الصراع المسلح في السودان يتجه نحو المجهول

قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب) - قائد قوات {الدعم السريع} محمد دقلو {حميدتي} (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب) - قائد قوات {الدعم السريع} محمد دقلو {حميدتي} (أ.ف.ب)
TT

الصراع المسلح في السودان يتجه نحو المجهول

قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب) - قائد قوات {الدعم السريع} محمد دقلو {حميدتي} (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب) - قائد قوات {الدعم السريع} محمد دقلو {حميدتي} (أ.ف.ب)

يتبادل رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات «الدعم السريع» الفريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي»، الاتهامات ببدء القتال، ويزعم كلاهما السيطرة على مواقع رئيسية في العاصمة ومدن أخرى، إلا أنه يتعذّر التحقّق من ذلك بشكل مستقل ومؤكد، ولكن كيف بدأ الخلاف بينهما بعدما كانا حليفين أطاحا في أبريل (نيسان) 2019 بحكم الرئيس المعزول عمر البشير الذي دام 30 عاماً؟
في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، نفّذ البرهان و«حميدتي» انقلاباً عسكرياً أطاح الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك، والتي نشأت بعد سقوط البشير وفق وثيقة دستورية بين المدنيين والعسكريين لتقاسم السلطة وإدارة مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات حرة ونزيهة لتحول البلاد إلى نظام ديمقراطي برلماني.
وتولّى البرهان رئاسة مجلس السيادة الجديد بعد الانقلاب، في حين كان دقلو نائباً له، في مشهد وصفه الباحث المستقل حامد خلف الله لوكالة «الصحافة الفرنسية»، بأنه لم يكن سوى «زواج مصلحة». وتابع خلف الله: «لم يكن تحالفاً أو شراكة حقيقية، فقد تعيّن عليهما ربط مصالحهما معاً لمواجهة المدنيين كجبهة عسكرية موحدة». وعلى الرغم من ذلك، لم يدم التفاهم بين الرجلين طويلاً؛ إذ وصف «حميدتي» في فبراير (شباط) انقلاب أكتوبر الذي شارك فيه، بأنه «خطأ، وفتح الباب أمام عودة النظام القديم»، في إشارة إلى أنصار عمر البشير من الإسلاميين.

وأتت هذه التصريحات بعد شهرين من توقيع البرهان و«حميدتي» على اتفاق إطاري ضمّ أطرافاً مدنية تشمل تحالف «الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير، كخطوة أولى في عملية سياسية كانت تهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية التي نتجت عن الانقلاب العسكري. ووضع الاتفاق مبادئ توجيهية لعملية انتقالية من دون أي جداول زمنية، ما دفع منتقديه إلى وصفه بأنه «غامض». وتعهّد المسؤولان العسكريان في الاتفاق الإطاري بالخروج من السياسة والعودة إلى ثكناتهم بمجرد تكوين حكومة مدنية، إلا أن الاتفاق السياسي اصطدم بعقبة ساهمت في توسيع الشقاق بين البرهان ودقلو، وهي مسألة الإصلاح العسكري ودمج قوات «الدعم السريع» في الجيش النظامي.
وترى المحللة خلود خير، أن هذا الاتفاق الإطاري «زاد من التوتر بين البرهان و(حميدتي)»، مشيرة إلى أنه «دفع (حميدتي) إلى منصب مساوٍ للبرهان، بعد أن كان نائبه». ويقول مسؤول منطقة القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية، آلان بوزويل، إن دقلو رأى في الاتفاق الإطاري فرصة ليكون «أكثر استقلالية عن الجيش»، ويحقّق «طموحاته السياسية الواسعة» التي تتجاوز الاستجابة لسلسلة الأوامر العسكرية المعتادة. وتقول خير، مؤسسة مركز «كونفلونس ادفايزوري» للاستشارات في الخرطوم، إن «هذا التحول في السلطة هو سبب انتهاء المحادثات حول إصلاحات قطاع الأمن ودمج قوات (الدعم السريع)، إلى نزاع مسلح بدلاً من نقاش ساخن حول الطاولة».
وراحت العلاقة بين الرجلين تتدهور أكثر حين أعاد البرهان عناصر نظام البشير إلى مواقع حساسة في السلطة، وهو ما اعترض عليه «حميدتي» الذي يعتبره الإسلاميون خائناً؛ لأنه طعن البشير من الخلف، ويبادلهم «حميدتي» إحساس العداء. وراح الخلاف في المواقف السياسية يتطور تدريجياً بين الرجلين ويظهر أحياناً إلى السطح في تصريحات تلميحية أحياناً ومباشرة في أحيان أخرى.
واختلف الطرفان حول عدة قضايا في هذا الأمر، أهمها من يتولى هيئة القيادة الجديدة الموحدة. فبينما طالب «حميدتي» بأن يرأس الهيئة رئيس الدولة المدني المرتقب، طالب البرهان بأن يرأسها قائد الجيش. كما طالب «حميدتي» بالتخلص من الضباط الموالين للإسلاميين في الجيش بالتزامن مع دمج قواته فيه. ورغم الوساطات الأممية والإقليمية والمحلية لخفض التوتر بين القوتين العسكريتين، فقد تطور الصراع بشكل متسارع خلال الأسابيع الأخيرة حتى وصل إلى حد الصدام المسلح الذي وقع يوم السبت الماضي، والذي وصف فيه «حميدتي» صديقه القديم البرهان بأنه «مجرم وكاذب»، في حين وصف الجيش قوات «الدعم السريع» بأنها ميليشيا متمردة، بعد أن كان يصفها بأنها جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة، بل هي «وُلدت من رحم الجيش».
وفي آخر حلقات التصعيد خلال الأسابيع السابقة للصدام، تصاعدت حدة التصريحات والحرب الكلامية بين الطرفين، التي كان من ضمنها ما صرح به نائب قوات «الدعم السريع»، عبد الرحيم دقلو (أخو حميدتي) حين وجّه حديثاً مباشراً إلى قادة الجيش المسيطرين على مفاصل السلطة في البلاد، قائلاً: «رسالتنا إلى إخواننا في السلطة: تسليم السلطة للشعب من دون لف ولا دوران». وأضاف: «من اليوم فصاعداً لن نسمح بقتل الشباب المتظاهرين أو اعتقال السياسيين. ففي صدورنا الكثير، وصمتنا كثيراً، ولا نريد أن نصبح سبباً فيما يحدث، لكن لن نتزحزح أو نرجع عن المبادئ الأساسية التي تجمع وتنصف الشعب السوداني».
من جانبه، قال البرهان، في خضم التصعيد الكلامي: «نحن كعسكريين يهمنا دمج (الدعم السريع)... وبغير هذا لن يذهب أي شخص في الاتفاق للأمام»، ما فهمه الكثيرون على أنه يشترط دمج «الدعم السريع» في الجيش أولاً قبل المواصلة في تنفيذ بقية الاتفاق الإطاري. وأبدى الكثيرون استغرابهم من تصريح البرهان؛ نظراً إلى أن الدمج منصوص عليه أصلاً في الاتفاق، وفق جدول زمني يتم الاتفاق عليه بين الطرفين.
وقال بوزويل لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «قوات (الدعم السريع) استمرت في النمو منذ 2019»، ما يجعل تخلي «حميدتي» عن السلطة أمراً مستبعداً إلى حد بعيد. ويرى بوزويل أن ما يحدث هو «صراع وجودي على السلطة من الجانبين»، في حين تستبعد خير «أن يجلسا على طاولة المفاوضات من دون أن يتكبّد أحدهما أو كلاهما خسائر فادحة». وتضيف أنه كلما طالت المعركة في شوارع المدن، سيرتفع عدد القتلى المدنيين، وستتراكم الخسائر المادية، وسيخسران كذلك شعبيتهما؛ لأن السودانيين لن ينسوا حرب الشوارع وقتلاهم المدنيين. ويقول بوزويل: «المعسكران قويان والحرب بينهما ستكون مكلفة جداً ودامية وطويلة... وحتى إذا حقّق أيّ من الطرفين انتصاراً جزئياً في الخرطوم، «ستستمر الحرب في سائر أنحاء البلاد»، وهذا سيقسم السودان إلى معاقل متنافسة. ويضيف: «نحن بالفعل نشهد أسوأ السيناريوهات، والوضع يتجه نحو أحداث أكثر مأساوية»، مع تداعيات محتملة على المنطقة بأسرها.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

وزراء أفارقة يبحثون في الجزائر تهديدات الإرهاب و«إسكات البنادق»

وزراء ومسؤولون أفارقة خلال لقاء على هامش آخر اجتماع لمنتدى «السلم والأمن الأفريقي» في ديسمبر 2023 (الشرق الأوسط)
وزراء ومسؤولون أفارقة خلال لقاء على هامش آخر اجتماع لمنتدى «السلم والأمن الأفريقي» في ديسمبر 2023 (الشرق الأوسط)
TT

وزراء أفارقة يبحثون في الجزائر تهديدات الإرهاب و«إسكات البنادق»

وزراء ومسؤولون أفارقة خلال لقاء على هامش آخر اجتماع لمنتدى «السلم والأمن الأفريقي» في ديسمبر 2023 (الشرق الأوسط)
وزراء ومسؤولون أفارقة خلال لقاء على هامش آخر اجتماع لمنتدى «السلم والأمن الأفريقي» في ديسمبر 2023 (الشرق الأوسط)

يبحث وزراء أفارقة وخبراء أمنيون من القارة السمراء، ومن هيئات دولية، غداً (الأحد)، في الجزائر، تهديدات الإرهاب والتطرف العنيف في منطقة الساحل وبحيرة تشاد، وما يعرف في الاتحاد الأفريقي بـ«إسكات البنادق في أفريقيا»، ويقصد به نزع السلاح في بلدان تشهد أزمات، والسيطرة على انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة غير المشروعة.

ويجري بحث هذه الملفات، الأحد والاثنين، بمدينة وهران (غرب الجزائر)، في إطار «المؤتمر الـ11 رفيع المستوى حول السلم والأمن في أفريقيا»، الذي يعقد منذ 13 سنة في المكان نفسه، وهو فضاء يناقش فيه مسؤولون من حكومات أفريقية وخبراء مستقلون مشكلات الأمن والنزاعات والفقر، بغرض إيجاد حلول لها. وغالباً ما يشارك في هذه اللقاءات مسؤولون بالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

جانب من أشغال مؤتمر «السلم والأمن الأفريقي» الذي عقد في ديسمبر 2023 (الخارجية الجزائرية)

وبحسب الخارجية الجزائرية، بصفتها جهة مشرفة على الاجتماع، سيتناول الاجتماع في ورش مغلقة، «عدداً من الموضوعات الاستراتيجية ذات الأهمية الكبرى، منها تعزيز التنسيق بين مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي، والأعضاء الأفريقيين الثلاثة غير الدائمين في مجلس الأمن (الجزائر وسيراليون وموزمبيق)، من أجل إسماع صوت أفريقيا لدى هذه الهيئة، والدفاع بفعالية عن المواقف الأفريقية المشتركة، حول المسائل المتعلقة بالسلم والأمن، ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف».

ووفق وزارة الخارجية الجزائرية، سيتم بحث «تعزيز القدرات التكاملية للدول الأفريقية للتصدي للتحديات، مع التركيز على دور المركز الأفريقي لمكافحة الإرهاب (مقره بالجزائر)، وذلك بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيسه، إضافة إلى مناقشة كيفيات تنفيذ (ميثاق المستقبل)، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، خصوصاً فيما يتعلق بإصلاح مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة، وتفعيل القرار 2719 لمجلس الأمن حول تمويل عمليات دعم السلام بقيادة الاتحاد الأفريقي».

جيش تشاد خلال استعدادات لإطلاق عملية ضد الإرهاب (متداولة)

وقالت وكالة الأنباء الجزائرية إن اجتماع وهران «منصة استراتيجية لتعزيز العمل الإفريقي المشترك»، و«يوفر خريطة طريق للدبلوماسيات الأفريقية، مما يدعم جهود القارة في تحقيق الأمن والاستقرار، وتعزيز حضورها الفاعل في صنع القرار الدولي».

وكانت الأزمة الليبية دائماً حاضرة في «مسار وهران»، كما يسمى في الخطاب المتصل بهذه الاجتماعات. وفي ختام كل لقاء، يتم إطلاق دعوات للحوار بين أطراف النزاع، و«إبعاد التدخلات الأجنبية عن ليبيا». كما يتم بحث عادة نزاع الصحراء بوصفه إحدى أقدم المشكلات في القارة الأفريقية.

وفي آخر اجتماع للمؤتمر (نهاية العام الماضي)، تناول الخبراء آفتي الإرهاب والجريمة المنظمة، وتفاقم التوترات والنزاعات والصراعات، وتجدد الانقلابات العسكرية (آخرها وقع في النيجر في 26 يوليو/تموز 2023).

وأكدت مصادر دبلوماسية أن الجانب الأمني في النقاشات، سيشمل الظروف الصعبة التي تمر بها تشاد، إثر هجمات تعرض لها جيشها النظامي خلال الشهر الحالي، على أيدي عناصر «بوكو حرام». وخلفت هذه الاعتداءات مقتل عشرات الجنود، وقالت السلطات في نجامينا إن قوات الأمن قضت على عدد كبير من المعتدين في مواجهات أعقبت هذه الأعمال المسلحة.

تحركات لعناصر حركة مسلّحة من «الطوارق» في شمال مالي (أ.ف.ب)

كما سيأخذ الوضع في الساحل حيزاً مهماً من النقاش، وفق المصادر ذاتها، قياساً إلى أحداث جديدة عرفتها المنطقة، خصوصاً التحالفات التي عقدتها السلطتان العسكريتان في مالي والنيجر، مع مجموعات «فاغنر» الروسية، التي باتت سلاحاً قوياً لتصفية الخصوم السياسيين، ولمواجهة تهديدات الإرهاب. علماً أنه سبق للجزائر أن أبدت قلقاً من وجود «لاعبين جدد» في منطقة، تعدها «حديقة خلفية» لها، على أساس أنها الدولة الأقوى عسكرياً في المنطقة.

كما أدرج منظمو الاجتماع قضايا أخرى مهمة سيتم بحثها، من بينها تداعيات جائحة كوفيد 19 على الأوضاع الصحية، والكوارث البيئية الناجمة عن التغير المناخي، ومن أبرز تجلياتها الجفاف والفيضانات، التي تؤثر بشكل كبير على الاستقرار الإقليمي. كما ستتم مناقشة وضع استراتيجيات مشتركة للتعامل مع هذه الأزمات والتوقعات المستقبلية لها.