سلمت أمس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا طرفي المفاوضات الدائرة في مدينة جنيف السويسرية الملاحق الخاصة باتفاق تشكيل حكومة وفاق وطني، بالتزامن مع ظهور حراك يدعو لإنشاء مجلس عسكري بقيادة الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي في حالة فشل المفاوضات، بينما تراجع رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني عن استقالة مفاجئة تقدم بها على الهواء مباشرة خلال مقابلة تلفزيونية.
وطبقا لما أبلغه عضو وفد المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، لـ«الشرق الأوسط» فإن جلسة المفاوضات التي عقدت بمقر الأمم المتحدة في جنيف وتخللتها وجبة الغذاء، شهدت جلوس ممثلي برلمان طرابلس ومجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له على طاولة واحدة.
وقال العضو من جنيف، كانت هناك كلمات للمتداخلين كلها تصب نحو الدفع بعجلة الحوار وتقدير المسؤولية.. وعقدنا اجتماعا رسميا كان ضم الجميع ما عدا الأحزاب، كاشفا النقاب عن أن مبعوث الأمم المتحدة أبلغ طرفي المفاوضات «أن الوقت ضيق وأنه يجب العمل بسرعة.. وبالتالي ستُعدل الآلية المتعلقة بالحوار»، مضيفا: «تحدث ليون عن الملاحق المتعلقة بالاتفاق المرتقب، وأن هناك ملحقين مهمين هما ملحق الحكومة وملحق مجلس الدولة، بالإضافة إلى ملحق قانوني يتعلق بالتعديل الدستوري وآليته وملحق مالي يتعلق بميزانية الدولة وأصولها وكيفية إدارتها وملحق أمني».
وتابع: «في ما يتعلق بالمؤتمر ناقشنا آلية تضمين تعديلاتنا، وسلمنا ليون رسالة رسمية تتضمن الموافقة على هذه الآلية، وأن الاتفاق السياسي يتم التوقيع عليه من المؤتمر بعد التصويت عليه داخل المؤتمر بالموافقة.. سلمناه قائمة بملاحظاتنا وطلبنا تضمينها في الاتفاقية».
وأوضح العضو أنه جرى اجتماع إضافي لاحقا ضم طرفي الحوار مع سفراء الدول المشاركة في المفاوضات التي جرت يوليو (تموز) الماضي. ووقعت بعض الفصائل الليبية على اتفاق أولي برعاية الأمم المتحدة في المغرب في 12 يوليو الماضي يقضي بتشكيل حكومة وحدة وإنهاء القتال، بينما رفضها برلمان طرابلس.
وينص مقترح الأمم المتحدة على تشكيل حكومة تستمر لعام واحد باتفاق وطني يقودها رئيس وزراء له نائبان على أن يكون للمجلس سلطة مطلقة.
وتقود بعثة الأمم المتحدة وساطة تهدف إلى حل النزاع المتواصل منذ عام عبر توقيع اتفاق سياسي يجري التفاوض بشأنه وينص على إدخال البلاد في مرحلة انتقالية لعامين تبدأ بتشكيل الحكومة وتنتهي بانتخابات جديدة.
وبعد أكثر من ثلاثة أعوام على سقوط نظام معمر القذافي، تحكم ليبيا التي تسودها الفوضى سلطتان هما حكومة وبرلمان يعترف بهما المجتمع الدولي ويعملان من شرق البلاد، وحكومة ومؤتمر وطني عام انتهت ولايته يديران العاصمة ومعظم مناطق غرب ليبيا.
إلى ذلك، وتحسبا لفشل مفاوضات جنيف، ظهر أمس حراك سياسي جديد يحمل اسم «جيشنا طوق النجاة»، يدعو لإنشاء مجلس عسكري بقيادة القائد العام للجيش الليبي الفريق خليفة حفتر لقيادة البلاد بعد انتهاء المهلة الدستورية المحددة لمجلس النواب في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وطبقا للبيان الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية فقد حدد الحراك يوم 24 من الشهر الحالي للتظاهر ورفع الشعارات المطالبة بالوقوف مع الجيش.
من جانبه، تراجع أمس رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني عن استقالة مفاجئة تقدم بها في مقابلة تلفزيونية مساء أول من أمس على الهواء بانفعال، وقال مساعدوه لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يكن يقصد الاستقالة رسميا وإنما التلويح والتهديد بها فقط تعبيرا عن تململه من الانتقادات الموجهة إلى حكومته».
وخلال المقابلة التلفزيونية ثار غضب الثني عندما قدم له المذيع أسئلة، قال إنه جمعها من المشاهدين الذين انتقدوا الثني على نقص الأمن ونقص المساعدات المقدمة للأشخاص الذين شردتهم الفوضى في ليبيا.
وتعرض الثني للإحراج خلال المقابلة، حيث واجه وابلا من الأسئلة المحرجة والغاضبة من مواطنين، مع إلقاء اللوم على حكومته لانعدام الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والوضع الأمني المقلق في المناطق التي تسيطر عليها.
وعندما سأله المذيع ماذا سيفعل إذا حدثت احتجاجات، أجاب الثني: «لا يخرج الشارع يريح روحه الشارع إذا كان أنا هو المعرقل للدولة.. فأنا يوم الأحد المقبل استقالتي قدام مجلس النواب».
وأضاف الثني: «الآن إحنا قدمنا استقالتنا ومبروك عليهم يجيبوا من يستطيعون أن يحل لهم مشكلاتهم بعصا سحرية ويوفق ليبيا ويحقق الأمن والأمان لشعبها ونتمنى الخير لبلادي ولشعبي». لكن حاتم العريبي الناطق باسم الحكومة، قال في المقابل إن الثني لم يقدم استقالته وإنما قال خلال المقابلة التلفزيونية: «في حال طلب الشارع ذلك سأستقيل»، مشيرا إلى أن «الاستقالة تقدم إلى مجلس النواب مكتوبة ونحن في الحكومة لم نقدمها».
وسيفقد الثني منصبه في حال أسفرت مفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة عن تشكيل حكومة جديدة لإنهاء الأزمة السياسية المحتدمة في البلاد منذ نحو عامين.
عسكريا، قصف سلاح الجو الليبي مواقع تابعة لتنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية التي شهدت اشتباكات مسلحة بين أهالي المدينة وعناصر التنظيم، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
في المقابل، أعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي التابعة لمؤتمر طرابلس، بدء عملية تحرير مدينة سرت من تنظيم داعش، معتبرة أن هذه العملية العسكرية تهدف إلى تحرير وتطهير المدينة من عناصر تنظيم داعش المتمركز بالمباني الحكومية ويفرض سيطرته عليها ويحاصر المدينة.
من جهة أخرى، وفى محاولة مفتعلة لنفي تعذيبه داخل محبسه بسجن الهضبة في العاصمة الليبية طرابلس، وزعت السلطات الحاكمة في طرابلس فيديو جديدا يظهر فيه الساعدي وهو يتحدث لقناة محلية، نافيا تعرضه للتعذيب أو سوء المعاملة.
وظهر الساعدي مجددا أول من أمس في فيديو مدته أقل من دقيقة ونصف مرتديا زي السجن الأزرق، ومحاطا بحراس السجن ومسؤوليه وهو يقول للصحافيين إن لديه إشكالية لم يحددها مع وكيل النيابة المسؤول عن قضيته.
وقال الساعدي القذافي إنه يتمنى السماح لأهله بزيارته، مشيرا إلى أن إدارة السجن تستدعيه من وقت لآخر للتحقيق معه في بعض القضايا. وكان نجل القذافي قد ظهر الأسبوع الماضي في تسجيل مسرب وهو يتعرض للتعذيب والصفع والركل بمحبسه الذي تسيطر عليه ميلشيات فجر ليبيا المتطرفة.
دعوات لإنشاء مجلس عسكري ليبي بقيادة حفتر.. والثني يتراجع عن استقالته المتلفزة
الأمم المتحدة توزع ملاحق أمنية وسياسية على طرفي المفاوضات في جنيف
دعوات لإنشاء مجلس عسكري ليبي بقيادة حفتر.. والثني يتراجع عن استقالته المتلفزة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة