هل يمكن أن يفكّ الحزام «سحر» «البيركين»؟

هل يمكن أن يفكّ الحزام «سحر» «البيركين»؟

الحقائب التي يطرحها المصممون منذ موسمين تقريباً تشير إلى أنهم سلّموا بأن حقيبة البيركين خارج المنافسة ومع ذلك لا يزالون يبحثون عن «رقية» تفكّ سحرها

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة انسدال الأقمشة انعكس على الفازات والقطع التي صاغها حرفيو دار «دوم» (تمارا رالف)

مصممة الأزياء تمارا رالف تُروِّض الطبيعة بالكريستال

ماذا يمكن أن نتوقع من لقاء يجمع بين المصممة الأسترالية تمارا رالف التي تعوّدت ترويض الأقمشة، ودار «دوم» الفرنسية المتخصصة في الكريستال والزجاج؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)

50 عارضة تحتفل بميلاد «زارا» الخمسين

احتفلت علامة «زارا» مؤخراً بمرور 50 عاماً على تأسيسها، مستعينة بـ50 عارضة أزياء من كل الأعمار والجنسيات والمواصفات لتؤكد أنها تحتضن كل نساء العالم. استعانت…

جميلة حلفيشي (لندن)

بييرباولو بيتشولي في «بالنسياغا»... ماذا نتوقع منه؟

تأثير كريستوبال على المصممين أمر واقع فهو "المعلم" ما وصفه كريستيان ديور
تأثير كريستوبال على المصممين أمر واقع فهو "المعلم" ما وصفه كريستيان ديور
TT

بييرباولو بيتشولي في «بالنسياغا»... ماذا نتوقع منه؟

تأثير كريستوبال على المصممين أمر واقع فهو "المعلم" ما وصفه كريستيان ديور
تأثير كريستوبال على المصممين أمر واقع فهو "المعلم" ما وصفه كريستيان ديور

لم يكن تعيين بيرباولو بيتشولي مديراً إبداعياً جديداً لدار الأزياء «بالنسياغا» خبراً عادياً. اعتبره عشاق الموضة من أبرز التحركات التي عرفتها صناعة الموضة العالمية، هذا العام، والأكثر إيجابية. تصريحه بأنه مستعد للمرحلة الجديدة بعد عام على خروجه من دار «فالنتينو» طمأن أوساط الموضة بأننا على موعد مع فصل جديد في تاريخ دار أسسها مصمم كان مسكوناً بالفن ورغبة جامحة في كسر القوالب التقليدية: كريستوبال بالنسياغا.

المصمم بييرباولو بيتشيولي (بالنسياغا)

أحد أسباب التفاؤل يعود أيضاً إلى أنه سيخلف المدير الإبداعي السابق والمثير للجدل، ديمنا. كان من مدرسة مختلفة. لم يكن من السهل على الكل فهم مفرداتها، الأمر الذي يشجع على تشبيه الفرق بينهما مثل الفرق بين فيلسوف عبثي وشاعر عاطفي. ديمنا ركَز على الجانب الثوري والصادم لكريستوبال بالنسياغا، من ناحية عشقه لاستعمال خامات ومواد حداثية، وتعمده الاستعانة بعارضات لا يتمتعن بالجمال الكلاسيكي التقليدي، أو في منتصف العمر وغيرها من الأمور التي لم تكن مألوفة في زمنه.

بييرباولو بيتشيولي، في المقابل مصمم يعطي الأولوية للجوانب العاطفية والإنسانية، الأمر الذي يدعو للتوقع أنه سينبش في الدفاتر القديمة ليُخرج منها تصاميم تخاطب القلب وتحرك الوجدان أولاً وأخيراً.

الإعلان عن الخبر أعاد إلى الأذهان تشكيلات بيتشولي في الأعوام الأخيرة، وكيف تظهر تأثراً واضحاً بكريستوبال. على الأقل من ناحية الأحجام والألوان. قد يكون الأمر استشعاراً واستقبالاً لما سيأتي، أو متعمّداً من باب الاحترام لقدرات مصمم وصفه الراحل كريستيان ديور «إنه أستاذ الكل". كما قد يكون مجرد تخاطر أفكار بين مصممين جمعهما حب الابتكار وفرَّقهما الزمن.

الممثلة ميلينا سميت في مهرجان كان الأخير في فستان مفصل على شكل معطف طويل (بالنسياغا)

تجدر الإشارة إلى أن بييرباولو بيتشولي هو خامس مصمّم يتولى الإدارة الفنية للدار. سبقه كل من ميشيل غوما، ونيكولا غيسكيير، وألكسندر وانغ، وديمنا.

هذا الأخير انتقل إلى «غوتشي»، في مارس (آذار) الماضي، التي تنضوي تحت أجنحة مجموعة «كيرينغ»، مثل «بالنسياغا». انتقاله يُعتبر ترقية، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن «غوتشي» كانت إلى عهد قريب الماسة التي تُزين تاج المجموعة الفرنسية، وتحقق لها أعلى الأرباح. انتكست في السنوات الأخيرة، ما يجعل الآمال تُعقد على ديمنا لكي يبث فيها روحاً جديدة. فوفقاً لتقديرات «مورغان ستانلي»، ارتفعت مبيعات «بالنسياغا»، إلى 1.66 مليار يورو في عام 2024، مقارنة بـ360 مليون يورو فقط في 2015؛ العام الذي تولى فيه منصبه الإبداعي.

إزابيل هوبير بزي من الجينز يتحدى تقاليد السجاد الأحمر في مهرجان كان الأخيرة (بالنسياغا)

لكن بالنسبة لشريحة كبيرة من عشاق الموضة بمفهومها التقليدي، لم يشفع له نجاحه التجاري ولا قدراته في مجال التفصيل والتفنن في الأحجام. لم يرق لهن أسلوبه الجامح، ورأوه خروجا عن السيناريو الذي كتبه المؤسس، كريستوبال، لا سيما أن تمرده كان يُترجم أحياناً بأنه ساخر على ثقافة العصر. ثم كانت الحملة الإعلانية في أواخر 2022 التي تضمنت صوراً لأطفال بجانب إكسسوارات على شكل دببة تحمل إيحاءات جنسية، القشة التي قسمت ظهر البعير. أثارت عليه كثيراً من الانتقادات. سحبها واعتذر عنها، إلا أنها عكَّرت صفو عدة سنوات من النجاح.

العارضة إيفا هيرزيغوفا في فستان يجسد اسلوب المؤسس كريستوبال في مهرجان كان (بالنسياغا)

قوة ديمنا كانت في البداية تكمن بقدرته على جس نبض الشارع وترجمة ثقافة شبابية في تصاميم تمزج روح الدعابة بالثقافة الرقمية، كالتنانير المصنوعة من المناشف والحقائب المصممة على هيئة أكواب قهوة أو كيس بطاطا وغيرها. لمست وتراً حساساً لدى شريحة كبيرة من شباب «التيك توك» و«إنستغرام»، لكنها زادت من حنين زبونات الدار المخضرمات لأسلوب المؤسس. هذه الشريحة هي نفسها التي هلَّلت لخبر تعيين بيتشولي مديراً إبداعياً جديداً للدار. فهذا إيذان بعهد جديد ستعود فيه الدار إلى جوهر الحرفية الراقية والجمال الكلاسيكي

ماذا يمكن أن نتوقع منه مستقبلاً؟

درس بيتشولي الأدب في جامعة روما، وتدرّب في بيوت راقية مثل «برونيلو كوتشينيللي» و«فندي»، قبل أن ينتقل إلى دار «فالنتينو» التي عمل فيها لـ25 عاماً، 8 منها مديراً إبداعياً نجح في رسم لوحات شاعرية ساحرة. وَصْفتُه أنه استعمل لغة المؤسس واكتفى «بتغيير النبرة فقط»، وفق ما قاله عندما سئل عن علاقته بفالنتينو غارافاني. هذا الاحترام للماضي والبناء عليه لن يصعب عليه، مع وجود أرشيف غني وغير مستغَل بالكامل، إضافة إلى أن أسلوبه الخاص لا يختلف كثيراً عن أسلوب كرستوبال، إذا أخذنا بعين الاعتبار تشكيلاته في السنوات الأخيرة.

شاعرية تحرك العواطف

ينجح بيتشيولي دائماً في رسم صورة شاعرية تتناغم فيها الأقمشة مع الألوان (فالنتينو)

يمتلك بييرباولو بيتشولي حسّاً فنياً يتمثل في قدرة عجيبة على جعل تصاميمه تنبض بالحياة، وتحريك العواطف، وهذا ما يجعل محبيه متفائلين بأنه سيعيد للدار توازناً شاعرياً افتقدته إلى حد ما في عهد ديمنا. في الفترة التي قضاها في دار «فالنتينو»، أكد لنا أن الأناقة لا تحتاج إلى إحداث الصدمات لتخلّف أثراً جميلاً، وأن الأناقة الهادئة أكثر بلاغة من الصخب.

لوحة ألوان نابضة

من عرض سابق لبييرباولو استعمل فيه الوردي أحد الألوان المفضلة لديه (فالنتينو)

إذا كان بيتشيولي يتعامل مع الأقمشة والخطوط بشاعرية، فإنه يتعامل مع الألوان برؤية رسام. يستعملها بشجاعة لأنه يعرف كيف يضعها في السياق الصحيح، بدءاً من اللون الأحمر الذي ورثه عن المؤسس فالنتينو، إلى الوردي الذي ابتكر درجة صارخة منه منذ سنوات قليلة، وهذا يعني أن «بالنسياغا» في عهدها الجديد، ستكتسب حيوية مستمدة من ألوان، مثل الوردي والأخضر والأحمر والأزرق والأصفر. لكنه لن يتجاهل الأسود والألوان الداكنة التي اشتهرت بها الدار في الخمسينات من القرن الماضي.

أحجام وأشكال فنية

تأخذ الأحجام في تصاميم بييرباولو أيضا أبعاد ثلاثية تتجلى في ورود متفتحة (فالنتينو)

مثل كريستوبال، يعشق بيتشولي اللعب بالأحجام الهندسية وما شابهها من مفردات ظهرت في قبعات كبيرة وأكمام منفوخة وتنورات مستديرة واكبت توجهات الموضة في الخمسينات من القرن الماضي، ولا تزال تلهم مصممين شباب إلى حد اليوم. بالنسبة لبيتشيولي، تأخذ هذه الأحجام أيضاً أشكالاً متنوعة وأبعاداً ثلاثية تتجلى تارة في فساتين تتفتح كالورود، وتارة في تنورات بذيول من الريش، أو تطريزات سخية أو رسمات مطبوعة على الأقمشة.