أشجار المدن تخسر المعركة أمام الريح

مشكلة تؤرق خبراء البيئة في أميركا

أشجار في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشجار في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

أشجار المدن تخسر المعركة أمام الريح

أشجار في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشجار في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

بعد سلسلة العواصف التي هبّت في كاليفورنيا، الشتاء الماضي، اقتلعت الرياح آلاف الأشجار، في مختلف أنحاء الولاية الأميركية، وأسقطتها على خطوط الكهرباء والمنازل والطرق السريعة.
وفقدت مدينة ساكرامنتو، عاصمة الولاية، وحدها أكثر من ألف شجرة، خلال أقل من أسبوع، وهو ما لفت الأنظار إلى ظاهرة بيئية جديدة؛ ألا وهي أن أشجار المدن أصبحت في مهبّ الريح، بعد سنوات من التعرض للجفاف والآفات والظروف المناخية القاسية، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».
وتقول «هيئة الغابات الأميركية» إن المدن تخسر، في تقديرها، قرابة 36 ألف شجرة، كل عام؛ بسبب التطوير العمراني والأمراض، والمؤثرات المناخية المختلفة، مثل الجفاف، وغير ذلك. ووفقاً لدراسة، نُشرت مؤخراً في الدورية العلمية «نيتشر» المعنية بحماية البيئة، وجد العلماء أن أكثر من نصف أشجار المدن، في 164 مدينة حول العالم، تكابد بالفعل ظروفاً مناخية شاقة، من حيث الحرارة وندرة المياه، تفوق قدرتها على التحمل.
ويقول مفوض الغابات في المناطق الحضرية بمدينة سانتا باربرا الأميركية نيثان سلاك، إن «كثيراً من الأشجار، التي نعتمد عليها بقوة، تتضرر بسبب التغيرات المناخية»، مضيفاً، في تصريحات للموقع الإلكتروني الأمريكي «بوبيولار ساينس»، المتخصص في الأبحاث العلمية، إن «شدة الحرارة، وطول الفترات التي ينعدم فيها سقوط الأمطار، يضطراننا، بصفتنا مديري شؤون الغابات، إلى تغيير منظورنا لما نعتبره أشجار شوارع مناسبة».
وتحافظ الأشجار على برودة المناطق السكنية، وتمتص مياه الأمطار، وتنقّي الهواء من الملوثات، ولكن من أجل الاضطلاع بهذه الوظيفة المهمة لا بد أن تتعايش الأشجار مع المؤثرات الخارجية نفسها، وتكون قادرة على تحمُّلها، وهو ما يعني، بالنسبة لكثير من المدن، إعادة النظر في أنواع الأشجار التي تصلح للزراعة بها. وذكر سلاك أنه يبحث عن أشجار عادةً ما تنمو جهة الشرق من كاليفورنيا؛ مثل شجرة بالو فيردي، التي تترعرع بشكل أفضل في الأجواء الأكثر دفئاً وجفافاً، موضحاً أن «الأشجار التي تتعايش مع الأجواء الصحراوية ستكون مفيدة لنا هنا بشكل أكبر».
وتذكر المديرة التنفيذية لمنظمة «أشجار ساكرامنتو» جيسيكا ساندرز، أن بعض الفصائل؛ مثل الصفصافة الصحراوية، أصبحت تُزرع، بدلاً من أشجار «ريدوود». وتوضح، في تصريحات لموقع «بوبيولار ساينس»، قائلة: «إنه أمر مؤسف؛ لأن الصفصافة شجرة أيقونية، غير أنها لا تتناسب مع أجواء ساكرامنتو، في الوقت الحالي». لكن ليست مدن كاليفورنيا وحدها التي تعيد النظر في طبيعة الكساء الأخضر لديها.
وفي مدينة هاريسونبيرغ بولاية فيرجينيا، استقدم المسؤولون أشجار السنديان، و«سويت جام»؛ لأنها أكثر قدرة على مقاومة الحرارة من الأشجار المحلية. وفي سياتل، يخطط المسؤولون لزراعة أشجار «ماندرون المحيط الهادي»، و«سنديان جاري»؛ لأنها أكثر قدرة على تحمل الأجواء الحارة والجافة في فصول الصيف. أما في ديترويت، التي كانت تُعرَف يوماً ما باسم «مدينة الأشجار»؛ بسبب كثافة الكساء الأخضر لديها، فيبحث المسؤولون زراعة أشجار صلبة مثل «راد باد»، و«السنديان الأبيض» والبندق، التي يمكنها تحمُّل الحرارة الشديدة والفيضانات.
ويسعى مسؤولو الأشجار في المدن الأميركية إلى تنويع الأصناف التي تتم زراعتها بغرض التحوط من الأمراض والآفات الزراعية، حيث يستهدفون ألا يزيد نوع معين من الأشجار عن 10% من إجمالي الكساء الشجري في أية مدينة. وكانت ديترويت قد خسرت الجزء الأكبر من ثروتها الشجرية، خلال الفترة ما بين خمسينات وتسعينات القرن الماضي؛ بسبب مرض «الدردار الهولندي»، ونوع من الخنافس يطلَق عليه «حفار الدردار القرمزي».
وتقول مديرة إدارة الغابات بالمناطق الحضرية في ديترويت جيني شوكلينج، إن «40 في المائة من غابات المدينة، اليوم، ما زالت في حالة سيئة»، موضحة أن «هذه الأشجار تضم أنواعاً عرضة للآفات وأقل تحملاً للعواصف، مما يجعلها خطراً على الممتلكات ومنشآت البنية التحتية، كما تتسبب في كميات كبيرة من الفضلات الناجمة عن تساقط الورق والأغصان».
وتُعدّ حماية الأشجار في المناطق الحضرية مسألة حياة أو موت، بالنسبة لكوكب يعاني من مشكلة الاحترار العالمي، فالحرارة المرتفعة تقتل قرابة 12 ألف شخص سنوياً في الولايات المتحدة، ويقول الخبراء إن هذا العدد قد يرتفع إلى نحو 100 ألف، بحلول نهاية القرن الحالي. ووجدت دراسة، نشرتها دورية «لانسيت» العلمية، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن زيادة عدد الأشجار في مدينة ما بنسبة 30 في المائة، قد تقلل حالات الوفاة، الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، بواقع الثلث تقريباً.
وتشير الإحصاءات إلى أن المناطق السكنية الفقيرة في الولايات المتحدة، التي تسكنها أغلبية غير بيضاء، تقلُّ فيها أعداد الأشجار، ولهذا ترتفع فيها درجات الحرارة بفوارق كبيرة، مقارنة بالمناطق السكنية الأكثر ثراء، ومن ثم الأكثر خضرة، وفق موقع «بوبيولار ساينس».
ويقول رئيس منظمة «أمريكان فوريستس» أي الغابات الأمريكية، جيد دالي، وهي منظمة غير ربحية تهدف للحفاظ على الأشجار، إن «خريطة الأشجار في أية مدينة أمريكية هي خريطة للعِرقيات ومعدلات الدخل». وفي خضمّ هذه المشكلة، ربما يَلوح ضوء في نهاية النفق المظلم، فقانون الحد من التضخم، الذي جرى إقراره في الولايات المتحدة، العام الماضي، يرصد 1.5 مليار دولار لبرنامج خدمات الغابات في المناطق الحضرية، بما يمثل زيادة خمسة أمثال عن الميزانية الحالية للبرنامج.
ويؤكد خبراء مثل دالي أن مثل هذا التمويل قد يسهم في إحداث تحويل إيجابي بخريطة الكساء الأخضر في المناطق الحضرية بالولايات المتحدة.



دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
TT

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)

كشف بحث جديد أنه يمكن لفيروس إنفلونزا الطيور أن يصيب الخيول دون أن يسبب أي أعراض، مما يثير المخاوف من أن الفيروس قد ينتشر دون أن يتم اكتشافه، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

ويعتبر ذلك تطوراً آخراً في التهديد الناشئ لفيروس H5N1، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره السبب الأكثر ترجيحاً للوباء المقبل.

اكتشف علماء من جامعة غلاسكو في المملكة المتحدة أجساماً مضادة للفيروس في عينات دم مأخوذة من خيول تعيش في منغوليا.

وقال البروفسور بابلو مورسيا، الذي قاد البحث، لشبكة «سكاي نيوز» إن النتائج تشير إلى أن الخيول في جميع أنحاء العالم قد تكون عرضة للإصابة في المناطق التي يوجد بها إنفلونزا الطيور، وقد تنقل الفيروس إلى البشر.

وتابع: «من المهم للغاية، الآن بعد أن علمنا أن هذه العدوى يمكن أن تحدث في الطبيعة، أن نراقبها لاكتشافها بسرعة كبيرة... تعيش الخيول، مثل العديد من الحيوانات المستأنَسة الأخرى، على مقربة من البشر. وإذا استقر هذا الفيروس في الخيول، فإن احتمالية الإصابة البشرية تزداد».

ويعتقد الفريق في مركز أبحاث الفيروسات التابع لمجلس البحوث الطبية بجامعة غلاسكو أيضاً أن الخيول قد تكون وعاء خلط لسلالات جديدة من الإنفلونزا.

من المعروف بالفعل أن الخيول يمكن أن تصاب بإنفلونزا الخيول، التي يسببها فيروس H3N8. ولكن إذا أصيب الحصان في نفس الوقت بفيروس H5N1، فقد يتبادل الفيروسان المادة الوراثية ويتطوران بسرعة.

كان فيروس H5N1 موجوداً منذ عدة عقود، ويتسبب في تفشّي المرض بين الدواجن إلى حد كبير. ولكن في السنوات الأخيرة انتشر نوع جديد من الفيروس في جميع أنحاء العالم مع الطيور المهاجرة، وقفز مراراً وتكراراً بين الأنواع ليصيب الثدييات.

ينتشر الفيروس بين الأبقار في الولايات المتحدة؛ حيث أُصيب أكثر من 700 قطيع من الأبقار الحلوب في 15 ولاية، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وقال الدكتور توليو دي أوليفيرا، مدير مركز الاستجابة للأوبئة والابتكار في جنوب أفريقيا، الذي اكتشف لأول مرة متحور «أوميكرون»، في جائحة «كوفيد - 19»، إنه يراقب الأحداث في أميركا بخوف.

وشرح لشبكة «سكاي نيوز»: «آخر شيء قد يحتاجون إليه في الوقت الحالي هو مسبِّب مرض آخر تطور وتحور... إذا أبقي فيروس H5N1 منتشراً لفترة طويلة عبر حيوانات مختلفة وفي البشر، فإنك تمنح الفرصة لحدوث ذلك. لا أحد يريد جائحة محتملة أخرى».