«الصحة العالمية» تحذر من نفاد إمداداتها في السودان

مديرها الإقليمي لـ«الشرق الأوسط»: مصرع 330 شخصاً وإصابة 3200 آخرين

أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية (الشرق الأوسط)
أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية (الشرق الأوسط)
TT

«الصحة العالمية» تحذر من نفاد إمداداتها في السودان

أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية (الشرق الأوسط)
أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية (الشرق الأوسط)

بينما حذرت منظمة الصحة العالمية من نفاد مخزونها من الأدوية والمستلزمات الطبية في السودان، أكد الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي للمنظمة للشرق المتوسط، أن لدى المنظمة إمدادات إضافية في طور الإعداد سيتم الإفراج عنها حالما تسمح الأوضاع الأمنية واللوجيستية بذلك. يأتي ذلك في ظل عجز منظمة الصحة العالمية عن تغطية خدمات صحية حتى على أدنى مستوياتها في السودان، في ظل الحرب القائمة الآن في البلاد، وغياب الحماية لحياة موظفيها، بينما ما زالت الاشتباكات وأزيز الرصاص يطرقان أبواب المشافي.
وقال المنظري لـ«الشرق الأوسط»: «سيتم نقل إمدادات ولوازم طبية عبر البحر الأحمر وميناء بورتسودان، ونقل لوازم معالجة الصدمات وغيرها من الأدوات اللوجيستية التابعة لنا في دبي، ويستعد موظفو المنظمة المتخصصون في رعاية الرضوح والصحة العامة واللوجيستيات والأمن للتدفق إلى الخرطوم حالما تسمح الظروف بذلك». وتابع: «لا تزال منظمة الصحة العالمية ملتزمة بشراكتها القائمة منذ فترة طويلة مع السودان، وسنواصل العمل لتحقيق رسالتنا المتمثلة في تحقيق الصحة للجميع وبالجميع. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك إلا في بيئة تسمح لنا بالعمل دون عوائق ودون تعريض موظفينا للخطر؛ إذ ستكون صحتهم وعافيتهم أولويتنا الأولى دائماً».
وقال المنظري: «للأسف الشديد أقل ما يوصف به الوضع الصحي والإنساني الذي يتكشَّف في السودان حالياً أنه مروع وآخذ في التفاقم. لقي ما يقرب من 330 شخصاً مصرعهم وأصيب ما يقرب من 3200 آخرين بجروح، منذ 15 أبريل (نيسان)، نتيجة القتال بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم وفي عدد من الولايات الأخرى، بما في ذلك ولايات دارفور».
وبينما تتزايد أعداد المصابين وفق المنظري، تقل فرص الحصول على الرعاية والخدمات الصحية العاجلة جراء خروج عدد كبير من المستشفيات من الخدمة، حيث اضطر 20 مستشفى إلى الإغلاق، بسبب الهجمات أو نقص الموارد، و8 مرافق صحية أخرى معرضة لخطر الإغلاق، بسبب إرهاق طواقم العمل أو نقص الأطباء والإمدادات الطبية». ولفت المنظري إلى أن الحركة في الخرطوم مقيدة بسبب انعدام الأمن، الأمر الذي يُسبب تحديات للأطباء والممرضين والمرضى وسيارات الإسعاف للوصول إلى المرافق الصحية، ويعرّض حياة أولئك الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة إلى الخطر.
وشدد المنظري، على أن المصابين بأمراض مزمنة المحتاجين إلى رعاية مستمرة، غير قادرين على الحصول على العلاج، حيث تتزايد احتياجات الصحة العقلية والاحتياجات النفسية والاجتماعية، لا سيما بين الأطفال. وفوق كل ذلك وفق المنظري، تبرز تحديات جسيمة تتمثل في استمرار انقطاعات التيار الكهربائي على نطاق واسع ونقص الكهرباء في مناطق معينة والمستشفيات مما يضع المرضى في خطر شديد. كما تعاني المرافق الصحية نقصاً حاداً في المياه والوقود، في حين توقف عدد من محطات المياه في الخرطوم عن العمل. وتجابه المستشفيات نقصاً حاداً في الطواقم الطبية المتخصصة، وإمدادات الأكسجين، وأكياس الدم.
وزاد المنظري: «ما يثير القلق الشديد أيضاً تلك التقارير عن الاعتداءات الجنسية على العاملين في المجال الإنساني الدولي، وكذلك التقارير المتزايدة عن الهجمات على مجال الرعاية الصحية، بما في ذلك الاعتداءات على العاملين في المجال الصحي، والاحتلال العسكري للمستشفيات، ونهب سيارات الإسعاف واختطافها». وعن مدى استفادة خدمات منظمة الصحة العالمية من الهدنة الأخيرة الهشة، قال المنظري: «للأسف لم يكتب لهذه الهدنة الاستمرار على نحو يمكننا من اغتنامها على الوجه المناسب. لذا ندعو إلى الاتفاق على ممر آمن وهدنة إنسانية للعاملين الصحيين والمرضى وسيارات الإسعاف».
وحث المدير الإقليمي للمنظمة، جميع أطراف الصراع على وضع سلامة شعبهم وأمنه فوق كل اعتبار آخر، مهيباً بجميع الأطراف إلى تنفيذ توقف إنساني مستدام في أقرب وقت ممكن لكي يتمكَّن أولئك المحاصرون بسبب القتال من البحث عن ملاذ. وشدد على ضرورة تسهيل حصول المدنيين على الغذاء والمياه والأدوية وغيرها من المواد الأساسية؛ وليتمكَّن أولئك المحتاجون إلى الرعاية الصحية من التماس الرعاية التي يحتاجون إليها، مع ضرورة أن يتمكن العاملون في المجال الصحي والإنساني والمنظمات العاملة على الأرض من القيام بمهامهم. وقال المنظري: «سنواصل العمل لتحقيق رسالتنا المتمثلة في تحقيق الصحة للجميع وبالجميع، لكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك إلا في بيئة تسمح لنا بالعمل دون عوائق ودون تعريض موظفينا للخطر؛ إذ ستكون صحتهم وعافيتهم أولويتنا الأولى دائماً».
وحول حجم جهود منظمة الصحة في السودان والتحديات التي تواجهها، قال المنظري: «نعمل عن قرب وبتعاون وثيق مع السلطات الصحية ومع الشركاء كافة. وكما هو معلوم فإن عملنا سابق على هذه الأزمة، بل يمتد لعشرات السنوات في علاقات وثيقة مع السودان». وتابع: «وفقاً لتقديراتنا السابقة ومتابعتنا للاضطرابات المدنية السابقة، تمكننا من تكوين مخزون من الأدوية والإمدادات في الفترة القصيرة السابقة على اندلاع أعمال العنف، بما في ذلك مجموعات جراحة الرضوح والطوارئ في المستشفيات، ومع ذلك، فإن الكميات تنفد». وأضاف المنظري: «ينسق مكتب منظمة الصحة العالمية في السودان مع لجنة الصليب الأحمر الدولية لتجديد الإمدادات إلى هذه المرافق. كما دعمت منظمة الصحة العالمية وزارة الصحة السودانية في إجراء العديد من الدورات التدريبية بشأن التدبير العلاجي للإصابات الجماعية والرعاية الحرجة».
ووفق المنظري، فإن منظمة الصحة العالمية دعمت وزارة الصحة بولاية الخرطوم لتزويد سيارات الإسعاف بالإمدادات اللازمة، موضحاً أن هناك فريقاً مخصصاً «يضم منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة وفرق التدبير العلاجي للإصابات الجماعية» يقود التنسيق مع الصيدليات ومخازن الأدوية بشأن توافر الإمدادات، وضمان توجيه الأدوية والإمدادات إلى حيث تشتد الحاجة إليها.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

صحتك طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا أطفال مصابون بجدري القرود في الكونغو عام 1970 (منظمة الصحة العالمية)

«الصحة العالمية» تعطي الترخيص لأول لقاح لجدري القردة للأطفال

أصدرت «منظمة الصحة العالمية» ترخيصاً لاستخدام أول لقاح ضد جدري القردة للأطفال.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية في ساحة مستشفى الأقصى في دير البلح بقطاع غزة 9 نوفمبر 2024 (أ.ب)

«الصحة العالمية»: إسرائيل رفضت 4 بعثات إمداد لـ«مستشفى كمال عدوان» في قطاع غزة

قالت منظمة الصحة العالمية إن إسرائيل رفضت «بشكل تعسفي» خلال الأيام العشرة الماضية دخول 4 بعثات من المنظمة لإرسال فرق طبية وإمدادات لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك أبرز «إعلان جدة» دور المنظمات الرباعية في تقديم الدعم اللازم للحكومات (واس)

«إعلان جدة» يدفع قُدماً الأجندة العالمية لمقاومة مضادات الميكروبات

تعهَّدت الدول الأعضاء في «إعلان جدة» بتحقيق أهداف الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030.

إبراهيم القرشي (جدة)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
TT

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

مع اقتراب دفع المحكمة الجنائية الدولية بـ«المرافعات» الختامية في قضية السوداني علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم بدارفور، وصف الدفاع المتهم كوشيب بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، وهم: الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا «الدفاع» وقتها عبد الرحيم محمد حسين، و«الداخلية» أحمد هارون.

وقالت المحكمة الجنائية، في «ورشة عمل» عقدتها للصحافيين السودانيين في العاصمة الكينية كمبالا، الجمعة، إن المحكمة قررت تقديم المرافعات الختامية في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

ويواجه عبد الرحمن 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم بدارفور السودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003، وأبريل (نيسان) 2004، بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

مطالب بتسليم البشير وهارون

وقال المستشار بمكتب المدعي العام داهيرو سان آنا، عبر تقنية مؤتمر فيديو من لاهاي، إن مكتبه يحقق في أحداث دارفور الناجمة عن الحرب الحالية، وإنه كلف فريقاً يقوم بجمع المعلومات في دارفور يتعلق بالقضايا الجديدة، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحدث الناس أنها تحدث في الإقليم المضطرب، وبنهاية التحقيقات سيجري تقديم طلبات لقضاة المحكمة لتوجيه اتهامات.

عمر البشير خلال محاكمته بالفساد يونيو 2019 (رويترز)

وأوضح أن المتهمين الرئيسيين؛ الرئيس السابق عمر البشير، ووزير دفاعه وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد محمد هارون، لا يزالون دخل السودان. وأضاف: «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، يجب تسليمهم للمحكمة، وهو التزام لا يزال قائماً». وتابع أن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قاده الجيش صعب الأوضاع المتعلقة بتسليم المتهمين.

وقال داهيرو إن تسليم المتهمين يقع على حكومة السودان التي تَعلم مكان المتهمين. وتابع: «سألناهم، العام الماضي، ولم يعطونا معلومات، وقالوا إنهم يحققون في مكان وجود أحمد هارون». واستطرد: «التحقيقات مع كوشيب أشارت إلى ضلوع هارون في كل الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب، وطالبنا بتسليمه ليحاكَم الرجلان معاً، لكن هذا لم يحدث».

وعادت قضية تسليم أحمد محمد هارون إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الصراعات داخل حزب البشير «المؤتمر الوطني»، وانتخاب الرجل رئيساً للحزب، رغم التهم الموجهة له من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التي يواجهها في القضاء المحلي.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وبإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، يواجه الرجال الثلاثة المحاكمة باتهامات تتعلق بتدبير انقلاب 1989، تصل عقوبتها للإعدام. وعقب اندلاع الحرب، في 15 أبريل، خرج هارون ومتهمون آخرون من السجن، ولا يعلم مكان وجودهم، بينما لا تزال السلطات تقول إن البشير وحسين لا يزالان قيد الحبس، دون أن تكشف عن مكان حبسهما.

اتهامات لحكومة السودان

بدوره، قال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن المحكمة لا تستطيع توسيع نطاق اختصاصها إزاء الجرائم التي يزعم أن قوات «الدعم السريع» ترتكبها في مناطق جديدة من السودان؛ لأن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن اختصاصها يقتصر على قرار مجلس الأمن 1593 الصادر في 2005، الذي أحال الوضع في دافور للمحكمة.

واتهم محامي المتهم سيريل لاوشي، في إفادته، للصحافيين، «حكومة السودان» بأنها قدمت كوشيب «كبش فداء» للتستر على المتهمين الرئيسيين. وقال: «جاء ممثل السودان، وقال: خذوه وحاكموه، فهذا هو الشخص الذي يجب أن تجري محاكمته، على الرغم من وجود المتهمين الرئيسيين؛ عمر البشير ومساعديْه وزيري الدفاع والداخلية».

وأرجع محامي كوشيب تأخير إجراءات المحاكمة إلى عدم مثول المتهمين الآخرين، وأضاف: «كان يمكن أن تسير الإجراءات بشكل يحقق العدالة، بحضور المتهمين». وأقر المحامي لاوشي بوقوع الجرائم موضوع المحاكمة، وطالب بجبر ضرر الضحايا، بقوله: «للمجني عليهم الحق في جبر الضرر، بغض النظر عن إدانة كوشيب أو تبرئته، وحق الضحايا لن يتأثر بكونه مجرماً أو غير مجرم».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً للمتحدثين باسم محكمة لاهاي، فإن مكتب المدعي العام والممثلين القانونيين للضحايا، وهيئة الدفاع سيدلون بمرافعاتهم الختامية، في الوقت المحدد، أمام الدائرة الابتدائية الأولى المكونة من القاضية جوانا كورنر «قاضية رئيسة»، والقاضيتين راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليمه نفسه للمحكمة في يونيو (حزيران) 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وقفلت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023، وينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعتَي الاتهام والدفاع الختاميتين، قبل اتخاذ قرار بشأن الرجل المحبوس لدى المحكمة في لاهاي.