الحوثيون يتجاهلون أزمة الغذاء وينفقون المليارات على التعبئة

تقرير أممي: 21 مليون شخص يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة

نازحون يمنيون يتلقون مساعدات غذائية في مخيم بمديرية حيس في محافظة الحديدة (أ.ف.ب)
نازحون يمنيون يتلقون مساعدات غذائية في مخيم بمديرية حيس في محافظة الحديدة (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يتجاهلون أزمة الغذاء وينفقون المليارات على التعبئة

نازحون يمنيون يتلقون مساعدات غذائية في مخيم بمديرية حيس في محافظة الحديدة (أ.ف.ب)
نازحون يمنيون يتلقون مساعدات غذائية في مخيم بمديرية حيس في محافظة الحديدة (أ.ف.ب)

لم يجد عبد الله سوى خنجره الشخصي (الجنبية) لبيعه حين أبلغ من القائمين على المطبخ الخيري في العاصمة اليمنية صنعاء أنهم عجزوا عن توفير الخبز والزبادي لأكثر من ستة آلاف أسرة تستفيد من هذا المشروع في رمضان من كل عام، حيث واجهوا صعوبات كبيرة في الحصول على تبرعات، بعد أن منع الحوثيون التجار من توزيع الصدقات بشكل مباشر، في حين أنهم يجمعون مئات المليارات من الريالات تحت اسم الزكاة وينفقونها على قادتهم ومقاتليهم، وتمويل أنشطتهم وتوجهاتهم الطائفية.
يقول أحمد وهو أحد العاملين في المطبخ الخيري إنهم فوجئوا بمبادرة من شخص يدعى عبد الله بعرض خنجره الذي يعرف في اليمن باسم (الجنبية) للبيع لصالح المطبخ الخيري بعد أن أبلغ بأن المطبخ عاجز عن توفير الخبز والزبادي للآلاف من الأسر التي اعتادت الحصول على وجبة الإفطار منذ سنوات طوال شهر رمضان المبارك.
وذكر أن شخصا آخر كان حاضرا في الجامع الذي يدير المطبخ قام بشراء الخنجر بنحو 1200 دولار، للمساهمة في تغطية العجز الذي واجهه المطبخ، في ظل تجاهل سلطة الحوثيين المناشدات المتكررة لهيئة الزكاة للمساعدة في توفير هذه الوجبات الغذائية.
ويتساءل «لا نعرف أين تذهب مئات المليارات من الريالات (الدولار يعادل 550 ريالا) التي تجمعها ما تسمى هيئة الزكاة، وتصرفها لصالح أنشطة وفعاليات سياسية وطائفية، وما يسمى دعم المقاتلين، والإنفاق على أسر قتلى الجماعة».
ويضيف أن القائمين على المطبخ الخيري يريدون الطحين والزبادي لتوفير وجبة الإفطار لنحو ستة آلاف أسرة جائعة مقيدة لديهم، وتساءل عما إذا كان المطبخ الخيري من خارج مصارف الزكاة ولا يستحق الدعم، وقال إنهم وزعوا في إحدى ليالي رمضان من العام الماضي خمسة آلاف دجاجة، ولكنهم هذا العام لم يتمكنوا سوى من توزيع أرغفة الخبز وعلب الزبادي فقط.
من جهته أكد مكتب البرنامج الإنمائي للأمم في اليمن أنه بعد ثمانية أعوام، لا يزال اليمن من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج 21.6 مليون شخص إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية خلال العام الحالي، حيث يكافح 80 في المائة من سكان البلاد للحصول على الغذاء ومياه الشرب الآمنة والخدمات الصحية الكافية.
وفي تقرير حديث عن أبرز ملامح الوضع في اليمن خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي قال إن النساء والفتيات يتحملن وطأة الأزمة، حيث يقدر أن 80 في المائة من 4.5 مليون نازح في اليمن هم من النساء والأطفال، وأن ما يقرب من 26 في المائة من الأسر المشردة ترأسها نساء، ونبه إلى أنه ومن دون الحصول على الأدوية المنقذة للحياة، فإن نحو مليون امرأة من المتوقع أن يلدن في هذا العام معرضات للخطر بشكل خاص.
ووفقا لهذه البيانات فإن هناك مليون امرأة أخرى يرغبن في استخدام وسائل تنظيم الأسرة لتأجيل الحمل أو تجنبه معرضات لخطر الحمل غير المرغوب فيه.
وتوقع التقرير أن تعاني أكثر من 1.5 مليون امرأة حامل ومرضعة من سوء التغذية الحاد في وقت ما من هذا العام، قائلا إن نحو 7.1 مليون امرأة وفتاة يحتجن إلى خدمات لمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي والتصدي له، وبين أن هذه الخدمات مستنزفة في جميع أنحاء البلاد، وغائبة تماماً في بعض المناطق التي يصعب الوصول إليها.
الصندوق الذي ناشد المانحين للحصول على 70 مليون دولار أميركي لاستدامة البرامج الخاصة بالنساء والفتيات في اليمن، قال إنه لم يتلق سوى 12 في المائة من المبلغ المطلوب، وحذر من أن نقص التمويل أجبره على تقليص الخدمات المنقذة للحياة، حيث ستفقد آلاف النساء إمكانية الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية الإنجابية، كما قد تفقد أكثر من مليون امرأة إمكانية الوصول إلى خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي والرعاية الصحية العقلية.
ووفق ما أورده الصندوق فإنه وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وصل إلى ما يقرب من نصف مليون فرد بخدمات الصحة الإنجابية المنقذة للحياة، ومعلومات وخدمات الحماية والإغاثة في حالات الطوارئ، ودعم 84 مرفقاً صحياً و29 مكاناً آمناً وثمانية ملاجئ وخمسة مراكز مختصة بالأمراض العقلية.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.