الموازنة العراقية... بوابة اختبار القوة بين السوداني والقوى السياسية

بعدما عادت إلى دائرة الجدل

TT

الموازنة العراقية... بوابة اختبار القوة بين السوداني والقوى السياسية

عادت الموازنة المالية في العراق لدائرة الجدل من جديد، لكن من البوابة السياسية. ففي الوقت الذي تصر الحكومة ورئيسها محمد شياع السوداني على عدم إحداث تغييرات كبيرة في الموازنة المالية للعام الحالي 2023، فإن القوى السياسية، بعد أن تيقنت أن السوداني طبقاً لتصريحاته قبل يومين لقناة «الأولى» الفضائية عازم على إجراء تعديل وزاري بعد مرور 6 أشهر على تشكيل حكومته، فالموازنة هي البوابة التي تتمكن القوى السياسية وكتلها الممثلة لها في البرلمان من مشاكسة الحكومة ومعاقبتها، وذلك بعدم الموافقة على كثير من أبوابها، خصوصاً أن الموازنة المالية تعاني من عجز كبير، وإن كان افتراضياً، لكن الكتل السياسية وجدت في ذلك فرصة لمزيد من مشاكسة الحكومة. كما أن تحديد سعر برميل النفط بواقع 70 دولاراً أميركياً للبرميل تجده الكتل السياسية والبرلمانية معاً مجازفة غير مأمونة العواقب. ففي حال انخفضت الأسعار، فإن العجز سوف يتضخم. كما أن الجانب السياسي الأكثر أهمية للقوى السياسية، بمن فيهم شركاء السوداني، والذين صوتوا على نيل حكومته الثقة (ائتلاف إدارة الدولة)، هو إعداد موازنة لـ3 سنوات، إذ بدا لها أن الحكومة سوف تكون مطلقة الصلاحيات على صعيد الإنفاق المالي، وربما دون العودة إلى البرلمان. السوداني من جهته يبدو شديد الثقة بنفسه، ومن جهة غير واثق إلى حد كبير من شركائه. ويحاول، كما أعلن عبر لقائه التلفزيوني الأخير الذي كان فيه أكثر صراحة من أي وقت مضى، استعادة ثقة الشعب العراقي بالنظام السياسي. وبينما تعود عملية استعادة الثقة بين الشعب والنظام السياسي بالنفع على الطبقة السياسية، لكن هذه الطبقة بسبب حسابات انتخابية ومصلحية خاصة بها، لا تريدها أن تكون عن طريق رئيس الوزراء، نظراً لأن نجاحها طبقاً لتركيبة النظام السياسي في العراق سيعود له مباشرة، وليس لها. ففي حال رشح لأي انتخابات مقبلة، وقد بدأ الناس يثقون بخطواته، فمن شأن ذلك أن يكسبه مزيداً من الأصوات، وبالتالي المقاعد، وهو ما لا ينسجم مع التركيبة المحاصصية للعملية السياسية في العراق.
وانطلاقاً من ذلك، فإن الإجراءات التي باشرها السوداني على مستوى الخدمات وبعض الإصلاحات الاقتصادية بدأت تعطي نتائج إيجابية، من أهمها حالياً أسعار الدولار الأميركي التي بدأت تتراجع أمام الدينار العراقي. فبعد نحو شهر على أعلى ارتفاع سعر للدولار مقابل الدينار (170 ألف دينار عراقي لكل 100 دولار أميركي) فإنه حتى يوم أمس (الأربعاء) تراجعت أسعار الدولار إلى نحو 139 ألف دينار مقابل 100 دولار، في وقت كانت الحكومة حددت سعر الدينار مقابل الدولار بـ132 ألف دينار عراقي مقابل 100 دولار أميركي، ما يعني لاحقاً انخفاض الأسعار الاستهلاكية في الأسواق. وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي باسم أنطوان لـ«الشرق الأوسط» إن «سعر صرف الدولار الأميركي أمام الدينار العراقي سوف يكون على مستوى سعره الرسمي الذي حددته الحكومة بعد إقرار الموازنة المالية». وأضاف أنطوان أن «هناك من استغل ملف الدولار طيلة الأشهر الماضية»، مبيناً أن «إجراءات الحكومة والبنك المركزي أسهمت في إيقاف عملية صعود الدولار، إلى جانب توفيره في السوق المحلية من خلال نظام المنصة الإلكترونية، وإلزام جميع المصارف المجازة وشركات الصيرفة بالعمل وفقها». وأوضح أن «تلك الإجراءات كانت في الواقع مدروسة، وبالتالي منعت ارتفاعه، وبالتالي انخفاضه تدريجياً».
السوداني من جهته أقر بصعوبة توفير وظائف لكل الخريجين من الجامعات والمعاهد في القطاع العام، وأن الحكومة تعول على القطاع الخاص في إيجاد فرص العمل. وأضاف أنه «سيعمل على دعم المتفرّغين الزراعيين من خريجي كليات الزراعة والبيطرة والمعاهد والإعداديات، بتخصيص الأراضي لهم ومنحهم قروضاً زراعية». من جهتها، بدأت اللجنة المالية في البرلمان العراقي استئناف مناقشة قانون الموازنة العامة الاتحادية للعام الحالي 2023. وقال عضو اللجنة المالية النيابية، جمال كوجر، في تصريح له، إن «اللجنة المالية باشرت بتدقيق أرقام النفقات والعمل على تخفيض نسبة العجز في الموازنة». وأشار إلى أن «الأيام المقبلة ستشهد اجتماعات مكثفة للجنة المالية واستضافة المسؤولين للعمل على إنجاز الموازنة وإقرارها في الشهر المقبل». وكان البرلمان العراقي أنهى خلال شهر رمضان الماضي القراءتين الأولى والثانية لمشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية، الذي قدمته الحكومة قبل نحو شهرين.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

غارات إسرائيلية تستهدف ضاحية بيروت الجنوبية قبل اتفاق وشيك لوقف النار

TT

غارات إسرائيلية تستهدف ضاحية بيروت الجنوبية قبل اتفاق وشيك لوقف النار

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

تجددت الغارات الإسرائيلية العنيفة، اليوم (الثلاثاء)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 6 مواقع.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان مناطقتي برج البراجنة تحويطة الغدير.

وقال: «أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله)»، محذّراً من ضربات وشيكة على منطقة الغبيري.

وتأتي الغارة وسط ترقب لاتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في لبنان. وقال مسؤول إسرائيلي كبير لـ«رويترز» إن إسرائيل تبدو مستعدة للموافقة على خطة أميركية لوقف إطلاق النار الثلاثاء مما يمهد الطريق لإنهاء الحرب التي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين منذ اندلاعها بسبب الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ 14 شهرا.

وأضاف المسؤول أن من المتوقع أن يعقد مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي اجتماعا برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في وقت لاحق اليوم الثلاثاء لمناقشة النص والموافقة عليه على الأرجح.

وأعلن في الولايات المتحدة وفرنسا أمس (الاثنين) أن المفاوضات تسير في الاتجاه الصحيح وأن الدولتين توشكان على إصدار بيان مشترك تعلنان فيه وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وفيما تضاربت التصريحات ومعلومات المصادر حول موعد إعلان البيان، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع في واشنطن، أن الجانبين الأميركي والفرنسي يستعدان لإعلان هدنة بين لبنان وإسرائيل لمدة 60 يوماً تتضمن بدءاً فورياً بإجلاء عناصر «حزب الله» وأسلحتهم من المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني «بشكل يمكن التحقق منه»، مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها منذ بدء الغزو البري المحدود للأراضي اللبنانية. وسيستند الإعلان المرتقب إلى القرار 1701 وسيتضمن إنشاء «آلية مراقبة».

مقتل قيادي عسكري في «حزب الله»

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق، أنه يواصل استهداف القيادات الميدانية في «حزب الله»، مؤكداً «القضاء على قائد العمليات في قطاع الساحل لـ(حزب الله)».

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي: «أغارت طائرات حربية لسلاح الجو على منطقة صور وقضت على الإرهابي المدعو أحمد صبحي هزيمة قائد العمليات في قطاع الساحل لدى حزب الله».

وبحسب أدرعي كان هزيمة «يشرف على مخططات اقتحام الحدود وعمليات إطلاق قذائف مضادة للدروع نحو بلدات إسرائيلة انطلاقًا من القطاع الغربي قبل عملية سهام الشمال». وتابع: «المدعو هزيمة يشغل منصبه خلفًا للقائد السابق الذي تم القضاء عليه في 17 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. ولفت إلى أن «هذا الاستهداف ضربة اخرى لقدرات (حزب الله) في تنفيذ عمليات إرهابية من جنوب لبنان نحو الجبهة الداخلية الإسرائيلية على الحدود الشمالية».