كيري أول وزير خارجية أميركي يزور هافانا منذ 60 عامًا

سيبحث ملف المعارضة السياسية الكوبية ورفع الحظر الاقتصادي

سيارة أميركية كلاسيكية أمام السفارة الأميركية وإلى جانبها ترفرف الأعلام الكوبية في هافانا (أ.ب)
سيارة أميركية كلاسيكية أمام السفارة الأميركية وإلى جانبها ترفرف الأعلام الكوبية في هافانا (أ.ب)
TT

كيري أول وزير خارجية أميركي يزور هافانا منذ 60 عامًا

سيارة أميركية كلاسيكية أمام السفارة الأميركية وإلى جانبها ترفرف الأعلام الكوبية في هافانا (أ.ب)
سيارة أميركية كلاسيكية أمام السفارة الأميركية وإلى جانبها ترفرف الأعلام الكوبية في هافانا (أ.ب)

يصل اليوم وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، كوبا في إطار زيارة رسمية، ليكون بذلك أول وزير خارجية أميركي يزور هافانا منذ عام 1945، وذلك لأجل تكريس وإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين العدوين السابقين إبان الحرب الباردة.
وتعتبر هذه الزيارة التي تستمر بضع ساعات وتنطوي على أهمية تاريخية ورمزية، ستسمح ببحث بعض المواضيع الخلافية الحساسة بين البلدين الحاليين اللذين لم يتحادثا رسميًا طيلة أكثر من نصف قرن، مثل حماية حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين الذين أعلن جون كيري أنه سيلتقي بعضًا منهم، إضافة إلى رفع الحظر الاقتصادي الذي تفرضه واشنطن على الجزيرة الشيوعية وإرجاع القاعدة البحرية الأميركية في غوانتانامو.
وسيمضي الوزير الأميركي طوال اليوم في هافانا لإعادة فتح سفارة الولايات المتحدة ورفع العلم الأميركي فوق مدخل الممثلية. وسيضم الحفل مسؤولين حكوميين من البلدين فضلاً عن عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي.
وبذلك سيصبح المبنى الضخم الشهير من الإسمنت والزجاج الواقع على الجادة المشاطئة لبحر ماليكون في هافانا مجددًا سفارة الولايات المتحدة.
ويندرج الحفل في إطار «عملية التطبيع»، كما قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مارك تونر، الذي اعتبر أن هذا اليوم «يوم استثنائي، ويسجل بكل تأكيد مرحلة جديدة في هذه العملية بعد قطيعة استمرت 54 عامًا».
وفي الواقع أعادت واشنطن وهافانا علاقاتهما الدبلوماسية وفتح سفارتيهما في 20 يوليو (تموز) الماضي، بعد تقارب تاريخي أعلنه الرئيسان الأميركي، باراك أوباما، والكوبي، راؤول كاسترو، في 17 ديسمبر الماضي.
وكانت واشنطن وهافانا، العدوان إبان الحرب الباردة، قطعتا علاقاتهما في 1961 في خضم ثورة كاسترو، لكنهما أقامتا منذ 1977 شعبتين لرعاية مصالحهما.
ومع بدء الانفراج قبل ستة أشهر التقى أوباما وراؤول كاسترو في أبريل (نيسان) الماضي، أثناء قمة الأميركيتين في بنما، كما زار وزير الخارجية الكوبي، برونو رودريغيز، واشنطن في 20 يوليو الماضي، لإعادة فتح سفارة بلاده. كذلك تم شطب كوبا من اللائحة الأميركية السوداء لـ«الدول الراعية للإرهاب».
وينتظر الآن أن يبحث كيري الملف الشائك المتعلق بحقوق الإنسان والمعارضة السياسية الكوبية. وأكد كيري في مقابلة للتلفزيون الأميركي الناطق بالإسبانية «تيليموندو نيوز» التي بثت مقتطفات منها الأربعاء، «سألتقي معارضين.. وستسنح لي الفرصة للجلوس معهم»، أثناء حفل استقبال خاص في مقر السفير الأميركي في هافانا.
ويتوقع أن تجرى هذه اللقاءات بعيدًا عن الصحافة في منزل السفير وليس في مقر السفارة الأميركية حيث سيجرى احتفال عام كبير.
وأقر كيري أن المعارضين ليسوا «مدعوين.. إلى السفارة لأنه حدث بين حكومتين وحيث المجال محدود جدًا».
وعلى جانبي مضيق فلوريدا، يتهم معارضون للانفراج بين البلدين، أمثال السناتور الجمهوري ماركو روبيو، الإدارة الديمقراطية بأنها وضعت جانبًا مطالبها بشأن حقوق الإنسان والحريات العامة. ورد تونر: «لن نزيل بين ليلة وضحاها مخاوفنا بشأن المجتمع المدني وحقوق الإنسان». وقد دانت وزارة الخارجية الأميركية توقيف 90 معارضًا كوبيًا الأحد الماضي من مجموعة «سيدات الرداء الأبيض» الذين تظاهروا وهم يضعون أقنعة عليها صورة الرئيس أوباما لانتقاد عملية التقارب.
وكان المحلل أنجيل مويا، زوج برتا سولر، رئيسة «سيدات الرداء الأبيض»، قال قبل توقيفه إن أوباما «مسؤول عما يجري في كوبا، والحكومة الكوبية ازدادت جرأة مع المفاوضات».
وتطالب كوبا برفع الحظر الاقتصادي الذي فرضه الرئيس الراحل جون فيتزجرالد كينيدي في 1996 وتم تعزيزه بقانون «هلمز - برتون» في 1996. وإدارة أوباما موافقة على ذلك، لكن الأمر متوقف على الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون الذين يعارض كثيرون منهم الإجراء ويرون أنه سيكون بمثابة مكافأة للشقيقين كاسترو.
ولكن بعد نصف قرن من المقاطعة الأميركية التي كانت من دون نتيجة انتهجت واشنطن «مقاربة مختلفة عبر ارتباط دبلوماسي مع كوبا» على ما قال المحلل السياسي جون غرونبك - تديسكو من رامابو كوليدج في نيوجرزي، مضيفًا أن «الرأي العام في الولايات المتحدة تطور لصالح كوبا».



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.