غوتيريش يقترح «طريقاً» لتمديد اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود

الكرملين لا يزال متشائماً... وأوكرانيا تدعو إلى ضغط دولي على روسيا

سلّم غوتيريش لافروف رسالة إلى بوتين تُحدّد خطوط طريق يجب اتّباعها من أجل تمديد اتفاقية الحبوب (رويترز)
سلّم غوتيريش لافروف رسالة إلى بوتين تُحدّد خطوط طريق يجب اتّباعها من أجل تمديد اتفاقية الحبوب (رويترز)
TT

غوتيريش يقترح «طريقاً» لتمديد اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود

سلّم غوتيريش لافروف رسالة إلى بوتين تُحدّد خطوط طريق يجب اتّباعها من أجل تمديد اتفاقية الحبوب (رويترز)
سلّم غوتيريش لافروف رسالة إلى بوتين تُحدّد خطوط طريق يجب اتّباعها من أجل تمديد اتفاقية الحبوب (رويترز)

قدّم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «طريقاً» اقترح اتّباعها من أجل إتاحة تمديد الاتّفاق الخاصّ بصادرات الحبوب الأوكرانيّة، حسبما قال مكتبه بعد اجتماع مع وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف. وسلّم غوتيريش لافروف «رسالة إلى الرئيس فلاديمير بوتين تُحدّد خطوط طريق يجب اتّباعها، تمّ اقتراحها من أجل تحسين وإطالة وتوسيع» الاتّفاق الذي سمح منذ يوليو (تموز) الماضي بتصدير الحبوب الأوكرانيّة عبر البحر الأسود رغم الحرب.
وأُرسِلت رسالة مماثلة إلى «الموقّعَين الاثنين الآخرين» على هذا الاتفاق الذي يُعتبر ضرورياً للأمن الغذائي العالمي، أي أوكرانيا وتركيا.
وقال مكتبه إن غوتيريش «أخذ علماً بقلق الاتحاد الروسي» لناحية أثر تطبيق الاتفاقية على صادراته من المواد الغذائية والأسمدة، وقدّم تقريراً مفصّلاً عن التقدّم المحرز في هذا الصدد. وأضاف المكتب أن الأمم المتحدة ستواصل «عملها» من أجل «حل المشكلات المتبقية». لكن لافروف قال في بيان أصدره مكتبه إنه «حتى الآن لم يحصل تقدم كبير»، مبدياً أسفه لغياب «الاستعداد لدى الدول الغربية لفعل ما هو ضروري حقاً كي تُنفّذ بنجاح» الاتفاقية بشقيها. وأضاف: «سندرس الأفكار التي قدمها لنا» الأمين العام. كما أعرب غوتيريش، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، عن «مخاوفه» بشأن «العقبات الحديثة» التي واجهها «في عمله اليومي» مركز تنسيق الاتفاق الذي يضم ممثلين عن الأطراف الأربعة (أوكرانيا وروسيا والأمم المتحدة وتركيا)، إذ تمّ الأسبوع الماضي، مؤقتاً، تعليق عمليات تفتيش السفن المحملة بالحبوب الأوكرانية.
وكان اتفاق الحبوب، الذي تم توقيعه في 22 يوليو 2022 تضمن بنوداً تسمح بتصدير الحبوب والأغذية والأسمدة الأوكرانية عبر البحر الأسود. ولمّح ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إلى انهيار الصفقة، وقال إن الاتفاق الذي تنتهي فترة تمديده في منتصف مايو (أيار) المقبل «لم ينفذ بالكامل بعد».
وكان الهدف من اتفاق الحبوب تخفيف أزمة غذاء عالمية، إذ إن أوكرانيا وروسيا مُصدّران رئيسيان للحبوب. وقال بيسكوف: «نعلم جميعاً أن نشأة أزمة الغذاء العالمية لها جذور أخرى. ولم تنشأ بشكل مباشر بسبب نقص الحبوب الأوكرانية في الأسواق». وأردف: «بالطبع نقص الحبوب الأوكرانية والروسية في الأسواق قد يكون أحد العوامل، ولكنه ليس عاملاً حاسماً». ويسمح الاتفاق بشحن الحبوب عبر 3 موانئ على البحر الأسود، مع لعب تركيا دوراً تنسيقياً. وقدمت أوكرانيا وروسيا ما يقرب من رُبع صادرات الحبوب في العالم قبل الحرب. ويُنظر إلى الخطة على أنها حيوية لمنع الأزمات الإنسانية في البلدان النامية، وإبقاء أسعار الغذاء العالمية تحت السيطرة.
وزاد الناطق الرئاسي الروسي أنه «على الرغم من مرور كثير من الوقت، فإن التنفيذ لم يكتمل بعد. ولم يكتسب صفة الحزمة المتكاملة. تلك الشروط التي تهمنا لم يتم تنفيذها، لذلك، حتى الآن الظروف ليست في صالح هذه الصفقة». وأضاف: «نحن نواصل مراقبة الموقف»، كما تنص اتفاقية الحزمة على تحرير الصادرات الروسية من المواد الغذائية والأسمدة. وأشارت موسكو إلى أن الشق الثاني لم يتم القيام به، على الرغم من تأكيدات الأمم المتحدة.
وقال مسؤول أوكراني كبير، أمس الثلاثاء، إن اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش،‭‭‭ ‬‬‬فيما يخص تحسين وتمديد اتفاق التصدير لن يلقى نجاحاً إلا إذا ضغط المجتمع الدولي بشكل جماعي على روسيا. كما نفى المستشار الرئاسي الأوكراني، ميخائيلو بودولياك، تأكيد وزارة الدفاع الروسية أن كييف تحاول مهاجمة سفنها في البحر الأسود، وهو ما قالت موسكو إنها «أفعال من شأنها تهديد إمكانية تمديد الاتفاق».‬‬‬
واتهمت وزارة الدفاع الروسية أوكرانيا بمحاولة مهاجمة سفنها في البحر الأسود، وقالت إن ذلك يهدد مستقبل الاتفاق. وقالت الوزارة، في بيان بقناتها على تطبيق «تلغرام»، الاثنين: «الأفعال الإرهابية التي يرتكبها نظام كييف تعرّض للخطر تمديد اتفاق الحبوب لما بعد 18 مايو هذا العام». وأضافت، كما نقلت عنها «رويترز»، أن تحليلاً لخط سير زوارق مسيّرة أوكرانية أُطلقت يومي 23 مارس (آذار) و24 أبريل (نيسان) يظهر أنها انطلقت من منطقة المياه بميناء أوديسا المخصص لتصدير الحبوب حسب الاتفاق. ولا تعلن أوكرانيا أبداً مسؤوليتها عن الهجمات التي تقع داخل روسيا، أو على الأراضي الخاضعة لسيطرة موسكو في أوكرانيا.
وأكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن بلاده تبذل قصارى جهدها لتمديد الاتفاق. وقال في مقابلة مع إحدى القنوات التركية الخاصة، «نعمل على تلبية مطالب روسيا، وإذا استطعنا فعل ذلك، نعتقد بأننا سنتمكن حينها من تمديد الاتفاق مجدداً. نحن بحاجة إلى تمديده، وإلا فستكون هناك أزمة». وأشاد جاويش أوغلو بالوساطة التي تقوم بها تركيا بين روسيا وأوكرانيا، مبيناً أن هذا الدور يحظى بإعجاب واحترام كثير من الدول حول العالم.
وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت في 18 مارس الماضي، تمديد الاتفاق لمدة 60 يوماً. وقالت متحدثة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في بيان نقلته وكالات الأنباء المحلية، إن «روسيا الاتحادية وافقت على تمديد الاتفاق 60 يوماً»، مشيرة إلى أن روسيا أبلغت الأطراف المعنية جميعها بتمديد الاتفاقية عبر مذكرات خاصة وليس فقط شفهياً. في المقابل، كشف وزير البنية التحتية الأوكراني ألكسندر كوبراكوف، عبر «تويتر»، عن تمديد الاتفاقية 120 يوماً. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إنه «نتيجة لمفاوضاتنا مع الجانبين (الروسي والأوكراني)، ضمنا تمديد مدة الاتفاقية»، دون تحديد مدة معينة.


مقالات ذات صلة

إردوغان: تركيا ستعيد تقييم علاقاتها بأميركا بعد انتخاب رئيسها الجديد

شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي (الرئاسة التركية)

إردوغان: تركيا ستعيد تقييم علاقاتها بأميركا بعد انتخاب رئيسها الجديد

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده ستعيد تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
الخليج بن فرحان خلال الاجتماع الوزاري بشأن القضية الفلسطينية وجهود السلام (وزارة الخارجية السعودية) play-circle 00:34

السعودية تعلن إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»

أعلن الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية، الخميس، باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين عن إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الخميس، المجتمع الدولي إلى وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة لمنع إراقة الدماء في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

علي بردى (نيويورك)
العالم العربي جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

بحثت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن تطورات غزة مع أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، دعم الجهود الرامية إلى تفعيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية لقاء بين إردوغان والأسد في 2010 (أرشيفية)

أميركا لا تدعم التطبيع بين أنقرة ودمشق قبل الحل السياسي في سوريا

أحدثت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان التي كرر فيها استعداده للقاء الرئيس السوري بشار الأسد من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين ردود فعل متباينة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

نداء مشترك أميركي-أوروبي-عربي «لوقف مؤقت لإطلاق النار» في لبنان

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
TT

نداء مشترك أميركي-أوروبي-عربي «لوقف مؤقت لإطلاق النار» في لبنان

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)

أصدرت الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، الأربعاء، نداء مشتركا لإرساء "وقف مؤقت لإطلاق النار" في لبنان حيث يهدّد النزاع الدائر بين إسرائيل وحزب الله بجرّ المنطقة إلى حرب واسعة النطاق.
وقال الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك "لقد عملنا معا في الأيام الأخيرة على دعوة مشتركة لوقف مؤقت لإطلاق النار لمنح الدبلوماسية فرصة للنجاح وتجنّب مزيد من التصعيد عبر الحدود"، مشيرين إلى أنّ "البيان الذي تفاوضنا عليه بات الآن يحظى بتأييد كلّ من الولايات المتّحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر".

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو كشف خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء، عن اقتراح مشترك مع الولايات المتحدة لإرساء وقف لإطلاق النار لمدة 21 يوما في لبنان لمنع تطور النزاع الراهن بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب شاملة.

وقال بارو خلال الجلسة التي عُقدت بطلب من بلاده إنّه "في الأيام الأخيرة، عملنا مع شركائنا الأميركيين على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 21 يوما لإفساح المجال أمام المفاوضات". وأضاف أنّ هذا المقترح "سيتم الإعلان عنه سريعا ونحن نعوّل على قبول الطرفين به".

وشدّد الوزير الفرنسي على أنّ اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله "ليس حتميا" بشرط أن تنخرط كل الأطراف "بحزم" في إيجاد حلّ سلمي للنزاع. وحذّر بارو من أنّ "الوضع في لبنان اليوم يهدّد بالوصول إلى نقطة اللاعودة". وأضاف أنّ "التوترات بين حزب الله وإسرائيل اليوم تهدّد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه". وإذ ذكّر الوزير الفرنسي بأنّ لبنان يعاني منذ ما قبل التصعيد الراهن من حالة "ضعف كبيرة" بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية التي يتخبط فيها، حذّر من أنّه في حال اندلعت فيه "حرب فهو لن يتعافى منها".

ويبدو الوضع الحالي بين حزب الله وإسرائيل وكأنه وصل إلى طريق مسدود، إذ يشترط الحزب المسلح المدعوم من إيران وقف الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة لكي يوقف هجماته على الدولة العبرية التي تشترط من جهتها انسحابه بعيدا عن حدودها لكي توقف هجماتها ضدّه.وفي كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، قال الوزير الفرنسي "فلنستفد من وجود العديد من القادة في نيويورك لفرض حلّ دبلوماسي وكسر دائرة العنف". وتأتي هذه المبادرة الفرنسية-الأميركية بعد مباحثات مكثفة جرت على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وبعد لقاء ثنائي بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وأعلن البيت الأبيض أنّ بايدن التقى ماكرون في نيويورك "لمناقشة الجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني ومنع حرب أوسع نطاقا". وأتى هذا اللقاء بعدما حذّر بايدن من أنّ اندلاع "حرب شاملة" في الشرق الأوسط هي "أمر محتمل"، بينما دعا ماكرون "إسرائيل إلى وقف التصعيد في لبنان وحزب الله إلى وقف إطلاق النار".

وقال الرئيس الفرنسي من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة "نحضّ إسرائيل على وقف هذا التصعيد في لبنان، ونحضّ حزب الله على وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل. نحضّ كل من يزوّد (حزب الله) الوسائل اللازمة للقيام بذلك على التوقف"، معتبرا في الوقت نفسه أنّه لا يمكن للدولة العبرية "أن توسّع عملياتها في لبنان من دون عواقب". وشدّد ماكرون في كلمته على أنّه "لا يمكن أن تكون هناك حرب في لبنان".

وتزامنت هذه التحذيرات مع إعلان الجيش الإسرائيلي الأربعاء أنّه يستعد لشنّ هجوم برّي محتمل على لبنان لضرب حزب الله الذي يزيد يوما تلو الآخر وتيرة قصفه للأراضي الإسرائيلية. والأربعاء اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية صاروخا بالستيا أطلقه حزب الله باتجاه تل أبيب، في سابقة من نوعها منذ بدء النزاع بين الطرفين قبل حوالى عام، إذ لم يسبق للحزب المدعوم من إيران أن قصف الدولة العبرية بصاروخ بالستي كما أنها المرة الأولى التي يوجّه فيها نيرانه إلى تل أبيب.

وفي مستهلّ جلسة مجلس الأمن، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنّ التصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله "يفتح أبواب الجحيم في لبنان"، مؤكدا أنّ "الجهود الدبلوماسية تكثفت للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار".

من ناحيته، حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قبيل بدء الاجتماع من أنّ الشرق الأوسط "على شفير كارثة شاملة"، مؤكدا أنّ بلاده ستدعم لبنان "بكل الوسائل". بالمقابل، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون إنّ الدولة العبرية تفضّل استخدام القنوات الدبلوماسية لتأمين حدودها الشمالية مع لبنان، لكنها ستستخدم "كل الوسائل المتاحة" إذا فشلت الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق مع حزب الله.