بلاستيك قابل للذوبان في الماء

تم تصنيعه من نشا البطاطا

باحثان من المجموعة أمام المنتج الجديد (جامعة أليكانتي)
باحثان من المجموعة أمام المنتج الجديد (جامعة أليكانتي)
TT

بلاستيك قابل للذوبان في الماء

باحثان من المجموعة أمام المنتج الجديد (جامعة أليكانتي)
باحثان من المجموعة أمام المنتج الجديد (جامعة أليكانتي)

طوّرت مجموعة أبحاث النفايات والطاقة والبيئة وتكنولوجيا النانو بجامعة «أليكانتي» بإسبانيا، آلية لتصنيع مادة بلاستيكية قابلة للذوبان في الماء، تعتمد في تصنيعها على نشا البطاطا. وسيتم طرح هذا المنتج قريباً في السوق من خلال شركة «سوليبين»، التابعة للجامعة.
ووفقاً لأستاذ الهندسة الكيميائي إغناسيو مارتن غولون، فإن هذه المادة الجديدة قابلة للتحلل، لذا فهي مناسبة للاستخدام كغشاء مرن، ويفضّل أن يكون ذلك في الأكياس والتعبئة، ولها مزايا كبيرة على المواد الموجودة.
ونشأ تطوير هذه المادة الجديدة من أطروحة حول نشا اللدائن الحرارية لتطوير مواد مستدامة بيئياً على يد دانيال دومين لوبيز، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة «سوليبين»، وكان هدفه أن هذه المادة الجديدة ستقدم مساهمة ذات صلة في التخفيف من التأثير الناجم عن الإدارة السيئة للنفايات البلاستيكية التقليدية لأنها لا تولد مشكلة بيئية في نهاية عمرها الإنتاجي، حيث إنه بسبب سوء إدارة النفايات، ينتهي الأمر بالكثير من النفايات البلاستيكية في النظم البيئية الطبيعية.
وأوضح دومين لوبيز في تقرير نشره 13 مارس (آذار) الماضي الموقع الإلكتروني لجامعة «أليكانتي»، أن استهلاك المواد البلاستيكية في جميع أنحاء العالم قبل وباء «كوفيد - 19»، كان نحو 370 مليون طن متري، وهو رقم يقدّرون أنه قد يتجاوز 400 مليون في السنوات المقبلة بسبب الزيادة في مواد التعبئة والتغليف والمواد ذات الاستخدام الفردي، ومن بين هذه الكمية، قبل الوباء، كان هناك مليونان فقط من المواد البلاستيكية القابلة للتحلل البيولوجي، وبحلول نهاية العقد سيكون هناك ما يقدَّر بثمانية ملايين طن من المواد البلاستيكية القابلة للتحلل حسب الطلب من المستهلكين.
والبلاستيك الذي طوَّره الباحثون مستقرّ للغاية وله معدل انتقال منخفض، وكما أوضح إغناسيو مارتن، فإن الحلول التي تقدمها مجموعته البحثية مخصصة لصناعة المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد والتعبئة كبديل مباشر للبدائل التقليدية، وبالإضافة إلى ذلك، تتيح لهم التكنولوجيا الحاصلة على براءة اختراع تقديم مجموعة واسعة من العروض الميكانيكية، ما يمكّنهم من تصميم المنتجات وفقاً لاحتياجات عملائهم.
وتتطلب الطريقة التي طوّرتها مجموعة البحث أن يتم تحويل النشا إلى جيلاتين في وجود مواد ملدنة، عادةً ما تكون الماء وملدنات أخرى ذات نقطة غليان أعلى.
والنشا الملدن، المحاط بجزيئات الملدنات، لديه ميل كبير إلى التراجع، أي إنه يستعيد جزئياً هيكله الأصلي المرتّب، مما يؤدي إلى انخفاض في خصائصه، ومع التكنولوجيا التي طورتها المجموعة، يتم تجنب هذا الترحيل إلى حد بعيد، ما يؤدي إلى إطالة العمر الإنتاجي لهذه المواد دون الإضرار بخصائصها الميكانيكية وقابليتها للتحلل البيولوجي وقابلية الذوبان في الماء.
ويُبدي محمد غريب، أستاذ الكيمياء بجامعة الزقازيق المصرية، إعجاباً بفكرة المنتج، لكنه يشدد على ضرورة إجراء المزيد من التجارب قبل التسويق التجاري له، حتى لا يواجه نفس مشكلات منتجات أكياس بلاستيك حيوي تم الترويج لها على أنها من مواد قابلة للتحلل لكي يتم استخدامها كسماد للأرض، ولكن كانت نسبة المنتجات التي حققت هذا الهدف 10 في المائة فقط.
يقول غريب لـ«الشرق الأوسط»، وفقاً للدراسة التي نُشرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في دورية «حدود الاستدامة»: «كانت 90 في المائة من المنتجات عاجزة عن التحلل، وكان يتم التخلص منها مثل الأكياس التقليدية في مكبات النفايات».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

جدل أخلاقي حول «تحرير الجينوم البشري» لإنجاب أطفال معدّلين وراثياً

gettyimages
gettyimages
TT

جدل أخلاقي حول «تحرير الجينوم البشري» لإنجاب أطفال معدّلين وراثياً

gettyimages
gettyimages

أثار التغيير الأخير في إرشادات البحث الصحي الوطنية بجنوب أفريقيا الذي صدر في مايو (أيار) 2024 موجة من الجدل الأخلاقي، إذ يبدو أنه يفتح الطريق أمام استخدام تقنية تحرير الجينوم لإنجاب أطفال معدلين وراثياً مما يجعل جنوب أفريقيا أول دولة تتبنى هذ ا التوجه بشكل علني.

القصّ الجيني

ويعود السبب في الخلاف الحاد حول تحرير الجينوم البشري الوراثي (الفصّ الجيني) إلى تأثيراته الاجتماعية وإمكانياته المتعلقة بالانتقاء الجيني، ويعدُّ هذا التوجه مثيراً للاستغراب نظراً للمخاطر العالية التي تحيط بهذه التقنية.

وقد لفتت الانتباه إلى أن جنوب أفريقيا بصدد تسهيل هذا النوع من الأبحاث، كما ذكرت كاتي هاسون المديرة المساعدة في مركز علم الوراثة والمجتمع المشاركة في تأليف مقالة نشرت في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 في مجلة The Conversation.

وكان عام 2018 شهد قضية عالم صيني قام بتعديل جينات أطفال باستخدام تقنية «كريسبر» CRISPR لحمايتهم من فيروس نقص المناعة البشرية، مما أثار استنكاراً عالمياً وانتقادات من العلماء والمجتمع الدولي الذين رأوا أن هذا الاستخدام غير مبرر. وانتقد البعض سرية الطريقة، في حين شدد آخرون على ضرورة توفير رقابة عامة صارمة حول هذه التقنية ذات الأثر الاجتماعي الكبير.

معايير جديدة

ومع ذلك يبدو أن جنوب أفريقيا قد عدلت توجيهاتها للأبحاث في الصحة لتشمل معايير محددة لأبحاث تحرير الجينوم الوراثي لكنها تفتقر إلى قواعد صارمة تتعلق بالموافقة المجتمعية رغم أن التوجيهات تنص على ضرورة تبرير البحث من الناحية العلمية والطبية مع وضع ضوابط أخلاقية صارمة وضمان السلامة والفعالية. إلا أن هذه المعايير ما زالت أقل تشدداً من توصيات منظمة الصحة العالمية.

* التوافق مع القانون. وتأتي هذه الخطوة وسط انقسام في القانون بجنوب أفريقيا حيث يحظر قانون الصحة الوطني لعام 2004 التلاعب بالمواد الوراثية في الأجنة لأغراض الاستنساخ البشري. ورغم أن القانون لا يذكر تقنيات تعديل الجينات الحديثة مثل «كريسبر» فإن نصوصه تشمل منع تعديل المادة الوراثية البشرية ما يُلقي بتساؤلات حول التوافق بين القانون والتوجيهات الأخلاقية.

* المخاوف الأخلاقية. ويثير هذا التطور مخاوف واسعة بما في ذلك تأثيرات تقنية كريسبر على النساء والآباء المستقبليين والأطفال والمجتمع والنظام الجيني البشري ككل. وأثيرت تساؤلات حول إمكانية أن تكون جنوب أفريقيا مهيأة لاستقطاب «سياحة علمية»، حيث قد تنجذب مختبرات علمية من دول أخرى للاستفادة من قوانينها الميسرة.

استخدام تقنية «كريسبر»

وفي سابقة هي الأولى من نوعها في العالم وافقت الجهات التنظيمية الطبية في المملكة المتحدة العام الماضي على علاج جيني لاضطرابين في الدم.

ويعد علاج مرض «فقر الدم المنجلي» و«بيتا ثلاسيميا» أول علاج يتم ترخيصه باستخدام أداة تحرير الجينات المعروفة باسم كريسبر. ويعد هذا تقدماً ثورياً لعلاج حالتين وراثيتين في الدم وكلاهما ناتج عن أخطاء في جين الهيموغلوبين، حيث ينتج الأشخاص المصابون بمرض فقر الدم المنجلي خلايا دم حمراء ذات شكل غير عادي يمكن أن تسبب مشكلات لأنها لا تعيش طويلاً مثل خلايا الدم السليمة، ويمكن أن تسد الأوعية الدموية مما يسبب الألم والالتهابات التي تهدد الحياة.

وفي حالة المصابين ببيتا ثلاسيميا فإنهم لا ينتجون ما يكفي من الهيموغلوبين الذي تستخدمه خلايا الدم الحمراء لحمل الأكسجين في جميع أنحاء الجسم، وغالباً ما يحتاج مرضى بيتا ثلاسيميا إلى نقل دم كل بضعة أسابيع طوال حياتهم

علاج واعد لاضطرابات الدم

الموافقة عليه أخيراً في المملكة المتحدة على تحرير الجينات باستخدام طريقة مطورة من تقنية «كريسبر - كاس 9» CRISPR - Cas 9 لعلاج مرض فقر الدم المنجلي ومرض بيتا ثلاسيميا، من خلال تعديل الحمض النووي «دي إن إيه» بدقة حيث يتم أخذ الخلايا الجذعية من نخاع العظم وهي الخلايا المكونة للدم في الجسم من دم المريض.

ويتم تحرير الجينات باستخدام مقصات «كريسبر» الجزيئية بإجراء قطع دقيقة في الحمض النووي لهذه الخلايا المستخرجة واستهداف الجين المعيب المسؤول عن إنتاج الهيموغلوبين المعيب. ويؤدي هذا إلى تعطيل «الجين - المشكلة» وإزالة مصدر الاضطراب بشكل فعال ثم يعاد إدخال الخلايا المعدلة إلى مجرى دم المريض. ومع اندماج هذه الخلايا الجذعية المعدلة في نخاع العظم تبدأ في إنتاج خلايا الدم الحمراء الصحية القادرة على العمل بشكل طبيعي حيث يصبح الجسم الآن قادراً على توليد الهيموغلوبين المناسب.

وقد أظهرت هذه العملية نتائج واعدة في التجارب السريرية فقد تم تخفيف الألم الشديد لدى جميع مرضى فقر الدم المنجلي تقريباً (28 من 29 مريضاً) ولم يعد 93 في المائة من مرضى ثلاسيميا بيتا (39 من 42 مريضاً) بحاجة إلى نقل الدم لمدة عام على الأقل. ويشعر الخبراء بالتفاؤل بأن هذا قد يوفرعلاجاً طويل الأمد وربما مدى الحياة.

ويقود البروفسور جوسو دي لا فوينتي من مؤسسة إمبريال كوليدج للرعاية الصحية التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، التجارب في المملكة المتحدة لهذا العلاج لكل من البالغين والأطفال، ويصفه بأنه اختراق تحويلي مع وجود نحو 15 ألف شخص في المملكة المتحدة مصابين بمرض فقر الدم المنجلي ونحو ألف مصابين بالثلاسيميا، إذ يمكن أن يحسن «كاسجيفي» نوعية الحياة بشكل كبير، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين يواجهون نطاق علاج محدود.

وتُعد «كريسبر - كاس 9» واحدة من الابتكارات الرائدة التي أحدثت تحولاً في الأبحاث الطبية والأدوية رغم أن استخدامها يثير جدلاً أخلاقياً، نظراً لاحتمالية تأثير تعديل الجينات على الأجيال المقبلة. وقد مُنحت جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2020 لجنيفر دودنا وإيمانويل شاربنتييه لمساهمتهما الأساسية في اكتشاف طريقة فعالة لتحرير الجينات، أي التدخل الدقيق الذي يسمح بإدخال التعديلات المطلوبة داخل الحمض النووي بطريقة بسيطة بكفاءة وسريعة واقتصادية.