معارك عنيفة في الخرطوم رغم الهدنة

شملت طلعات جوية وقصفاً بالمدفعية الثقيلة

معارك عنيفة في الخرطوم رغم الهدنة
TT

معارك عنيفة في الخرطوم رغم الهدنة

معارك عنيفة في الخرطوم رغم الهدنة

تواصلت المعارك الدامية، لليوم الثالث عشر، في السودان، أمس الخميس، حيث تعيش العاصمة الخرطوم على صوت القنابل وتبادل النيران، وشهدت الخرطوم، صباحاً، قصفاً من طائرات مقاتِلة، ومحاولات للتصدي لها، على الرغم من التوصل إلى اتفاق لوقف القتال، الذي اندلع بين طرفي النزاع منذ نحو أسبوعين.
وقال شهود عيان إن طائرات حربية حلّقت فوق الضاحية الشمالية للخرطوم، التي تشهد تبادلاً للقصف بالمدفعية الثقيلة، على الرغم من هدنة لمدة 72 ساعة بدأت، الثلاثاء، ووافق عليها الطرفان، بعد جهود دبلوماسية من الولايات المتحدة والسعودية ودول وهيئات أخرى. وفي وقت متأخر من ليل الأربعاء، وافق الجيش السوداني، مبدئياً، على مبادرة للمنظمة الحكومية في شرق أفريقيا «إيغاد»، بتكليف رؤساء جنوب السودان، وكينيا، وجيبوتي، بالعمل على حل الأزمة الحالية. ووفق بيان للجيش السوداني، فقد شملت المبادرة «تمديد الهدنة الحالية إلى 72 ساعة إضافية»، و«إيفاد ممثل عن القوات المسلَّحة، وآخر عن الميليشيا المتمردة، إلى جوبا؛ بغرض التفاوض». من جهتها لم تردَّ «قوات الدعم السريع» على مقترح تكتل شرق أفريقيا.

وتدور المعارك، منذ 15 أبريل (نيسان)، بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، في نزاع مسلَّح، بعدما كانا حليفيْن منذ انقلاب 2021، الذي أطاحا، خلاله، بالمدنيين. وأسفرت المعارك، حتى الآن، عن مقتل 512 شخصاً على الأقل، وجرح الآلاف، وفق بيان لوزارة الصحة الاتحادية في السودان، ولكن قد يكون عدد الضحايا أكثر من ذلك نتيجة القتال المستمر. وأوضحت «نقابة الأطباء» السودانية، على صفحتها على موقع «فيسبوك»، في بيان، أمس الخميس، أن الخرطوم وحدها شهدت، الأربعاء، سقوط 8 من هؤلاء القتلى. كذلك أكدت «نقابة الأطباء» السودانية تعرض 14 مستشفى للقصف، وتوقف 19 منشأة طبية عن العمل بسبب الاشتباكات.
كما تصاعد العنف في أجزاء أخرى من السودان، بما في ذلك إقليم دارفور المضطرب، غرب البلاد. وأفاد شهود عيان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، بوقوع «اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، لليوم الثاني على التوالي، بمختلف أنواع الأسلحة». وفرَّ مواطنو الجنينة باتجاه الحدود السودانية التشادية؛ لتجنب العنف، وفق ما أضاف الشهود. وانتشرت أعمال نهب وحرق للمنازل في الجنينة، حيث أفاد أطباء بمقتل طبيب برصاصة طائشة.
وحذَّرت «منظمة الصحة العالمية» من أن «العنف، وتوقف عمل عدد من المستشفيات، والقدرة المحدودة على التزود بالمياه، ونقص المواد الغذائية، واضطرار السكان إلى النزوح»، كلها عوامل تشكل «أخطاراً كبيرة على الصحة في السودان». وأضافت المنظمة الأممية أن «50 ألف طفل في دارفور يعانون من سوء تغذية حادّ»، ومحرومون من أية مساعدات غذائية نتيجة توقف نشاط منظمات الأمم المتحدة، بعد مقتل 5 من موظفيها. ومع اشتداد حِدة القتال في مدن سودانية عدة، يواجه عدد كبير من المحاصَرين في البلاد نقصاً حاداً في الغذاء والماء والكهرباء، فضلاً عن انقطاع خدمات الاتصالات بشكل متكرر. وتقدِّر «الأمم المتحدة» عدد الفارّين بسبب الحرب في السودان إلى دول الجوار، مثل جنوب السودان وتشاد، بنحو 270 ألف شخص.
من جهة أخرى، قال القيادي في تحالف «الحرية والتغيير» خالد عمر يوسف، إن «كل اهتمامنا وجهدنا، الآن، للعمل على وقف هذه الحرب فوراً وبكل الطرق، ولكن في التوقيت نفسه ينشغل طيور الظلام بنشر الأكاذيب حول حقيقة هذه الحرب ومسبباتها، بالترويج لقصص مختلَقة وساذَجة، مستخدمين قاعدة غوبلز، صوت إعلام النازية: اكذب اكذب اكذب حتى يصدقك الناس».
وأشار يوسف إلى أن التوترات بين القوات المسلَّحة و«الدعم السريع» ليست حديثة النشأة، فمنذ تكوين الأخيرة كان هناك موقف خافت لدى بعض قادة الجيش رافض لوجودها، وقد كوَّنها الرئيس المعزول عمر البشير، وجعل لها استقلالية عن القوات المسلحة؛ «لحماية كرسي السلطة الذي يتشبث به، فقد قسّم الرجل المؤسسات الأمنية والعسكرية، وظل يتلاعب على تناقضاتها ليقول أنا أو الانهيار».
وأضاف أنه «عقب ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة، وسقوط نظام الإنقاذ الذي لعبت (قوات الدعم السريع) دوراً مهماً فيه، أصبح هناك موقف مُعادٍ لها في أوساط عناصر النظام السابق؛ لأن قائد (الدعم السريع) قد أسهم بفاعلية في سقوطهم. استراتيجية الحزب المحلول الرئيسية، عقب ذلك، تجلّت في صنع التباينات بين القوات المسلحة و(الدعم السريع)، واستثمارها، وزيادة التناقضات بين المدنيين والعسكريين وإشعالها».
وفي 29 يونيو (حزيران) 2020 «كنا شهوداً على أول أزمة بارزة بين قيادة القوات المسلحة و(الدعم السريع)، وحينها جرت الدعوة لاجتماع موسَّع بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء و(الحرية والتغيير)، وكان بحضور الإمام الصادق المهدي، ركز الاجتماع على نزع فتيل الأزمة، وخلص لتكوين مجموعة ثلاثية مصغرة لإعداد دراسة حول التباينات المدنية - العسكرية، والعسكرية – العسكرية، ومعرفة مخاوف ومصالح كل جهة وكيفية معالجتها، وقد أعدّت تقريراً ضافياً حول هذا الأمر. أذكر، يومها، عقب خروجنا من الاجتماع، مازَحَ أحد المدنيين واحداً من قادة المكون العسكري، قائلاً: عليك الله، لو قررتوا تعملوا انقلاب، اتفقوا ما تختلفوا، عشان ما تكسروا البلد».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

تنسيق مصري - أميركي لدفع جهود وقف إطلاق النار في غزة

وزير الخارجية المصري يلتقي مع نظيره الأميركي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي مع نظيره الأميركي (الخارجية المصرية)
TT

تنسيق مصري - أميركي لدفع جهود وقف إطلاق النار في غزة

وزير الخارجية المصري يلتقي مع نظيره الأميركي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي مع نظيره الأميركي (الخارجية المصرية)

تجري مصر والولايات المتحدة، مشاورات مستمرة من أجل دفع جهود إبرام هدنة في قطاع غزة مماثلة للتي تبدو وشيكة بين لبنان وإسرائيل، بحسب إفادة وزارة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وتتوسط مصر وأميركا، إلى جانب قطر، منذ أكثر من عام، لتبادل المحتجزين، ووقف الحرب الإسرائيلية في القطاع، والتي راح ضحيتها 44 ألفاً و249 قتيلاً، إلى جانب 104 آلاف و746 إصابة، وفق وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.

وقالت «الخارجية المصرية»، إن لقاء وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، مساء الاثنين، على هامش أعمال اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في إيطاليا، جاء في إطار «التنسيق والتشاور الدوري والعمل المشترك لاحتواء التصعيد بالشرق الأوسط، ومناقشة آخر التطورات بالنسبة لمفاوضات الوقف الفوري لإطلاق النار في كل من قطاع غزة ولبنان».

وقال عبد العاطي إنه «لن يتحقق الأمن أو الاستقرار بالمنطقة، دون استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرضي الفلسطينية»، محذراً من «الخطورة البالغة لاستمرار السياسات الإسرائيلية العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني وتداعياتها الكارثية على أمن واستقرار المنطقة والعالم بأسره، في ظل الانتهاكات المتواصلة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».

وشدد وزير الخارجية المصري على ضرورة «نفاذ المساعدات الإنسانية لقطاع غزة في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون»، مشيراً إلى المؤتمر الوزاري الذي ستستضيفه القاهرة لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة، يوم الاثنين المقبل.

ويتوقّع أن تتّخذ إسرائيل قراراً، الثلاثاء، بشأن وقف إطلاق النار بعد شهرين من الحرب ضد «حزب الله» في لبنان. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس خلال اجتماعه في تل أبيب مع مبعوثة الأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت، إن أي خرق لاتفاق وقف إطلاق النار المحتمل مثل إعادة التسلح في الجنوب، سيدفع الدولة العبرية إلى التصرف «بحزم».

وكثّفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة جهودها في الأيام الأخيرة، من أجل التوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حزب الله».

وفي لقاء آخر، مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاياني، حذر الوزير المصري عبد العاطي، من خطورة الأوضاع في الضفة الغربية نتيجة استمرار إسرائيل في سياسة التوسع الاستيطاني.