تصعيد في دمشق والغوطة.. وقتلى في استهداف طيران التحالف مستودع ذخيرة لـ«جيش السنة» بإدلب

ناطق باسم قيادة الثورة يؤكد قصف النظام للأحياء المدنية.. وانتحاري يفجر نفسه في تجمع لـ«أحرار الشام»

طفل من سكان دوما بريف دمشق تحت صدمة فقد قريب له بعد الغارات التي شنها طيران النظام على سوق للخضراوات مزدحم بالمدنيين (رويترز)
طفل من سكان دوما بريف دمشق تحت صدمة فقد قريب له بعد الغارات التي شنها طيران النظام على سوق للخضراوات مزدحم بالمدنيين (رويترز)
TT

تصعيد في دمشق والغوطة.. وقتلى في استهداف طيران التحالف مستودع ذخيرة لـ«جيش السنة» بإدلب

طفل من سكان دوما بريف دمشق تحت صدمة فقد قريب له بعد الغارات التي شنها طيران النظام على سوق للخضراوات مزدحم بالمدنيين (رويترز)
طفل من سكان دوما بريف دمشق تحت صدمة فقد قريب له بعد الغارات التي شنها طيران النظام على سوق للخضراوات مزدحم بالمدنيين (رويترز)

استيقظ سكان العاصمة دمشق، صباح أمس، على أصوات انهمار عشرات صواريخ الكاتيوشا من مناطق المعارضة وتسببت بمقتل ثمانية جراء قذائف استهدفت أحياء في دمشق، في حين ارتفعت حصيلة القتلى جراء الغارات الجوية التي شنتها قوات النظام السوري على مناطق في الغوطة الشرقية، أمس (الأربعاء)، إلى 37 مدنيًا. هذا في الوقت الذي استهدف فيه طيران التحالف الدولي مستودع ذخيرة لـ«جيش السنة» المتحالف مع جبهة النصرة في شمال غربي سوريا، ما أدى إلى مقتل 18 شخصًا بينهم ثمانية مدنيين.
وسجّل يوم أمس مقتل العشرات في غارات شنها طيران قوات النظام على ضواحي دمشق، بينما تعرض وسط المدينة لقصف من جانب المعارضة العسكرية. واستهدفت غارات الطيران السوري مناطق يسيطر عليها مسلحو المعارضة في دوما وكفر بطنا والثقبة وحمورية بالغوطة الشرقية، في ضواحي دمشق، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى مقتل 37 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من مائة، نتيجة الغارات.
وأفاد المرصد، من جهته، عن «سقوط أكثر من 50 قذيفة صاروخية صباح أمس» على عدد من أحياء دمشق، وطاولت القذائف أحياء عدة في دمشق، أبرزها المزة وساحة الأمويين وأبو رمانة وشارع بغداد والقزاز ومحيط السفارة الروسية، ومناطق في دمشق القديمة والمهاجرين.
وأعلن الإعلام الرسمي السوري «عن مقتل أربعة مواطنين بينهم امرأة وإصابة آخرين إثر سقوط قذائف على أحياء عدة في دمشق مصدرها مواقع الفصائل المعارضة في محيط العاصمة»، وهو الأمر الذي نفاه الناطق باسم قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط»، أنّ «النظام يعمد في كل مرة يستهدف فيها الجيش الحر مراكزه في العاصمة، إلى قصف مناطق مدنية والقول إن المعارضة هي التي تقوم بذلك». وأضاف: «خير دليل على ذلك أن أحد الحواجز في حي العدوي في الأحياء الشرقية أفرغ من عناصره قبل وقت قصير من استهداف مبنى مجاور له». وأوضح أنّ هذا القصف يتم من مركز إدارة المخابرات الجوية في جرمانا، حيث سبق لأهالي المنطقة أن اشتكوا من هذه الممارسات.
ونقل التلفزيون السوري في شريط إخباري عن وزارة الداخلية «مقتل 4 مواطنين بينهم امرأة وإصابة 58 آخرين، إضافة إلى أضرار مادية بقذائف أطلقها إرهابيون على الأحياء السكنية في دمشق».
ووصلت حصيلة القتلى جراء الغارات الجوية التي شنتها قوات النظام السوري على مناطق في الغوطة الشرقية يوم أمس إلى 37 مدنيًا، في حين قتل ثمانية آخرون جراء قذائف استهدفت أحياء في دمشق، وفق المرصد. وأوضح المصدر: «نفذت طائرات النظام الحربية عدة غارات استهدفت مناطق في غوطة دمشق الشرقية»، مضيفا أنها تسببت بمقتل 37 مدنيًا بينهم أربعة أطفال وإصابة أكثر من 120 آخرين بجروح».
وأشار المصدر إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالات خطرة. وطال القصف الجوي مدنًا وبلدات دوما وسقبا وحمورية وكفر بطنا في ريف دمشق.
في غضون ذلك، أفادت مصادر لشبكة الدرر الشامية بأن انتحاريًّا فجَّر نفسه وسط جمع من قيادات وعناصر تابعة لحركة أحرار الشام الإسلامية المنضوية تحت جيش الفتح في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب. وأكدت المصادر أن المقر الموجود في بلدة كنصفرة بريف إدلب، يعتبر مقرّ اجتماع عملياتي مسؤول عن معارك سهل الغاب في ريف حماه، مع العلم بأنّ انتحاريًّا استهدف قبل أسابيع مقر قيادة كتيبة أبو طلحة الأنصاري التابعة لأحرار الشام في منطقة سلقين بريف إدلب، مما أدى لمقتل قائد الكتيبة.
وفي ريف إدلب أيضًا، استهدفت ضربات جوية شنها الائتلاف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم داعش مستودع ذخيرة تابعًا لفصيل إسلامي متحالف مع جبهة النصرة في شمال غربي سوريا.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان: «نفذت طائرات حربية تابعة للتحالف الدولي ضربات عدة استهدفت ليلاً مستودع ذخيرة تابعًا لـ«جيش السنة» في منطقة أطمة في ريف إدلب». وتسببت الضربات الجوية وفق المرصد بمقتل عشرة مقاتلين من الفصيل الإسلامي من جنسيات غير سورية، بالإضافة إلى مقتل طفل. ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن ناشط إعلامي في ريف إدلب تأكيده مقتل 13 عنصرًا من «جبهة النصرة» و«جيش السنة»، بعد استهداف طائرات التحالف مقرًا لهم في بناء معصرة الزيتون جنوب القرية، مشيرًا إلى أن المعصرة، تعتبر مستودعًا للذخيرة ومصنعًا لصنع الأسلحة المحلية. وتابع مصطفى أن «النصرة» فرضت طوقًا أمنيًا حول موقع الانفجار ومنعت المدنيين من الاقتراب خلال عمليات انتشال للجثث والمصابين من تحت الأنقاض.
كما تسببت الغارة بمقتل ثمانية مدنيين، بينهم أطفال، وإصابة أربعة آخرين جميعهم من عائلة واحدة، بعد دمار منزلهم الواقع بالقرب من بناء المعصرة، إضافة لدمار «كبير» لحق بمعدات التصنيع، وكميات من الذخائر، حسب ما بين المصدر.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.