لولا في أوروبا سعياً لاستثمارات وللتهدئة مع الغرب

الرئيس البرازيلي يزور البرتغال وإسبانيا حاملاً اقتراح وساطة دولية في أوكرانيا

الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوسا يرحب بنظيره البرازيلي وزوجته في لشبونة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوسا يرحب بنظيره البرازيلي وزوجته في لشبونة أمس (إ.ب.أ)
TT

لولا في أوروبا سعياً لاستثمارات وللتهدئة مع الغرب

الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوسا يرحب بنظيره البرازيلي وزوجته في لشبونة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوسا يرحب بنظيره البرازيلي وزوجته في لشبونة أمس (إ.ب.أ)

يعود لويس إينياسيو لولا إلى أوروبا، لكن رئيساً للبرازيل هذه المرة، بعد أن أثارت مواقفه وتصريحاته بشأن الحرب في أوكرانيا موجة من الاستغراب والاستياء في العديد من البلدان الغربية لاعتبارها منحازة إلى موسكو وبعيدة حتى عن موقف الأمم المتحدة.
وكان لولا قد وصل مساء الجمعة إلى العاصمة البرتغالية، لشبونة، التي هي عادة البوابة التي يدخل منها البرازيليون إلى القارة الأوروبية، ومن المتوقع أن ينتقل غداً إلى مدريد التي تستعد منذ فترة لتحضير القمة المنتظرة بين الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية، في مستهل رئاسة إسبانيا الدورية للاتحاد خلال النصف الثاني من هذه السنة.
وسيحاول الرئيس البرازيلي في محادثاته مع رئيسي الحكومة البرتغالي والإسباني التركيز على الدعوة، التي أطلقها للسعي نحو السلم والمفاوضات بين أطراف النزاع في أوكرانيا، والتخلي عن خطاب تسليح كييف لمواجهة الاجتياح الروسي.
وتقول مصادر دبلوماسية أوروبية إن الرئيس البرازيلي سيحتاج إلى الكثير من الحنكة والمهارة لتهدئة الخواطر الأميركية والأوروبية بعد التصريحات الأخيرة، التي أدلى بها في بكين، ملمحاً إلى أن الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية تبدو مهتمة بإطالة الحرب وليس بإيقافها. واعتبرت الدول الغربية تلك التصريحات انحيازاً إلى المحور الروسي - الصيني ما يقطع على لولا الطريق ليلعب دور الوسيط السياسي المحايد للسعي من أجل إنهاء الحرب.
وكان الرئيس البرازيلي أكد لدى اجتماعه منذ يومين بالرئيس الروماني، كلاوس فرنير، أن بلاده تدين الغزو الروسي كما سبق وأوضحت خلال التصويت على قرارات الأمم المتحدة.
لكن هذه الجولة الأوروبية التي يقوم بها لولا، تتزامن مع ظهور أول تصدّع في جبهته الداخلية، بعد أن اضطر لإقالة الوزير المكلف أمن الرئاسة بسبب من موقفه السلبي خلال الهجوم الانقلابي، الذي قام به أنصار بولسونارو ضد مباني البرلمان ورئاسة الجمهورية والمحكمة العليا. كان اللواء ماركوس غونسالفيس، العسكري الوحيد في حكومة لولا، قد ظهر في شريط فيديو محاطاً بأنصار الرئيس السابق من غير أن يقوم بمحاولة لردع المقتحمين في الثامن من يناير (كانون الثاني) الفائت.
وسيسعى لولا في البرتغال وإسبانيا، ومن خلالهما في بلدان الاتحاد الأوروبي، إلى استقطاب الاستثمارات لضخ الحياة في شرايين الاقتصاد البرازيلي الذي خرج منهكاً من جائحة «كوفيد»، وإلى طلب المزيد من المساعدات لإنقاذ غابة الأمازون والحفاظ عليها من تداعيات التغير المناخي.
لكن الرئيس البرازيلي يحمل في جعبته أيضاً اقتراحاً، لم يتوقف عن طرحه منذ أسابيع في جولاته ولقاءاته الخارجية، هو توفير الدعم الدبلوماسي لإطلاق وساطة دولية متعددة الأطراف لإنهاء الحرب في أوكرانيا. ويقوم هذا الاقتراح على تشكيل مجموعة على غرار مجموعة العشرين من بلدان غير ضالعة بشكل مباشر في النزاع، ومحاولة إقناع الرئيسين الروسي والأوكراني بالتفاوض لوقف المعارك، الأمر الذي تعتبر بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أنه ما زال بعيد الاحتمال.
وكان لولا أثار عاصفة من الانتقادات مؤخراً، عندما ألقى الملامة على فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلنسكي بعد الزيارة التي قام بها إلى بكين، وقبل أن يستقبل وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في برازيليا. وقد استدعت تلك التصريحات انتقادات شديدة من الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي، واتهامات بأن البرازيل وقفت إلى جانب روسيا والصين في هذا النزاع.
ويقول مراقبون دبلوماسيون إن البرازيل تستشعر نشوب حرب باردة جديدة تدفع الدول إلى الاصطفاف تلقائياً إلى جانب أحد المعسكرين، الأمر الذي يتناقض مع تقاليدها الدبلوماسية، ويتعارض مع مصالحها الاقتصادية، التي تقتضي إقامة علاقات حسنة مع أكبر عدد ممكن من البلدان.
وتشكل هذه الجولة فرصة أمام لولا كي يشرح موقفه في محادثاته مع عدد من النظـراء الأوروبيين، الذين تربطه بهم علاقات جيدة، مثل الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوسا، والملك فييلبي السادس، ومع رئيسي الوزراء أنطونيو كوستا وبيدرو سانتشيز.
ويكرر لولا في تصريحاته أن البرازيل وعدداً من القوى المتوسطة الأخرى بين بلدان الجنوب، تستحق دوراً أكثر فاعلية على المسرح الدولي، وبإمكانها أن تكون أكثر تأثيراً في معالجة الأزمات ومواجهة التحديات الدولية.
ويرافق لولا في جولته سبعة وزراء وزوجته، روزانجيلا، التي كان تعرّف إليها خلال وجوده في السجن بعد إدانته بتهمة الفساد التي أسقطتها لاحقاً المحكمة العليا. وستكون القمة التي يعقدها مع الرئيس البرتغالي الأولى بين البلدين منذ عام 2016 عندما أقيلت ديلما روسّيف من رئاسة الجمهورية البرازيلية.
وكانت العلاقات بين البرازيل والبرتغال شهدت مرحلة من التباعد والتوتر بسبب مواقف الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو، الذي ألغى عدداً من اللقاءات الثنائية المقررة في اللحظات الأخيرة. وكان الرئيس البرازيلي يسعى دائماً إلى التخفيف من حدة التوتر بين البلدين، مكرراً أن ثمة مليون برتغالي يعيشون في البرازيل وربع مليون برازيلي يعيشون في البرتغال، وأن مهامه تقتضي الدفاع عن مصالح بلاده.
ومن المقرر أن يبدأ لولا زيارته إلى مدريد، الثلاثاء المقبل، حيث تسعى إسبانيا، خلال رئاستها المقبلة للاتحاد الأوروبي، إلى الدفع باتجاه المصادقة على الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية والمجمد منذ خمس سنوات. ومن شأن هذا الاتفاق إعادة التوازن للدور الأطلسي داخل الاتحاد بعد أن مالت كفّته بوضوح إلى الشرق إثر انضمام بلدان أوروبا الشرقية والحرب في أوكرانيا. وتعد إسبانيا المستثمر الثاني في البرازيل بعد الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

الرياضة رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

يُطلق نجم كرة القدم البرازيلي رونالدينيو دوريا مخصصا لكرة قدم الشارع في جميع أنحاء العالم، وذلك لمنح اللاعبين الشباب الموهوبين فرصة لإظهار مهاراتهم واتباع نفس المسار نحو النجومية مثل لاعب برشلونة السابق، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس». قال المنظمون اليوم (السبت) إن دوري رونالدينيو العالمي لكرة قدم الشارع سيبدأ في «أواخر عام 2023»، وسيتضمن في البداية عملية اختبار على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن للاعبي كرة القدم في الشوارع من جميع الأعمار تحميل أفضل مهاراتهم وحيلهم في محاولة للانضمام إلى أحد فرق المسابقة. ستقام المباريات وجهاً لوجه في المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم، وستتنافس الفرق في الدور

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي: تحديد الطرف المحقّ في النزاع بين روسيا وأوكرانيا لا يفيد

الرئيس البرازيلي: تحديد الطرف المحقّ في النزاع بين روسيا وأوكرانيا لا يفيد

أكد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، اليوم الأربعاء في مدريد أن «تحديد الطرف الم»" في النزاع بين روسيا وأوكرانيا «لا يفيد في شي»، مؤكدا أن مفاوضات السلام لها الاولوية. وقال الرئيس البرازيلي الذي يزور اسبانيا في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز «لا يفيد أبدا تحديد الطرف المحق والطرف الخاطئ (...). ما يجب القيام به هو إنهاء هذه الحرب»، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي يسعى لإيجاد «حل تفاوضي» بين أوكرانيا وروسيا

الرئيس البرازيلي يسعى لإيجاد «حل تفاوضي» بين أوكرانيا وروسيا

أعلن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، اليوم (السبت)، رفضه «المشاركة» في النزاع بشأن أوكرانيا، ورغبته في المساهمة بإيجاد «حل تفاوضي» بين كييف وموسكو، بعدما انتقد الغربيون تصريحاته الأخيرة بشأن الحرب في أوكرانيا. وصرح لولا للصحافة عقب لقاء في لشبونة مع نظيره البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا، أنه «في الوقت الذي تدين فيه حكومتي انتهاك وحدة أراضي أوكرانيا، ندافع أيضاً عن الحل التفاوضي للنزاع».

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
أميركا اللاتينية بولسونارو يواجه «إقصاءً طويلاً» من الحياة السياسية

بولسونارو يواجه «إقصاءً طويلاً» من الحياة السياسية

بدأ الطوق القضائي يضيق حول الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو، تمهيداً لإقصائه فترة طويلة عن العمل السياسي، بعد أن وجهت النيابة العامة الانتخابية طلباً إلى المحكمة العليا، الأسبوع الماضي، لمنعه من ممارسة أي نشاط سياسي لمدة لا تقل عن ثماني سنوات بتهمة إساءة استخدام السلطة. وكان بولسونارو قد انتقد النظام الانتخابي الإلكتروني، وشكّك في نزاهته خلال اجتماع مع السفراء الأجانب العام الماضي عندما كان لا يزال رئيساً. وتعود تلك التصريحات لبولسونارو إلى مطلع الصيف الماضي، عندما كانت البرازيل في بداية حملة الانتخابات الرئاسية.

شوقي الريّس (مدريد)
أميركا اللاتينية البيت الأبيض يهاجم البرازيل بسبب تعليقات رئيسها عن أوكرانيا

البيت الأبيض يهاجم البرازيل بسبب تعليقات رئيسها عن أوكرانيا

هاجم البيت الأبيض اليوم (الاثنين)، البرازيل، بعد أن قال رئيسها لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، خلال زيارة لبكين، إنّ الولايات المتّحدة تشجّع الحرب في أوكرانيا. وقال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، للصحافيين، إنّه «في ما خصّ هذه الحالة، فإنّ البرازيل تردّد ببغائياً الدعاية الروسية والصينية من دون أن تنظر بتاتاً إلى الحقائق». وكان الرئيس البرازيلي دعا السبت، الولايات المتحدة، إلى التوقف عن «تشجيع الحرب» في أوكرانيا والبدء بالحديث عن السلام، مضيفاً أن الأسرة الدولية يمكنها «إقناع» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بأن «السلام يصب في مصلحة العالم بأس

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اليمين المتطرف في أميركا اللاتينية يرصّ صفوفه

الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو والرئيس الأرجنتيني خابير ميلي في مؤتمر الأحزاب اليمينية المتطرفة في أميركا اللاتينية الأحد الماضي (إ.ب.أ)
الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو والرئيس الأرجنتيني خابير ميلي في مؤتمر الأحزاب اليمينية المتطرفة في أميركا اللاتينية الأحد الماضي (إ.ب.أ)
TT

اليمين المتطرف في أميركا اللاتينية يرصّ صفوفه

الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو والرئيس الأرجنتيني خابير ميلي في مؤتمر الأحزاب اليمينية المتطرفة في أميركا اللاتينية الأحد الماضي (إ.ب.أ)
الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو والرئيس الأرجنتيني خابير ميلي في مؤتمر الأحزاب اليمينية المتطرفة في أميركا اللاتينية الأحد الماضي (إ.ب.أ)

على الرغم من عشرات الدعاوى الشائكة التي تنتظره في المحاكم، مثل تلك التي تتعلّق بدوره في محاولة الانقلاب الفاشلة مطالع العام الفائت في برازيليا، ورغم القرار الصادر عن «المحكمة العليا» بتجريده من أهلية الترشح للانتخابات الرئاسية بعد عامين؛ أصرّ مؤتمر الأحزاب اليمينية المتطرفة في أميركا اللاتينية، الذي انعقد نهاية الأسبوع الماضي في كامبوريو، جنوب البرازيل، على تتويج جاير بولسونارو ليكون الخيار الوحيد أمام المعسكر المحافظ في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وفي كلمته أمام المؤتمر، قال النجم الصاعد لليمين المتطرف البرازيلي نيكولاس فريرا: «أمامنا ثلاثة خيارات في عام 2026: أولاً جاير، وثانياً المسيح، وثالثاً بولسونارو»، في حين كان آلاف الحاضرين يهتفون بمبايعة الرئيس البرازيلي السابق، الذي كان جالساً برفقة حاكم ولاية ساو باولو ترشيسو فريتاس، الذي يرجّح أن يكون البديل عنه في حال عدم قدرته على الترشح.

الرئيس الأرجنتيني خابير ميلي خلال مشاركته في مؤتمر الأحزاب اليمينية المتطرفة في أميركا اللاتينية الأحد الماضي (إ.ب.أ)

الأوساط السياسية والاجتماعية في البرازيل تراقب بقلق متزايد جنوح اليمين المتطرف نحو التمسك بترشيح بولسونارو، وتخشى في حال عدم رجوع «المحكمة العليا» عن قرارها نزع أهليته وإصراره على الترشح، أن تتعرّض البلاد لاضطرابات أمنية واسعة، أو لتدخّل القوات المسلحة، التي ما زال بولسونارو يتمتع بتأييد واسع في صفوفها. وهو قلق ينشأ عن تصريحات القيادات اليمينية المتطرفة، مثل الذي ورد على لسان النائب ماركوس بولون، الذي يمثّل مصالح صناعة الأسلحة، عندما قال في المؤتمر: «لا يوجد يمين في البرازيل، بل يوجد جاير بولسونارو. ومن يرد السير معنا، فعليه الاعتراف بزعامته».

وفي كلمته أمام المؤتمر، اكتفى بولسونارو باستحضار بعض الشواهد والطرائف القديمة، واستعرض بسرعة صعود الأحزاب اليمينية في البرلمان الأوروبي الجديد، وجلوس جورجيا ميلوني في رئاسة الحكومة الإيطالية، وصعود حزب مارين لوبان في فرنسا، ليختم قائلاً: «وبعونه تعالى، ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني)». جلّ الاهتمام كان منصبّاً على الانتخابات البلدية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل وأهمية الفوز على «النظام»، استعداداً للانتخابات الرئاسية والتشريعية عام 2026.

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا خلال مشاركته في قمة مجموعة «مركوسور» في الباراغوي الاثنين الماضي (رويترز)

كل القيادات اليمينية المتطرفة في أميركا اللاتينية كانت حاضرة؛ من زعيم الحزب الجمهوري التشيلي خوسيه أنطونيو كاست، الذي ترجحه آخر الاستطلاعات للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلى الناشطة اليمينية البوليفية آنيلين سواريز، التي قالت إن ما حصل مؤخراً في بلادها لم يكن سوى محاولة انقلابية مدبرة لتعزيز موقع الرئيس وحظوظ التيار الاشتراكي في الانتخابات المقبلة، مضيفة: «الاشتراكية سرطان، والسرطان لا يُعالج بتناول المسكنّات، بل يجب استئصاله».

لكن الطبق الرئيسي في المؤتمر كان لا بد من انتظاره حتى النهاية مساء الأحد، عندما وصل الرئيس الأرجنتيني، خابير ميلي، الذي تعانق طويلاً مع بولسونارو على وقع التصفيق الحاد والهتافات، قبل أن يلقي خطاباً طويلاً تجنّب فيه، أمام دهشة الحاضرين، أي إشارة إلى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي كان تحاشى اللقاء به يوم السبت ممتنعاً عن المشاركة في قمة مجموعة «مركوسور»، التي تضمّ البرازيل والأرجنتين والباراغواي والأوروغواي.

المشاركون في قمة مجموعة «مركوسور» في الباراغوي التي رفض الرئيس الأرجنتيني خابير ميلي المشاركة فيها الاثنين الماضي (إ.ب.أ)

واختار ميلي، على غير عادته، أن يلقي خطاباً هادئاً تناول فيه عيوب النظام الاشتراكي في القرن الحادي والعشرين، والحلول التي يقترحها لإعادة بناء الأرجنتين، قبل أن يتوقف قليلاً عند «مهزلة» الانقلاب في بوليفيا والنظام «الديكتاتوري الدموي» في فنزويلا. ومنذ وصوله إلى الحكم مطلع هذا العام يواجه ميلي عزلة إقليمية متزايدة، بسبب ما صدر عنه من انتقادات شخصية لاذعة طالت رؤساء كولومبيا وبوليفيا وفنزويلا ونيكاراغوا، وكان آخرها هجومه على الرئيس البرازيلي لولا، واصفاً إياه بـ«اليساري الصغير»، ورافضاً الاعتذار منه كما طلب لولا.

ولم يتناول ميلي في كلمته العشرات من أنصار بولسونارو، الذين فرّوا إلى الأرجنتين بعد فشل المحاولة الانقلابية في البرازيل العام الماضي، والذين يعدهم اليمين البرازيلي معتقلين سياسيين، في حين تطالب الحكومة البرازيلية بتسليمهم إلى العدالة. وعلى الرغم من أن النتائج الأولية للدورة الثانية من الانتخابات الفرنسية كانت قد صدرت عندما بدأ ميلي يلقي كلمته، فإنه قال: «رياح التغيير تهبّ على العالم، والأفكار الاشتراكية التي أفقرت الشعوب قد فشلت، والناس تعرف ذلك. إنهم إلى زوال، وسنطردهم رفساً حيثما كانوا».