اكتشاف جين القلق في الدماغ

الأدوية المضادة للقلق المتوفرة حالياً منخفضة الفعالية (شاترستوك)
الأدوية المضادة للقلق المتوفرة حالياً منخفضة الفعالية (شاترستوك)
TT

اكتشاف جين القلق في الدماغ

الأدوية المضادة للقلق المتوفرة حالياً منخفضة الفعالية (شاترستوك)
الأدوية المضادة للقلق المتوفرة حالياً منخفضة الفعالية (شاترستوك)

حدَّد فريق بحثي بريطاني من جامعتي بريستول وإكستر، جيناً في الدماغ يقود أعراض القلق، وكشفوا، في دراستهم، المنشورة الثلاثاء، بدورية «نيتشر كومينيكيشن»، أن تعديل هذا الجين يمكن أن يكون هدفاً دوائياً جديداً لاضطرابات القلق.
واضطرابات القلق شائعة لدى واحد من كل أربعة أشخاص يجري تشخيصهم باضطراب مرة واحدة على الأقل في حياتهم، ويمكن أن تؤدي الصدمة النفسية الشديدة إلى تغيرات وراثية وكيميائية حيوية ومورفولوجية في الخلايا العصبية باللوزة الدماغية، وهي منطقة الدماغ المتورطة في القلق الناجم عن الإجهاد، مما يؤدي إلى ظهور اضطرابات القلق، بما في ذلك نوبات الهلع، واضطراب ما بعد الصدمة.
ومع ذلك فإن الأدوية المضادة للقلق، المتوفرة حالياً، منخفضة الفعالية، حيث لا يحقق أكثر من نصف المرضى شفاء بعد العلاج، وهذا النجاح المحدود في تطوير عقاقير فعالة لإزالة القلق هو نتيجة الفهم السيئ للدوائر العصبية الكامنة وراء المرض.
وفي هذه الدراسة سعى العلماء إلى تحديد الأحداث الجزيئية في الدماغ التي تدعم القلق، وركّزوا على مجموعة من الجزيئات تُعرَف باسم «الرنا الميكروي» في النماذج الحيوانية، وهذه المجموعة المهمة من الجزيئات، الموجودة أيضاً في الدماغ البشري، تنظم عدداً من البروتينات المستهدَفة التي تتحكم في العمليات الخلوية بمنطقة اللوزة الدماغية.
ووجد الباحثون أنه بعد الإجهاد الحادّ، تتوفر كمية متزايدة من نوع واحد من جزيئات الحمض الريبوزي النووي الميكروي «الرنا الميكروي» يسمى «miR483-5p»، والأهم من ذلك، أظهر الفريق أن زيادة هذا النوع كبتت التعبير عن جين آخر وهو «Pgap2»، والذي يؤدي بدوره إلى تغييرات في التشكل العصبي بالدماغ والسلوك المرتبط بالقلق. وأظهر الباحثون أن تلك الجزيئات تعمل بمثابة مكبح جزيئي يعوّض تغيرات اللوزة الناتجة عن الإجهاد لتعزيز تخفيف القلق.
وتقول فالنتينا موسينكو، المُحاضِرة في علم الأعصاب بجامعة بريستول، والباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع نشر الدراسة، إن «اكتشاف هذا المسار الجديد، الذي ينظم الدماغُ من خلاله استجابته للتوتر، هو أول خطوة نحو اكتشاف علاجات جديدة وأكثر فاعلية ومطلوبة لاضطرابات القلق، والتي ستعزز هذا المسار».


مقالات ذات صلة

ضوضاء الطائرات قد تؤذي سمعك... كيف تحمي نفسك؟

صحتك الطيران يُسبب الجفاف لذا تأكد من الحصول على كمية كافية من السوائل (رويترز)

ضوضاء الطائرات قد تؤذي سمعك... كيف تحمي نفسك؟

حتى لو استطعت تجاهل أصوات بكاء الأطفال وإعلانات الطيارين الصاخبة، فقد تظل الأجواء داخل الطائرات غير مريحة لأذنيك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك كلاب مدربة تكتشف مرض الشلل الرعاش عبر الرائحة (جامعة بريستول)

كلاب مدرّبة تكتشف مرض الشلل الرعاش بدقة 98 %

أفادت دراسة بريطانية حديثة بأن الكلاب المدربة قادرة على اكتشاف مرض باركنسون (الشلل الرعاش) عبر شم رائحة الجلد بدقة تصل إلى 98 في المائة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك وجدت الدراسات أن بعض الأطعمة قد تُفاقم الالتهاب في الجسم (أرشيفية)

هل تشعر بألم في المفاصل؟ هذه الأطعمة قد تكون السبب

الاختيارات الغذائية الذكية مهمة للجميع، خصوصاً لمن يعانون من آلام المفاصل والالتهابات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الثوم يساعد في دعم خفض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية (أ.ف.ب)

كيف يؤثر تناول الثوم على ضغط دمك؟

 يساعد الثوم على خفض ضغط الدم، خاصةً لدى الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم، سواءً أُكل طازجاً أو تم تناوله كمكمل غذائي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك اثنان من كبار السن يسيران في الدنمارك (أ.ف.ب)

المشي لهذه المدة يومياً يحميك من آلام أسفل الظهر المزمنة

كشفت دراسة جديدة أن المشي أكثر من 78 دقيقة يومياً في المتوسط، يقلل من خطر الإصابة بآلام أسفل الظهر المزمنة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

«الهدهدة» والأغاني الشعبية... كيف شكّلت وجدان المصريين؟

المائدة المستديرة لفعاليات تراثك ميراثك (وزارة الثقافة)
المائدة المستديرة لفعاليات تراثك ميراثك (وزارة الثقافة)
TT

«الهدهدة» والأغاني الشعبية... كيف شكّلت وجدان المصريين؟

المائدة المستديرة لفعاليات تراثك ميراثك (وزارة الثقافة)
المائدة المستديرة لفعاليات تراثك ميراثك (وزارة الثقافة)

تعدّ الأغاني الشعبية والقصص التراثية و«الهدهدة» وغيرها من فنون وأنماط الغناء من العناصر التي ساهمت في تشكيل وجدان المصريين منذ مرحلة الطفولة، وهو ما تناولته فعالية «تراثك ميراثك» التي أطلقتها وزارة الثقافة المصرية على مدى شهر يوليو (تموز) الحالي.

حيث تناولت حلقة نقاشية بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر دور أغاني الأطفال في تشكيل الوجدان ودور الأم كحارسة لتراث أغاني الأطفال.

وتحدثت رائدة أدب الأطفال في مصر، فاطمة المعدول، التي أدارت الندوة، حول أهمية الأغاني في تشكيل وجدان الطفل، وأكد الكاتب أحمد طوسون، أن أول شكل من الفنون عرفه البشر هو فن الغناء، وأضاف أن «الهدهدة» تلك الأصوات المنغمة التي تستخدمها الأم لتهدئة طفلها، هي لغة واحدة مشتركة في العالم كله، وفق بيان لوزارة الثقافة.

وأشار كاتب أدب الطفل إلى مجموعة من الموروثات سواء الأغاني أو المقولات الشائعة التي أحياناً ما تؤثر في فهم المجتمع لمسائل متعددة مثل الفارق بين الولد والبنت، مردداً أمثالا شعبية شهيرة في هذا الصدد مثل «لما قالوا دا ولد اتشد ضهري واتسند، ولما قالو دي بنيّة اتهد البيت عليّا»، مشيراً إلى أن جمال التراث الشعبي يكمن في قابليته لتصحيح نفسه بنفسه، ليعيد الجملة الأخيرة: «لما قالوا دي بنية قلت الحبيبة جاية»، وتساءل طوسون: «هل ما زالت الأم حارسة لثقافتنا الشعبية وتراثنا، أو تترك أولادها أمام وسائل التواصل الحديثة؟».

وأوضح الكاتب أحمد عبد العليم، رئيس المركز القومي لثقافة الطفل، أن التراث الشعبي والهوية مسؤولية المجتمع كله، وقال إن «المشكلة تكمن في التطور التكنولوجي في العصر الحديث، الذي نتج عنه سيطرة رؤية ثقافية واحدة على العالم».

وشدد الشاعر عبده الزراع، كاتب الأطفال، على أهمية التراث والأغاني الشعبية في تشكيل الوجدان الجمعي، وقال: «علاقتي بالتراث ممتدة منذ الطفولة، فقد حفظت الأغاني الشعبية عن ظهر قلب»، وأضاف أن «الأغنية الشعبية يرددها الشعب في كل حالاته منذ لحظة الميلاد حتى الوفاة، فالأم تبدأ الغناء للطفل في أثناء الهدهدة، وتأتي في إطار ذلك أغاني الاحتفال بالسبوع وختان الأولاد (الطهور) مما يحتفى به من خلال أغانٍ خاصة به». وأوضح أن «هناك حوارية طول الوقت بين الجدة والبنات والصبيان، ولكننا نفتقد ذلك الدور الآن، فلم تعد هناك الجدة أو الأم الحكاءة إلا فيما ندر»، مؤكداً على ضرورة تشكيل وعي جماعي وثقافة حقيقية مطلعة على التراث.

ويلعب التعليم دوراً مهماً في زرع هذه الثقافة التراثية والشعبية لدى الأطفال، وفق القاصة والكاتبة صفاء عبد المنعم، منتقدة أنماط التعليم التي تجعل أمهات لا يتحدثن مع أبنائهن في البيت إلا بلغة أجنبية - فالأم حاملة للتراث ومسؤولة عن مسألة التعليم وتغذية أبنائها بالتراث - مؤكدة أن هذا ينذر بكارثة مجتمعية.

وعن فنون الحكي والأغاني الشعبية ودورها في تشكيل وجدان المصريين قالت صفاء لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الأغاني كانت مهمة لمنح الطفل الدفء والأمان»، مشيرة إلى أن «الهدهدة والمناغية نوع من الغناء كانت تستخدمه الأم مع طفلها الصغير منذ الميلاد حتى مرحلة متأخرة، وهى تتألف من كلمات بسيطة ولكن لها إيقاع موسيقى ثابت، حتى تستطيع أذن الطفل التعود عليه».

ومن الأمثلة التي توردها صفاء «هوه يا رب تنام / وادبح لك جوزين حمام».

وتوضح: «الطفل هنا لا يفهم معنى الكلمة، لكنه يعرف النغمة والصوت والإيقاع، ومن هنا كانت دائماً أذن الطفل الصغير تميز الأصوات»، وتابعت: «هذه النغمات كانت تنتقل من جيل إلي جيل، لذا يعشق المصريون الغناء ويميزون الصوت الجيد من الرديء».

وقال الدكتور محمد شبانة، أستاذ الموسيقى الشعبية المتفرغ بالمعهد العالي للفنون الشعبية، إن الذي يشكل وجدان الطفل الآن ليس الأم، وإنما الجوّال؛ عادّاً «القضية جد خطيرة، ولا بد من تضافر دور الدولة والأفراد في المحافظة على التراث الشعبي».

وأكد نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، الكاتب المسرحي والناقد، محمد عبد الحافظ ناصف، أنه «ليس هناك منهج من مناهج التعليم الأساسي إلا وكان يعتمد على الأغنية في التعلم والتعليم، لما لها من تأثير في سلوك وثقافة الطفل».

ولا يوجد نموذج واحد للشخصية المصرية، كما قد تختلف الحكاية من مكان إلى آخر حسب الراوي، وفق الشاعر مسعود شومان، الباحث في الدراسات الشعبية، وأضاف أن «الأغنية الشعبية ليست أمراً بسيطاً، فهي تحتوي على التعليم والقيم، كما تتضمن الخصوصية والتفرد اللذين يكمنان في الشخصية، ويسعى العالم من حولنا لمحوهما، وتحويل مفردات الحياة إلى خطوات شبه آلية أو ميكانيكية».