العراق يدخل على خط الوساطة لإنهاء الحرب الروسية ـ الأوكرانية

فؤاد حسين أعلن استعداد بغداد لتفعيل دور مجموعة الاتصال

فؤاد حسين وكوليبا خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (رويترز)
فؤاد حسين وكوليبا خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (رويترز)
TT

العراق يدخل على خط الوساطة لإنهاء الحرب الروسية ـ الأوكرانية

فؤاد حسين وكوليبا خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (رويترز)
فؤاد حسين وكوليبا خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (رويترز)

كشف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين عن مساعٍ تقوم بها بغداد لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، داعياً موسكو وكييف إلى وقف إطلاق النار بينهما.
وقال حسين خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الأوكراني ديمترو كوليبا، أمس الاثنين، إن «العراق مع وقف إطلاق النار بشأن الحرب الأوكرانية - الروسية، وأبلغنا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بذلك عندما زار بغداد». وأوضح أن العراق بات اليوم جزءاً «من دور دولي ضمن مجموعة الاتصال للتوصل إلى وقف إطلاق النار، وبدء مباحثات بين موسكو وكييف».
وكان لافروف قد زار بغداد خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، وأجرى مباحثات مع كبار المسؤولين العراقيين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وتطرقت مباحثاته إلى إمكانية وقف الحرب، ومدى استعداد موسكو لقبول وساطات دولية.
ولفت حسين إلى أن «العراق يسعى أن يكون جزءاً من الحل فيما يتعلق بالحرب الروسية - الأوكرانية»، وقال: «بحثنا كيفية استمرار العلاقات التجارية مع أوكرانيا وتقويتها، إضافة إلى مجموعة من القضايا التي تتعلق بالمنطقة وأبعاد الحرب الاقتصادية».
وشدد حسين على أن «زيارة كوليبا إلى بغداد مهمة، والعالم ينظر إلى معالمها»، وقال: إن «العراق مستعد لتفعيل دور مجموعة الاتصال، وتحرك العراق للدخول كوسيط لوضع أسس التفاوض بين الطرفين متى ما طلب الجانب الروسي أو الأوكراني تدخله المباشر ليكون طرفاً في تحقيق السلام في منطقة الحرب الدائرة هناك».
أما كوليبا فقد أكد من جهته أن «بلاده تحتاج إلى السلام... ونود أن نبين وجهة نظرنا في تحقيق السلام، ونرحب بكل جهد من أجل تحقيق السلام في منطقتنا، وأهم شيء نريد تحقيقه هو وحدة أراضي الدولة الأوكرانية». وأضاف أن «موضوع السلام متعلق بوحدة الأراضي الأوكرانية». وأكد أن زيارته إلى بغداد «تعبر عن تطور العلاقات بين البلدين، وعلاقتنا مع العراق في تطور». وأضاف: «نحن نتعاون مع السياسة التي تتبعها الحكومة العراقية»، دون أن يشير إلى مزيد من التفاصيل بهذا الشأن.
وقالت وزارة الخارجية العراقية إن كوليبا سيناقش خلال زيارته إلى بغداد جملة ملفات بينها الحرب مع روسيا. وبدورها، قالت الخارجية الأوكرانية إن كوليبا سيناقش تطوير الحوار السياسي، وزيادة حجم التجارة والتفاعل في المنظمات الدولية.
واتخذ العراق موقفاً حيادياً منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في فبريرا 2022، وامتنع عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمصلحة قرار يدين الحرب الروسية على أوكرانيا، ويطالب روسيا بالكف عن استخدام القوة ضد أوكرانيا.
ويرى المراقبون السياسيون في بغداد أن نجاح العراق في لعب دور الوساطة بين المملكة العربية السعودية وإيران، والتي توجت بالاتفاق بين البلدين الذي رعته الصين، بات يؤهله لإمكانية لعب دور الوسيط في ملفات دولية أخرى، نظراً لما كان يشوب الملف الإيراني - السعودي من تعقيدات.
ومن جهته، يرى أستاذ الإعلام الدولي الدكتور غالب الدعمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العراق مؤهل تماماً لأن يلعب دور الوساطة في الحرب الروسية - الأوكرانية لأكثر من سبب، من أهمها أن العراق من بين كل هذه الدول قريب من الولايات المتحدة، وهو أيضاً موضع ثقة موسكو»، مبيناً أنه «ربما الولايات المتحدة قد أشارت إلى الجانب الأوكراني بأن يكون العراق هو الوسيط، وهذا في الواقع دور جديد للعراق يختلف عن الدور الذي لعبه في الوساطة بين السعودية وإيران».
وأضاف الدعمي أن «الدور العراقي الجديد يأتي من كون العراق لا ينتمي إلى المحور الروسي، لكنه في الوقت نفسه موضع ثقتهم، وهو أيضاً لم يعد ينتمي إلى المحور الأميركي لكنه موضع ثقة، وبالتالي فإن الأطراف اتفقت أن تعطي الدور للعراق لما يتميز به من الابتعاد عن المحاور، واستقلال في القرار السياسي العراقي إلى حد كبير بحيث جعل هذه الأطراف تثق بالدور العراقي، وكان ذلك واضحاً عندما أجرى الرئيس الأوكراني قبل فترة اتصالاً هاتفياً برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني».
أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي فيقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الثابت أن العراق أصبح الآن محطة ثقة وأمان لكل دول العالم فيما يخص ترتيب العلاقة البينية بين أطراف دولية متخاصمة ربما لسنوات طويلة»، مؤكداً أن «نجاح العراق في عقد لقاءات متعددة وغير معلنة فيما يخص العلاقات السعودية - الإيرانية مهّد الطريق أمام حالات أخرى تبحث عن حلول، بما في ذلك روسيا وأوكرانيا؛ حيث إنه من الواضح أن كلا الطرفين بات يبحث عن حل، شريطة أن من يتبنى هذا الحل لا يكون خصماً لأحد الطرفين، أو طرفاً في أزمة سابقة، حيث إن روسيا لا تريد لأميركا بوصفها طرفاً دور في الحل، كما لا تريد حتى للصين أن تكون هي من تتولى الحل، والأمر نفسه ينطبق على أوكرانيا التي لا تريد أن يكون لإيران دور في حل هذه الأزمة ولا دول أخرى قريبة».
وأكد الفيلي أن «ما يحكم السياسة العراقية حالياً هو أنها متوازنة مع الجميع، وبالتالي بمقدور العراق لعب دور في مجال عقد الاجتماعات غير المعلنة التي تمهد للوصول إلى حل عن طريق المفاوضات لاحقا».
وأوضح الفيلي أن «الاجتماعات السرية التي تجري في غرف مغلقة تكون أكثر فعالية في التوصل إلى حلول لاحقة، وكلنا يتذكر اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، جرت عبر سنوات كثيرة في غرف مغلقة، كما أن العراق يريد دائماً أن يكون جزءاً من منظومة الحياد، لا أن يكون جزءاً من سياسة المحاور، علماً بأن كلاً من أوكرانيا وروسيا لديهما علاقات متميزة مع العراق بوصفه شريكاً استراتيجياً لكليهما».


مقالات ذات صلة

روسيا وأوكرانيا تتبادلان جثث مئات الجنود

أوروبا جنازة جندي أوكراني قتل خلال المعارك في كورسك (أ.ب)

روسيا وأوكرانيا تتبادلان جثث مئات الجنود

سلمت موسكو جثث 502 من الجنود الأوكرانيين الذين لقوا حتفهم في المعارك ضد القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

قال مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور، إن روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا، وإن بوتين لن يتوقف عند حد تحويل أوكرانيا إلى دولة خاضعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مواطنون يشترون فاكهة بأحد المتاجر الكبرى في موسكو (أ.ب)

هل تساعد أزمة الزبدة بـروسيا في جلب السلام إلى أوكرانيا؟

سلَّطت صحيفة «تلغراف» البريطانية الضوء على انتشار سرقة الزبدة في روسيا بسبب ارتفاع الأسعار جراء الحرب، وقالت إن بعض أصحاب المتاجر الكبرى لا يعرضون ألواح الزبدة

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا تظهر هذه الصورة غير المؤرخة التي أصدرها الجيش الأوكراني حطام طائرة مسيّرة إيرانية من طراز «شاهد» أطلقتها روسيا قيل إنها أسقطت بالقرب من كوبيانسك في أوكرانيا (أ.ب)

تقرير: أوكرانيا نجحت في إعادة توجيه طائرات من دون طيار انتحارية إيرانية الصنع إلى روسيا

قالت صحيفة «تلغراف» البريطانية إن أوكرانيا تعلمت كيفية اختراق الطائرات من دون طيار الانتحارية الإيرانية الصنع وإرسالها مرة أخرى إلى روسيا وبيلاروسيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم عند وصول وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إلى مطار بيونغ يانغ الدولي بكوريا الشمالية... وفي استقباله وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول يوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)

وزير الدفاع الروسي: العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية تتوسع بسرعة

قالت وزارة الدفاع الروسية إن وزير الدفاع، أندريه بيلوسوف، وصل إلى كوريا الشمالية، (الجمعة)؛ لإجراء محادثات مع القادة العسكريين والسياسيين في بيونغ يانغ.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.