«النار بالنار»... ماذا فعلتم بالمسلسل؟

جرأته لم تغفر له اختلال المنطق

طارق تميم وساشا دحدوح مفاجأتا الموسم في لقطة من المسلسل
طارق تميم وساشا دحدوح مفاجأتا الموسم في لقطة من المسلسل
TT

«النار بالنار»... ماذا فعلتم بالمسلسل؟

طارق تميم وساشا دحدوح مفاجأتا الموسم في لقطة من المسلسل
طارق تميم وساشا دحدوح مفاجأتا الموسم في لقطة من المسلسل

التنويه واجب بجرأة مسلسل «النار بالنار» ومسّه بالإصبع ما تحوم الدراما المشتركة حوله. تناوله ارتدادات النزوح السوري في لبنان، يُحسب له. شجاع، لا يهاب التنزّه بين الألغام. يرتفع صوتٌ لم يعتد مشاهدو المسلسلات اللبنانية - السورية سماعه. الشخصيات واقعية والحوارات من عمق الآلام المشتركة. ليته لم يفرّط بما لديه، فاختلال منطقه مضرّ بسمعته.
أداء عابد فهد البديع لشخصية المرابي «عمران»، أول المصطدمين بالاختلال الحاصل. حجّة المسلسل واهية لتبرير تحكّم «سوري» بشؤون حي لبناني وشجونه. قوله إنه يمتلك جنسيتين، سورية ولبنانية، لا يعطيه «سلطة» التجبّر على لبنانيين في عقر دارهم. فهو أولاً يتكلّم اللهجة السورية، وثانياً، لم يحدث أن قبض مواطن سوري مجنّس على مفاصل الحياة اللبنانية ولو على مستوى شارع، كما نشهد بشكل متمادٍ يبلغ ذروته بحرق «عمران» لبيانو «عزيز» (جورج خباز) على مرأى حيّه اللبناني والعيون الخائفة من «سوري» لا أحد يجرؤ على محاسبته.

ثلاثية البطولة عابد فهد وجورج خباز وكاريس بشار (لقطة من المسلسل)

التمثيل المتماسك لفهد وتلبّسه روحية الشخصية، بنذالتها ودناءتها وانتقامها العاطفي (أجمل صفحاته هي المكتوبة للكلب «شادو»)، يجعل اللا منطق منتظراً و«ممتعاً»؛ وإن يجد المُشاهد أنّ «لبنانياً» وَجَب تقديم الشخصية لتصدُق الممارسات (الموجّهة ضد السوريين مثلاً)، لكنّ ضرورات مرتبطة بالتسويق وسواه تفرض تسليم القيادة لـ«سوري».
يطرح المسلسل (قصة رامي كوسا، سيناريو وحوار «ورشة الصبّاح»، إنتاج «الصبّاح إخوان»، «LBC» و«شاهد»)، وجهة نظر أحادية حيال الإشكالية المعقّدة. نرى السلوك اللبناني «ضد» اللاجئ السوري، وتغيب نظرة السوريين لما تُسمّى «العنصرية اللبنانية». ليست «مريم» (كاريس بشار) ولا «عمران»، اختزال الرواية السورية للأحداث. «السوري الصريح» مفقود؛ والموقف من «فوقية» بعض اللبنانيين أضعف من المُنتظر طرحه تحت راية الجرأة.
سيُقال إنّ الأحداث تجري في لبنان، ولن نجد لاجئاً يجاهر بالعلن بما يعتمل في سرّه. إذا سلّمنا بهذا المنطق، سينتفي منطق شخصية «عمران»؛ ليتبعه منطق الحب الفجائي بين «عزيز» و«مريم». الوقت يروّض الكراهية، وأمام نبل الأرواح تُهدم الجدران؛ لكن العلاقة العاطفية «نبتت» بـ«القوة» بين شخصيتين متناقضتين (بالغ المسلسل في نخبوية «عزيز» وشعبوية «مريم»)، لتحول دون العطر الفوّاح الصادر عن ورود تتفتح في تربة مكتملة.
في المقابل، عوامل الإنقاذ هي روعة المسلسل وجماليته. تحلّ حوارات لمّاحة بالمرتبة الأولى؛ دافئة بقسوتها، إنسانية بوحشتها. وبالمرتبة الثانية، تحضر شخصيات حيّة نلتقيها في الشارع. وثالثاً، تتصدّر القضايا المكانة، من أكثرها وجعاً (المفقودون اللبنانيون خلال الحرب) إلى مولدات الكهرباء، والتشدّد، وزواج القاصرات، وآفة القمار، وتحرير الودائع، وقوارب الموت... المسلسل هنا متفوّق.

عابد فهد يتقن تلبّس شخصية المرابي عمران (لقطة من المسلسل)

شخصيتان مثل «جميل» (طارق تميم) و«قمر» (ساشا دحدوح)، تتحالفان على تشكيل الدهشة الواقعية. أمام حواراتهما، يرتقي «النار بالنار» بمكانته، فلا يشعر مُشاهده بالغربة عمّا يجري. يتكامل المكتوب مع الأداء، لينجح التماهي الجماهيري مع خسائر يساري سابق مدمن على القمار، يُراكم خيباته؛ لا أفق لانكساراته، فيحاول إشعال نفسه ثم يبيع كليته. امرأته تشاركه الإخفاق بطريقة المراهنين على الأمل، تُهدّئ آلامها بطرافتها، وتحوم كراقصة حول أمنياتها المعلّقة ورغباتها المصطدمة بقسوة الواقع.
تتيح كاميرا محمد عبد العزيز معاينة البؤس بعين إنسانية، فلقطاته تحفر في طبقات جهنّمية تلتفّ حول هذه البقعة الجغرافية المعذّبة. اعتراض رامي كوسا على تغييرات في نصّه أحالته على الترهّل، يفتح نقاشاً من وجهتَي نظر يمكن الإصغاء إليه. المخرج إضافة لما نشاهده، لمساته لها وَقْعها. لكنّ جرّه الأحداث إلى غير وجهة يضرب بعض جهده.
لا مكان لـ«مريم» بعد ضياع الطرق، فلم يبقَ سوى منزل «عزيز» للإقامة الدائمة. المسألة ليست في هذا التفصيل. إنها بقصة الحبّ المفتعلة المقصود منها لُحمة الشعبين. كأنه على الجميع أن يُغرم بالبطلة لتحلو اللعبة. التعاطف أحياناً أعظم، واللمَّة الإنسانية أصدق.
يقدّم جورج خباز ذروة أدائه الدرامي في مشهدين: الارتماء أمام العظام المزعومة لجثة والده، والصرخة الكبرى أمام البيانو المُحترِق. ذلك يُضاف إلى صمته وكآبته، هو ابن التاريخ الجريح والندبة الغائرة.
لم يحِد أداء كاريس بشار عن جماليته الفنية رغم اختلال منطق الدور. حمّلها السياق أبعاداً «صوفية» وجعل من اسمها «مريم» وأصلها («قرية الشيخ محيي الدين») رمزية «نورانية». وهي تفوّقت بـ«الإفيهات» لتصبح «الله يحنّ عليك» و«شو هاد» جزءاً من واقعية الشخصية. تورُّط الدور بالتناقض المفتقر لمبررات درامية، ضَمنَ هبوط أسهمه.
زينة مكي مَلَكت شخصية «سارة»، ضحية عقلية اجتماعية تعاقب الأنثى على خياراتها، وأفلحت في الغيرة والكره. مناوشاتها مع «مريم» وسلوكها الفاقد للأمان، تفوّقا على سردية اقتحامها المصرف.
أمكن تفعيل شخصية «رؤى» القاصر فلا تبقى على السطح. أداء فيكتوريا عون واعد، أمامها درب مزهر. مرور طوني عيسى بدور المتشدد «زكريا»، مقنع من جانبه الزوجي أكثر من ممارساته «العنيفة» مع أهل الحي. خطه الدرامي ناقص.
خطّ «الدكتورة تفيدة» (هدى شعراوي) بأكمله لزوم ما لا يلزم؛ وانتقال «بارود» (تيم عزيز) من «حظي لوتو» إلى الاحتضان الدافئ يخفف من حضوره المبالغ فيه بين المَشاهد فقط لأنه ابن المخرج.



«الورد الطائفي» في قوائم «اليونيسكو»

تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)
تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)
TT

«الورد الطائفي» في قوائم «اليونيسكو»

تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)
تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)

أعلن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة التراث رئيس اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، نجاح السعودية في تسجيل «الممارسات الثقافية المرتبطة بالورد الطائفي» في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة «اليونيسكو». وارتبط الورد الطائفي بحياة سكان الطائف، ومثّلت زراعته وصناعته جزءاً من النشاط اليومي الذي ينعكس على الممارسات الاجتماعية والتقليدية في المنطقة، ويمتد تاريخ زراعة الورد الطائفي إلى نحو 150 عاماً؛ إذ يعتمد سكان الطائف على زراعته في موسم الورد السنوي.

كما أعلنت «اليونيسكو»، أمس، عن تسجيل عنصر «الحناء: الطقوس، الممارسات الجمالية والاجتماعية» ضمن قوائم التراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو» على أنه تراث مشترك بين 16 دولة عربية. ويأتي الملف نتيجة تعاون مشترك بين وزارتَي الثقافة والخارجية المصريتين وسائر الدول العربية التي تعدّ الحناء من العناصر الثقافية الشعبية المرتبطة بمظاهر الفرح فيها، كما تمثل تقليداً رئيساً لمظاهر احتفالية في هذه المجتمعات وهي: السودان، ومصر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والعراق، والأردن، والكويت، وفلسطين، وتونس، والجزائر، والبحرين، والمغرب، وموريتانيا، وسلطنة عمان، واليمن وقطر.