كانت روان الوليد تتوقع أن تسافر جوا من الخرطوم إلى القاهرة الأسبوع الماضي لحضور حفل زفاف، لكن الحال انتهى بها في رحلة برية من السودان إلى مصر على متن حافلة استأجرتها عائلتها للهروب من الحرب، وفقاً لوكالة «رويترز».
غادرت عائلة روان بعد أن أصاب صاروخ منزلها في حي العمارات بالخرطوم في 18 أبريل (نيسان)، مما أدى لتدمير المرحاض، وسط احتدام القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وشأنهم شأن غيرهم من السودانيين الذين يمكنهم تحمل التكلفة، دفعوا أربعة ملايين جنيه سوداني (6750 دولارا) لاستئجار حافلة لنقل نحو 50 فردا من أفراد العائلة الكبيرة لمسافة نحو 1000 كيلومتر شمالا وسط الأراضي السودانية وعبر الحدود إلى مدينة أسوان المصرية.
وقالت روان، البالغة من العمر 24 عاما وتعمل في مجال التسويق الرقمي، إن القتال كان كثيفا بينما كانت الحافلة تتجه جنوبا للخروج من الخرطوم على طريق اعتاد الكثيرون على استخدامه للفرار من المدينة، قبل أن تعاود الاتجاه إلى الشمال. وصل أفراد العائلة إلى نقطة تفتيش تابعة لقوات الدعم السريع وسُمح لهم بالمرور.
قالت روان «لا يزال الأمر مخيفا للغاية لأنك لا تشعر بالأمان. كان طريقا طويلا جدا. كانت معي جدتي، وهي كبيرة جدا في السن، وكان هذا مرهقا للغاية بالنسبة لها».
وكانت الحافلة من بين أولى حافلات السودانيين الذين شردهم القتال التي تصل إلى الحدود المصرية يوم الجمعة. وقالت روان إن حرس الحدود تحلوا بالمرونة، إذ سمحوا بالعبور لأشخاص أوشكت صلاحية جوازات سفرهم على الانتهاء وحتى بعض الشبان الذين تزيد أعمارهم قليلا عن 16 عاما، رغم أن القواعد الأمنية تنص على ضرورة حصول الذكور البالغين على تأشيرة لدخول مصر. واستقلوا القطار من أسوان إلى القاهرة، ليستكملوا رحلة استغرقت 72 ساعة.
تشعر روان بالارتياح لابتعادها عن القتال، لكنها تركت وراءها أصدقاء وأقارب من بينهم شقيقها الشاب، إذ كانت الأسرة تخشى ألا تتمكن من استخراج تأشيرة دخول في الوقت المناسب. وقالت في مقابلة أجريت معها في مجمع سكني تقيم به في الجيزة «لم نكن نعرف إن كان سيتمكن من عبور الحدود». ولأن شبكات الإنترنت والهواتف أصبحت لا يمكن التعويل عليها بشكل متزايد، تضطر أحيانا للاتصال بالجيران للاطمئنان على شقيقها. وقالت روان «إنه بمفرده، بلا كهرباء ولا ماء ولا طعام. لا نعرف ماذا يحدث له».
وأدى القتال الدائر في الخرطوم إلى محاصرة الكثيرين داخل منازلهم أو أحيائهم، ودمر معظم المستشفيات أو أغلقها، وأدى لانقطاع الكهرباء والمياه لفترات طويلة، وتسبب في غياب القانون وانتشار السلب والنهب في بعض المناطق.
وتدوي أصوات الضربات الجوية والقصف المدفعي في أنحاء الخرطوم ليلا ونهارا. وقالت روان «لقد كان هذا مخيفا جدا بالنسبة لنا وللناس في السودان. الأطفال يشعرون بالخوف... نعم نجوت، لكنني ما زلت قلقة على الذين تركتهم ورائي. الوضع كارثي للغاية».
واندلع العنف أثناء تفاوض الجيش وقوات الدعم السريع، اللذين نفذا انقلابا عسكريا في عام 2021، على خطة للانتقال إلى الحكم المدني. وقُتل المئات وفر عشرات الآلاف. وقالت روان «أردنا حكما مدنيا». وأضافت «نحن أبرياء. دُمرت منازلنا بينما يتقاتل رئيس المجلس العسكري مع نائبه ولا علاقة لنا بهذا».
ويقيم في مصر ما يقدر بنحو أربعة ملايين سوداني، وحتى قبل القتال كان المزيد من السودانيين يتجهون شمالا هربا من الركود الاقتصادي في بلادهم.
وعندما وصلت عائلة روان إلى القاهرة سمعت أطفالا يطلقون مفرقعات نارية احتفالا بعيد الفطر. وقالت روان «هذا جزء من الصدمة التي نعيشها. أي صوت للألعاب النارية يخيفنا».