الأحزاب المسيحية غير متحمسة لحوار ثنائي مع فرنجية

اتهامات له بأنه حليف «حزب الله» منذ 30 عاماً

الوزير السابق سليمان فرنجية في حديثه التلفزيوني الأخير الذي دعا فيه إلى حوار ثنائي مع قادة الأحزاب المسيحية (من حسابه على «تويتر»)
الوزير السابق سليمان فرنجية في حديثه التلفزيوني الأخير الذي دعا فيه إلى حوار ثنائي مع قادة الأحزاب المسيحية (من حسابه على «تويتر»)
TT

الأحزاب المسيحية غير متحمسة لحوار ثنائي مع فرنجية

الوزير السابق سليمان فرنجية في حديثه التلفزيوني الأخير الذي دعا فيه إلى حوار ثنائي مع قادة الأحزاب المسيحية (من حسابه على «تويتر»)
الوزير السابق سليمان فرنجية في حديثه التلفزيوني الأخير الذي دعا فيه إلى حوار ثنائي مع قادة الأحزاب المسيحية (من حسابه على «تويتر»)

لا يبدو أن كل الجهود والمبادرات الإقليمية والدولية لإحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية في لبنان تفعل فعلها داخلياً؛ إذ تتشدد القوى السياسية اللبنانية، وبخاصة المسيحية منها.
وبعد تعثر كل محاولات البطريرك الماروني بشارة الراعي جمع القيادات المسيحية الأربعة، أي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ورئيس حزب «الكتائب اللبنانية» سامي الجميل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية على طاولة واحدة للحوار وإيجاد مخارج للأزمة الرئاسية المستمرة منذ الشغور في رئاسة الجمهورية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اقترح فرنجية مؤخراً، وهو أحد المرشحين راهناً للرئاسة بعد تبني ترشيحه من قِبل «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل»)، «حواراً ثنائياً» بينه وبين باقي القيادات المسيحية لاعتباره أن حواراً جامعاً لهذه القيادات، يمكن أن يكون «فخاً»، حسب تعبيره، مشترطاً أن تكون هذه اللقاءات في بكركي أو في أي مكان، ولكن ليس في مقر أي طرف، مؤكداً أنه سيكون على مسافة واحدة من الجميع إذا انتخب رئيساً.
وكما فرنجية لا يؤيد جعجع حواراً موسعاً للقيادات في بكركي، وهو كان أبلغ البطريرك بشارة الراعي بذلك، فيما يبدو باسيل أكثر المتحمسين لهكذا حوار والجميل غير ممانع له.
ولكن لا تشير المعطيات إلى أن حواراً ثنائياً بين فرنجية وباقي القيادات سيكون مخرجاً للأزمة؛ إذ إن القوى المسيحية لا تبدو متحمسة لحوار مماثل ولا تعول على ما سينتهي إليه.
والأرجح، أن البيان الذي صدر عن «التيار الوطني الحر» أخيراً رداً على فرنجية أكبر دليل على مستوى الشرخ بين الطرفين وتعذر أي لقاء قريب بينهما. إذ نفى «التيار» في بيان أن «يكون لرئيسه النائب جبران باسيل، أي دور أو علاقة بـ(صفقة مرفأ بيروت)، خلافاً لما ورد في مقابلة تلفزيونيّة لأحد المرشّحين الرّئاسيين» (في إشارة إلى فرنجية) وتساءل بيان «التيار»: «ما الّذي يؤمَل من مرشّح رئاسي يرمي بالحرام خصومه السّياسيين، سوى تعزيزه سياسة الإفلات من العقاب؟!».
ويؤكد النائب في تكتل «لبنان القوي» (نواب «التيار») جيمي جبور «أن لا مشكل أبداً بالتلاقي، ولكن موقفنا واضح من ترشيح فرنجية وسبق أن حصل لقاء بينه وبين الوزير باسيل، ولا أظن أن اللقاء يبدّل موقف التيار من الرئاسة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه يبقى أن «الحوار الأوسع يجب أن يستأنف بين الكتل النيابية المعنية بالاستحقاق الرئاسي للخروج من الجمود القاتل من دون استعمال أساليب التهديد والتهويل بالفراغ الطويل، وعلينا أن ندرك جميعاً أن دور الداخل يبقى أساسياً والاتكال على تفاهمات الخارج لا يمكن أن يلغي دورنا وقرارنا في هذا الاستحقاق».
من جهته، يوضح النائب عن حزب «الكتائب» إلياس حنكش، أن «العلاقة الشخصية بين الحزب وفرنجية جيدة ولا أشكال على الإطلاق بعقد أي لقاء في بيت الكتائب المفتوح للجميع؛ فقد سبق أن عقدنا لقاءً معه قبل سنوات وقلبنا صفحة الخلافات الأليمة»، مشدداً في الوقت عينه على أن «العلاقة الشخصية شيء والموقف السياسي المبدئي شيء آخر؛ باعتبار أن فرنجية بنهاية المطاف هو مرشح فريق ولا يمكن اليوم لأي فريق أن يفرض مرشحه على الفريق الآخر». ويلفت حنكش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «رئيس المردة هو حليف (حزب الله) منذ أكثر من 30 عاماً، ولا يمكن أن يكون مرشحاً توافقياً اليوم... كذلك موضوع تقديم ضمانات لم يعد مقنعاً لأننا اختبرنا ماذا فعلوا بالضمانات التي أعطوها للرئيس سعد الحريري بعدم استخدام الثلث المعطل كما بالضمانات التي أُعطيت للفريق الذي انتخب الرئيس ميشال عون، وإن كنا ندرك أن فرنجية من طينة مختلفة».
وفي حين تترك مصادر «القوات» القرار بالموافقة على عقد لقاء ثنائي مع فرنجية لرئيس الحزب سمير جعجع، في حال كان هناك طلب رسمي لعقد لقاء مماثل، تؤكد أنه «لن يغير بمجرى الأمور شيئاً وبقرارنا الحاسم عدم السير بمرشح من فريق (8 آذار)».
وتشير المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «لا مشكلة على المستوى الشخصي مع فرنجية، لكن على المستويين الوطني والسياسي هناك مشكلة كبيرة، خاصة أنه أكد في إطلالته الأخيرة أنه لا يخجل أنه جزء من فريق (8 آذار) وحليف للرئيس السوري بشار الأسد ولأمين عام (حزب الله) حسن نصر الله»، مضيفة «نحن نعتبر أن السبب الرئيسي للأزمة في لبنان هو فريق (8 آذار)، سواء نتيجة سلاح (حزب الله) أو بموضوع إدارته للدولة». وتشدد المصادر على أن «فريقاً انقلب على كل الضمانات، من اتفاق الطائف إلى اتفاق الدوحة، وغيرهما من التفاهمات لا يمكن أن يعطي اليوم ضمانات؛ لأن لا ثقة به أصلاً، أضف أن فرنجية لن يكون بموقع أن يأخذ شيئاً من (حزب الله)؛ لأن الحزب هو من سيكون في هذا الموقع باعتبار أنه سيدين له بوصوله إلى سدة الرئاسة». وتقول المصادر «الضمانات يقدمها ويترجمها رئيس على مسافة واحدة من الجميع، وليس جزءاً من الفريق الممانع الذي دمر لبنان وأودى به إلى جهنم».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

المجتمع المدني يسابق التغيير بورشات تثبّت دوره في سوريا الجديدة

اجتماع لنشطاء المجتمع المدني في حي القصور بدمشق  السبت (الشرق الأوسط)
اجتماع لنشطاء المجتمع المدني في حي القصور بدمشق السبت (الشرق الأوسط)
TT

المجتمع المدني يسابق التغيير بورشات تثبّت دوره في سوريا الجديدة

اجتماع لنشطاء المجتمع المدني في حي القصور بدمشق  السبت (الشرق الأوسط)
اجتماع لنشطاء المجتمع المدني في حي القصور بدمشق السبت (الشرق الأوسط)

مع انتهاء الأسبوع الأول لسقوط نظام الأسد في سوريا، بدأت موجة الاحتفالات تتراجع في الشارع لتتحول إلى عقد اجتماعات للتفكير بصوت مرتفع في المنازل والمقاهي والأماكن العامة، بعد 50 عاماً من منع التجمع والتعبير عن الرأي، وحتى المشاركة بالشأن العام دون موافقة أمنية مسبقة تحت طائلة الاعتقال والتغييب.

وفي حالة غير مسبوقة، يعود المشهد السوري إلى عام 1918 الذي شهد الاستقلال عن الدولة العثمانية. في حينها انخرط المجتمع السوري بكامل أطيافه في ولادة الدولة الجديدة التي سرعان ما أحبطها الانتداب الفرنسي عام 1920، ليبدأ عهد نضال السوريين، ويمتد على مدى قرن.

المجتمع المدني يناقش موقعه الجديد في سوريا بدمشق (الشرق الأوسط)

ولا شك أن سقوط النظام المفاجئ والإعلان عن تشكيل حكومة إنقاذ فرضا على السوريين المبادرة للحفاظ على هذا «النصر»، والتعاون مع حكومة الإنقاذ التي لم تختبرهم ولم يختبروها، في إجماع شبه عام، على أن يمارس الجميع أدوارهم في مستقبل جديد ما داموا حلموا به، ودفعوا ثمنه باهظاً.

ومن دمشق إلى حمص وطرطوس واللاذقية والقرى والبلدات، تُعْقد الاجتماعات المصغرة والموسعة وسط اتصالات لا تهدأ، لتتحول البلاد بين ليلة وضحاها إلى خلية نحل، وسط توافد لوسائل الإعلام العالمية، وازدياد حركة العائدين السوريين من الشتات، التي بدأ أول انعكاساتها الإيجابية في تحسُّن قيمة العملة المحلية، حيث هبط سعر الدولار الأميركي من 30 ألف ليرة في دمشق ليلة سقوط النظام، إلى 11 ألف ليرة سورية، الأحد.

سلمى صياد الناشطة النسوية ومديرة «ملتقى نيسان الثقافي» في جرمانة، قالت لـ(الشرق الأوسط): «كل يوم هناك مبادرة أو اثنتان»، ما يذكِّر بالنشاط الذي جرى عام 2011 عندما خرجت الاحتجاجات الشعبية ضد النظام. «كانت هناك مبادرات تشمل كل شيء بدءاً من الدعم النفسي للضحايا، وإغلاق ملف المعتقلين والمفقودين، وطرح المخاوف النسوية ومكونات المجتمع». وعن المبادرات في مدينة جرمانة جنوب دمشق، قالت دَعَوْنَا إلى تغيير اسم الساحة من ساحة «الرئيس» إلى ساحة «الكرامة»، ورفعنا شعار «سوريا لكل السوريين... جرمانة ترحب بكم»، باحتفالية شعبية. وقبلها بساعتين تطوع الشباب لتنظيف الشارع العام، وكل يوم هناك مبادرات من هذا القبيل.

ولفتت صياد إلى أن حجم التجاوب الشعبي مع المبادرات منذ الأيام الأولى كان مفاجئاً باتساعه، «عندما دعونا إلى جنازة الشهيد تحت التعذيب (مازن حمادة)، كنا نحو 200 شخص في نقطة الانطلاق من أمام (مشفى المجتهد)، وعندما وصلنا ساحة الحجاز كان العدد بالآلاف، من كان في الشارع انضم للتشييع، فالجميع لديه تعطُّش للمشاركة والإدلاء برأيه».

وفي مواجهة حملات التخويف من «هيئة تحرير الشام» واحتمالات فرضها «نموذج الحكم الإسلامي»، مع ازدياد الالتفاف الشعبي حول القائد أحمد الشرع، بدأ السوريون، لا سيما نشطاء المجتمع المدني والنسويات، بالدعوة لعقد لقاءات لبحث دورهم في المرحلة المقبلة وطرق التعاون مع الحكومة التي لا تعرفهم ولا يعرفونها، لصياغة هُوية وطنية بوصفها معبّراً عن وجودها وثقلها في الواقع السوري، فالقادمون من الشمال حملوا معهم تطمينات للأقليات الدينية، إلا أنهم لم يلتقوا حتى اليوم بالمجتمع المدني بتوجهاته الفكرية المتنوعة

مصلية في كنيسة قربة معلولا شمال دمشق الأحد (إ.ف.ب)

في دمشق، التقت مجموعة نشطاء مدنيين في أحد مقاهي حي القصور، يوم السبت، لبحث كيفية حضورهم في الشأن العام، بالتعاون مع السلطة الجديدة، في الوقت الذي كانت فيه مجموعة من الناشطات في معتقل صيدنايا يبادرن إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من وثائق في المعتقل كيلا تتعرض للضياع نتيجة الفوضى، وبالتوازي دعت سيدات من النخبة الاجتماعية والثقافية إلى لقاء نسوي، الأحد، بحي الروضة، وآخر مماثل في جرمانة جنوب دمشق يُعْقَد، الاثنين، بينما دعت مبادرة الحوار المدني في طرطوس، إلى «عقد مؤتمر تأسيسي» في مقهى «نخلة التنين»، الأحد، لصياغة «هوية للتجمع وتصوراته للعمل المدني في محافظة طرطوس». كما شهدت مدينة اللاذقية خلال الأيام القليلة الماضية، اجتماعات عدة بين نشطاء المدينة وذلك إلى جانب اجتماعات أهلية في الأحياء، وتشكيل مجموعات لتنظيم العمل التطوعي في المجال الخدمي.

المحامي جبر الهندي أحد الداعين للاجتماع في حي القصور في دمشق، قال: «الآن بدأنا نُفيق من صدمة سقوط النظام، وباتت الضرورة مُلحة للاجتماع والتفكير بصوت عالٍ، وتبادل الأفكار، وبدء العمل فوراً: «لأن كل الاحتمالات واردة... الآمال كبيرة، لكن التخوفات أكبر».

من جهته، قال المحامي عز الدين الذي شارك في اجتماع حي القصور: «اجتمعنا بوصفنا مجموعة نشطاء مهتمين بالشأن العام، كي نأخذ دورنا في التغييرات الحاصلة على الأرض، ولنكون في الشارع مع الناس لتلبية احتياجاتهم، سواء كانت معرفية أم إغاثية وغيرها، والمساهمة في نشر الوعي حول دور المواطن وتفعليه كي يكون «مؤثراً في القرار واختيار من يمثله في المرحلة المقبلة».

بولس حلاق ناشط في المجتمع المدني ومهتم بالشأن العام، أشار إلى أنه في اليوم التالي لـ«التحرير» بدأت اجتماعات النشطاء والمشاركة بالتفكير بطريقة عملية من منطلق «نحن أشخاص متعددو الاختصاصات جَمَعَنا هَمٌّ واحد وهو هَمّ البلد، ونحن موجودون في دمشق ونعمل منذ عام 2011 سواء بالسر أم بالعلن وغالباً بالسر. وبعد مجيء سلطة تمكنت من تحرير البلد ضمن ظروف دولية لن نناقشها، لأنها جيدة وإيجابية، حان الوقت لرفع صوتنا، وتحديد دورنا في سوريا الجديدة، والتعبير عما نراه مناسباً لخير البلد، بعيداً عن الافتراضات المسبقة بأنها ستفرض علينا أمراً واقعاً، وما قد يُبنى على تلك الافتراضات من تشكيل كيانات في مواجهة هذه السلطة.

وأكد حلاق: «نحن لنا دورنا، ونحن حاضرون ونعمل، ودفعنا أثماناً مثل أي سوري آخر، وحان الوقت كي نبادر إلى العمل، وألا ننتظر ما سيقدمه الآخرون».

الباحثة والخبيرة الاقتصادية رشا سيروب، قالت إن حالة التغييب السياسي والثقافي والفكري لعقود طويلة تفرض على المجتمع المحلي أن ينشط الآن بشكل كبير لتعويض غياب الدور التقليدي للأحزاب، علماً أنها كانت كثيرة في عهد النظام السابق لكنها كانت «من دون دور»؛ لذلك على المجتمع المدني العمل على «نشر الوعي والثقافة بالمفاهيم المدنية، كمفهوم الدولة والحفاظ على الدولة، والانتماء والولاء، والتركيز على أن الانتماء الولاء هو للدولة وليس لمن يحكم هذه الدولة». ولفتت سيروب إلى أن التغيير المفاجئ الذي حصل أثار مخاوف المجتمع المدني، «ليس اعتراضاً، وإنما خشية من تجارب سابقة في دول أخرى».

غازي محمد المحمد سجين سابق في أحد سجون دمشق مع والدته في منزلهما في سرمدا بمحافظة إدلب خلال خمسة أشهر ونصف الشهر في السجن فقد غازي 40 كيلوغرامًا (أ.ف.ب)

حبيب برّازي ناشط سياسي ومعتقل سابق، رأى أن تغييب المجتمع المدني في الفترة السابقة، جعل السلطة تنفرد بكل شيء، وأن تفعيل المجتمع المدني في سوريا، اليوم، بكل أشكاله سواء كان تجمعات اجتماعية أم ثقافية أم سياسية أم جمعيات أهلية أو نقابات، وغيرها هو «ما يشكل قوة رأي عام أساسية معادلة لأي قوة ثانية ستفرض نفسها. وشدد على أنه إذا لم يوجد النشطاء على الأرض ليأخذوا مواقعهم، لا يمكن لوم الآخر إذا استأثر بكل المواقع. كما لفت إلى ضرورة عدم الاستسلام للتوقعات والمخاوف المسبقة، مثل أنه «إذا جرت انتخابات فسوف يفوزون، علينا، رفع أصواتنا، وتعليم الناس رفع صوتها، وتشكيل رأي عام».