«العمال البريطاني» يصوت على اختيار زعيم جديد

بدأ حزب العمال البريطاني المعارض، أمس، انتخابات لاختيار زعيم جديد له وسط ترجيحات بفوز جيرمي كوربين، الاشتراكي المخضرم الذي يتوقع أن يميل بالحزب باتجاه اليسار المتشدد، في هذه الانتخابات.
ودخل كوربين (66 عاما) مرشحًا غير مرجح فوزه، إلا أنه استقطب الكثير من دعم القاعدة الشعبية، مما دفع الكثير من أنصاره إلى تشبيهه بالرئيس الأميركي باراك أوباما. إلا أن سياسات كوربين أقرب إلى سياسات حزب سيريزا اليوناني اليساري المتشدد. وحذر عدد من كبار الشخصيات في حزب العمال من أن الحزب تحت زعامته لا يمكن أن يفوز بالسلطة في بلد عادة ما يفوز أو يخسر فيها الحزب تبعا لاقترابه من الوسط.
وكوربين من المعجبين المخضرمين بكارل ماركس وتقدم على خصومه على أساس وعد بإجراء تغيير جذري بإعادة الحزب إلى جذوره الاشتراكية. وسيتعين على الفائز حشد أنصار الحزب في استفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ومن المرجح أن يصبح المنافس الرئيسي لحزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في انتخابات عام 2020.
وبعد أن مُنِي حزب العمال في مايو (أيار) بأسوأ هزيمة انتخابية منذ عام 1987، يتنافس أربعة مرشحين في انتخابات وصفها توني بلير رئيس الوزراء الأسبق وأنجح زعيم لحزب العمال بأنها عملية شد وجذب بين عقل الحزب وقلبه. فمن ناحية هناك من يقولون إن غضبا من ناحية اليساريين إزاء إجراءات خفض الإنفاق التي تنتهجها حكومة المحافظين يشير إلى أن حزب العمال يجب أن يقترب من جذور تأسيسه التي تعود إلى الحركات الاشتراكية والنقابية في أوائل القرن العشرين. وكتب توني بلير الذي تولى رئاسة الوزراء زعيما لحزب العمال في الفترة من 1997 حتى 2007 في صحيفة «غارديان» أول من أمس: «الحزب يسير مغمضا عينيه ومادا يديه في اتجاه منحدر في نهايته صخور حادة حان الوقت لوقفه».
وسيتم الإعلان عن نتائج انتخابات زعامة الحزب في 12 سبتمبر (أيلول)، ويحق لأكثر من 600 ألف من أعضاء وأنصار الحزب التصويت فيها. ويقول أنصار كوربين، الذي عادة ما يرتدي سترة وبنطالا قديمين يتناقضان مع البدلات الأنيقة التي عادة ما تُشاهد في ويستمنستر. إن أسلوبه المباشر وعدم ارتباطه بشخصيات مثل توني بلير تجعل منه شخصية متفردة وجديدة في وقت يشتد فيه التهكم من السياسة وكوربين في البرلمان منذ 1983، إلا أنه لم ينل أي منصب سياسي بارز، بل إنه عارض الإجراءات التقشفية ومشاركة بلاده في الحرب على العراق في 2003. ويرغب كوربين بالتخلص من أسلحة بريطانيا النووية، وإعادة تأميم بعض القطاعات وبينها السكك الحديد، كما يريد إشراك حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني في محادثات السلام في الشرق الأوسط.
وقال كوربين في مقابلة مع صحيفة «غارديان» هذا الشهر: «الأجواء مناسبة وموجودة، نحن لا نمارس السياسة التي تعتمد على المشاهير أو الشخصيات أو السياسة المسيئة، نحن نعتمد على الأفكار». وأطلقت انتخابات الزعامة على الحزب عندما استقال زعيمه السابق إد مليباند بعد هزيمته أمام رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في الانتخابات العامة التي جرت في مايو الماضي.
ويتنافس على المنصب إضافة إلى كوربين ثلاثة مرشحين آخرين أكثر وسطية، وهم اندي بورنهام وايفيت كوبر، وهما وزيران سابقان في حكومتي بلير وغوردن براون، إضافة إلى النائبة ليز كيندال.
يقول شارلي بيكيت الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد إن بورنهام وكوبر «يعانيان من تاريخهما في المشاركة في إخفاقات سابقة لدرجة أنه لا يمكن أن يكون لهما صوت خاص بهما» بينما تفتقر حملة كيندال إلى «الجوهر».
ورغم أن الثلاثة تجنبوا شن هجمات شخصية ضد كوربين، فإن كوبر قال أول من أمس إن كوربين يقدم «حلولا قديمة لمشكلات قديمة، ولا يقدم أجوبة جديدة لمشكلات اليوم». وانتشرت مخاوف بشأن نزاهة المنافسة بعد أن سجل مئات من غير أنصار حزب العمال أسماءهم للمشاركة في الاقتراع.
ورفض حزب العمال نحو 1200 طلب من أعضاء أو أنصار الأحزاب الأخرى الذي رغبوا في الانضمام إلى الحزب كأنصار مسجلين مقابل دفع 3 جنيهات (5 دولارات، 4 يوروات) والمشاركة في التصويت.
واستقطب كوربين الدعم من مجموعة من الناخبين بينهم شبان مهنيون يعملون في المدن البريطانية، وغير راضين عن النخب الحاكمة، ويعتبرون أن البرلمان معزول عن النقابات التي تشكل حجر الأساس التقليدية للحزب. وفيما ترجح المراهنات واستطلاعات الرأي فوز كوربين، فإن الانتخابات ستجري ضمن نظام يسمح للناخبين باختيار المرشحين الأول والثاني المفضلين لديهم مما يجعل من الصعب توقع النتيجة.