فرنسا «لا تريد سماع اسم آخر» غير فرنجية لرئاسة لبنان

رغم اعتراضات أطراف المعارضة وتحفظات خارجية

من لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي مع الوزير السابق سليمان فرنجية يوم الثلاثاء الماضي (من حساب فرنجية على «تويتر»)
من لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي مع الوزير السابق سليمان فرنجية يوم الثلاثاء الماضي (من حساب فرنجية على «تويتر»)
TT

فرنسا «لا تريد سماع اسم آخر» غير فرنجية لرئاسة لبنان

من لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي مع الوزير السابق سليمان فرنجية يوم الثلاثاء الماضي (من حساب فرنجية على «تويتر»)
من لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي مع الوزير السابق سليمان فرنجية يوم الثلاثاء الماضي (من حساب فرنجية على «تويتر»)

في موسم التعيينات الدبلوماسية في وزارة الخارجية الفرنسية، ليس من المؤكد أن تشهد السفيرة الفرنسية لدى لبنان انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل أن تترك منصبها في بيروت، وتعود إلى الإدارة المركزية، حيث ستشغل مركز مديرة «مركز الأزمات» في «الكي دورسيه»، بحيث تخلي قصر الصنوبر لخليفتها هيرفيه غرو، السفير الفرنسي الحالي في أنقرة. ولكن مع هذه التغييرات أو من دونها، فإن الحراك الباريسي بالنسبة لكيفية ملء الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية ثابت ولم يتغير. وعبّرت مصادر واسعة الاطلاع في العاصمة الفرنسية عن دهشتها إزاء التفسيرات التي أعطيت لما صدر عن الناطقة باسم الخارجية يوم الخميس الماضي في تأكيدها أنه «ليس لفرنسا مرشح لرئاسة الجمهورية»، إذ إن المستغرب هو أن يصدر عنها عكس ما قالته لأنه كان سيعدّ «تدخلاً في الشؤون الداخلية اللبنانية» أو حتى «انتداباً جديداً» على لبنان.
وتؤكد مصادر متعددة تواصلت معها «الشرق الأوسط» في اليومين الماضيين، أن سياسة باريس لم تتغير وهي ما زالت ماضية في مقترحها السابق الذي تروج له، وهو تزكية انتخاب النائب والوزير السابق سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية مقابل وصول القاضي والدبلوماسي السابق نواف سلام لرئاسة الحكومة مع برنامج إصلاحي وضمانات قدمها فرنجية إلى باريس عند زيارته الأخيرة لها. ورغم الاعتراضات على الخيار المذكور التي نقلت إلى الخلية الدبلوماسية في قصر الإليزيه مباشرة، أو عبر السفيرة غريو، آخرها من النائب سامي الجميل، رئيس «حزب الكتائب»، وقبله من أركان المعارضة اللبنانية ومن نواب مستقلين، فإن المصادر المشار إليها تؤكد أن الجانب الفرنسي «ماض في خياره»، وأن الأسماء «البديلة» التي نقلت إليه ووجهت بحجج متنوعة مختلفة، أبرزها أن «حزب الله»، «غير قابل بها»، أو أن هذا أو ذاك من البدائل «غير معروف»، أو «لا يتمتع ببروفايل رئاسي». وذهب أحد المصادر إلى تأكيد أن الجانب الفرنسي «لا يريد الاستماع لأي اسم آخر غير الاسم الذي يقترحونه»، وهو مرشح «الثنائي الشيعي»، ويرون فيه الطريق للخروج من الفراغ، ووقف التدهور متعدد الأوجه في لبنان.
وأصبحت اليوم معروفة وواضحة الحجج الرئيسية التي تستند إليها المقاربة الفرنسية، أولها أن «حزب الله» هو الجهة القادرة على إطالة الفراغ إلى أي أمد يرتئيه، والدليل على ذلك ما قام به في عام 2016. ولذا، من وجهة النظر الفرنسية، فإن أي مرشح لا يقبله «حزب الله» سيكون وصوله إلى قصر بعبدا «مستحيلاً». بيد أن المصدر المذكور يرى سبباً آخر لـ«التعنت» الفرنسي، وهو أن باريس «لا تستطيع بين ليلة وضحاها الانقلاب على السياسة التي انتهجتها منذ شهور»، لأن ذلك سيعني افتقارها للجدية. وليس سراً أن باريس سعت للترويج لفرنجية من خلال نقل «الضمانات» التي تعهد بها إلى «الأطراف الأربعة» التي تشكل مع فرنسا «المجموعة الخماسية» (فرنسا والولايات المتحدة ومصر والسعودية وقطر) التي أخذت على عاتقها «مساعدة» اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية، ووضع حد لمسلسل الانهيارات المتلاحقة. وقال مصدر نيابي لبناني لـ«الشرق الأوسط»، إن الجواب الذي عاد به المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل، من الخليج، هو أن السياسة التي يمكن أن تتبع إزاء فرنجية «مرتبطة بالسياسات التي سيسير على هديها في لبنان إذا وصل إلى الرئاسة في موضوع السيادة والإصلاحات والعلاقة مع (حزب الله) وسوريا...». والترجمة المباشرة لهذا الموقف يعني أن «لا رفض مبدئياً أو مطلقاً لفرنجية، والأمور مرهونة بأوقاتها وسيتعين النظر فيما إذا كان فرنجية سينفذ الالتزامات» التي نقلتها باريس. بالمقابل، فإن مصدراً آخر يقول إن المعلومات التي في حوزته تفيد بأن «التحفظات» على انتخاب فرنجية ما زالت على حالها.
أصبح واضحاً اليوم أن الطرح الفرنسي يواجه ليس فقط تحفظات بل رفضاً قوياً. وعمد «المعارضون»، منهم سامي الجميل، إلى تفنيد «الضمانات» التي يعتبر الجانب الفرنسي أن انتخاب فرنجية يوفرها. الجميل «يرفض المقايضة» بين رئيس منتخب لست سنوات ورئيس حكومة يمكن أن يطاح به في أي لحظة، والدليل على ذلك ما حصل مع الرئيس سعد الحريري عندما أسقط وهو يتأهب لدخول البيت الأبيض للاجتماع بالرئيس باراك أوباما. ويتساءل الجميل: «هل يتعين أن تصبح رئاسة الجمهورية من حصة (حزب الله)، فيأتي بمن يشاء ويرفض من لا يشاء؟»، ويرى الجميل أن «حزب الله» يريد أن يكرس معادلة «نحن من يصنع رئيس الجمهورية» ولذا فإنه «لن يتخلى أبداً عن فرنجية»، لأنه إذا فعل فسوف سيكون الخاسر سياسياً، وأن شيئاً كهذا لن يحصل إلا في ظل ظروف إقليمية ودولية.
ويؤكد رئيس «حزب الكتائب» أنه «سيسعى لمنع اكتمال هذا المسار» بمرحلتين: توفير موازين قوى من شأنها تجميد الوضع ومنع انتخاب فرنجية، والطريق لذلك، كما يفهم، يمر عبر منع توفير النصاب لانعقاد مجلس النواب ما يفترض توافر الثلث البرلماني المعطل، ثم في المرحلة الثانية التفاهم على اسم المرشح البديل الذي يفترض به أن يكون متمكناً وصاحب رؤية لإيجاد حلول للمشكلات التي يعاني منها لبنان. ومما يفترض توافره في «البديل» أن يسير بالإصلاحات الاقتصادية، وأن يعيد تمتين علاقات لبنان الخارجية، وأن يطرح موضوع سلاح «حزب الله». والطرح العملي الذي يعرضه الجميل يقوم على التفاهم على سلة أسماء (ثلاثة أو أربعة) تكون وسطية ومقبولة من الطرفين، ثم يلتئم المجلس، وليفز من يحصل على الأصوات اللازمة. ويحرص الجميل على تأكيد أن لا مآخذ شخصية على سليمان فرنجية، بل تحفظات على سياسته. وتفيد تقديرات المعارضة بأن توفير الثلث المعطل ممكن، وأن الإشكالية ستدور حول اسم أو اسمين ليس إلا.
هكذا تبدو صورة المشهد السياسي من باريس اليوم. ثمة استعجال فرنسي بسبب التخوف من استمرار الفراغ ورغبة في طي الصفحة وتدارك ما حصل المرة الماضية. وبالمقابل، ثمة نوع من الخيبة من المسار الذي تسلكه باريس، ليس بسبب دفعها لفرنجية، بل لأنها لا تتفهم، كما يقول المعارضون، المخاوف والاعتراضات والفاتورة المرتفعة التي سيدفعها لبنان إذا كان «العهد الجديد» مستنسخاً عن «العهد السابق»، بحيث تكون الطريق إلى جهنم سالكة على كافة الخطوط.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

قُتلت 3 سيدات فلسطينيات، صباح السبت، بعد إطلاق نار أمام أحد المخابز العاملة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، في مشهد جديد يكشف عن حجم المأساة التي وصل إليها سكان القطاع في ظل تفاقم الظروف الإنسانية والحياتية. ووقع الحادث أمام مخبز «زادنا 2» في شارع البركة بدير البلح، حينما تم إطلاق نار في المكان، وسط تضارب للروايات حول ظروف إطلاق النار، وإذا ما كان مباشراً أو نتيجة خطأ.

فلسطينيون في دير البلح ينتظرون الحصول على خبز (أرشيفية - رويترز)

وتقف يومياً ولساعات، طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة» خبز واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً، ومن بينها المخبز الذي وقعت أمامه الحادثة، وهو يعد من أشهر المخابز، كما أنه الوحيد الذي لم يتوقف تقريباً عن العمل، قبل أن يضطر لإغلاق أبوابه بعد الحادثة المؤلمة. وبينما قال أصحاب المخبز، إن النساء قُتلن بعد إطلاق نار من خارج المخبز، بعد تدافع وقع خارجه، وإن مصدره ليس من الحراس الذين يقفون للتنظيم ولحماية المخبز من السرقة، بل كان نتيجة إشكالية خارجه بين أفراد من عائلتين، قال شهود عيان إن إطلاق النار تمّ من قبل أحد الحراس، لكنه لم يكن مباشراً، بل كان نتيجة انفلات سلاحه منه بعد إطلاقه النار في الهواء.

فلسطينيون أمام مخبز مقفل وسط غزة (أرشيفية - أ.ب)

وقال مصدر صحافي من دير البلح لـ«الشرق الأوسط»، إن عائلة المتهم بإطلاق النار اضطرت لترك منزلها خوفاً من عملية انتقامية ضدها، مشيراً إلى أن النساء اللواتي قتلن هن نازحات من مدينة غزة. وأوضح المصدر أن مُطلِق النار كان يقف أمام المخبز للمشاركة والمساهمة في حمايته، ضمن اتفاق جرى بين أصحاب المخبز وعوائل دير البلح؛ لتمكين المواطنين من الحصول على الخبز في ظل المجاعة الكبيرة التي باتت تزداد صعوبةً في مناطق وسط وجنوب القطاع. ويوجد في دير البلح نحو 850 ألف نازح، يضاف إليهم أكثر من 300 ألف نسمة من سكان المدينة.

فلسطيني يلوح بيده بعد الحصول على ربطة خبز في مدينة غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ودفع الحادث مخاتير ووجهاء المدينة للتدخل لمحاولة منع تفاقم الأوضاع فيها، وأن تكون هناك ردة فعل انتقامية تخرج عن سيطرة الجميع. وحمَّل بعض المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، المخاتير والوجهاء والشخصيات المختصة المسؤولية عن الحادث، بعد أن قرروا تخصيص كميات الطحين التي تدخل إلى دير البلح، لصالح المخابز، وبيع «ربطة واحدة» فقط لكل عائلة، لإتاحة الفرصة أمام العوائل الأخرى للحصول على حصة مماثلة. ورأى البعض أنه كان من الممكن أن يتم توزيع كيس طحين واحد على كل عائلة بدلاً من زيادة الازدحام على المخابز، وتحميل المواطنين فوق طاقاتهم بالانتظار لساعات طويلة جداً، من أجل الحصول على ربطة واحدة لا تكفي لوجبة طعام واحدة فقط.

فلسطيني يعبِّر عن فرحته بعد حصوله على أرغفة الخبز من مخبر في غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويصل سعر «ربطة الخبز» الواحدة داخل المخبز بعد اصطفاف طابور لساعات طويلة إلى 3 شواقل (أقل من دولار واحد بقليل)، بينما يصل السعر خارجه إلى 30 أو 40 شيقلاً (ما يعادل نحو 11 دولاراً)، في حين وصل سعر كيس الطحين الواحد في وسط وجنوب القطاع، إلى 1000 شيقل أو أكثر (أي ما يعادل نحو 255 دولاراً). ويعاني وسط وجنوب قطاع غزة، من نقص حاد في توفر كميات الطحين بفعل الإجراءات الإسرائيلية وسرقة المساعدات من قبل بعض عصابات اللصوص، إلا أن الأوضاع في الشمال بالنسبة لتوفر الطحين أفضل حالاً بعد أشهر من المجاعة التي عانى منها سكان تلك المناطق، واضطروا حينها لطحن أكل الحيوانات من أجل سد رمق جوعهم. وبدأت هذه المعاناة في وسط وجنوب القطاع منذ نحو شهر فقط، مع توقف إمدادات المساعدات الغذائية، وسرقة غالبية ما كان يتم السماح بدخوله، الأمر الذي أدى لمفاقمة الوضع الإنساني. وأفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن القوات الإسرائيلية منعت ثلثي عمليات المساعدات الإنسانية المختلفة، البالغ عددها 129، من الوصول إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي. وأجبر الواقع الحالي، أصحاب المخابز لنشر مسلحين لحماية الطحين المتوفر لديها، ومنع سرقته من قبل عصابات اللصوص المنتشرة بشكل كبير. ولجأت بعض المخابز لاستئجار أولئك المسلحين على هيئة حراس أمنيين، في حين اتفق وجهاء ومخاتير وجهات مختصة مع مسلحين من عوائل لحماية المخابز في مناطقهم التي يعيشون فيها. ويتخوف السكان من استمرار إسرائيل في التلاعب بإدخال كميات مساعدات كافية، الأمر الذي سيفاقم من حالة المجاعة التي تزداد حالياً في مناطق وسط وجنوب القطاع بشكل أكبر من الشمال الذي عاش هذه الظروف بشكل أقسى لأشهر عدة.