العلاقة بين النظام الغذائي والإمساك: الأسباب والحلول

بعض الناس يعاني من انخفاض في انتظام الجهاز الهضمي تزامناً مع تغيير كبير في نظامهم الغذائي (أرشيفية - رويترز)
بعض الناس يعاني من انخفاض في انتظام الجهاز الهضمي تزامناً مع تغيير كبير في نظامهم الغذائي (أرشيفية - رويترز)
TT

العلاقة بين النظام الغذائي والإمساك: الأسباب والحلول

بعض الناس يعاني من انخفاض في انتظام الجهاز الهضمي تزامناً مع تغيير كبير في نظامهم الغذائي (أرشيفية - رويترز)
بعض الناس يعاني من انخفاض في انتظام الجهاز الهضمي تزامناً مع تغيير كبير في نظامهم الغذائي (أرشيفية - رويترز)

ليس من غير المألوف على الإطلاق أن يعاني الناس من انخفاض في انتظام الجهاز الهضمي تزامناً مع تغيير كبير في نظامهم الغذائي، حتى عندما يبدو أن هذا التغيير صحي. وحسب تقرير نُشر في صحيفة «أخبار أميركا»، فيما يلي أربعة من أكثر الأسباب شيوعاً التي تجعل الناس يصابون بالإمساك استجابةً لتغيير أنماط النظام الغذائي، وكيفية إصلاحها، بما في ذلك الأطعمة التي تساعد في علاج الإمساك.
1- تجنب وجبة الإفطار
من الناحية الهرمونية، يقدم الصباح ظروف التبرز المثالية. بفضل الارتفاع الطبيعي في هرمون الكورتيزول الذي يبدأ عند الفجر ويبلغ ذروته بحلول الساعة 10 صباحاً تقريباً، تستيقظ أمعاؤنا من سباتها طوال الليل وتصبح مستجيبة للعديد من المحفزات التي يقدمها اليوم مثل زيادة التوتر والاهتزاز الكيميائي لحمض الكلوروجينيك الناتج عن قهوة الصباح، والأهم من ذلك، رد الفعل العصبي في الجهاز الهضمي الناجم عن فعل تناول الطعام.
يؤدي تناول الطعام في أي وقت من اليوم إلى إثارة رد الفعل المعدي القولوني، وهي إشارة عصبية من الجزء العلوي من الجهاز الهضمي إلى القولون، تحثه على التقلص ونقل الأكل لاستيعاب الوجبة التي يتم تناولها حالياً، ولكن بالنسبة للعديد من الأشخاص، فإن تناول الطعام في الصباح، عندما يكون الكورتيزول قد بدأ بالفعل في القولون، من المرجح أن ينتج عنه موجة تقلص تؤدي إلى حركة الأمعاء أكثر من تناولها في أوقات أخرى من اليوم.
بعبارة أخرى، بالنسبة للبعض، فإن «نافذة» البراز في الصباح هي نافذتهم الوحيدة للتبرز طوال اليوم. وتخطي وجبة الإفطار يزيد من احتمالية الإمساك. إذا كان الأمر كذلك، فقد لا يكون الصيام المتقطع أو غيره من بروتوكولات تخطي الإفطار هي الأنسب لنظامك الغذائي.
2- نظام غذائي يفتقر إلى الألياف القابلة للذوبان
العديد من أنظمة الحمية الشائعة - مثل كيتو، حمية الكربوهيدرات المحددة، ونظام- «AIP» تتطلب التوقف عن تناول الحبوب. وبعضها ينطوي على تقليل تناول الخضراوات الجذرية والفاكهة أيضاً. غالباً ما يتم تغيير هذه الأطعمة الغنية بنوع من الألياف يسمى الألياف القابلة للذوبان ببدائل منخفضة الكربوهيدرات مثل الخضراوات الورقية والتوت والمكسرات، وهي غنية بنوع من الألياف يسمى الألياف غير القابلة للذوبان.
قد يبدو تبديل نوع من الألياف بآخر تداولاً متساوياً، ولكن في الواقع، يتصرف نوعا الألياف بشكل مختلف تماماً في الجهاز الهضمي. يعد الشوفان والفول من بين أفضل مصادر الألياف الغذائية القابلة للذوبان، ولكن إذا كنت ملتزماً بالابتعاد عن الحبوب والبقوليات، فمن المصادر الأخرى ما يلي:
«الخضار» الجذرية، مثل الشمندر والجزر والبطاطا الحلوة. القرع الشتوي واليقطين. بذور الشيا. الأفوكادو. البطيخ والتفاح والكمثرى والمانجو والبابايا والكيوي. الكوسة والفاصوليا والفطر والبروكلي.
3- نظام غذائي قليل الدهون
عندما يقوم الناس بتغييرات في النظام الغذائي مثل التخلي عن اللحوم ومنتجات الألبان والتحول من البيض إلى بياض البيض أو اتباع نظام غذائي نباتي بالكامل، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل الدهون بشكل كبير. ومع ذلك، ما قد لا تعرفه هو أن الدهون تلعب دوراً في تحفيز الحركة في القولون، مما يعزز بدوره حركات الأمعاء المنتظمة. تحفز الوجبات والأطعمة المجمعة التي تحتوي على بعض الدهون رد القولون بشكل أساسي. استجابةً للانعكاس المعدي القولوني، يزيد القولون من حركته لإفساح المجال أمام ما يتجه نحوه. المنعكس المعدي القولوني هو أحد الأسباب التي تجعل الوجبات عالية الدهون جداً تسبب حاجة ملحة للتبرز - وحتى الإسهال - بعد تناول الوجبة بوقت قصير لدى بعض الأشخاص.
عندما يحدث أن يكون نمط نظامك الغذائي الصحي أيضاً نمطاً غذائياً منخفض الدهون، فقد تجد أحياناً أن وجباتك لا تثير استجابة قوية للجهاز الهضمي كما اعتادت وتصاب بالإمساك. إذا لم تكن متأكداً مما تأكله عند الإصابة بالإمساك، فحاول تضمين الدهون الصحية في وجباتك في كثير من الأحيان: الأفوكادو، وزبدة المكسرات، وبذور اليقطين أو عباد الشمس، والطحينة، والحمص، ورذاذ إضافي من زيت الزيتون أو الأسماك الدهنية مثل السلمون.
4- نظام غذائي يتخلى عن السكريات الطبيعية
بعض الأنظمة الغذائية التي هي أكثر تقييداً في الدورة الدموية هذه الأيام تتخذ نهجاً متشدداً جداً تجاه الأطعمة التي تحتوي على أكثر من الحد الأدنى من السكر الطبيعي، مثل الحليب أو الزبادي، وفواكه مثل الموز والعنب والمانغو والكرز أو البطيخ، والفواكه المجففة مثل المشمش وحتى بعض الخضراوات الجذرية مثل الجزر والشمندر.
ومع ذلك، فإن العديد من السكريات الطبيعية الموجودة في مثل هذه الأطعمة - اللاكتوز في منتجات الألبان، والفركتوز أو السوربيتول في بعض الفواكه - يمكن أن تمارس تأثيراً مليناً خفيفاً في القولون لدينا عن طريق جذب الماء إلى الأمعاء. لذلك إذا كنت تتناول الأطعمة الواردة في هذه القائمة بانتظام، فربما لم تكن قد أدركت إلى أي مدى كانت تساهم في وظيفة الجهاز الهضمي السلس سابقاً في شكل براز أكثر ليونة حتى تتخلى عنها.


مقالات ذات صلة

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».