قرارانِ فصَل بينهما أقل من ساعة وهزّا وجه الإعلام الأميركي؛ الأول قضى بفصل مذيع شبكة «فوكس نيوز» تاكر كارلسون، والثاني على الجهة الإعلامية «المعاكسة»، تمثل بفصل مذيع شبكة «سي إن إن» دون ليمون.
وقْع هذين الخبرين انتشر كالنار في هشيم الأوساط الصحافية. فالرجلان يُعدّان من أبرز الوجوه في المحطتين المتنافستين على الصدارة، وقد رسما معالم التغطية الإعلامية في زمن خيمت عليه الانقسامات الحزبية العميقة في الولايات المتحدة.
- «فوكس نيوز» وكارلسون
وبمجرد الإعلان عن قرار طرد كارلسون، هبطت أسهم المحطة بنسبة 5 في المائة، وفقدت أكثر من 500 مليون دولار من قيمتها السوقية. فقد كان كارلسون من نجوم المحطة الذين دافعوا بشراسة عن الرئيس السابق دونالد ترمب، متحدياً نتائج الانتخابات الرئاسية بشكل مستمر على برنامجه المسائي، ومشككاً بفوز الرئيس الحالي جو بايدن. وقد حقق نسبة مشاهدات عالية وصلت إلى 334 ألف مشاهدة، الأسبوع الماضي، تاريخ برنامجه الأخير، وهي نسبة تخطت بالضعفين نسب المشاهدة في المحطات المنافسة مثل «سي إن إن» و«إم إس إن بي سي».
لكن هذه النسب شكّلت بالنسبة للمحطة سيفاً ذا حدين؛ فمن جهة أدى برنامج كارسلون المثير للجدل إلى جذب مناصري الرئيس السابق المشككين بالانتخابات، متفوقاً في نسب المشاهدة على زميليه في المحطة اللذين اعتمدا الخط نفسه شون هانيتي ولورا إنغرام. إلا أنه من جهة ثانية وضع المحطة في موقف قضائي حرج وصل إلى ذروته في قضية «التشهير» التي اتهمت من خلالها شركة «دومنيون» المحطة بالتشهير بها من خلال ترويج أن أجهزة التصويت التابعة لها زورت الانتخابات الرئاسية لعام 2020 وغيّرت ملايين الأصوات من ترمب لصالح بايدن.
وعلى الرغم من أن القضية انتهت من دون محاكمة بعد تسوية بين الطرفين قضت بسداد المحطة مبلغاً تعويضياً قيمته 787.5 مليون دولار، إلا أنها سلّطت الضوء على الدور الذي لعبه كارلسون في هذه القضية.
فبحسب المراسلات الخاصة التي شاركها الدفاع مع الادعاء بعد أمر المحكمة، وصف كارلسون، الذي روّج لنظرية الغش في الانتخابات على برنامجه، نظريات سرقة الانتخابات بأنها «غريبة ومجنونة»، كما هزأ بترمب في مراسلات مع زملائه، على الرغم من الإشادة به علناً في برنامجه.
ويواجه كارلسون اتهامات منفصلة في قضية رفعتها موظفة سابقة في البرنامج اتهمته فيها باستهداف النساء والتمييز ضدهن عبر استعمال «تعابير نابية»، الأمر الذي خلق جو عمل «مضراً». وسوف تسدد «فوكس» راتب كارلسون الذي جدد عقده في عام 2021 حتى انتهاء مدة العقد، في حين أشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن مقدم البرامج السابق، الذي علم بنبأ طرده قبل 10 دقائق فقط من الإعلان الرسمي، يتقاضى نحو 20 مليون دولار سنوياً.
- «سي إن إن» ودون ليمون
أما قضية ليمون فمختلفة كل الاختلاف عن قضية كارلسون، فعلى الرغم من أن العامل المشترك بينهما واحد: دونالد ترمب، فقد اكتسب كل منهما شهرته خلال تغطيتهما للرئيس السابق، من داعم شرس له في شخص كارلسون، إلى معارض محتدّ له في شخص دون ليمون.
وفيما دفعت المحطة بليمون لتقديم برامج مختلفة تنوعت مواعيدها بهدف تحسين نسب مشاهدتها، الأمر الذي باء بالفشل، كانت القشة التي قصمت ظهر البعير وأسقطت وجه «سي إن إن» الشهير هي تصريحات ليمون المتعلقة بالمرشحة الجمهورية للرئاسة نيكي هايلي. ففي معرض حوار جمع بين ليمون وزميلته بوبي هارلو، قال ليمون إن «هايلي ليست في ذروة عمرها»، مضيفاً أن «المرأة تعد في ذروة عمرها في العشرينات والثلاثينات… وربما الأربعينات».
هذا التصريح ولّد موجة من الانتقادات والاتهامات بالتحيز الجنسي، ما أدى إلى إيقاف ليمون عن العمل لبضعة أيام. لكن يبدو أن الشبكة تخوفت من أن تبعد هذه التصريحات شريحة مهمة من مشاهديها من النساء، في وقت تسعى فيه جاهدة لتحسين نسب المشاهدة. ومن هنا، أتى قرار الفصل الذي أعلن عنه ليمون في تغريدة قائلاً: «بعد 17 عاماً مع (سي إن إن)، كنت أتوقع أن أحداً من الإدارة لديه الأخلاق اللازمة لإبلاغي بشكل مباشر. لم يتم إعطائي أي إشارة إلى أني لن أتمكن من استكمال العمل الذي أحبه في المحطة...».
8:17 دقيقة
الإعلام الأميركي يغيّر وجهه
https://aawsat.com/home/article/4294466/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%8A%D8%BA%D9%8A%D9%91%D8%B1-%D9%88%D8%AC%D9%87%D9%87
الإعلام الأميركي يغيّر وجهه
فصل مذيعين يزعزع هوية الشاشات
- واشنطن: رنا أبتر
- واشنطن: رنا أبتر
الإعلام الأميركي يغيّر وجهه
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة