إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

«الجبهة الشعبية» سلّمت الجيش مزيداً من الأسلحة... وتنتظر دمج مقاتليها

جانب من الأسلحة التي تم تسليمها (وكالة الأنباء الإثيوبية)
جانب من الأسلحة التي تم تسليمها (وكالة الأنباء الإثيوبية)
TT

إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

جانب من الأسلحة التي تم تسليمها (وكالة الأنباء الإثيوبية)
جانب من الأسلحة التي تم تسليمها (وكالة الأنباء الإثيوبية)

أظهر متمردو إقليم «تيغراي» شمال إثيوبيا، «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام، الموقَّع قبل نحو 5 أشهر، مع الحكومة الفيدرالية بأديس أبابا، وذلك بتسليمهم مزيداً الأسلحة، ضمن عملية نزع سلاح الإقليم ودمج مقاتليه في الجيش الوطني.
وحسب نائب مفوض «إعادة التأهيل الوطني»، العميد ديريبي ميكوريا، اليوم (الخميس)، فإن «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي سلمت الدفعة الأولى من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة المتنوعة التي تم جمعها حول منطقة دينقولات في إقليم تيغراي».
وأنهى اتفاق السلام، الموقّع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حرباً عنيفة استمرت عامين، راح ضحيتها الآلاف، حسب منظمات دولية.
ونص الاتفاق على نزع سلاح جبهة تيغراي، وعودة السلطات الفيدرالية إلى الإقليم الشمالي وإعادة ربط الإقليم بالخارج. وفي 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تأسست اللجنة الوطنية لإعادة تأهيل المواطنين ليجري نزع سلاحهم وتمكينهم من عيش حياة طبيعية.
وكانت جبهة تحرير تيغراي قد سلمت أسلحتها الثقيلة للقوات الفيدرالية الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) الماضي كجزء من عملية السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي. وأشرفت على عملية نقل الأسلحة، التي جرت في مدينة أغولاي، مجموعة من مراقبي الجانبين ومندوبين من منظمة «إيغاد».
وقال نائب المفوض، في تصريحات رسمية، نقلتها وكالة الأنباء الإثيوبية (الرسمية)، إن «العملية ستستمر حتى 24 أبريل (نيسان) الجاري».
وناقش ميكوريا عملية نزع السلاح مع قادة الإدارة المؤقتة لمنطقة تيغراي الأسبوع الماضي، وفي عرضه نتاج النقاشات قال إن «الجولة الأولى من نزع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، تم جمعها في محيط دينقولات وتم تسليمها لقوات الدفاع الوطني بحضور ممثلين للجيش وأعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وأن تسليم بقية تلك الأسلحة سيستمر خلال الأيام المقبلة في معسكرات مختلفة».
بدوره، أوضح ممثل قوة الدفاع الوطني الإثيوبي، العقيد جوديتا أوفكا، أن «قوات الدفاع الوطني جمعت قذائف هاون وعدة أنواع من الأسلحة الخفيفة».
ويرى العقيد مولوجيتا جيبري كريستوس، ممثل الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، أن «عملية نزع السلاح تسير على ما يرام»، مضيفاً أن «الحكومة والإدارة المؤقتة لإقليم تيغراي تتخذ خطوات إيجابية لتنفيذ اتفاقية السلام».
ومن المقرر، وفق مفوض إعادة التأهيل الوطني تيشومي توغا، أن يبدأ تسجيل المقاتلين السابقين التابعين في الجبهة، في يونيو (حزيران) المقبل.
وتدعم أنشطة البرنامج الوطني تسريح المقاتلين السابقين وإعادة إدماجهم في الجيش، على أمل توطيد السلام وتعزيز الاستقرار. وقال توغا، لوكالة الأنباء الإثيوبية، إن «جهوداً مكثفة تُبذل لتمكين المقاتلين السابقين من العودة إلى الحياة السلمية والمشاركة في عمليات السلام والديمقراطية والتنمية في البلاد». وأضاف: «نجحت الهيئة في تنظيم اللجنة، وشرح الغرض منها، وإجراء مناقشات مع المانحين والشركاء لجمع الدعم المالي منذ أن بدأت عملها قبل ثلاثة أشهر»، بالإضافة إلى ذلك «تم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن الترتيبات الأولية اللازمة لإعادة تأهيل المقاتلين السابقين في إقليم تيغراي وأمهرا وعفر وأوروميا وبنيشنقول – جومز»، وفقاً لتوغا، الذي ذكر أن «المفوضية أعدت برنامجاً لمدة عامين بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمستثمرين ومنظمات المجتمع المدني».
وأوضح أن سفراء مختلف الدول والمؤسسات المانحة أكدوا دعمهم للجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين في إثيوبيا.
ويعتقد رئيس الإدارة المؤقتة لإقليم تيغراي، غيتاشو رضا، أن الطرفين «حققا تقدماً في عملية نزع السلاح وتسريح ودمج المقاتلين حتى الآن»، مشيراً في مؤتمر صحافي مطلع الأسبوع الجاري، إلى أن «العمل جارٍ الآن على استكمال مهمة جمع الأسلحة الثقيلة لإعادة الدمج بشكل كامل، والعمل على الأنشطة التنموية بشكل أفضل».
وترهن حكومة أديس أبابا عملية دمج المقاتلين السابقين في «تيغراي»، ضمن قوات الجيش الوطني، بـ«النزع الكامل» لأسلحة المتمردين.
وبينما أثنى الدكتور محمد شفاء، الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية، على «إظهار الطرفين، خصوصاً جبهة تيغراي، جدية واضحة في تنفيذ اتفاق السلام حتى الآن»، أكد أن إعادة دمج وتأهيل مقاتلي تيغراي، أمر سيحتاج إلى وقت.
وقال شفاء، المقيم في باريس، لـ«الشرق الأوسط»: «الأمر يظل شائكاً ويحتاج إلى فترة اختبار في ظل طموح بعض قادة تيغراي العسكريين، وأيضاً وجود عدة فصائل داخل الحركة قد يفجّرون انقسامات في أي لحظة».


مقالات ذات صلة

هل تنجح مساعي إثيوبيا لدمج قوات الأقاليم في «جيش مركزي»؟

أفريقيا هل تنجح مساعي إثيوبيا لدمج قوات الأقاليم في «جيش مركزي»؟

هل تنجح مساعي إثيوبيا لدمج قوات الأقاليم في «جيش مركزي»؟

تسود حالة من القلق الحذر في إثيوبيا عقب إعلان الحكومة عزمها تفكيك قوات الأقاليم، في وقت أثيرت فيه تساؤلات حول مدى نجاح إثيوبيا في دمج قوات الأقاليم في «جيش مركزي». ويرى خبراء أن «التوجه الجديد للحكومة الإثيوبية يواجه العديد من التحديات، ومن المبكر الحكم على نجاح تنفيذه، حيث يكتنف الموقف حسابات متجذرة ومعقدة». وأعلنت الحكومة الإثيوبية، (الخميس)، أنها تعتزم دمج جميع القوات الخاصة الإقليمية، إما في الجيش الوطني وإما في الشرطة الاتحادية أو الإقليمية.

العالم هل استعادت إثيوبيا ثقة المجتمع الدولي بعد توقف حرب «تيغراي»؟

هل استعادت إثيوبيا ثقة المجتمع الدولي بعد توقف حرب «تيغراي»؟

تسعى الحكومة الإثيوبية لاستعادة ثقة المجتمع الدولي بجهودها لإرساء حالة استقرار سياسي وأمني داخل البلاد، بعد نحو 5 أشهر على انتهاء حرب «تيغراي»، على أمل مشاركة دولية واسعة في إعادة الإعمار الإقليم الشمالي، من خلال استثمارات في البينة التحتية ومساعدات اقتصادية. وأنهى اتفاق السلام، الذي وُقِّع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في بريتوريا، عامين من الحرب بين الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا و«الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي». وخلال الأشهر الفائتة، استؤنف تسليم المساعدات للإقليم، الذي عانى لفترات طويلة من نقص حاد في الغذاء والوقود والسيولة والأدوية.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم البرلمان الإثيوبي يشطب «جبهة تيغراي» من قائمة الإرهاب

البرلمان الإثيوبي يشطب «جبهة تيغراي» من قائمة الإرهاب

شطب البرلمان الإثيوبي الأربعاء «جبهة تحرير شعب تيغراي» المتمردة من القائمة الرسمية للجماعات الإرهابية، وهي خطوة رئيسية في عملية السلام، عقب حرب استمرت عامين في شمال البلاد. وقال البرلمان على «فيسبوك»، إنه وافق «على قرار إلغاء تصنيف (جبهة تحرير شعب تيغراي) على قائمة الإرهاب، بأغلبية الأصوات»؛ مضيفاً أن هذه الخطوة «ستعزز اتفاق السلام» المبرم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 بين الجبهة والحكومة الفيدرالية. وأضاف: «لوحظ خلال مناقشة مشروع قرار إلغاء تصنيف (جبهة تحرير شعب تيغراي) كإرهابية، أنه أمر لا غنى عنه لدعم اتفاقية السلام المبرمة بين الحكومة الفيدرالية و(جبهة تحرير شعب تيغراي)». وصُنّفت «الجبهة»

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
العالم إريتريا ترفض «التشهير» الأميركي

إريتريا ترفض «التشهير» الأميركي

رفضت إريتريا، الثلاثاء، الاتهامات الأميركية بأن قواتها ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم تيغراي بشمال إثيوبيا، واصفة التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأميركي بأنها «لا أساس لها وتشهيرية». ورداً على اتّهامات أطلقها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، قالت وزارة الخارجية في إريتريا، في بيان، إن «الاتهامات وهي ليست بجديدة لا تستند إلى أي أدلة واقعية لا يمكن دحضها». وشدّدت أسمرة على أن الاتهامات هذه تشكّل «استمراراً للعداء غير المبرر والشيطنة التي تنتهجها الإدارات الأميركية المتعاقبة ضد إريتريا، منذ عام 2009، لدفع أجنداتها السياسية الخفية». وكان بلينكن قد اتّهم الاثنين

«الشرق الأوسط» (أسمرة)
العالم إثيوبيا تصف اتهامات واشنطن بـ«الظالمة»

إثيوبيا تصف اتهامات واشنطن بـ«الظالمة»

نددت وزارة الخارجية الإثيوبية، الثلاثاء، بالاتهامات الأميركية حول ارتكاب «جرائم حرب» في تيغراي، معتبرة أنها «انتقائية لأنها توزع المسؤولية بصورة ظالمة بين أطراف» النزاع. والاثنين، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بعد أيام من زيارة لأديس أبابا، أن القوات الإثيوبية والإريترية ومتمردي «جبهة تحرير شعب تيغراي» ارتكبوا جرائم حرب خلال النزاع الذي استمر عامين في تيغراي، مشيراً بصورة خاصة إلى جرائم بحق الإنسانية نسبها إلى الجيش الفيدرالي الإثيوبي والقوات المتحالفة معه. وأضاف أن وزارة الخارجية أجرت «مراجعة دقيقة للقانون والوقائع»، وخلصت إلى «جرائم حرب» ارتكبتها القوات الفيدرالية الإثيوبية والإ

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.