هل تملك كييف ما يكفيها من عتاد لشن هجوم الربيع؟

مخاوف من تمكن روسيا من السيطرة على سماء أوكرانيا مع نفاد صواريخ دفاعاتها الجوية

صواريخ تصنعها «لوكهيد مارتين» الأميركية تم إرسال 2500 إلى أوكرانيا... لكن وثائق هيئة الأركان المشتركة تشير إلى أنه لم يتبق سوى نحو 190 (رويترز)
صواريخ تصنعها «لوكهيد مارتين» الأميركية تم إرسال 2500 إلى أوكرانيا... لكن وثائق هيئة الأركان المشتركة تشير إلى أنه لم يتبق سوى نحو 190 (رويترز)
TT

هل تملك كييف ما يكفيها من عتاد لشن هجوم الربيع؟

صواريخ تصنعها «لوكهيد مارتين» الأميركية تم إرسال 2500 إلى أوكرانيا... لكن وثائق هيئة الأركان المشتركة تشير إلى أنه لم يتبق سوى نحو 190 (رويترز)
صواريخ تصنعها «لوكهيد مارتين» الأميركية تم إرسال 2500 إلى أوكرانيا... لكن وثائق هيئة الأركان المشتركة تشير إلى أنه لم يتبق سوى نحو 190 (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن تشنّ أوكرانيا هجوماً يوصف بأنه سيكون حاسماً في الربيع في محاولة لكسب نقاط لصالحها في الحرب الدائرة على أراضيها مع روسيا، لكن هل تملك كييف ما يكفيها من عتاد لشن هذا الهجوم؟
يقول الكولونيل المتقاعد مارك كانسيان، في تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، إن الوثائق السرية المسربة مؤخراً من وزارة الدفاع الأميركية تحذر من أن الدفاع الجوي الأوكراني على وشك أن يواجه نفاداً في الصواريخ.
ويضيف كانسيان، كبير مستشاري برنامج الأمن الدولي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أنه من الواضح أن هذا أمر سيئ بالنسبة لأوكرانيا، ولكن ما مدى السوء؟ هل ستجوب القوات الجوية الروسية سماء أوكرانيا وتغير مسار الحرب؟ لحسن الحظ، هذا غير مرجح على المدى القريب. وستبقى الطائرات الروسية عرضة للخطر ومن غير المرجح أن تحلّق فوق الأراضي الأوكرانية.
إن صواريخ كروز والطائرات المسيّرة هي مسألة مختلفة. ستكون أوكرانيا قادرة على الدفاع عن قواتها العسكرية بدفاعاتها الجوية المتبقية، ولكن ليس عن مدنها أو بنيتها التحتية. ويمكن أن تتضرر شبكة الكهرباء في أوكرانيا بما يتجاوز ما شوهد في الشتاء الماضي؛ مما يتسبب في مستوى جديد من معاناة المدنيين. وبمرور الوقت، مع ضعف الدفاعات الجوية الأوكرانية، سيصبح الوضع رهيباً بشكل متزايد إذا لم يوفر حلف شمال الأطلسي (ناتو) المزيد من أصول الدفاع الجوي.
وكما هو معروف الآن، ظهرت 100 وثيقة سرية لوزارة الدفاع في مصادر مفتوحة، يقال إنها سُربت من قِبل عضو غير بارز في سلاح الجو. وتم سحب الوثائق نفسها من الإنترنت وهي غير متاحة للتحليل. ومع ذلك، فقد راجعت
صحيفتا «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» وغيرهما الوثائق وكتبت عنها. ويقول كانسيان إن أحد الاكتشافات الرئيسية هو أن الدفاع الجوي الأوكراني قد ينفد ما لديه من صواريخ بحلول مايو (أيار). وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أن «مخزونات الصواريخ لنظامي الدفاع الجوي (إس - 300) و(باك) التي تعود إلى الحقبة السوفياتية، والتي تشكل 89 في المائة من حماية أوكرانيا ضد معظم الطائرات المقاتلة وبعض القاذفات، كان من المتوقع أن تنفد بالكامل بحلول 3 مايو ومنتصف أبريل (نيسان)، وفقاً لإحدى الوثائق المسربة». وقد يسمح ذلك لبوتين «بإطلاق العنان لطائراته المقاتلة الفتاكة بطرق يمكن أن تغير مسار الحرب».
ولطالما كان الدفاع الجوي نقطة ضعف أوكرانية، ولكنه أصبح أزمة في الخريف عندما بدأت روسيا في تركيز الهجمات على البنية التحتية والتسبب في مشقة للسكان الأوكرانيين. وأشار تحليل لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ودولاً أخرى لديها قدرة دفاع جوي قليلة نسبياً لتوفيرها؛ لأن معظم دفاعها الجوي الأرضي قد تم تعطيله بعد الحرب الباردة.
وقبل الحرب، لم يكن لدى أوكرانيا سوى عدد قليل من صواريخ «سام» قصيرة المدى، ومن المحتمل أن تكون قد استنفدت. وكان لدى أوكرانيا أيضاً عدد صغير من أنظمة المدافع الأرضية التي على الرغم من أنها عفى عليها الزمن، قد يكون لها بعض القدرات المستمرة ضد الطائرات المسيرة بطيئة الحركة.
وقال كانسيان، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية إن الوضع مع المقاتلات أفضل. وعلى الرغم من أن الأعداد محدودة، ربما أقل من 50، فقد وفّر حلف شمال الأطلسي قطع الغيار للحفاظ على تشغيلها. ويمكن للمقاتلات الأوكرانية التي تعمل فوق أراضيها توفير بعض الدفاع ضد المقاتلات والصواريخ الروسية.
والسؤال الرئيسي هنا هو كم عدد صواريخ «ستينغر» المتبقية. فقد تم إرسال نحو 2500 إلى أوكرانيا، لكن وثائق هيئة الأركان المشتركة تشير إلى أنه لم يتبق سوى نحو 190، وهذا تغيير كبير. وتشير الأرقام الصغيرة إلى وجود الكثير من الثغرات في الدفاع الجوي الأوكراني في الخطوط الأمامية.
وتحتفظ أوكرانيا بما يكفي من أنظمة الدفاع الجوي بحيث لا يزال من الخطر جداً على الطائرات الروسية التحليق فوق الخطوط الأمامية والمنشآت العسكرية الرئيسية. وعدد الطائرات الروسية صغير للغاية لدرجة أنه حتى مع انخفاض مخزونات الصواريخ، يمكن للأوكرانيين إطلاق النار عليها جميعها.
ومنذ بداية الحرب، توقع محللون أن تهدأ الهجمات الصاروخية الروسية مع إطلاق روسيا صواريخ أكثر مما يمكن أن تنتجه صناعتها. والواقع أن كثافة الهجمات الصاروخية تراجعت عن المستويات المرتفعة في الصيف. ومع ذلك، تظهر دراسة حديثة أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن الهجمات كانت ثابتة نسبياً خلال الأشهر القليلة الماضية.
واعتبر كانسيان أن المواطن الأوكراني العادي هو الذي سيشعر بالتأثير. وحتى الآن، تمكنت الدفاعات الجوية الأوكرانية من تقليل، ولكن ليس منع الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، وخاصة الشبكة الكهربائية. ومع انخفاض المخزون الأوكراني من الصواريخ الدفاعية، سيمر المزيد من صواريخ كروز والطائرات المسيرة الروسية؛ مما يتسبب في المزيد من الضرر وانقطاع التيار الكهربائي ومعاناة المدنيين.
ومن منظور عسكري بحت، فإن هذا مقبول لأن العمليات العسكرية ستكون قادرة على الاستمرار بتدخل أقل، ولكنها لا تبعث على الارتياح بالنسبة للسكان الذين يعانون.
وعلى الرغم من الآفاق العسكرية على المدى القريب، هناك أزمة طويلة الأجل مع استنفاد أصول الدفاع الجوي الأوكرانية. ومع ضعف الدفاعات، سيصبح الروس أكثر جرأة وعدوانية. ولمنع روسيا من اكتساب ميزة تشغيلية كبيرة، تحتاج أوكرانيا إلى بعض التعزيز أو إعادة الإمداد بالنسبة لدفاعاتها الجوية.
وعلى الرغم من أن بعض أنظمة الحقبة السوفياتية قد لا تزال متاحة في السوق العالمية، فإنها نادرة. إن أنظمة «الناتو» فقط هي القادرة على ملء الفراغ. وبالنسبة لدول حلف شمال الأطلسي، فإن هذا يعني قبول درجة أعلى من المخاطر من خلال أخذ أنظمة من قواتها الخاصة وخفض مخزونات الذخائر إلى ما دون المستويات المطلوبة. ومع ذلك، من الأفضل كسب الحرب الدائرة بدلاً من خسارتها لصالح حرب مستقبلية قد لا تحدث أبداً.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.