متاجر الأسواق الحرة في مطارات بريطانيا متهمة بـ«نهب» عملائها

بسبب عدم حسم قيمة ضريبة المبيعات من أثمان البضائع وتحصيلها من الحكومة

طالبت وزارة الخزانة البريطانية أمس متاجر السوق الحرة بإعطاء قيمة الضريبة المضافة للمسافرين (شترستوك)
طالبت وزارة الخزانة البريطانية أمس متاجر السوق الحرة بإعطاء قيمة الضريبة المضافة للمسافرين (شترستوك)
TT

متاجر الأسواق الحرة في مطارات بريطانيا متهمة بـ«نهب» عملائها

طالبت وزارة الخزانة البريطانية أمس متاجر السوق الحرة بإعطاء قيمة الضريبة المضافة للمسافرين (شترستوك)
طالبت وزارة الخزانة البريطانية أمس متاجر السوق الحرة بإعطاء قيمة الضريبة المضافة للمسافرين (شترستوك)

أثارت صحيفة «الإندبندنت» أول من أمس قضية قيام المحال التجارية في الأسواق الحرة بمطارات بريطانيا بخداع العملاء وعدم تخفيض السلع بالقدر المطلوب والاستفادة من القانون الذي يسمح لهم بعدم دفع قيمة ضريبة المبيعات على البضائع التي تباع للمسافرين لدول خارج الاتحاد الأوروبي، على شرط أن تحسم تلك النسبة من أسعار البضائع. وحيث إن ضريبة المبيعات في بريطانيا تبلغ 20 في المائة فيتوقع المشتري من المطار أن تكون نسبة التخفيض على مشترياته بنفس هذا القدر، ولكن تحقيق «الإندبندنت» أشار إلى قيام سلسة المتاجر العملاقة أمثال «بوتس» و«ديكسونز» و«دبليو إتش سميث» بإجراء تخفيض صغير جدا على البضائع المبيعة في المطارات في الوقت الذي تستفيد فيه تلك المحال من سماح الحكومة لتلك المحلات بعدم دفع الضريبة، إذ إنهم لن يقبضوا قيمتها من عملائهم. وتكون النتيجة أن تستفيد تلك المحلات مرتين، مرة من قيمة الـ20 في المائة مستردة من الحكومة وأخرى من عدم قيامهم بعمل تخفيض على البضائع.
وبالأمس طالب مسؤولون بالحكومة من المحال العاملة في الأسواق الحرة بإجراء التخفيضات الفعلية المطلوبة منهم، مشيرين إلى أن المحال التجارية تحقق ملايين الجنيهات من الأرباح الناتجة من خداع الزبائن من ناحية والحصول على كامل قيمة الضريبة المضافة من الحكومة. وللحصول على قيمة الضريبة تطلب المحال من المشترين إبراز بطاقات الطائرة لتسجيل معلومات المسافر وبالتالي تقديمها للحكومة لتبرير عدم دفعها قيمة الضريبة، ويعتقد كثيرون من المسافرين أن طلب بطاقة الصعود للطائرة يتم لأسباب أمنية.
ومن جانبها تدخلت وزارة الخزانة أمس وطالبت المحال المعنية بإعطاء قيمة الضريبة المضافة للمسافرين. وعلق ديفيد غوك من وزارة الخزانة لصحيفة «ديلي تلغراف» بالقول إن الإعفاء من ضريبة المبيعات هو تسهيل للمسافرين وليس موجها للمحال لتزيد من أرباحها. وأضاف: «بينما هناك عدد من المحال تقوم بخصم قيمة الضريبة على مبيعاتها، إلا أنه من المؤسف أن هناك البعض ممن يرفضون ذلك. ونحن نحث كل متاجر التجزئة على أن تستخدم ذلك السماح من الحكومة لصالح عملائهم». وقال ستيف بيكر من لجنة الشؤون المالية بالبرلمان أمس إن المسافرين يتعرضون لعملية «نهب»، وإن الأمر يجب أن يتم التحقيق فيه من قبل البرلمانيون.
ونتيجة للضجة المثارة أوردت صحيفة «الإندبندنت» أن آلاف من المسافرين أمس بدأوا برفض إبراز بطاقات الصعود للطائرة لدى شرائهم بضائع في محلات السوق الحرة. وقام موقع صحيفة «ديلي تلغراف» بإجراء استبيان بين قراء الصحيفة قال 88 في المائة من المسافرين أنهم سيمتنعون عن تقديم بطاقة الصعود للطائرة في أسواق المطارات، بينما طلبت صحيفة «الغارديان» من قرائها المسافرين إرسال تجاربهم. وكتب وزير الثقافة في حكومة الظل كريس برايانت على موقع «تويتر»: «بالتأكيد لن أقدم بطاقة الصعود للطائرة للمحال التجارية بالمطار. ما الرسالة التي نريد أن نوجهها إلى السائح؟».
وقال المتحدث باسم متاجر «بوتس» أمس لصحيفة «الغارديان» إن فروعها بالمطارات تطلب من العملاء إبراز بطاقات الصعود للطائرة، وإن ذلك الأمر «ليس إجباريا، فإذا رفض مسافر ذلك فلن نقوم بإجباره على ذلك». كما أصدرت الشركة بيانا أمس أكدت فيه أن المعلومات التي توجد على بطاقات المسافرين تستخدم بغرض «التأكد من ضبط الحسابات». وأضاف البيان: «نوجه من العاملين في فروعنا بالمطارات بطلب بطاقات صعود الطائرة من المشترين، وذلك لنتأكد من سلامة ملفاتنا الحسابية والتي تتضمن إيراد قيمة الضريبة المضافة». غير أن البيان أيضًا أشار إلى أن أسعار المنتجات في محال «بوتس» متسقة «مع أسعارنا في محلاتنا بلندن، ونحن لا نضع قيمة الضريبة في الحسبان عند تقدير قيمة البضاعة». ومن جانبها علقت شركة «دبليو إتش سميث» أنها تطالب موظفي محلاتها بالمطارات بطلب رؤية بطاقة الصعود للطائرة، ولكنها أكدت أن ذلك «غير ملزم للعملاء»، وأضافت أن تغيير الأسعار لتتفق مع خصم نسبة ضريبة المبيعات «يصعب تطبيقه»، قائلة إن المعلومات التي تأخذها الشركة من بطاقات سفر العملاء خاصة وجهة السفر «تفيد الشركة في تحليل اتجاهات الشراء والأوقات التي تتم فيها العمليات الشرائية ومدى تعلق بيع بعض البضائع مع وجهات السفر، وتفيد تلك المعلومات في تمكين الشركة من تصنيف البضائع وصفها بطريقة تجذب المسافرين».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».