سلال الغذاء... وسيلة حوثية لاستقطاب الأسر اليمنية الأكثر ضعفاً

آلاف الأطفال عرضة للاستدراج الطائفي في المعسكرات الصيفية

يمنيون في صنعاء يحصلون على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)
يمنيون في صنعاء يحصلون على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)
TT

سلال الغذاء... وسيلة حوثية لاستقطاب الأسر اليمنية الأكثر ضعفاً

يمنيون في صنعاء يحصلون على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)
يمنيون في صنعاء يحصلون على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)

تأخرت السلة الغذائية المقررة لعائلة اليمني هاشم العتمي عن موعدها ما يقارب الشهر، قبل أن تصل إليهم مصحوبة بدعوة للعائلة للمشاركة في فعاليات ما يسمى «يوم القدس العالمي» الذي يصادف آخر جمعة من رمضان من كل عام، وهي الفعالية التي أسسها الخميني مؤسس النظام الإيراني، ويحتفل بها النظام والميليشيات الموالية له في المنطقة.
شملت دعوة عائلة العتمي للمشاركة في فعاليات المناسبة جميع أفراد العائلة؛ حيث سيشارك الذكور والإناث في الفعالية بحسب ما خطط ورتب له الانقلابيون الحوثيون، وسبقت ذلك دعوات لمشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة في فعالية خاصة بهم؛ حيث لعائلة العتمي طفلان ينتميان إلى هذه الفئة.
ووعد الانقلابيون العائلة بنصف سلة غذائية أخرى عقب المشاركة في «يوم القدس العالمي» بكامل أفرادها، الذكور والإناث، في مختلف الفعاليات الرمضانية التي تنظمها هيئات انقلابية، بما فيها الأمسيات الرمضانية، وفعاليات خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة.
وتستغل ميليشيات الحوثي المعونات الغذائية المقدمة من المنظمات الإغاثية الدولية، وحتى التبرعات التي يقدمها تجار ورجال أعمال محليون، للترويج لمشروعها واستقطاب أنصار لها، وإغراء العائلات الفقيرة لتجنيد أبنائها؛ خصوصاً الأطفال؛ للقتال في صفوفها.
وتحت غطاء الصدقات الرمضانية والعيدية؛ تعمل الميليشيات على توزيع الأغذية والملابس في فعاليات جرى التحضير لها خلال الفترة الماضية بحصر العائلات والفئات التي يمكن استغلال حاجتها للمساعدات الغذائية من أجل استمالتها والحصول على تأييدها واستدراج أفرادها إلى الدورات الطائفية، ودفع الصغار منهم إلى المراكز الصيفية.
في الثالث عشر من الشهر الحالي؛ أعلنت وسائل إعلام الميليشيات الحوثية عن قيام مؤسستين تابعتين لها، بتدشين مشروعين باسم القيادي الحوثي القتيل صالح الصماد لكسوة العيد وتوزيع سلال غذائية للحالات الفقيرة والمحتاجة بالعاصمة صنعاء، وتستهدفان توفير كسوة العيد لـ8 آلاف طفل، وتوزيع سلال غذائية لـ500 أسرة فقيرة بتمويل من هيئتي الأوقاف والزكاة الحوثيتين.
وذكرت مصادر في نطاق تنفيذ المشروعين؛ جنوب شرقي العاصمة صنعاء، وتحديداً في حي بير عبيد وما جاوره؛ أن الميليشيات الحوثية كثفت أنشطتها لاستقطاب الأطفال خلال الأشهر الماضية إلى المراكز الصيفية المزمع تنظيمها بعد انتهاء العام الدراسي الذي تستعد الميليشيات لإنهائه خلال فترة ما بعد عيد الفطر.
وتؤكد المصادر أن توزيع المساعدات مقرون بالولاء للميليشيات الحوثية، والمشاركة في فعالياتها بشكل دائم، وأن هذا الولاء لا يقتصر على أرباب العائلات فحسب؛ بل إن الميليشيات تشترط للحصول على المساعدات إثبات هذا الولاء عبر مشاركة جميع أفراد أي عائلة في الفعاليات الحوثية، وإظهار التأييد في كل مناسبة.
ووفقا للمصادر؛ فإن توزيع المساعدات الغذائية في تلك الأحياء مؤخرا؛ ارتبط بحضور الأهالي في الأمسيات الرمضانية التي تنظمها هيئات حوثية بأسماء مختلفة، بينها أمسيات مخصصة للنساء والأطفال، وفي هذه الأمسيات يجري الدعوة إلى المشاركة في «يوم القدس العالمي» والترويج للمراكز الصيفية.
وخلال الأسبوع الماضي عقدت الميليشيات أمسيات ثقافية في عموم المناطق تحت سيطرتها، تحت اسم «إحياء ذكرى مقتل علي بن أبي طالب»، وطبقاً لما يرد في وسائل إعلام الميليشيات؛ فإن الدعوة إلى الدفع بالأطفال للمشاركة في المراكز الصيفية كانت الهدف الرئيسي من تلك الأمسيات، إلى جانب الترويج للأفكار الطائفية والمشروع الحوثي.
وأحصت «الشرق الأوسط» أكثر من 150 أمسية رمضانية جرت تغطيتها إعلاميا عبر وسائل إعلام الميليشيات في عموم المحافظات الواقع تحت سيطرتها.
وكانت الميليشيات الحوثية قلصت خلال الشهر الحالي كميات السلال الغذائية المخصصة للموظفين العموميين، وبينما تفيد مصادر بأن الميليشيات ذهبت لبيع ما تم خصمه من تلك السلال في الأسواق للاستفادة من عائداته؛ ترجح مصادر أخرى أنها تعمل على الاستفادة منه في توسيع كمية المساعدات التي تكسب بها الولاء والتأييد.
ففي مديرية باجل التابعة لمحافظة الحديدة (171 كلم غرب صنعاء)، بدأت الميليشيات توزيع السلال الغذائية المقدمة من برنامج الغذاء العالمي، ومشروع التغذية المدرسية والإغاثة الإنسانية لأول مرة منذ فترة طويلة، وركزت في استهدافها بهذه السلال العائلات التي لديها أطفال في المدارس، بالتزامن مع ترتيباتها لتنظيم المراكز الصيفية.
ووفق إعلام الميليشيات فإن هذا النشاط يستهدف 13 ألفا و596 مستفيدا من الفقراء والنازحين، موزعين على 61 مركزا في المديرية، وأشرف على تنفيذه قادة حوثيون، وجرى تنظيم فعاليات بحضور وسائل الإعلام، الأمر الذي عدّه الأهالي تشهيراً بهم واستغلالا لحاجتهم.
وفي صنعاء اختتمت الميليشيات خلال الأيام الماضية تحضيراتها لتنظيم المراكز الصيفية بدورة لأكثر من 60 من مدربي العاملين في المراكز المغلقة، بينما تجري طباعة الكتب الدراسية التي ستقدم للأطفال في هذه المراكز، وفي الوقت نفسه تعمل الميليشيات على الدعاية والترويج للمراكز الصيفية من خلال أمسيات وفعاليات ثقافية رمضانية.


مقالات ذات صلة

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.