بروتين يحمي شيفرة تكوين العضلات

علماء من «كاوست» وكندا نجحوا في تحديده

د. بريندا جانيس سانشيز والبروفسور عماد الدين غالوزي  (كاوست)
د. بريندا جانيس سانشيز والبروفسور عماد الدين غالوزي (كاوست)
TT

بروتين يحمي شيفرة تكوين العضلات

د. بريندا جانيس سانشيز والبروفسور عماد الدين غالوزي  (كاوست)
د. بريندا جانيس سانشيز والبروفسور عماد الدين غالوزي (كاوست)

إذا أتيحت لك الفرصة للنظر عبر مجهر إلكتروني لما يحدث داخل نواة الخلية التي تعد أصغر وحدة بنائية يتكون منها الكائن الحي، فسترى العجب العجاب. هذه الخلية تعد الوحدة الأساسية لكل أشكال الحياة بسبب وجود كل مقومات الحياة فيها.
وقد لا يصدق الشخص العادي أن نواة الخلية متناهية الصغر تلك، هي عالم قائم بحد ذاته، فيه ورش عمل ومصانع تقوم بكل ما يلزم الكائن الحي من عمليات معقدة لضمان استمرار الوظائف الحيوية في جسمه، وبالتالي استمرار حياته، ومن بين هذه العمليات عملية تصنيع البروتين.
وكي تقوم الخلايا بوظائفها المختلفة، تستخدم أدوات صغيرة تسمى بروتينات، وهي مُركبات وظيفية بيولوجية، وحدة بنائها الأساسية هي الأحماض الأمينية. وتتكون البروتينات من سلسلة طويلة جداً من هذه الأحماض، وتقوم بدور أساسي في جميع التفاعلات الحيوية التي تجري في أجسامنا.
تحدث عملية تصنيع البروتين في جميع خلايانا على مدار الساعة، ولا تستغرق الواحدة منها إلا بضع ثوانٍ. وتبدأ العملية في نواة الخلية، حيث يوجد الحمض النووي (DNA) الذي يحتوي على الشيفرة الجينية لصنع البروتينات، بما في ذلك البروتينات اللازمة لتكوين العضلات. بعد ذلك يقوم مراسل بنقل التعليمات لتشكيل البروتين، وهو الحمض النووي الريبي (RNA) الذي ينسخ الشيفرة البرمجية لتصنيع البروتين، وتسلسل القواعد فيها. بعدها يقوم بنقلها في رحلة من نواة الخلية، بعد أن يخترق مسام النواة، ليصل منها إلى الوسط السائل الموجود بين النواة وغشاء الخلية الذي يسمى (السيتوبلازما).
حامل الشيفرة
وثمَّة بروتينان لهما أهمية بالغة في حماية واستقرار الحمض النووي الريبي (RNA) لأنه يحمل شيفرة تكوين العضلات عبر الخلية، وقد يكون لهذا المركب البروتيني - المرتبط باستقرار الحمض النووي الريبي - آثار من شأنها العمل على تعافي العضلات وعلاج الأمراض.
ويعدّ الحمض النووي الريبي (RNA)، بمثابة جزيء هش، وهو شبيه بالحمض النووي (DNA)، ولكنه يختلف عنه في أنه أصغر كثيراً، ويعمل وسيطاً أو مرسالاً يحمل الشيفرة الجينية المنسوخة من الحمض النووي إلى مصانع البروتين في الخلية، حيث تجري ترجمة الشيفرة لتشكيل مختلف المكونات الصغيرة التي تجعل منّا ما نحن عليه.
تقول عالمة الكيمياء الحيوية الدكتورة بريندا جانيس سانشيز من مبادرة «كاوست للصحة الذكية»: «لم يعد يُنظر إلى الحمض النووي الريبي (RNA) بوصفه مجرد قناة وسيطة أقرب ما تكون إلى الجندي المجهول، لكنه في واقع الأمر بمثابة نقطة تفتيش تنظيمية، ضرورية للوظيفة الطبيعية لجميع العمليات الحيوية».
هذا يعني أننا بحاجة إلى تضافر مختلف جوانب الآلية الخلوية؛ لمنع تحلل الحمض النووي الريبي المرسال، وللحفاظ على حركته، لضمان ترجمة الشيفرة التي يحملها في النهاية إلى بروتين؛ إذ إنه، وفي حالة اضطراب أي جزء من هذه العملية، سيتأثر تخليق البروتين بصورة كبيرة، ما يؤدي إلى سلوك خلوي غير طبيعي، وربما موت المرسال.
وفي ضوء هذه المسألة الحيوية المعقدة، حدَّدت سانشيز وزملاؤها في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، وجامعة ماكجيل في كندا مركباً بروتينياً مهماً يدعم استقرار الحمض النووي الريبي المرسال في أثناء تكوين ألياف العضلات.
مركب بروتيني
هل يمكن أن يؤدي المركب إلى إنتاج ألياف عضلية أفضل؟
يتكون المركب من بروتينين، هما: المستضد البشري R (HuR) وبروتين ربط Y - Box 1 (YB1)، حيث لا يزال يتعين اكتشاف الأدوار الدقيقة لكل بروتين على حدة في عملية استقرار الحمض النووي الريبي. ويساعد المزيد من التحقق على الوقوف على آلية القيام بكل ما يمكن أن يساعد العلماء في التحكم في كمية وأنواع البروتينات المصنوعة في العضلات، وكذلك في الأنسجة الأخرى في أي وقت.
وتتساءل جانيس سانشيز التي تشمل اهتماماتها البحثية تطوير علاجات قائمة على الحمض النووي الريبي؛ لتحسين نمو العضلات الهيكلية ومكافحة الأمراض المرتبطة بالعضلات: «ماذا لو تمكنا من تعزيز ارتباط البروتينين HuR وYB1 في أثناء علاج وإصلاح العضلات؟ هل يمكن أن يؤدي هذا إلى إنتاج ألياف عضلية أكثر أو أفضل؟ وتشير إلى أنّ تعلُّم كيفية التحكم في دوران الحمض النووي الريبي في أثناء تكوين الألياف العضلية، قد تكون له تداعيات هائلة في تطوير علاجات جديدة تمنع الأمراض ذات الصلة بالعضلات.
عرف العلماء مسبقاً دور بروتين HuR في عملية تثبيت الحمض النووي الريبي المرسال، الذي يحتوي على تسلسلات قاعدة نيتروجينية مميزة، تسمى العناصر الغنية (AU) في المناطق غير المترجمة. لكن هذا البروتين له وظائف متعددة حتى أنها تتعارض في بعض الأحيان، حيث يمكنه أيضاً أن يؤدي إلى تحلل الرنا المرسال.
وفي هذا السياق، قاد البروفسور عماد الدين غالوزي، عالم الأحياء ومدير مبادرة «كاوست للصحة الذكية»، مع جانيس سانشيز الفريق البحثي للكشف عن شبكة البروتين التي يمكن أن تشارك في ضمان قدرة «HuR« على تثبيت الحمض النووي الريبي المرسال على وجه التحديد في أثناء تكوين الألياف العضلية.
استخدم الفريق الأجسام المضادة لعزل بروتين «HuR» من سلائف خلايا عضلات الفأر (تسمى الخلايا العضلية)، ثم استخدموا تقنية تسمى قياس الطيف الكتلي لتحديد البروتينات المرتبطة بها. عبر هذه العملية تجلى بروتين «YB1» لأنه معروف أيضاً بدوره في تثبيت وربط الحمض النووي الريبي المرسال.
وبعد ذلك، استهدف الفريق الجين الذي يجري ترميزه في البشر بـ«YB1»؛ لإيقافه في الخلايا العضلية، لكنهم وجدوا أن هذا النهج يحدّ - بشكل كبير - من كفاءة نضوج هذه الخلايا وتحولها إلى خلايا عضلية. أيضاً، عندما استهدفت الجينات في الخلايا العضلية الطبيعية لإنتاج كميات أكبر من «HuR»، تحسنت عملية تكوين ألياف العضلات.
في المقابل، لم يحدث هذا في خلية الأرومة العضلية (نوع من سلائف الخلايا الجنينية القادرة على إنشاء خلايا العضلات)، فمع إيقاف بروتين «YB1» أثبتت الاختبارات الإضافية بعد ذلك أن «HuR » و«YB1 » يشكلان معاً مركباً يرتبط بالعناصر الغنية (AU) في (الرنا) المرسال لتعزيز استقرارها في أثناء عملية تكوين ألياف العضلات.
وفي هذا الصدد يقول البروفسور غالوزي: «إنشاء شبكة من البروتينات المرتبطة بـ(الرنا) التي تتفاعل مع بروتين (HuR)، بالإضافة إلى تشريح الآلية التي تشارك من خلالها هذه المركبات في العمليات الحيوية، مثل تكوين الألياف العضلية، سيكون أمراً بالغ الأهمية في فهمنا للعقيدة المركزية للبيولوجيا الجزيئية».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نجاح «ديب سيك» يتحدث عن قدرة الصين على رعاية المواهب

نجاح «ديب سيك» يتحدث عن قدرة الصين على رعاية المواهب
TT

نجاح «ديب سيك» يتحدث عن قدرة الصين على رعاية المواهب

نجاح «ديب سيك» يتحدث عن قدرة الصين على رعاية المواهب

بالنسبة للعديد من الصينيين، فإن نجاح «ديب سيك» DeepSeek هو انتصار لنظام التعليم في الصين، ودليل على أنه يساوي نظام الولايات المتحدة أو حتى يتفوق عليه.

وتنتج الصين عدداً كبيراً من خريجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، لكنها لم تكن معروفة بالابتكار. قد تساعد العوامل الثقافية والسياسية في تفسير السبب.

خريجو الجامعات الصينية يتصدرون الأبحاث

ووفقاً لمؤسس الشركة الناشئة الصينية التي هزت عالم الذكاء الاصطناعي، فإن الفريق الأساسي من المطورين والعلماء وراء «ديب سيك»، التحقوا جميعاً بالجامعة في الصين. وهذا يتناقض مع العديد من شركات التكنولوجيا الصينية، التي غالباً ما سعت إلى استقطاب المواهب المتعلمة في الخارج.

في حين كان المعلقون الصينيون على الإنترنت يتلذذون بردود الفعل الأميركية الصادمة، أشار البعض إلى العدد المرتفع من حاملي الدكتوراه في العلوم الذين تنتجهم الصين سنويا... «يثبت نجاح ديب سيك أن تعليمنا رائع»، هذا ما جاء في عنوان إحدى المدونات.

وتدفقت الإشادات أيضا من الخارج، إذ قال بافيل دوروف، مؤسس منصة الرسائل «تلغرام»، الشهر الماضي إن المنافسة الشرسة في المدارس الصينية غذت نجاحات البلاد في مجال الذكاء الاصطناعي. وكتب على الإنترنت: «إذا لم تقم الولايات المتحدة بإصلاح نظامها التعليمي، فإنها تخاطر بالتنازل عن قيادة التكنولوجيا للصين».

تعقيدات الواقع الصيني

الواقع أكثر تعقيدا. نعم، استثمرت الصين بكثافة في التعليم، وخاصة في العلوم والتكنولوجيا، ما ساعد في رعاية مجموعة كبيرة من المواهب، وهو أمر أساسي لطموحها في أن تصبح رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2025.

ولكن خارج الفصول الدراسية، يجب على هؤلاء الخريجين أيضا أن يواجهوا عقبات تشمل ثقافة الشركات الطاحنة والأهواء السياسية للحزب الشيوعي الحاكم... الذي يؤكد على السيطرة، بدلاً من النمو الاقتصادي، وهو على استعداد لاتخاذ إجراءات صارمة ضد شركات التكنولوجيا التي يعتبرها مؤثرة للغاية.

الاستكشاف الفكري بدلاً من الأرباح

تمكنت شركة «ديب سيك» من التهرب من العديد من هذه الضغوط، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها حافظت على مستوى منخفض وأعلن مؤسسها التزامه بالاستكشاف الفكري، بدلاً من الأرباح السريعة. ومع ذلك، يبقى أن نرى إلى متى يمكنها الاستمرار في القيام بذلك.

قال ييران تشين، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية في جامعة ديوك: «هناك العديد من الباحثين والمهندسين الشباب الحيويين والموهوبين داخل الصين. لا أعتقد أن هناك فجوة كبيرة من حيث التعليم بين الصين والولايات المتحدة من هذا المنظور، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي. لكن القيد يأتي حقاً من أجزاء أخرى».

قوة النظام التعليمي

بالنسبة للعديد من الناس في الصين، ترتبط قوة نظامها التعليمي ارتباطاً وثيقاً بالمكانة العالمية للبلاد. لقد استثمرت الحكومة بكثافة في التعليم العالي، ونما عدد خريجي الجامعات كل عام، الذي كان ضئيلاً في السابق، بأكثر من 14 ضعفاً في العقدين الماضيين. والآن، تحتل العديد من الجامعات الصينية مرتبة بين الأفضل في العالم. ومع ذلك، على مدى عقود من الزمان، ذهب أفضل وألمع طلاب الصين إلى الخارج، وبقي الكثير منهم هناك. وبحسب بعض المقاييس، بدأ هذا يتغير.

وقد خرجت الصين أكثر من أربعة أضعاف عدد طلاب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في عام 2020 مقارنة بالولايات المتحدة. وتحديداً في مجال الذكاء الاصطناعي، أضافت أكثر من 2300 برنامج جامعي منذ عام 2018، وفقاً لبحث أجرته شركة «ماكرو بولو»، وهي مجموعة بحثية مقرها شيكاغو تدرس الصين.

ووجدت شركة «ماكرو بولو» أنه بحلول عام 2022، جاء ما يقرب من نصف أفضل الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي في العالم من مؤسسات جامعية صينية، مقابل حوالي 18 في المائة من المؤسسات الأمريكية. وبينما لا يزال أغلب هؤلاء الباحثين البارزين يعملون في الولايات المتحدة، فإن عددا متزايدا منهم يعمل في الصين.

وقال داميان ما، مؤسس شركة «ماكرو بولو»: «لقد أنتجت كل هذه المواهب على مدى السنوات القليلة الماضية. يجب أن يذهبوا إلى مكان ما». كما جعلت واشنطن من الصعب على الطلاب الصينيين في مجالات معينة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، الحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة، مستشهدة بمخاوف الأمن القومي.

وقال ما: «إذا لم يذهبوا إلى الخارج، فسوف يبدأون بعض الشركات» أو يعملون لصالح شركة صينية.

تعاون المؤسسات الأكاديمية مع الشركات

وقالت مارينا تشانج، أستاذة في جامعة سيدني للتكنولوجيا والتي تدرس الابتكار الصيني، إن الحكومة الصينية ساعدت أيضاً في تعزيز العلاقات الأكثر قوة بين الأوساط الأكاديمية والشركات مقارنة بالغرب. لقد ضخت الأموال في مشاريع البحث وشجعت الأكاديميين على المساهمة في مبادرات الذكاء الاصطناعي الوطنية.

ومع ذلك، فإن مشاركة الحكومة هي أيضاً من أكبر التهديدات المحتملة للابتكار الصيني.

وتبارك بكين قطاع الذكاء الاصطناعي -في الوقت الحالي. ولكن في عام 2020، بعد أن قررت أنها لا تملك سيطرة كبيرة على الشركات الكبرى مثل «علي بابا»، أطلقت حملة صارمة استمرت لسنوات على صناعة التكنولوجيا الصينية. وهنا تحول مؤسس «ديب سيك»، ليانغ وينفينغ، إلى الذكاء الاصطناعي.

الشباب يقودون الذكاء الاصطناعي

قال يانبو وانغ، الأستاذ في جامعة هونغ كونغ والذي يدرس ريادة الأعمال التكنولوجية في الصين، إن الذكاء الاصطناعي كان محمياً إلى حد ما من هجرة الأدمغة حتى الآن، ويرجع ذلك جزئياً إلى بصمته السياسية. وأضاف أنه يتوقع ظهور المزيد من الشركات الناشئة الصينية الناجحة في مجال الذكاء الاصطناعي قريباً، بقيادة الشباب. لكنه أضاف أن من المستحيل أن نقول كيف كان سيبدو مشهد الذكاء الاصطناعي في الصين لو كانت بكين أكثر تسامحاً تجاه شركات التكنولوجيا الكبرى في السنوات الأخيرة. ويتابع: «إن القدرة التنافسية لا تعتمد فقط على نظام التعليم في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بل تعتمد أيضاً على تعاملها مع المستثمرين من القطاع الخاص ورجال الأعمال والشركات الهادفة إلى الربح».

توظيف العلوم الإنسانية مع علوم الكومبيوتر

قد يعتمد نجاح «ديب سيك» على كيفية اختلافها عن شركات التكنولوجيا الصينية الأخرى بقدر ما يعتمد على كيفية مشاركتها لقوتها. إذ تم تمويلها من الأرباح من صندوق التحوط الأصلي. ولقد وصف ليانغ توظيف خريجي العلوم الإنسانية بالإضافة إلى علماء الكومبيوتر، بروح تعزيز أجواء فكرية حرة.

ومنذ النجاح الباهر الذي حققته شركة «ديب سيك»، حثت بعض الأصوات المزيد من الشركات الصينية على محاكاة نموذجها. وأعلن تعليق عبر الإنترنت من لجنة الحزب الشيوعي في مقاطعة تشجيانغ، حيث يقع مقر شركة «ديب سيك»، عن الحاجة إلى «الثقة في المواهب الشابة» ومنح الشركات الرائدة «سيطرة أكبر على موارد الابتكار».

الابتكار يتفتح من دون تدخل

ولكن أفضل طريقة للصين للاستفادة من قوتها العاملة الطموحة والمتعلمة جيداً في مجال الذكاء الاصطناعي قد تكون أن تتنحى الحكومة جانباً (عن التدخل).

وقال ليانغ في مقابلة أخرى: «يتطلب الابتكار أقل قدر ممكن من التدخل والإدارة. وغالباً ما يأتي الابتكار من تلقاء نفسه، وليس كشيء مخطط له عمداً، ناهيك عن تدريسه».

* خدمة «نيويورك تايمز»

حقائق

50 %

من أفضل الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي في العالم تخرجوا في مؤسسات جامعية صينية، مقابل حوالي 18 % في المؤسسات الأميركية