تنامي التنافس الأوروبي - الروسي في الساحل الأفريقي

وزير الدفاع الألماني أقر بـ«خسائر» الغرب لصالح موسكو

وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس خلال زيارته نيامي عاصمة النيجر هذا الشهر (د.ب.أ)
وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس خلال زيارته نيامي عاصمة النيجر هذا الشهر (د.ب.أ)
TT

تنامي التنافس الأوروبي - الروسي في الساحل الأفريقي

وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس خلال زيارته نيامي عاصمة النيجر هذا الشهر (د.ب.أ)
وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس خلال زيارته نيامي عاصمة النيجر هذا الشهر (د.ب.أ)

بعد توجيه تركيزها السياسي والاقتصادي المتنامي نحو أفريقيا، لا سيما منطقة الساحل، منذ الحرب الروسية - الأوكرانية، أبدت برلين قلقها من تمدد النفوذ الروسي في المنطقة، في ما رآه الخبراء اتساعاً للمواجهة الجيوستراتيجية بين القوى الدولية في القارة.
وأعلن وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، أمام البرلمان، أمس (الأربعاء)، أن «الغرب يتكبد خسائر جيوسياسية في منطقة الساحل الأفريقي ذات الأهمية الاستراتيجية في ضوء تنامي الوجود الروسي هناك».
وكان بيستوريوس يتحدث إلى النواب عن خطط برلين لنشر قوات في المهمة العسكرية للاتحاد الأوروبي في النيجر، التي يُنظر إليها على أنها عُرضة لخطر امتداد العنف إليها من مالي المجاورة. ولا بد من موافقة البرلمان على نشر القوات الألمانية.
وقال بيستوريوس: «رغم الدعم الدولي الكبير، فإن الوضع الأمني هناك لم يتحسَّن. يبدو أن السرديات والعروض الروسية تنجح هنا، وأن المجتمع الغربي يتراجع هنا. ومنطقة الساحل مهمة استراتيجياً، وستظل كذلك لهذا السبب بالتحديد، خصوصاً في ظل الوجود الروسي بالمنطقة».
وتأتي تصريحات بيستوريوس بعد زيارة انتهت سابقاً هذا الشهر إلى منطقة الساحل لتقييم الأوضاع، قال خلالها إن بلاده «ستبقى ملتزمة بالأمن في المنطقة، من خلال تركيزها على النيجر في المستقبل». وأضاف أن «الدعم العسكري والتنموي أساسي لتحقيق الاستقرار في المنطقة بشكل أكبر، بل أفضل مما كان عليه في الماضي». ورافقت وزيرة التنمية سفينيا شولتزي وزير الدفاع في رحلته، وقالت الوزيرة: «نحن هنا معاً لأننا نريد أيضاً أن نُظهر أن الأمن يعني أكثر من مجرد الأمن العسكري».
والعام الماضي، أعلنت ألمانيا أنها ستسحب قواتها من بعثة الأمم المتحدة إلى مالي، بحلول مايو (أيار) 2024، وجاء هذا القرار بعدما واجهت القوات الألمانية مراراً مشكلات تشغيلية مع السلطة العسكرية الحاكمة، في ظل تهديدات كبيرة ناجمة عن تمدد النفوذ الإرهابي.
ووافق مجلس الوزراء الألماني، الشهر الماضي، على مشاركة ما يصل إلى 60 جندياً ألمانياً في البعثة العسكرية الجديدة التي يقودها الاتحاد الأوروبي، ومقرها النيجر.
وأصبحت النيجر مؤخراً حليفاً رئيسياً للجهود العسكرية الغربية في غرب أفريقيا، حيث قامت الولايات المتحدة ببناء وتشغيل قاعدة جوية، ونشرت ما يقرب من ألف عسكري أميركي. واعتمد المجلس الأوروبي آخر العام الماضي شراكة عسكرية مع نيامي، بتكلفة تتجاوز 27 مليون يورو خلال 3 سنوات.
وتتهم القوى الغربية، وعلى رأسها أميركا وفرنسا، روسيا بمحاولة زيادة نفوذها في أفريقيا عبر «مجموعة فاغنر» المسلحة، وشن حملات لتشويه القوى الغربية. وقررت واشنطن تشديد عقوباتها المفروضة على المجموعة، بعد أن صنفتها وزارة الخزانة الأميركية «منظمة إجرامية كبيرة عابرة للحدود». وكانت الحكومات العسكرية التي تحكم كلاً من مالي وبوركينا فاسو طردت القوات الفرنسية ذات الحضور التاريخي هناك من أراضيها، وأقرت الحكومتان بالتقارب مع روسيا، وبوجود قوات «فاغنر» على أراضيهما.
وكانت برلين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أعلنت اعتزامها «تطبيق استراتيجية جديدة تجاه أفريقيا»، وحددت الاستراتيجية الصين وروسيا وتركيا دولاً «منافسة» في القارة الأفريقية. ورغم ذلك، طردت حكومة تشاد السفير الألماني من أراضيها سابقاً الشهر الحالي، بعد اتهامه بعدم احترام الأعراف الدبلوماسية، وردت برلين بطرد سفير تشاد من أراضيها.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال محمد الأمين ولد الداه، المحلل المتخصص في شؤون الساحل الأفريقي إن ألمانيا بهذه التصريحات «تنضم إلى التحالف الغربي الذي تقوده أميركا لمجابهة النفوذ الروسي في دول الساحل، وما قد يترتب على ذلك من أدوار مختلفة في سياق تلك المواجهة».
واعتقد الأمين ولد الداه أن الوزير يخاطب البرلمان والرأي العام الألماني بهدف «تبرير الوجود الألماني العسكري في المنطقة، علاوة على استهداف تأمين الحضور الاقتصادي المتنامي في الساحل وغرب أفريقيا».
ومنذ الحرب الروسية - الأوكرانية أعلنت برلين عن عدد كبير من المشاريع والشراكات الاقتصادية الضخمة مع دول أفريقية عدة، لا سيما في مجالات موارد الطاقة المتجددة والغاز والنفط ومشتقاته.
ورأى رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية أن حديث برلين عن تمدد النفوذ الروسي في أفريقيا يعكس أن «لها مصالح مستقبلية في القارة، وأنها مستعدة للدفاع عنها ودعمها». وأضاف زهدي أن لدى ألمانيا «حضوراً ناعماً متنامياً، لا سيما في الجانب الاقتصادي في منطقة الساحل، لكن هذا الحضور يحتاج إلى نفوذ سياسي ودبلوماسي وجيواستراتيجي أكثر فعالية لحمايته».
ورأى زهدي أن واقعة طرد السفير الألماني من دولة تشاد بثت رسائل لبرلين مفادها أن «عليها النظر لوجودها في المنطقة بشكل أعمق، وأن تعمل على التعاطي مع التغييرات الجوهرية التي تشهدها سياسات أفريقيا تجاه القوى الدولية».


مقالات ذات صلة

رئيس نادي شتوتغارت: نتفهم عدم رضا الجماهير عن بيع أسهم رابطة الدوري

الرياضة رئيس نادي شتوتغارت: نتفهم عدم رضا الجماهير عن بيع أسهم رابطة الدوري

رئيس نادي شتوتغارت: نتفهم عدم رضا الجماهير عن بيع أسهم رابطة الدوري

أبدى أليكساندر ويرل، رئيس نادي شتوتغارت، تفهمه لعدم رضا الجماهير عن خطط رابطة الدوري الألماني لكرة القدم، لبيع أجزاء من أسهمها للمستثمرين. وقال رئيس شتوتغارت في تصريحات لصحيفة «فيلت»، اليوم الأربعاء: «إنهم يخشون أن تذهب الأموال للاعبين ووكلائهم، يجب العلم بأن ذلك لن يحدث في تلك الحالة». وتنص اللوائح على عدم إمكانية امتلاك أي مستثمر لأكثر من 50 في المائة من الأسهم، باستثناء باير ليفركوزن، وفولفسبورغ المدعوم من شركة فولكسفاجن، وتوجد طريقة للتحايل على تلك القاعدة، وهي الاستثمار في القسمين (الدوري الممتاز والدرجة الثانية). وكان يتعين على الأطراف المهتمة تقديم عروضها بحلول 24 أبريل (نيسان) الماضي ل

«الشرق الأوسط» (شتوتغارت)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم سوري مشتبه به في تنفيذ هجومين بسكين في ألمانيا

سوري مشتبه به في تنفيذ هجومين بسكين في ألمانيا

أعلن مكتب المدّعي العام الفيدرالي الألماني، اليوم (الجمعة)، أن سورياً (26 عاماً) يشتبه في أنه نفَّذ هجومين بسكين في دويسبورغ أسفر أحدهما عن مقتل شخص، وفقاً لوكالة «الصحافة الفرنسية». وذكرت النيابة العامة الفيدرالية في كارلسروه، المكلفة بأكثر القضايا تعقيداً في ألمانيا منها «الإرهابية»، أنها ستتولى التحقيق الذي يستهدف السوري الذي اعتُقل نهاية الأسبوع الماضي. ولم يحدد المحققون أي دافع واضح للقضيتين اللتين تعودان إلى أكثر من 10 أيام. وقالت متحدثة باسم النيابة الفيدرالية لصحيفة «دير شبيغل»، إن العناصر التي جُمعت حتى الآن، وخصوصاً نتائج مداهمة منزل المشتبه به، كشفت عن «مؤشرات إلى وجود دافع متطرف ور

«الشرق الأوسط» (برلين)
الخليج وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيرته الألمانية تطورات الأحداث في السودان

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيرته الألمانية تطورات الأحداث في السودان

تلقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، اتصالاً هاتفياً، اليوم (الخميس)، من وزيرة خارجية جمهورية ألمانيا الاتحادية أنالينا بيربوك. وبحث الجانبان خلال الاتصال، التطورات المتسارعة للأحداث في جمهورية السودان، وأوضاع العالقين الأجانب هناك، حيث أكدا على أهمية وقف التصعيد العسكري، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، وتوفير الممرات الإنسانية الآمنة للراغبين في مغادرة الأراضي السودانية. وناقش الجانبان القضايا والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها تعزيز جهود إرساء دعائم السلام التي يبذلها البلدان الصديقان بالمنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم القبض على سوري مشتبه به في تنفيذ هجوم الطعن بألمانيا

القبض على سوري مشتبه به في تنفيذ هجوم الطعن بألمانيا

ألقت السلطات الألمانية ليلة أمس (السبت)، القبض على شخص مشتبه به في تنفيذ هجوم الطعن الذي وقع مساء الثلاثاء الماضي، في صالة للياقة البدنية بمدينة دويسبورغ غرب البلاد. وصرح الادعاء العام الألماني في رد على سؤال من وكالة الأنباء الألمانية، بأن هذا الشخص سوري الجنسية ويبلغ من العمر 26 عاماً. وأدى الهجوم الذي قالت السلطات إنه نُفذ بـ«سلاح طعن أو قطع» إلى إصابة 4 أشخاص بجروح خطيرة.


7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.