هدوء حذر... وجبهة مدنية ضد الحرب

تزايد عمليات النزوح من العاصمة السودانية

جانب من الدمار في العاصمة السودانية (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في العاصمة السودانية (أ.ف.ب)
TT

هدوء حذر... وجبهة مدنية ضد الحرب

جانب من الدمار في العاصمة السودانية (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في العاصمة السودانية (أ.ف.ب)

سادت الأجواء الحذرة المشوبة بالترقب ضواحي الخرطوم، وسط إطلاق نار متقطع، مع دخول الهدنة بين الطرفين يومها الثالث، وسط تزايد لعمليات النزوح من العاصمة. في الأثناء، أعلنت قوات الدعم السريع تعرض قواتها لهجوم بالطيران خلال عملية لإجلاء رعايا فرنسيين من سفارتهم بالخرطوم، ما أدى إلى إصابة أحدهم، ونجاة الآخرين. وأضافت في بيان، أمس (الأحد): «أثناء تحرك موكب الرعايا الفرنسين تحت حماية قواتنا، تعرض لهجوم بالطيران من الجيش»، فيما قالت قوات الدعم السريع إنها تصدت للهجوم وأسقطت الطائرة.
وعدّت «الدعم السريع» الاعتداء انتهاكاً للقانون الدولي والهدنة المعلنة، وإزاء ذلك اضطرت إلى إعادة الموكب إلى نقطة الانطلاق الأولى حفاظاً على سلامة وأرواح الرعايا الفرنسيين. وفي المقابل، اتهم الجيش السوداني ما سماه ميليشيا الدعم السريع بإطلاق الرصاص على موكب السفارة الفرنسية أثناء عملية الإجلاء، ما أدى إلى إصابة أحد الفرنسيين بعيار ناري، وتعطل عملية الإخلاء.
وأشار في بيان إلى اعتداء آخر من «الدعم السريع» على وفد متجه إلى مدينة بورتسودان، ونهب أموالهم وجميع حقائبهم وهواتفهم النقالة.
وأعلن الجيش وقوات الدعم السريع تحت ضغوط إقليمية ودولية مكثفة التزامهما بالهدنة ووقف إطلاق النار لمدة 3 أيام، لفتح ممرات إنسانية آمنة للمواطنين العالقين في مناطق الاشتباكات منذ اندلاع الحرب.
إلى ذلك، ظهر نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ«حميدتي»، بشكل خاطف، بالقرب من القصر الرئاسي، بقلب عاصمة البلاد (الخرطوم)، التي لا تزال أرض عمليات عسكرية مفتوحة مع الجيش، وانتشر مقطع فيديو «فيسبوك» يظهر «حميدتي» في لمحة خاطفة، وهو يجلس في مقدمة إحدى السيارات العسكرية، وخلفه العشرات من سيارات الدفع الرباعي العسكرية، التي توقفت أمام البوابة الشرقية للقصر الجمهوري المحاذية لشارع النيل بالخرطوم، ويعد الظهور العلني الأول لقائد «الدعم السريع» منذ اندلاع الحرب الأسبوع قبل الماضي. كما ترددت أنباء أمس عن اقتحام جهات مجهولة لسجن «كوبر» المركزي بالخرطوم بحري، الذي يوجد بداخله الرئيس المعزول عمر البشير وعدد من قادة الإسلاميين العسكريين والمدنيين الموقوفين ببلاغات تتهمهم بتقويض النظام المدني الديمقراطي في عام 1989. ووجّهت قوات الدعم السريع اتهامات مباشرة لقادة الجيش بتنفيذ عملية إخلاء بالقوة الجبرية لجميع سجناء سجن «كوبر»، الذي يضم عدداً من قادة النظام البائد، وعدّت هذا التصرف محاولة لإعادة النظام المعزول للحكم.
ويتبادل الطرفان الاتهامات بالوقوف خلف اقتحام السجون وإطلاق سراح المسجونين، من بينهم مدانون بالقتل وتجارة المخدرات. ودعت القوى الوطنية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ولجان المقاومة والمجتمعين الإقليمي والدولي إلى تحمل المسؤولية تجاه هذه القضية.
وعلى الصعيد السياسي، أطلقت قيادات مدنية سياسية وشخصيات قومية مبادرة لتكوين «جبهة مدنية» للضغط على العسكريين من الجيش و«الدعم السريع» لوقف الحرب فوراً، واتهموا التيار الأصولي للإسلاميين (النظام المعزول) بالوقوف خلف اندلاع الحرب الجارية حالياً، بهدف العودة إلى السلطة مرة أخرى. وطالبوا المجتمع الدولي بممارسة أقصى الضغوط لإيقاف الحرب، ووقف القصف الجوي ومضادات الطيران، وفتح ممرات ومسارات آمنة لتقديم العون الإنساني العاجل.
ودعا مطلقو المبادرة إلى السماح للمدنيين الذين يرغبون في مغادرة الخرطوم والمناطق الملتهبة إلى الولايات المجاورة، دون التعرض لهم بالأذى بمناطق وجود القوات المتحاربة. وشددت المبادرة، التي طرحت للتوقيع لأبناء الشعب السوداني كافة، على وقوفها ضد تعدد الجيوش اليوم ومستقبلاً، مؤكدة على ضرورة مواصلة الإصلاح الأمني والعسكري تحت مظلة وإشراف مشروع انتقالي وطني مدني ديمقراطي.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو قصيرة تزعم حدوث عمليات نهب لمصانع للمواد الغذائية ومحال تجارية بعدد من مدن العاصمة الخرطوم. ومنذ اندلاع الحرب، يواجه سكان الخرطوم ظروفاً إنسانية صعبة، إذا لا يزال انقطاع التيار الكهربائي والمياه مستمراً في كثير من أحياء المدينة، بالإضافة إلى شح كبير في المواد الغذائية، ويتواصل فرار المواطنين إلى الولايات المجاورة.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

سجن مؤثرين في تونس يفجر جدلاً حول استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي

احتجاجات صحفيين وسط العاصمة للمطالية بعدم التضييق على رجال الإعلام (إ.ب.أ)
احتجاجات صحفيين وسط العاصمة للمطالية بعدم التضييق على رجال الإعلام (إ.ب.أ)
TT

سجن مؤثرين في تونس يفجر جدلاً حول استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي

احتجاجات صحفيين وسط العاصمة للمطالية بعدم التضييق على رجال الإعلام (إ.ب.أ)
احتجاجات صحفيين وسط العاصمة للمطالية بعدم التضييق على رجال الإعلام (إ.ب.أ)

اشتعل جدل حاد في الأوساط الحقوقية والسياسية في تونس حول محتوى منصة «تيك توك»، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، وتسببت في انقسام الآراء بشكل واضح، وذلك بعد قرار محكمة تونسية بسجن أربعة من المؤثرين المشهورين لفترات تتراوح بين 20 شهراً و4 سنوات ونصف السنة هذا الأسبوع. فبعد أيام من رفض محكمة تونسية الإفراج عن صناع المحتوى الأربعة، وتحديد جلسة للنطق بالحكم عليهم، صدر القرار في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري بحق الشبان الأربعة، بعد إدانتهم بتهمتَي «مضايقة الغير عمداً بفاحشة، والظهور بوضعيات مخلة بالأخلاق الحميدة، أو منافية للقيم المجتمعية، من شأنها التأثير سلباً في سلوكيات الشباب».

ورأت وزارة العدل التونسية في بيان أن هذه الملاحقات جاءت في إطار محاولات التصدي لمن وصفتهم بأنهم «أفراد يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصاً (تيك توك) و(إنستغرام)، لعرض محتويات معلوماتية تتعارض مع الآداب العامة، أو استعمال عبارات أو الظهور بوضعيات مخلة بالأخلاق الحميدة، أو منافية للقيم المجتمعية».

وجاءت هذه الأحكام، التي عدَّها بعض الحقوقيين «قاسية جداً»، بعد أن اشتكى البعض خلال الأشهر الأخيرة من انتشار مقاطع فيديو على «تيك توك» ومنصات أخرى، يعدّونها «مسيئة للمرأة والعائلة التونسية»، فيما رأى آخرون أنها تندرج في إطار «حرية التعبير»، منتقدين بشدة الملاحقات القضائية الأخيرة.

أحد هؤلاء ويُدعى أيمن باردو، وهو صانع محتوى تونسي على «تيك توك»، قال لوكالة «الشرق نيوز» إن الحكم على أشخاص بسبب محتوى «أمر مقلق»، رغم اتفاقه على أن بعض مقاطع الفيديو «فيها قلة حياء. لكن الخطأ الذي حدث هو أن الردع لم يحدث منذ البداية»، وذلك من خلال إحداث قوانين تردع الناس، وتثنيها عن صنع محتويات مخلّة بالحياء. لكن ليس بعد مرور ثلاث سنوات. هناك اليوم أطفال صغار، تتراوح أعمارهم بين 13 و14 سنة فقط، ينشرون مثل هذه الفيديوهات، والحكم عليهم بثلاث أو أربع سنوات هو أمر قاسٍ بعض الشيء».

من مظاهرة سابقة نظَّمها حقوقيون وإعلاميون احتجاجاً على ما عدوه «تضييقاً» على الحريات (أ.ف.ب)

وصدر أطول الأحكام مدة بحق الشابة شموخ، البالغة من العمر 24 عاماً، التي اتُّهمت بارتكاب جرائم أخلاقية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتحريض على الفجور، وفق ما أشارت إليه وسائل إعلام تونسية.

وقال المحامي التونسي أحمد بن حسان، الذي يتولى الدفاع عن أحد المتهمين الأربعة، إن المشكلة في تعدد الاتهامات بحق المتهمين، أو ما قال إنها «نصوص الإحالة». مضيفاً أن «المشكلة في نصوص الإحالة التي تكون متعددة، وهو ما يعني أنه يجري اعتقال الشخص الواحد ثم يحال من أجل عدة تهم، كتهمة التجاهر بمنافي الحياة التي تصل عقوبتها إلى ستة أشهر، والاعتداء على الأخلاق الحميدة التي تصل عقوبتها أيضاً إلى ستة أشهر، والإساءة إلى الغير عبر الشبكة العمومية للاتصالات، التي يعاقَب عليها بسنتين، وخلق فرصة لارتكاب فجور متعلق بقاصرين، التي تصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات... وربما هذا ما يفسر قسوة العقوبات التي فوجئنا بها».

كانت محكمة تونسية قد أصدرت، الشهر الماضي، حكماً بسجن المحامية والمعلقة بوسائل الإعلام، سنية الدهماني، لمدة عامين بتهمة نشر أخبار غير صحيحة. وتتعلق القضية بتصريحات أطلقتها المحامية في برنامج حواري، تتضمن انتقادات لاذعة للدولة، بسبب سياساتها تجاه المهاجرين الوافدين من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى البلاد.

سنية الدهماني أدانتها المحكمة بعامين بتهمة نشر أخبار غير صحيحة (الشرق الأوسط)

وتواجه «تيك توك» على وجه الخصوص حملات في كثير من الدول، بينها البرازيل التي قالت الهيئة الوطنية لحماية البيانات فيها إنها رصدت ما وصفتها بأنها «مؤشرات على انتهاكات (تيك توك) المعايير البرازيلية بشأن استخدام القاصرين للإنترنت».

وفي فرنسا، أقامت عائلات دعوى قضائية على «تيك توك»، متهمة المنصة بتعريض أطفالها المراهقين لمحتوى ضار، أدى إلى انتحار اثنين منهم في سن الخامسة عشرة. كما تواجه «تيك توك» دعاوى تعويض في ولايات أميركية.